الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بتصرف (1).
وقال النووي: وأما معنى السلام عليك فقيل: هو اسم الله تعالى فقوله: السلام عليك أي اسم الله عليك، والمعنى أنت في حفظه. كما يقال: الله معك والله يصحبك، وقيل السلام بمعنى السلامة أي: السلامة ملازمة لك (2).
أقول: وأنت ترى كلام العلماء في معنى السلام، وأنه اسم من أسماء الله تعالى جعله الله تحية لأوليائه بينهم، وهو دعاء وذكر، دعاء للمسلم عليه بالسلامة، والحفظ، والرعاية، فلا يحيا به الكفرة والمشركون الذين هم أعداء الله ونبيه ودينه وعباده الصالحين. نسأل الله تعالى السلامة من كل إثم والفوز بالجنة وأن يرزقنا دار السلام، وأن يحيينا ربنا بالسلام مع الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(1) فتح الباري ج11 ص12، 13.
(2)
مسلم بشرح النووي ج7 ص395، ط آل مكتوم.
المبحث الثالث: حكم التحية بغير السلام لغير المسلمين ومخالطتهم والعمل معهم:
عرفنا أنه لا يجوز للمسلم أن يبدأ اليهود والنصارى والمشركين بالسلام، فهم في الحكم سواء. وأن الرد عليهم لو سلموا " عليكم أو وعليكم " وأنه إذا تيقن المسلم بأن المسلم منهم قال: السلام عليكم فإنه يرد عليه بمثل قوله: وعليكم السلام. لأنه
من باب العدل الذي أمر الله به. ولكن إذا جاء المسلم إلى مجلس فيه مسلم وكافر، فإنه يسلم سلاما عاديا ويقصد بسلامه المسلم، للأحاديث الواردة في ذلك. أما إذا كان المجلس لا مسلم فيه فماذا يعمل المسلم؟؟ هل يبدؤهم بتحية غير السلام كأهلا وسهلا ومرحبا مثلا؟
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: كابتداء السلام عليهم كأهلا وسهلا ومرحبا وما شابه ذلك؛ لما في ذلك من تعظيمهم، فهو كابتداء السلام عليهم، ولأن في ذلك إكراما وتعظيما لهم، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول مثل ما يقولون لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه.
وقال رحمه الله: إذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه.
قال وأما خدمته بالشاي وهو على الكرسي فمكروه، ولكن ضع الفنجان على الماصة ولا حرج.
وعن مخالطتهم والعمل معهم. قال: ينبغي أن يبحث له عن عمل مع غير الكفار فإذا لم يجد فلا حرج عليه ولكن بشرط أن لا يكون في قلبه مودة لهم، ولا يهنئهم بأعيادهم، ولا يشيع جنائزهم ولا يبدأهم بالسلام (1).
(1) مجموع فتاوى ورسائل ج3 ص 39، 38، 34 جمع وترتيب فهد السليمان.
أقول وقد يقول قائل إن في عملكم هذا تنفيرا عن الإسلام أي لا تبدؤوهم بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطريق.
وقد أجاب عن هذا ابن عثيمين رحمه الله: فقال معناه لا تتوسعوا لهم إذا قابلوكم في الطريق حتى يكون لهم السعة ويكون لكم الضيق، بل استمروا في اتجاهكم وسيركم واجعلوا أضيق الطريق إن كان هناك ضيق في الطريق على هؤلاء، ومن المعلوم أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ليس إذا رأى الكافر ذهب يزاحمه حتى يرصه على الجدار، ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا في اليهود في المدينة ولا أصحابه يفعلونه بعد فتح الأمصار.
فالمعني أنكم لا تبدؤوهم بالسلام ولا تفسحوا لهم، فإذا لقوكم فلا تتفرقوا حتى يعبروا بل استمروا على ما أنتم عليه، واجعلوا الضيق عليهم إن كان في الطريق ضيق. وليس في الحديث تنفير عن الإسلام، بل فيه إظهار لعزة المسلم وأنه لا يذل لأحد إلا لربه عز وجل (1).
قلت: وفي هذا الإرشاد والدلالة والتوجيه إلى ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من العزة، وأنه لا يذل إلا لله وحده جل وعلا، بل يظهر عزة الإسلام، وقوته، في الطريق في العمل في المنزل في كل أمور حياته. لا يذل ولا يخضع إلا لله سبحانه وتعالى.
(1) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ج 3 ص 9.