المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مصطلح الإرهاب: هذا المصطلح ظهر في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد ما - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تناول المريض حقنة تستمر أربع ساعات أو خمس

- ‌لا يجمع بين الظهر والعصر للبرد

- ‌(الجمع بين الظهرين)

- ‌وجوب الجمعة على العمال في الشركات

- ‌الجمعة لا تقام في السجن

- ‌إقامة جمعة في محطة ضخ مياه تبعد ثمانية كيلو والطريق رمال وجبال

- ‌صلاة الجمعة في الباخرة

- ‌ فتاوى سماحه الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك

- ‌حكم بناء المساجد قريبا من القبور

- ‌حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌الصلاة في مسجد فيه قبر كالصلاة في مسجد فيه قبران أو أكثر

- ‌لا يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد

- ‌شبهة لمن أجاز الصلاة في المساجد التي فيها قبور والجواب عليها

- ‌حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة

- ‌حكم الكتابة على القبر

- ‌حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة

- ‌حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور

- ‌ما يجوز وما لا يجوز إهداؤه من القرب للميت

- ‌الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض الأعمال دون بعض

- ‌حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

- ‌عشاء الوالدين

- ‌تحديد وقت معين للإطعام عن الميت من البدع المحدثة

- ‌من يذبح لأبيه وجده كل سنة

- ‌إهداء ثواب الطواف للغير لا يجوز

- ‌ فتاوى سماحةالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف تتم صلاة رجل أدرك الركعة الأخيرة من صلاة العشاء

- ‌ هل مساجد مكة كلها حرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌ صبغ اللحية بالسواد

- ‌ نغمات الجوال في المساجد

- ‌ هل لأهل مكة طواف وداع في الحج والعمرة

- ‌ المسافر إذا صلى خلف مقيم

- ‌ السفر والإقامة في بلاد الكفار من أجل العمل

- ‌ قراءة سورة الفاتحة مائة وعشر مرات لتلبية وقضاء الحوائج

- ‌ هل جميع الأنبياء من العرب

- ‌ الواجب على المرأة المسلمة عند خروجها من بيتها

- ‌ الصلوات في الجمع والقصر

- ‌ الغش في الامتحانات الدراسية

- ‌ هل الحسنات تضعف في مكة وكذلك السيئات

- ‌ فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ نام أو نسي صلاة واحدة من الصلوات الخمس

- ‌ تؤخر الصلوات عن أوقاتها، وتشجع بناتها الكبيرات والصغيرات على ذلك

- ‌ رجل تارك فروض الصلاة، أو متهاون فيها ما عدا يوم الجمعة

- ‌ دخل رجل الإسلام وعمره أربعون سنة هل يقضي ما فاته من الصلاة

- ‌ رجل ترك الصلاة عدة شهور أو سنوات فهل يجب عليه قضاءها

- ‌مصطلح الإرهاب:

- ‌أسباب الإرهاب:

- ‌علاج الإرهاب

- ‌خلاصة البحث وأهم النتائج:

- ‌الجهل

- ‌توطئة

- ‌تعريف الجهل:

- ‌المبحث الأول المشرك جاهل:

- ‌المبحث الثاني الذين طلبوا من النبي أن يطرد المؤمنين:

- ‌المبحث الثالث: قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء قوم جهلاء عادون نجس

- ‌المبحث الرابع: القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم قوم يجهلون ولا يعقلون ولا يفهمون

- ‌المبحث الخامس: ما فعله إخوة يوسف دليل على جهلهم

- ‌المبحث السادس: من صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

- ‌المبحث السابع من جهل المشركين أن دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم

- ‌المبحث الثامن نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يكون من الجاهلين؛ لجزعه، وحزنه، وتحسره؛ على كفرهم

- ‌المبحث التاسع أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى في جهله وغيه

- ‌المبحث العاشر: وعظ الله نبيه نوحا أن يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الحادي عشر: إذا لم يعصم الله الإنسان من الوقوع في المعصية فإنه يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الثاني عشر: حمل الإنسان للأمانة دليل على ظلمه وجهله

