المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تناول المريض حقنة تستمر أربع ساعات أو خمس

- ‌لا يجمع بين الظهر والعصر للبرد

- ‌(الجمع بين الظهرين)

- ‌وجوب الجمعة على العمال في الشركات

- ‌الجمعة لا تقام في السجن

- ‌إقامة جمعة في محطة ضخ مياه تبعد ثمانية كيلو والطريق رمال وجبال

- ‌صلاة الجمعة في الباخرة

- ‌ فتاوى سماحه الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك

- ‌حكم بناء المساجد قريبا من القبور

- ‌حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌الصلاة في مسجد فيه قبر كالصلاة في مسجد فيه قبران أو أكثر

- ‌لا يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد

- ‌شبهة لمن أجاز الصلاة في المساجد التي فيها قبور والجواب عليها

- ‌حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة

- ‌حكم الكتابة على القبر

- ‌حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة

- ‌حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور

- ‌ما يجوز وما لا يجوز إهداؤه من القرب للميت

- ‌الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض الأعمال دون بعض

- ‌حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

- ‌عشاء الوالدين

- ‌تحديد وقت معين للإطعام عن الميت من البدع المحدثة

- ‌من يذبح لأبيه وجده كل سنة

- ‌إهداء ثواب الطواف للغير لا يجوز

- ‌ فتاوى سماحةالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف تتم صلاة رجل أدرك الركعة الأخيرة من صلاة العشاء

- ‌ هل مساجد مكة كلها حرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌ صبغ اللحية بالسواد

- ‌ نغمات الجوال في المساجد

- ‌ هل لأهل مكة طواف وداع في الحج والعمرة

- ‌ المسافر إذا صلى خلف مقيم

- ‌ السفر والإقامة في بلاد الكفار من أجل العمل

- ‌ قراءة سورة الفاتحة مائة وعشر مرات لتلبية وقضاء الحوائج

- ‌ هل جميع الأنبياء من العرب

- ‌ الواجب على المرأة المسلمة عند خروجها من بيتها

- ‌ الصلوات في الجمع والقصر

- ‌ الغش في الامتحانات الدراسية

- ‌ هل الحسنات تضعف في مكة وكذلك السيئات

- ‌ فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ نام أو نسي صلاة واحدة من الصلوات الخمس

- ‌ تؤخر الصلوات عن أوقاتها، وتشجع بناتها الكبيرات والصغيرات على ذلك

- ‌ رجل تارك فروض الصلاة، أو متهاون فيها ما عدا يوم الجمعة

- ‌ دخل رجل الإسلام وعمره أربعون سنة هل يقضي ما فاته من الصلاة

- ‌ رجل ترك الصلاة عدة شهور أو سنوات فهل يجب عليه قضاءها

- ‌مصطلح الإرهاب:

- ‌أسباب الإرهاب:

- ‌علاج الإرهاب

- ‌خلاصة البحث وأهم النتائج:

- ‌الجهل

- ‌توطئة

- ‌تعريف الجهل:

- ‌المبحث الأول المشرك جاهل:

- ‌المبحث الثاني الذين طلبوا من النبي أن يطرد المؤمنين:

- ‌المبحث الثالث: قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء قوم جهلاء عادون نجس

- ‌المبحث الرابع: القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم قوم يجهلون ولا يعقلون ولا يفهمون

- ‌المبحث الخامس: ما فعله إخوة يوسف دليل على جهلهم

- ‌المبحث السادس: من صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

- ‌المبحث السابع من جهل المشركين أن دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم

- ‌المبحث الثامن نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يكون من الجاهلين؛ لجزعه، وحزنه، وتحسره؛ على كفرهم

- ‌المبحث التاسع أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى في جهله وغيه

- ‌المبحث العاشر: وعظ الله نبيه نوحا أن يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الحادي عشر: إذا لم يعصم الله الإنسان من الوقوع في المعصية فإنه يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الثاني عشر: حمل الإنسان للأمانة دليل على ظلمه وجهله

