الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع العلم أنها ستبقى في القرآن، وفي قلوب المسلمين عقيدة يدينون بها، وهذا يعني أن ذكرها سيبقى، وهذا يعني أنه سيكون هناك مناخ جيد لتجار الظلام الذين سيستغلون هذه الأوضاع - وهي المنع من إظهار التعليم لهذه الألفاظ والعبادات تعليما شرعيا صحيحا منضبطا - فيرفعون شعارات تهتف بها، ويبقى تفسيرها حسب توجهاتهم وأهوائهم، وهنا يكون الخطر إذ اللفظ لا يمكن لمسلم أن ينكر شرعيته وقد جاء في كتاب الله أصدق كلام وأصح كتاب.
لكن يبقى المعنى، فلما منع وحجب بيان المعنى الصحيح المنضبط ظهر المعنى الباطل في أجلى صورة وبلا مقاومة شرعية ظاهرة، وعندئذ ستسخر البشرية، وستعاني من الإرهاب أجيالا وعقودا حتى يتراجعوا عن هذه المبادئ السيئة التي تجر إلي الخراب والدمار. هذا ما أحببنا بيانه حول هذا المصطلح وبعض ما يتعلق به
أسباب الإرهاب:
أما من جهة أسباب الإرهاب فسأجملها فيما يلي:
فأول الأسباب وأعظمها خطرا وأوسعها ظهورا وانتشارا هو: الإعراض عن تطبيق شرع الله في الأرض:
إن الله سبحانه وتعالى لما خلق خلقه كان هو سبحانه الأعلم بما يصلحهم يقول سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (1).
(1) سورة الملك الآية 14
وقد وضع الله سبحانه في هذا الدين الإسلامي الذي هو خاتم الأديان كل ما يصلح البشرية في دنياها وأخراها إن هي طبقته، والله سبحانه قد حفظ هذا الدين للعالمين بحفظه لدستوره وهو القرآن الكريم الذي هو في الحقيقة كلام رب العالمين.
وهنا حقيقة قد تغيب عن الأذهان ألا وهي أننا كمسلمين حين نطالب بتطبيق الشريعة في العالم بأجمعه لا يعني أننا نطالب بإجبار الجميع على الدخول في دين الإسلام فإن هذا ليس مرادا قطعا لأن الله تعالى يقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (1) نحن ندعو الجميع للدخول في هذا الدين ونرغب في عموم الخير للجميع، لكننا لا نجبر أحدا على الدخول فيه، والله تعالى يقول:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (2).
إننا في هذا السياق بالخصوص نطالب الجميع بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، عند ذلك سيأمن الجميع ويهنأ الجميع، إن البشرية في العهود الأولى من الإسلام قد نعمت بحكم مستقر آمن ونعمة سابغة استفاد منها المسلم وغير المسلم، وكلهم كان داخلا تحت حكم الإسلام.
(1) سورة البقرة الآية 256
(2)
سورة يونس الآية 99
والله تعالى يوجهنا لكيفية التعامل مع غير المسلمين في الحكم والتحاكم {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (1).
إن البعد عن شريعة الله هو سبب الضلال والعمى والشقاء الذي نعاني منه الآن فالله تعالى يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (2). والمعيشة الضنك هي الضيقة وهي الشقاء.
إذن فالبعد عن تطبيق الأنظمة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في شئون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها - وكل هذه الشئون قد جاء بيانها في الدين الإسلامي بيانا واضحا - هو سبب للشقاء، ومن أنواع الشقاء الإرهاب.
ومن الأسباب: الغلو: وهو مجاوزة الحد، وهذا الغلو أو ما قد يصطلح عليه بـ (التطرف) خطير جدا في أي مجال من المجالات، حتى ولو كان لباسه دينيا، وديننا الإسلام قد حذر منه حتى ولو كان
(1) سورة المائدة الآية 42
(2)
سورة طه الآية 124
بلباس الدين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون (2)» .
والغلو أو التطرف، تارة يكون في الدين وهذا منهي عنه، وتارة يكون في محاربة الدين وهذا تطرف مقابل، ومعلوم أن هذين طرفا نقيض، والعلاقة بينهما أن كل واحد منهما يغذي صاحبه، فالغلو في محاربة الدين ينتج غلوا في الدين وتنطعا فيه وكذا العكس.
ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، وأمة الإسلام وسط بين الأمم، والغلاة ليسوا متمسكين بالدين على الحقيقة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثال هؤلاء:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» متفق عليه.
ويقابلهم من أعرض عن الدين بل وحاربه، فهذا تطرف في الجفاء عن الدين، وقد ينتج منه أنواع من الإرهاب الفكري أو المسلح، أو يكون هو سببا في نمو الإرهاب كردة فعل لهذا النهج الخاطئ الضال.
ومن الأسباب: التصور الخاطئ:
وذلك أن من يقوم بمثل هذه العمليات لا يقوم بها إلا بعد إعداد ذهني وفكري، وقد يكون الخلل من هذا الإعداد، فإما أن يكون هو في نفسه جاهلا فيتصور الأمور على خلاف الواقع، أو يكون
(1) سنن النسائي مناسك الحج (3057).
(2)
صحيح مسلم العلم (2670)، سنن أبو داود السنة (4608)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 386).
صاحب هوى غلب عليه هواه حتى نسي الحق أو تناساه، وصار يبحث عما يبرر له أعماله الإجرامية.
وقد يأتي التصور الخاطئ عن طريق التضليل فتصل إلى يديه معلومات مضللة يعمل بناء عليها فيقع فيما لا تحمده عقباه.
وقد أخبر الله عز وجل عن أقوام هم من أهل النار والعذاب الشديد مع أنهم يتصورون أنهم على حق {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (1){الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (2){أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (3).
ومن الأسباب: العوائق التي تقام في وجه الدعوات الصادقة:
إن وضع العوائق الإعلامية أو الأمنية أو غيرها في وجه الدعوة الحق التي تدعو إلي دين الله على بصيرة، وتنقي الدين من شوائب الغلو والجفاء، من شوائب التطرف بجميع أشكاله، كل هذا سبب في ظهور الإرهاب، بل إنه هيأ لظهوره وسهل طريقه في دخول عقول فارغة أو مضللة، والأمر دائر بين الحق والباطل فمتى ضعف جانب الحق ظهر جانب الباطل والعكس كذلك {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (4).
(1) سورة الكهف الآية 103
(2)
سورة الكهف الآية 104
(3)
سورة الكهف الآية 105
(4)
سورة يونس الآية 32