الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والكفر والمعاصي والغفلة والإعراض، إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والإقبال الكامل على ربهم، وينور قلوبهم، بما يقذفه فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهم لليسرى، ويجنبهم العسرى.
وأما الذين كفروا، فإنهم لما تولوا غير وليهم، ولاهم الله ما تولوا لأنفسهم، وخذلهم، ووكلهم إلى رعاية من تولاهم، ممن ليس عنده نفع ولا ضر؛ فأضلوهم، وأشقوهم، وحرموهم هداية العلم النافع، والعمل الصالح، وحرموهم السعادة، وصارت النار مثواهم، خالدين فيها مخلدين، اللهم تولنا فيمن توليت (1).
(1) تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ج 1 ص 318 ط السعدية.
المبحث الثاني والثلاثون: من أسباب فتنة القبر: الجهل؛ حيث يجيب" بلا أدري
"
أخرج البخاري وغيره بسنده من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه - وإنه ليسمع قرع نعالهم - أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد- صلى الله عليه وسلم فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا. . وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما
يقول الناس. فيقال له: لا دريت ولا تليت. فيضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين (1)».
قال ابن حجر: وفي حديث البراء فيقولان له: «من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري (2)» وهو أتم الأحاديث سياقا. . . قوله لا أدري المعنى لا دريت ولا اتبعت من يدري. . وقال الأصمعي: أي لا دريت ولا استطعت أن تدري، ووقع عند أحمد من حديث أبي سعيد «لا دريت ولا اهتديت (3)» وفي رواية البراء عند أبي داود: بعد أن يقول لا أدري قال: «فينادي مناد: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار (4)» . . . الحديث (5).
ويتضح من الروايات أنه عاش حياته جاهلا، لم يبذل أدنى جهدا في التعلم، لم يكلف نفسه أي عناء في معرفة سر وجوده في الحياة، عاش عيشة البهائم، ومات ميتة البهائم، وانتبه بعد موته، فأجاب عن الأسئلة الثلاثة في القبر بلا أدري، وفي رواية: سمعت
(1) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، رقم 1374 (فتح الباري ج 3 ص 232).
(2)
سنن أبو داود السنة (4753)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 288).
(3)
فتح الباري ج 3 ص 239.
(4)
سنن أبو داود السنة (4753)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 288).
(5)
سنن أبي داود، كتاب السنة، باب المسألة في القبر ج 4 ص 240.