الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله كلمة أحاج لك بها عند الله (1)» فإذا مات القريب من أب أو أم أو جار كان عليك أن تواريه، وتشيع جنازته، ولا بأس من تعزية أهله، والدعاء لهم بالهداية، والتقوى والخلف عليهم، وكل ذلك من أجل الترغيب في دين الله، ومحاولة إنقاذهم من النار، وإظهار سماحة الإسلام وإنه بعيد كل البعد عن ما يرمى به من التزمت والغلو وحاشاه من ذلك. نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.
(1) صحيح البخاري المناقب (3884)، صحيح مسلم الإيمان (24)، سنن النسائي الجنائز (2035)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 433).
المبحث الثامن: حكم التخاطب بلفظ صديق أو رفيق أو أخ
ظهر في الآونة الأخيرة نبرة تخاطب جديدة تقال للمسلم وغير المسلم، عندما كثر الاستقدام إلى هذه البلاد من جنسيات مختلفة وأشكال وألوان متغايرة، من الشرق والغرب والشمال والجنوب واحتاج الناس إلى التخاطب والتفاهم مع هؤلاء الوافدين، فأطلقوا في الغالب على من لا يعرفون اسمه صديقا أو رفيقا أو أخا. وفي الغالب أنهم لا يقصدون معاني الألفاظ من التودد والتلطف والتقرب. وإنما يقصدون المناداة فقط، وهذا لا شيء فيه إن شاء الله، أما إذا قصد بها معانيها فإنها لا تجوز على غير المسلم.
يقول العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، لا يجوز أن يوصف الكافر بالأخ للمسلم، لأنه لا أخوة بين المسلم والكافر، ولا صداقة بينهما، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك فقال جل ذكره:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (1).
(1) سورة المجادلة الآية 22
قال: فكل كلمات التلطف، والتودد، التي يقصد بها المودة لا يحل للمسلم أن يصف بها الكافر فلا يصفه بالأخ سواء كان الكافر يهوديا أم نصرانيا أم مجوسيا أم ملحدا؛ لأنه لا أخوة بين المسلمين والكفار، وقال تعالى عن نوح عليه السلام {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} (1){قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (2).
قال: والأخوة إنما تكون للنسب، أو الرضاع، أو الدين، فإذا انتفت أخوة النسب، والرضاع، لم تبق إلا أخوة الدين، وهي منفية من الكافر، فالكافر ليس بأخ للمسلم في دينه. انتهى (3).
وقال سماحة المفتي ابن باز رحمه الله: لا أخوة ولا محبة بين المسلمين؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (4)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«المسلم أخو المسلم (5)» .
(1) سورة هود الآية 45
(2)
سورة هود الآية 46
(3)
فتاوى ج 3 ص 43.
(4)
سورة الحجرات الآية 10
(5)
مسلم ج 8 ص 363 ط آل مكتوم.
فدلت الآية والحديث أن الأخوة إنما تكون بين المؤمنين. انتهى (1).
أقول: وأنت ترى أن الأخوة إنما تكون بين المسلمين والمؤمنين، ولا تكون بين مسلم وكافر، وأنه إن قصد المنادي بلفظ أخ التودد والتلطف، فإنه مخطئ آثم بنص القرآن الكريم، أما إذا كان قصده المناداة فقط، فلا بأس بذلك إن شاء الله، وفي الكل إذا لم يعرف اسمه، أما إذا عرف اسمه فإن المناداة والتخاطب تكون باسم المنادى وهو أولى وأسلم.
أما إذا كان من باب السخرية والاستهزاء أي يصف المنادى بصديق أو رفيق، على صفة الاحتقار والتشبيه له بالأجنبي وقد يكون يعرف اسمه ولقبه وكنيته، وأنه عربي اللسان ويناديه بهذا من باب التحقير، وكأن المنادى في نظره أجنبي اللسان والمعتقد، وأنه أفضل منه ولو كان مسلما، فهو لا يوازي طبقته العلية الرفيعة كسعودي، وربما كان هذا المحتقر أرفع منزلة عند الله وأعلى مكانة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (2) «انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا بالتقوى» قال ابن كثير: تفرد به أحمد من رواية أبي ذر أن رسول
(1) مجموع فتاوى ومقالات ج 2 ص 73.
(2)
سورة الحجرات الآية 13