الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو عدم العلم بالحق؛ فالشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة؛ ومن عدم إرادته والعمل به أخرى فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به وإيثار غيره عليه بعد معرفته. فلم يكن ضلالا محضا. وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه. . . ثم لما كان الهدى والفلاح والسعادة لا سبيل إلى نيله إلا بمعرفة الحق وإيثاره على غيره وكان الجهل يمنع العبد من معرفته بالحق. والبغي يمنعه من إرادته كان العبد أحوج شيء إلى أن يسأل الله تعالى كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم تعريفا وبيانا وإرشادا وإلهاما وتوفيقا وإعانة؛ فيعلمه ويعرفه ثم يجعله مريدا له قاصدا لاتباعه، فيخرج بذلك عن طريقة المغضوب عليهم الذين عدلوا عنه على عمد وعلم، والضالين الذين عدلوا عنه عن جهل وضلال، وكان السلف يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى. . . فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم؛ صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين، آمين إنه قريب مجيب (1)
(1) بدائع الفوائد لابن القيم ج2ص32 دار الكتاب العربي.
المبحث الواحد والثلاثون: سمى الله العلم نورا، وسمى الجهل ظلمة
(1) سورة البقرة الآية 257
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام، فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلي نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير، وأن الكافرين إنما وليهم الشياطين تزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات، ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك. . . ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات، لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة (1).
قال ابن القيم:. . . وكما أن العلم يوجب نورا وأنسا، فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة، وقد سمى الله سبحانه وتعالى " العلم " الذي بعث به رسوله:" نورا وهدى وحياة ". وسمى ضده: " ظلمة وموتا وضلالا. . . "(2).
وقال ابن سعدي: أخبر تعالى أن الذين آمنوا بالله، وصدقوا إيمانهم، بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنه وليهم، يتولاهم بولايته الخاصة، ويتولى تربيتهم، فيخرجهم من ظلمات الجهل
(1) تفسير ابن كثير ج 1 ص 462.
(2)
مدارج السالكين ج 3 ص 162.