- ‌المبحث الثالث عشر: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب

- ‌المبحث الرابع عشر: المنافقون كانوا يعتقدون في الله اعتقاد أهل الجاهلية

- ‌المبحث الخامس عشر: الذي يحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية

- ‌المبحث السادس عشر: اختلاط النساء بالرجال، وترك الحجاب، والتبرج: من أمور الجاهلية

- ‌المبحث الثامن عشر: السب، والشتم، والكلام الفاحش، والسفه، والمقاتلة: من أفعال أهل الجاهلية

- ‌المبحث التاسع عشر: علمنا رسول الله أن نستعيذ بالله أن نفعل بالناس أو يفعل بنا فعل الجهال

- ‌المبحث العشرون: حذر رسول الله من اتخاذ رؤساء جهالا يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون

- ‌المبحث الواحد والعشرون: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغفر له جهله

- ‌المبحث الثاني والعشرون: من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات أو قتل تحت راية عمية مات ميتة جاهلية

- ‌المبحث الثالث والعشرون: الدعوى والنصرة عصبية: دعوى جاهلية

- ‌المبحث الرابع والعشرون: المعاصي من أمر الجاهلية

- ‌المبحث الخامس والعشرون: التفاخر بالأحساب من عبية الجاهلية

- ‌المبحث السادس والعشرون: ما وضعه رسول الله في حجة الوداع من أمور الجاهلية

- ‌المبحث السابع والعشرون: خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا

- ‌المبحث الثامن والعشرون: فضل العلم وقبح الجهل

- ‌المبحث التاسع والعشرون: الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور

- ‌المبحث الثلاثون: كفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

- ‌المبحث الواحد والثلاثون: سمى الله العلم نورا، وسمى الجهل ظلمة

- ‌المبحث الثاني والثلاثون: من أسباب فتنة القبر: الجهل؛ حيث يجيب" بلا أدري

- ‌المبحث الثالث والثلاثون: من نواقض الإسلام: الجهل بدين الله وذلك؛ بالإعراض عنه تعلما وعملا

- ‌المبحث الرابع والثلاثون: الجهل يمنع تحقيق معنى " لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس والثلاثون: هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه

- ‌المبحث السادس والثلاثون: احذروا فتنة العابد الجاهل

- ‌المبحث السابع والثلاثون: الإنسان تعترضه الآفات فيخلف علمه الجهل

- ‌المبحث الثامن والثلاثون: من مسائل الجاهلية الاقتداء بالعالم الفاسق، أو العابد الجاهل

- ‌فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌تقديم

- ‌الفصل الأول: فيما ينبغي للمسلم عمله مع الوافدين

- ‌المقدمة: في فضل العلم والتحذير من الفتيا بغير علم

- ‌المبحث الأول: كثرة الوافدين للمملكة

- ‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

- ‌المبحث الثالث: الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المسلم في دعوته

- ‌المبحث الرابع: النصيحة لمن ذهب إلى بلاد الكفر

- ‌الفصل الثاني: فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف فقه التعامل مع غير المسلمين:

- ‌المبحث الثاني: حكم استقدام غير المسلمين للعمل في جزيرة العرب

- ‌المبحث الرابع: استئجار أهل الذمة وتأجير المسلم نفسه منهم

- ‌المبحث الخامس: حكم تأجير الدور على أهل الذمة

- ‌المبحث السادس: معاملة أهل الذمة في البيع والشراء

- ‌المبحث السابع: طعام أهل الكتاب

- ‌المبحث الثامن: حكم نكاح نساء أهل الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في الأخلاق التي ينبغي أن تكون معهم

- ‌المبحث الأول: معاملة الكفار عند اللقاء وكراهية أن يبدؤوا بالسلام. وكيف يرد عليهم

- ‌المبحث الثاني: معنى السلام

- ‌المبحث الثالث: حكم التحية بغير السلام لغير المسلمين ومخالطتهم والعمل معهم:

- ‌المبحث الرابع: حكم تهنئتهم بالأفراح

- ‌المبحث الخامس: حكم صلة الكفار والإحسان إليهم

- ‌المبحث السادس: عيادة المرضى من غير المسلمين

- ‌المبحث السابع: حكم تعزية غير المسلمين واتباع جنائزهم

- ‌المبحث الثامن: حكم التخاطب بلفظ صديق أو رفيق أو أخ

- ‌الخاتمة:

- ‌مسؤولية الجاني عنعلاج المجني عليه وضمانتعطله عن العمل

- ‌المبحث الأول: مسؤولية الجاني عن علاج المجني عليه فيما سببه الجناية:

- ‌المطلب الأول: إذا أوجبت الجناية قصاصا:

- ‌المطلب الثاني: إذا أوجبت الجناية دية مقدرة:

- ‌المطلب الثالث: إذا أوجبت الجناية حكومة:

- ‌المبحث الثاني: مسؤولية الجاني عن ضمان تعطل المجني عليه عن العمل

- ‌ رأي الحنفية:

- ‌ رأي المالكية:

- ‌ رأي الشافعية والحنابلة

- ‌الفصل الأول: صفات المقرئ والقارئ:

- ‌المبحث الأول: المقرئ آدابه وصفاته

- ‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

- ‌الفصل الثاني: طرق الأخذ والتحمل عند القراء

- ‌المبحث الأول: العرض على الشيخ

- ‌المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ

- ‌المبحث الثالث: الإجازة

- ‌المبحث الرابع: الوجادة

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌مصطلح الإرهاب: هذا المصطلح ظهر في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد ما

‌مصطلح الإرهاب:

هذا المصطلح ظهر في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد ما يطلق عليه (أحداث 11 سبتمبر2001) وكان الاهتمام به على أعلى المستويات الإعلامية والدولية، وركزت الحملة فيه على هذه القضية وعلى هذا المصطلح (الإرهاب) ومحاربته، ومحاربة من ينتسب إليه، وهو ما يسمى بالإرهابي، ولكننا نرى أن هذه الحملة بدأت تحدد مسارها شيئا فشيئا وتضيق أطرها حتى كاد ينحصر هذا المصطلح في الإسلام والمسلمين، فصارت الأصابع تشير إليهم دائما بهذه التهمة، والتي تعتبر في العرف الدولي جريمة من أعظم جرائم العصر.

لكن اللافت هو أن هذا المصطلح وإلى الآن لم يتحدد مفهومه، بل تشن الحملة ضده بدون تحديد واضح المعالم لما هو الإرهاب ومن هو الإرهابي ومتى يكون إرهابيا، وكيف يكون هذا الشخص أو تلك الجماعة أو الدولة أو الدول إرهابية.

كل هذا لم يتحدد دوليا، وقد ذكر البعض أن عدم التحديد هذا مقصود.

وبكل حال فإن محاربة مصطلح وشن الحملات المتتابعة على أعلى المستويات الإعلامية والأمنية والدولية عليه، مع عدم معرفة حدوده تعتبر حربا على مجهول، وهذا من شأنه أن يوقعنا في

ص: 101

إشكالات كثيرة منها: أن نعادى أطرافا على أنهم إرهابيون وليسوا كذلك، وهذا ظاهر فيمن يحارب ويقاوم لأجل أن يخلص بلاده من المحتل مثلا.

وأيضا من الإشكالات أن يترك أطراف هم أشد عنفا وعداوة وإفسادا، فلا يقاومون ولا ينكر فعلهم؛ لأن هذا المصطلح لم يطلق عليهم وإن كان منطبقا عليهم.

نحن في دين الإسلام لا نقر استخدام الألفاظ المحتملة لعدة معان من غير تمييز المعنى المراد؛ لأن ديننا إنما جاء بالوضوح والصراحة والصدق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (1).

وديننا جاء بالعدل فلا يمكن أن يحملنا بغضنا وعداوتنا لأقوام على أن نعتدي عليهم ولو بالألقاب التي لا تنطبق عليهم {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (2).

وتعلمنا في دين الإسلام أنه لا يمكن أن يحمل أطراف ذنوب أطراف أخرى، وبعبارة أخرى لا يمكن أن يؤخذ أطراف بجرائر آخرين مهما كان، يقول الله عز وجل:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (3).