- ‌المبحث الثالث عشر: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب

- ‌المبحث الرابع عشر: المنافقون كانوا يعتقدون في الله اعتقاد أهل الجاهلية

- ‌المبحث الخامس عشر: الذي يحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية

- ‌المبحث السادس عشر: اختلاط النساء بالرجال، وترك الحجاب، والتبرج: من أمور الجاهلية

- ‌المبحث الثامن عشر: السب، والشتم، والكلام الفاحش، والسفه، والمقاتلة: من أفعال أهل الجاهلية

- ‌المبحث التاسع عشر: علمنا رسول الله أن نستعيذ بالله أن نفعل بالناس أو يفعل بنا فعل الجهال

- ‌المبحث العشرون: حذر رسول الله من اتخاذ رؤساء جهالا يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون

- ‌المبحث الواحد والعشرون: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغفر له جهله

- ‌المبحث الثاني والعشرون: من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات أو قتل تحت راية عمية مات ميتة جاهلية

- ‌المبحث الثالث والعشرون: الدعوى والنصرة عصبية: دعوى جاهلية

- ‌المبحث الرابع والعشرون: المعاصي من أمر الجاهلية

- ‌المبحث الخامس والعشرون: التفاخر بالأحساب من عبية الجاهلية

- ‌المبحث السادس والعشرون: ما وضعه رسول الله في حجة الوداع من أمور الجاهلية

- ‌المبحث السابع والعشرون: خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا

- ‌المبحث الثامن والعشرون: فضل العلم وقبح الجهل

- ‌المبحث التاسع والعشرون: الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور

- ‌المبحث الثلاثون: كفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

- ‌المبحث الواحد والثلاثون: سمى الله العلم نورا، وسمى الجهل ظلمة

- ‌المبحث الثاني والثلاثون: من أسباب فتنة القبر: الجهل؛ حيث يجيب" بلا أدري

- ‌المبحث الثالث والثلاثون: من نواقض الإسلام: الجهل بدين الله وذلك؛ بالإعراض عنه تعلما وعملا

- ‌المبحث الرابع والثلاثون: الجهل يمنع تحقيق معنى " لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس والثلاثون: هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه

- ‌المبحث السادس والثلاثون: احذروا فتنة العابد الجاهل

- ‌المبحث السابع والثلاثون: الإنسان تعترضه الآفات فيخلف علمه الجهل

- ‌المبحث الثامن والثلاثون: من مسائل الجاهلية الاقتداء بالعالم الفاسق، أو العابد الجاهل

- ‌فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌تقديم

- ‌الفصل الأول: فيما ينبغي للمسلم عمله مع الوافدين

- ‌المقدمة: في فضل العلم والتحذير من الفتيا بغير علم

- ‌المبحث الأول: كثرة الوافدين للمملكة

- ‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

- ‌المبحث الثالث: الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المسلم في دعوته

- ‌المبحث الرابع: النصيحة لمن ذهب إلى بلاد الكفر

- ‌الفصل الثاني: فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف فقه التعامل مع غير المسلمين:

- ‌المبحث الثاني: حكم استقدام غير المسلمين للعمل في جزيرة العرب

- ‌المبحث الرابع: استئجار أهل الذمة وتأجير المسلم نفسه منهم

- ‌المبحث الخامس: حكم تأجير الدور على أهل الذمة

- ‌المبحث السادس: معاملة أهل الذمة في البيع والشراء

- ‌المبحث السابع: طعام أهل الكتاب

- ‌المبحث الثامن: حكم نكاح نساء أهل الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في الأخلاق التي ينبغي أن تكون معهم

- ‌المبحث الأول: معاملة الكفار عند اللقاء وكراهية أن يبدؤوا بالسلام. وكيف يرد عليهم

- ‌المبحث الثاني: معنى السلام

- ‌المبحث الثالث: حكم التحية بغير السلام لغير المسلمين ومخالطتهم والعمل معهم:

- ‌المبحث الرابع: حكم تهنئتهم بالأفراح

- ‌المبحث الخامس: حكم صلة الكفار والإحسان إليهم

- ‌المبحث السادس: عيادة المرضى من غير المسلمين

- ‌المبحث السابع: حكم تعزية غير المسلمين واتباع جنائزهم

- ‌المبحث الثامن: حكم التخاطب بلفظ صديق أو رفيق أو أخ

- ‌الخاتمة:

- ‌مسؤولية الجاني عنعلاج المجني عليه وضمانتعطله عن العمل

- ‌المبحث الأول: مسؤولية الجاني عن علاج المجني عليه فيما سببه الجناية:

- ‌المطلب الأول: إذا أوجبت الجناية قصاصا:

- ‌المطلب الثاني: إذا أوجبت الجناية دية مقدرة:

- ‌المطلب الثالث: إذا أوجبت الجناية حكومة:

- ‌المبحث الثاني: مسؤولية الجاني عن ضمان تعطل المجني عليه عن العمل

- ‌ رأي الحنفية:

- ‌ رأي المالكية:

- ‌ رأي الشافعية والحنابلة

- ‌الفصل الأول: صفات المقرئ والقارئ:

- ‌المبحث الأول: المقرئ آدابه وصفاته

- ‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

- ‌الفصل الثاني: طرق الأخذ والتحمل عند القراء

- ‌المبحث الأول: العرض على الشيخ

- ‌المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ

- ‌المبحث الثالث: الإجازة

- ‌المبحث الرابع: الوجادة

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

لا شك أن كل مسلم يحب الخير للناس جميعا. وهذه من صفات المؤمنين. ومن أهم ما يحبه المسلم للآخرين أن ينقذهم الله من النار بدخولهم دين الإسلام، ونبذ ما سواه من الأديان، فكان على المسلم أن يبين لغير المسلمين أن الإسلام هو دين السماحة والصدق والوفاء، كما أنه دين عدل لا يفرق بين الأسود والأبيض إلا بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (1). فهو الدين الصالح لكل زمان ومكان، اختاره الله ورضيه لنا دينا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (2). وأن ما عداه من الأديان السماوية منسوخ بشريعة الإسلام وغير مرضي ولا مقبول عند الله. يقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (3).

ويقول تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (4).

وعليه أن يبين لهم أن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام عامة لكل المخلوقين، يقول تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (5)

(1) سورة الحجرات الآية 13

(2)

سورة المائدة الآية 3

(3)

سورة آل عمران الآية 19

(4)

سورة آل عمران الآية 85

(5)

سورة سبأ الآية 28

ص: 216

وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (1).

يبين لهم أن هذا القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم: {بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (2)، بل بلاغ لكل من بلغه خبره وانتهى إليه أمره، في عصره صلى الله عليه وسلم وفي سائر العصور إلى يوم القيامة. لقول الله تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (3) قال الإمام الشوكاني: لأجل أن أنذركم به ومن بلغ إليه من الناس جميعا بجميع شعوبهم وأصنافهم من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلية، فأحكام القرآن شاملة للبشر والجن جميعا إذا بلغتهم دعوة الإسلام وسمعوا بهذا القرآن وهم مسئولون عن استجابتهم لدعوة الله وعن أعمالهم في الدنيا عند لقاء الله. انتهى (4) فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم شاملة ودعوته عامة عالمية كما قال

(1) سورة الأعراف الآية 158

(2)

سورة إبراهيم الآية 52

(3)

سورة الأنعام الآية 19

(4)

فتح القدير ج2 ص105.

ص: 217

- صلى الله عليه وسلم: «بعثت إلى كل أحمر وأسود (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (2)» أخرجه الإمام مسلم (3).

يبين لهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي ولا رسول بعده، يقول الله تبارك وتعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (4).

وأنه جاء بدين الحق ودين الهدى وهو الظاهر على كل الأديان. يقول تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (5).

