الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصفة الإجازة في هذا النوع أن يقول الشيخ أجزت الطالب أن يقرئ بما سمع مني ويقول الطالب في الأداء سمعت من فلان.
وقد يجمع بعض التلاميذ بين العرض والسماع في ختمة واحدة كما حصل من: عبيد الله بن سعد بن إبراهيم أبو الفضل الزهري البغدادي: (ت: 260هـ)
روى قراءة نافع عن عمه يعقوب بن إبراهيم عن نافع نصف القرآن تلاوة ونصفه سماعا (1).
فمن تلقى عن الشيوخ بهذين النوعين وهما العرض، والسماع جاز له أن يقرئ وإلا فلا.
قال ابن الجزري: ولا يجوز له أن يقرئ إلا بما سمع أو قرأ فإن قرأ الحروف المختلف فيها أو سمعها فلا خلاف في جواز إقرائه القرآن العظيم بشرط أن يكون ذاكرا كيفية تلاوته به حال تلقيه من شيخه مستصحبا ذلك (2).
(1) غاية النهاية: 1/ 487.
(2)
منجد المقرئين: 4، 5.
المبحث الثالث: الإجازة
وهي مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال: استجزته فأجازني إذا سقاك ماء لماشيتك أو أرضك، كذلك طالب
العلم يستجيز العالم علمه فيجيزه إياه (1). فالطالب مستجيز والعالم مجيز.
وهي في الاصطلاح: إذن الشيخ للطالب في الرواية عنه مروياته التي لم يقرأها ولم يسمعها منه. وهي أنزل من طريقي العرض والسماع بلا خلاف.
وفي جواز الرواية بها خلاف بين العلماء فأبطلها جماعة من المحدثين، والفقهاء، وأصحاب الأصول وهو أحد الروايتين عن الشافعي وبه قطع من الشافعيين أبو بكر محمد بن ثابت الخجندي (ت: 483هـ) والقاضيان الحسين بن محمد المروذي (ت: 462هـ)
(1) مجمل اللغة لابن فارس: 1/ 202 مادة: (جوز).
والماوردي (ت: 450هـ) وبه قال من المحدثين إبراهيم الحربي (ت: 285هـ) وأبو الشيخ الأصبهاني (ت: 369هـ) وعنهم أن من قال لغيره: أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه قال: أجزت لك أن تكذب علي، لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع (1). وأجازها بعض أهل الحديث شريطة أن يكون المستجيز من أهل العلم وعليه سمته حتى لا يوضع العلم إلا عند أهله (2). قال القسطلاني:" والذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتى صار إجماعا وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث وغيرها وقد قال الإمام أحمد: لو بطلت لضاع العلم "(3).
وكما اختلف المحدثون في جواز الرواية بالإجازة المجردة عن القراءة والسماع اختلف القراء أيضا.
قال القسطلاني بعد تقريره العمل بها عند المحدثين وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءات؟ الظاهر نعم (4).
قال ابن الجزري: جوز العمل بها الجعبري مطلقا (5).
(1) الكفاية: 314، التبصرة والتذكرة: 2/ 62، تدريب الراوي: 2/ 30.
(2)
الكفاية: 317، المحدث الفاصل: فقرة: 531.
(3)
لطائف الإشارات: 1/ 181.
(4)
لطائف الإشارات: 1/ 181.
(5)
منجد المقرئين: 6.
قال: وعندي أنه لا يخلو إما أن يكون تلا بذلك أو سمعه فأراد أن يعلي السند أو يكثر الطرق فجعلها متابعة. أولا، فإن كان فجائز حسن فعل ذلك العلامة أبو حيان (ت: 745هـ) في كتابه التجريد وغيره عن أبي الحسن بن البخاري (ت: 690 هـ) وغير متابعة (1).
قال القسطلاني: وفعل ذلك أبو العلاء الهمذاني (ت: 569 هـ) كان يذكر سنده بالتلاوة ثم يردفه بالإجازة قصدا للعلو أو المتابعة والإستشهاد.
وكتاب سوق العروس لأبي معشر الطبري شيخ مكة (ت478 هـ) مشحون بإجازات أبي علي الأهوازي له (ت: 446 هـ) وقد قرأ بمضمنه ورواه الخلف عنه من غير نكير وأبلغ منه رواية الكمال الضرير (ت: 661 هـ) شيخ القراء بالديار المصرية القراءات من المستنير لابن سوار (ت: 496 هـ) عن الحافظ السلفي (ت: 576 هـ) بالإجازة العامة وتلقاه الناس خلفا عن سلف (2).