إذن الدين الإسلامي واضح في هذه القضية أشد الوضوح، ولذا

(1) سورة التوبة الآية 119

(2)

سورة المائدة الآية 8

(3)

سورة الأنعام الآية 164

ص: 102

نجد أن العقيدة والأحكام الشرعية والعبادات وأحكام المعاملات وفقه الأسرة ونحو ذلك واضحة جلية في الشريعة الإسلامية.

وعلى هذا كله نقول: إن المسلمين انطلاقا من دينهم يطالبون بتحديد الألفاظ والمصطلحات وتحديد معانيها، ولا يمكن أن يكون المسلم الحق ساعيا في تعمية المصطلحات لأن دينه ينهاه عن ذلك. وإن كنا نعلم بما نشاهد في الواقع أن من المصطلحات ما يقصد إجمالها وعدم بيانها، ويكون في ذلك مصلحة ومكاسب لمن يسعى إلى عدم بيانها ويقصد إلى غموضها، بينما ديننا الإسلامي ينهانا عن ذلك، فلا تغرير ولا خداع ولا غدر ولا خيانة ولا كذب في الإسلام، بل هو الدين الواضح الصادق وهو المحجة البيضاء.

وإذا كنا نريد تحديدا لهذا المفهوم في ديننا، فإنه ينبغي لنا أن نبحث عن الأصل اللغوي لهذه الكلمة إذ الدين الإسلامي جاء بلغة العرب، فننظر لأصلها وماذا تعنى في اللغة ثم ننظر إلى الاستعمال الشرعي من خلال النصوص لهذه الكلمة.

ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا السياق أن الحقائق اللفظية عندنا ثلاثة أقسام: الحقيقة اللغوية، والحقيقة الشرعية، والحقيقة العرفية، فإذا كنا بصدد البحث في لفظ أو مصطلح فالنظر أولا هل بحثنا عنه من جهة دلالته اللغوية، فالعبرة إذن بقول أهل اللغة في ذلك، أو

ص: 103

يكون النظر فيه من جهة دلالته الشرعية فالعبرة فيه بقول أهل الشرع من خلال النصوص الشرعية، أو يكون النظر فيها من جهة دلالتها العرفية فيكون المعتبر قول أهل العرف وعملهم.

والإرهاب الذي نحن بصدد الحديث عنه. أصله في اللغة من مادة (ر هـ ب) وهذه المادة كما يقول ابن فارس - يرحمه الله - لها أصلان في اللغة: أحدهما يدل على خوف، والآخر يدل على دقة وخفة.

فالأول (وهو الخوف): الرهبة تقول رهبت الشيء رهبا ورهبا ورهبة. والترهب: التعبد، ومن الباب الإرهاب، وهو قدع الإبل من الحوض وذيادها.

وفي اللسان رهب بالكسر، يرهب رهبة ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي خاف، ورهب الشيء رهبا ورهبا ورهبة: خافه. . . إلى أن قال:. . وأرهبه رهبه واسترهبه، أخافه وفزعه.

ونلاحظ هنا أن أصل الكلمة اللغوي يدل على الخوف وعلى استدعاء الخوف، فالإرهاب من قولك أرهب يرهب إرهابا، فأصله أرهب، أي خوف وفزع كما مر.

وهذا المعنى في نفسه لا يقتضي مدحا ولا ذما، فالخوف والتخويف ليس مذموما مطلقا ولا ممدوحا مطلقا.

ص: 104

فحين يخاف الإنسان من السبع فهذا خوف طبيعي لا يمكن أن يذم به الإنسان، وحين يخوف المرء عدوه الذي يريد الاعتداء عليه فهذا أيضا لا يمكن ذمه، فهذه جبلة في الإنسان بل والحيوان، وقد هيأ الله لكل مخلوق ما يدافع به عن نفسه الأخطار {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (1). واستخدام ذلك عند وقوع الخطر أو توقعه لا يمكن أن يذم.

أما حقيقة هذا اللفظ من الناحية الشرعية فإنا لم نجد هذا اللفظ بعينه في النصوص الشرعية، وإنما يوجد أصله الثلاثي وما تصرف منه، وكذلك أيضا ما تصرف من أصله الرباعي.

فمن ذلك قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (2). ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (3).

ومنه أيضا قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (4). ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (5).