يبين لهم أن القرآن الكريم مهيمن على كل الكتب السماوية السابقة، وأنه الحق. يقول الله تبارك وتعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (6) قال الأستاذ عثمان بن جمعة ضميرة: تنوعت عبارات المفسرين من السلف ومن بعدهم رحمهم الله في التعبير عن معنى هذه الهيمنة فقالوا

(1) مسلم بشرح النووي ج3 ص6.

(2)

صحيح مسلم الإيمان (153)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 317).

(3)

مسلم بشرح النووي ج1 ص463.

(4)

سورة الأحزاب الآية 40

(5)

سورة التوبة الآية 33

(6)

سورة المائدة الآية 48

ص: 218

مهيمنا أي مؤتمنا وشاهدا ورقيبا وحاكما ودالا ومصدقا. فالقرآن الكريم مهيمن على كل كتاب قبله. انتهى (1) قلت: وهو كما ذكر. وانظر إن شئت فتح القدير للشوكاني (2) وتفسير الطبري تحقيق أحمد محمود شاكر (3) وتفسير ابن كثير مختصر محمد الرفاعي (4).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: السلف متفقون على أن القرآن هو المهيمن على ما بين يديه من الكتب، ومعلوم أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة، ومن أسماء الله تعالى المهيمن، ويسمى الحاكم على الناس القائم بأمورهم انتهى. نقله عنه ابن ضميرة (5).

قلت: وكما أن كتاب الله مهيمن على ما قبله. فكذا كانت رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسخة لما قبلها من الرسالات والنبوات كما سبق. وكما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال لعمر رضي الله عنه: وقد رأى مع عمر صحيفة وفيها شيء من التوراة «أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آتيك بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيا ما وسعة إلا اتباعي (6)» أخرجه الإمام أحمد (7)، وحسنه الألباني.

(1) مجلة البحوث الإسلامية عدد21 ص316.

(2)

فتح القدير ج2 ص47.

(3)

الطبري ج10 ص377.

(4)

ابن كثير ج2 ص56.

(5)

المجلة المشار إليها بعاليه.

(6)

مسند أحمد بن حنبل (3/ 387)، سنن الدارمي المقدمة (435).

(7)

مسند الإمام أحمد ج5 ص57.

ص: 219

قلت ولفظه في إرواء الغليل أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: أفي شك؟ الحديث أخرجه أحمد والدرامي، وابن أبي عاصم وابن عبد البر إلى آخره، وقال في آخر البحث: إنه حسن (1).

يدعوهم إلى الله، ويأمرهم بالتصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وباتباع شريعته؛ فلقد أمر الله بذلك في قوله تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (2){يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (3).

يعرض عليهم ما في القرآن الكريم من الأخبار بما هو موجود في التوراة والإنجيل من أنه رسول الله ونبي أمي، وأنهم مأمورون باتباعه كما في قوله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (4){قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (5).

(1) إرواء الغليل ج6 ص36.

(2)

سورة المائدة الآية 15

(3)

سورة المائدة الآية 16

(4)

سورة الأعراف الآية 157

(5)

سورة الأعراف الآية 158

ص: 220

يدعوهم بالحكمة واللين، ويحبب إليهم الإسلام ويرغبهم فيه، وأن من اتبع محمدا وآمن به وأطاعه من أهل الكتاب كان له أجران كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما رواه عنه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «ثلاثة يؤتون أجورهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها وأحسن غذاءها، ثم أدبها فأحسن أدبها، ثم أعتقها وتزوجها؛ فله أجران، وعبد مملوك أدى حق الله وحق سيده فله أجران (1)» أخرجه البخاري (2).

يبين لهم أن عيسى عليه السلام سينزل في آخر الزمان فيحكم بشريعة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم منفذا لها مقرا بها. روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى

(1) صحيح البخاري النكاح (5083)، صحيح مسلم الإيمان (154)، سنن الترمذي النكاح (1116)، سنن النسائي النكاح (3344)، سنن أبو داود النكاح (2053)، سنن ابن ماجه النكاح (1956)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 402)، سنن الدارمي النكاح (2244).

(2)

فتح الباري ج4 ص414.

ص: 221