(1) منجد المقرئين: 6.
(2)
لطائف الإشارات: 1/ 182.
ومنعها من القراء: الحافظ أبو العلاء الهمذاني وجعله من أكبر الكبائر، قال القسطلاني: كأنه أراد بذلك المنع إن لم يكن الشيخ أهلا، لأن في القراءات أمورا لا تحكمها إلا المشافهة (1).
قلت: ما ذهب إليه الحافظ ابن الجزري من تقييد جواز الرواية بها بكمال الأهلية هو الصواب، فإن من أحكم القراءة، وأتقن الرواية، وضبط الخلاف، وعرف عنه التمكن في ذلك إن طلب الإجازة ممن لم يقرأ عليه أو قرأ عليه البعض ولم يكمل ليعلو إسناده أو لتكثر طرقه فله أن يروي بها متى أجيز.
وتقدم قول القسطلاني إن أبا العلاء الهمذاني كان ممن يفعل ذلك قصدا للعلو وتكثير الطرق.
وممن كان يطلب الإجازة لهذا الغرض الحافظ ابن الجزري فتارة يطلبها لنفسه، وتارة لأبنائه، فكان شيوخ الإقراء يجيبونه إلى ما طلب لعلمهم بكمال أهليته وسعة روايته وضبطه وإتقانه وإمامته في هذا الفن وستأتي أمثلة ذلك.
ولما قدم العلامة المقرئ أبو العباس أحمد بن شعبان بن الغزى القاهرة سنة: (866هـ) قرأ على مشايخ العصر إذ ذلك بعض القراءات السبعة، واستجازهم فأجابوه لذلك، وكتبوا خطهم به على
(1) لطائف الإشارات: 1/ 182.
العادة لما تحققوا من أهليته وتحقيقه وإتقانه وضبطه (1).
وأما من لم يكن متقنا للقراءة، ضابطا لها متلقيا لها عارفا بأحكامها ومواضع الخلاف منها مميزا لرواياتها وطرقها فلا تجوز في حقه هذه الإجازة، ولا يجوز له أن يروى بها القراءات، وإن أجاز الرواية بها بعض علماء الحديث. كما تقدم.
قال النووي رحمه الله تعالى: (ت: 676هـ) إنما يستحسن الإجازة إذا كان المجيز عالما بما يجيز والمجاز له من أهل العلم، لأنها توسع يحتاج إليها أهل العلم وشرط بعضهم ذلك فيها، وحكي اشتراطه عن مالك رحمه الله تعالى.
وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: (ت: 463هـ) الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة وفي شيء معين لا يشكل إسناده (2).
قال السخاوي رحمه الله تعالى: (ت: 902هـ) وعن أبي الوليد الباجي: (ت: 494هـ) قال: الاستجازة إما أن تكون للعمل فيجب على المجاز له أن يكون من أهل العلم والفهم باللسان، وإلا لم يحل له الأخذ بها فربما كان في مسألته لو وجه لم يعلم به المجيز، ولو علمه لم يكن جوابه ما أجاب به، وإما يكون للرواية خاصة
(1) لطائف الإشارات: 1/ 182.
(2)
الإرشاد: 1/ 390.
فيجب أن يكون عارفا بالنقل والوقوف على ألفاظ ما أجيز له ليسلم من التصحيف والتحريف، فمن لم يكن عالما بشيء من ذلك وإنما يريد علو الإسناد بها ففي نقله بها ضعف (1).
وصفتها:
أن يقول الشيخ المجيز: أجزت فلانا مسموعاتي أو مروياتي متعديا بغير حرف جر وبدون ذكر لفظ الرواية، ومن جعل الإجازة إذنا وإباحة وهو المعروف يقول: أجزت له رواية مسموعاتي (2).
ولقد بالغ القراء في الحيطة في الأخذ بالإجازة المجردة عن القراءة والسماع إلا لمن كملت أهليته وعرف بالضبط والإتقان حفاظا على كتاب الله أن يدخل فيه ما ليس منه أو يخرج منه ما هو منه.
وهذه طائفة من أهل الضبط والإتقان ممن عرف عنهم الأخذ بالإجازة المجردة عن القراءة والسماع ولم يعب عليهم لكمال أهليتهم منهم:
1 -
إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم أبو إسحاق الإسكندري: (ت: 780هـ)، قال عنه ابن الجزري: روى القراءة لنا إجازة من كتاب الكامل عن عمر بن غدير القواس عن
(1) فتح المغيث: 2/ 96.
