الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه؛ بين تعالى أن كفرهم بمشيئة الله ردا على القدرية. وقيل المعنى: أي لأراهم آية تضطرهم إلى الإيمان، ولكنه أراد عز وجل أن يثيب منهم من آمن ومن أحسن. {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (1) أي: من الذين اشتد حزنهم وتحسرهم حتى أخرجهم ذلك إلى الجزع الشديد، وإلى ما لا يحل؛ أي: لا تحزن على كفرهم فتقارب حال الجاهلين. . . (2)
هذا النهي من الله لنبيه؛ فيه بيان لحكمة الله، وأن الله لا يوفق للإيمان إلا من هو أهلا له، وقد سبق له في علم الله وقدره السعادة بالإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم وبامتثال أوامره والانتهاء عن مناهيه، أما من لم يكن أهلا للسعادة فإنه لا يؤمن بالله.
(1) سورة الأنعام الآية 35
(2)
تفسير القرطبي ج 6 ص 418.
المبحث التاسع أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى في جهله وغيه
قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (1).
قال البخاري: باب {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (2)
وأخرج بسنده من حديث ابن عباس قال: (قدم عيينة بن
(1) سورة الأعراف الآية 199
(2)
سورة الأعراف الآية 199
حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا. فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (1) وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله) (2).
قال ابن كثير: قال بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه.
وإما مسيء، فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يرد كيده، كما قال تعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} (3){وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (4){وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (5)، وقال تعالى:
(1) سورة الأعراف الآية 199
(2)
صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب 5 رقم الحديث 4642 ج 8 ص 304.
(3)
سورة المؤمنون الآية 96
(4)
سورة المؤمنون الآية 97
(5)
سورة المؤمنون الآية 98