الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاختاره المجني عليه وتلك هي الجناية على الأطراف والجروح التي تنتهي إلى عظم ويمكن استيفاء القصاص فيها بلا حيف، فإنه لا يستحق مع القصاص نفقة علاج حيث إن الجاني سيقتص منه ويتولى علاج نفسه فيكون ذلك مقابل ما تحمله المجني عليه.
أما إذا أوجبت الجناية على ما دون النفس قصاصا فصالح على مال، فإنه يجوز له أن يصالح على أكثر من الدية عند الجمهور، وإذا تضمن ذلك نفقات العلاج صح ذلك ولزم.
المطلب الثاني: إذا أوجبت الجناية دية مقدرة:
إذا أوجبت الجناية دية مقدرة كما في دية الأطراف المذكورة في حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه حيث ورد فيه: وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل. ويلحق
بهذه الأطراف ما هو من نظائرها كالإليتين والثديين والحاجبين ونحوهما فتلحق باليدين والرجلين قياسا (1). ومثل ذلك الجراحات التي قدر الشارع ديتها وهي الموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة والدامغة والجائفة. ففي هذه الجنايات كلها هل يجب للمجني عليه نفقة علاج مع الدية المقدرة أم لا؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في قول، والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب فيها المقدرة فقط برأت على شين أم لا؛ لأن الشارع أوجب فيها الدية ولم يقيدها
(1) انظر: المغني 12/ 178.
بحال دون حال فوجبت له بكل حال (1). ولا يذكرون مع وجوب الدية شيئا آخر؛ لأن الشارع لما قدرها لم يذكر معها شيئا آخر زائدا عليها.
وبهذا أفتى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله حيث قال: " وأما أجرة مدة تعطله بالمعالجة شهرين ونفقة تلك المدة وأجرة الطبيب فلا أعرف استحقاقه الرجوع به على من دعمه "(2).
القول الثاني: ذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أن موضحة الرأس والوجه إذا برئت على شين وعثل فيزاد على الدية المقدرة فيها بمقدار الشين بالاجتهاد. واستحسن بعضهم أن تكون الزيادة هنا أجرة الطبيب وثمن الدواء.
قال الدسوقي في حاشيته: " ثم إن الذي استحسنه ابن عرفة. .
(1) انظر: كشاف القناع 6/ 51.
(2)
فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 11/ 342.
وأما ما فيه شيء مقدر فليس فيه سواه ولو برئ على شين سوى موضحة الوجه والرأس فيلزم مع المقدر فيها أجرة الطبيب وثمن الدواء " (1).
القول الثالث: ذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى وجوب تحمل الجاني تكاليف العلاج الطبي للمجني عليه، ومن هؤلاء الدكتور مصطفى أحمد الزرقا، والدكتور محمد أحمد سراج واستدلوا لذلك بما يلي:
1 -
أنه لولا العلاج ربما حصلت سراية في الجراحات قد تتلف النفس.
2 -
أن أجرة الطبيب ضرر مالي يلحق بالمجني عليه غير الأذى الذي لحقه في جسمه، فإذا كانت أجرة الطبيب هي حكومة العدل
(1) 4/ 240.