(2)
مقدمة ابن الصلاح: 72، التبصرة والتذكرة: 2/ 87.
الكندي (1).
2 -
إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس أبو محمد الربعي الجعبري: (ت: 832هـ)، روى القراءات بالإجازة عن الشريف الداعي، وروى الشاطبية بالإجازة عن عبد الله بن إبراهيم ابن محمود الجزري (2).
3 -
أحمد بن إبراهيم بن داود بن محمد المنبجي المعروف بابن الطحان: (ت: 782هـ)، أحد شيوخ ابن الجزري، قال عنه: قرأت عليه نحو ربع القرآن لابن عامر والكسائي ثم جمعت عليه الفاتحة وأوائل البقرة بالعشر، واستأذنته في الإجازة فتفضل وأجاز ولم يكن له بذلك عادة (3).
4 -
أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزازة بن بدر أبو العباس الكفري الحنفي: (ت: 776هـ)، أحد شيوخ ابن الجزري، قال عنه روى لنا القراءات إجازة عن أحمد بن هبة الله بن عساكر، وأحمد بن إبراهيم الفزازي (4).
5 -
أحمد بن عبد العزيز بن يوسف بن أبي العز بن يعقوب بن
(1) غاية النهاية: 1/ 5.
(2)
المصدر السابق: 1/ 21.
(3)
غاية النهاية: 1/ 33.
(4)
المصدر السابق: 1/ 48.
يغمور الحراني الأصل الشهير بابن المرحل: (ت: 788هـ) أجازه يحيى بن الصواف، والغرافي وغيرهما، قال ابن الجزري: وكتب إلي بالإجازة من حلب مرات (1).
6 -
أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان أبو عبد الله الخولاني: (ت: 508هـ) روى القراءات بالإجازة عن الداني، والطلمنكي، روى عنه محمد بن سعيد بن زرقون بالإجازة من حلب مرات (2).
7 -
إسحاق بن إبراهيم بن عامر أبو إبراهيم الأندلسي الهمذاني الطوسي: (ت: 650هـ)، انفرد بالإجازة عن محمد بن عبد الله بن خليل القيسي، كتب له سنة موته (570 هـ) أجاز له غير واحد (3).
8 -
إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو الوليد الأزدي الغرناطي العطار: (ت: 668هـ)، روى عنه كتاب التبصرة وغيره بالإجازة عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد (4).
9 -
عبد النصير بن علي بن يحيى بن إسماعيل بن مخلوف بن نزار أبو محمد المريوطي الهمذاني (ت: بعد: 680هـ) روى القراءات
(1) المصدر السابق: 1/ 69.
(2)
المصدر السابق: 1/ 121.
(3)
معرفة القراء الكبار: 3/ 1104، غاية النهاية: 1/ 155.
(4)
معرفة القراء الكبار: 3/ 1131.
بالإجازة عن أبي اليمن الكندي (1).
10 -
علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان أبو العباس الضرير صهر الشاطبي: (-: 661هـ)، روى كتاب المستنير بالإجازة العامة عن السلفي عن المؤلف - يعني ابن سوار (2).
11 -
محمد بن عبد الله الحسن بن موسى أبو عبد الله الشيرازي روى بالإجازة عن أبي بكر النقاش (3).
12 -
محمد علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر أبو بكر البغدادي المعروف بالخياط: (ت: 467هـ)، روى عنه القراءات بالإجازة أبو الكرم الشهرزوري (4).
13 -
محمد بن محمد بن عرفة بن حماد أبو عبد الله الورغمي التونسي: (ت: 803هـ)، قال عنه ابن الجزري: قدم مصر حاجا فحججنا جميعا بالحرم الشريف فاستجزته تجاه الكعبة المعظمة فأجازني وأولادي جميعا (5).
14 -
محمد بن يوسف بن علي بن حيان أثير الدين أبو حيان
(1) معرفة القراء الكبار: 3/ 1175.
(2)
معرفة القراء الكبار: 3/ 1136، غاية النهاية: 1/ 545.
(3)
المصدر السابق: 2/ 178.
(4)
معرفة القراء الكبار: 2/ 647، غاية النهاية: 2/ 208.
(5)
المصدر السابق: 2/ 243.