(1) سورة طه الآية 50

(2)

سورة البقرة الآية 40

(3)

سورة الأعراف الآية 154

(4)

سورة النحل الآية 51

(5)

سورة الأنبياء الآية 90

ص: 105

وكل هذه النصوص تدل على طلب الخوف من الله تعالى، ومدح ذلك وأنه من العبادات، وأقرب ما جاء من التصاريف لهذا المصطلح في النصوص هو قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (1).

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: (يقال منه أرهبت العدو ورهبته، فأنا أرهبه وأرهبه إرهابا وترهيبا، وهو الرهب والرهب، ومنه قول طفيل الغنوي:

ويل أم حي دفعتم في نحورهم

بني كلاب غداة الرعب والرهب

ويقول في معنى الآية:

(وأعدوا لهؤلاء الذين كفروا بربهم الذين بينكم وبينهم عهد إذا خفتم خيانتهم وغدرهم أيها المؤمنون بالله ورسوله ما استطعتم من قوة، يقول: ما أطقتم أن تعدوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم من السلاح والخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم يقول تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين).

من هنا يظهر أن المراد إعداد القوة وإظهارها لإخافة من يخشى منهم الخيانة والغدر والاعتداء علينا.

(1) سورة الأنفال الآية 60

ص: 106

وهذا الأمر مشروع، وهو أمر مصلحي ظاهر لدى كل الأعراف والدول. ولا يمكن لأي دولة أن تتخلى عن هذا؛ لأن معنى التخلي عن هذا الاستسلام لكل عدو أراد أن يعتدي على الدولة، فتكون الدولة لقمة سائغة لأعدائها.

وهذا زيادة على كونه محرما على المسلمين في شريعة الإسلام، فإنه أيضا مخالف لصريح العقول بل إن الأنظمة الدولية تنص على ذلك من باب الدفاع عن النفس، وهذا يدل على أنه عرف عام لكل البشر، وقد جاء ذلك في الفصل لسابع من ميثاق الأمم المتحدة حيث نصت المادة (51) منه على أنه:(ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة) إلى آخر المادة.

والمقصود أن هذا حق لا يمكن لأي أحد أن يعترض عليه. ومن هنا نعلم أن مصطلح الإرهاب بهذه الصيغة لم يرد في الشرع أصلا حسب علمنا، وإنما ورد بعض ما تصرف من جذره.

وعليه فلا يمكن أن نجد لهذا المصطلح تعريفا شرعيا، وإن كانت دلالته اللغوية واضحة، وهي استدعاء الخوف، ونحن حين نقول لا نجد لهذا المصطلح تعريفا شرعيا لا نعنى أن الشرع قد قصر

ص: 107

عن بيان الأعمال التي تصنف على أنها أعمال إرهابية، كلا فإن الإسلام قد بينها أجلى بيان، وسنأتي على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى، لكن كما قدمنا فإن ديننا دين الوضوح، فلا يمكن أن نأتي بتعريف شرعي لمصطلح لم يرد أصلا في الشريعة الإسلامية ينبني عليها أحكام وحدود، وهذا كله لا يمكن أن يكون جزافا.

ومع هذا فإن الحقيقة اللغوية ظاهرة فيه، وهي أن هذا المصطلح " الإرهاب " يعني استدعاء الخوف والفزع أو بعبارة أخرى هو التخويف.

بقي من الحقائق الحقيقة العرفية، وهي ما لم تتبلور إلى الآن.

ونحن نعرض هنا لبعض التعاريف التي وقفنا عليها:

1 -

في موسوعة السياسة: (الإرهاب هو استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به، بأشكاله المختلفة: كما الاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب، بغية تحقيق هدف سياسي معين مثل كسر روح المقاومة عند الأفراد، وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات، كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال، أو بشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية).

2 -

الموسوعة العربية العالمية: " الإرهاب: استخدام العنف أو

ص: 108

التهديد به لإثارة الرعب).

3 -

قاموس أكسفورد: جاء تعريف الإرهابي بأنه: الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية.

وبالنظر في هذه التعاريف نجد أنها تتفق مع التعريف اللغوي في اللغة العربية، من حيث إن الإرهاب هو تعمد التخويف، أو استدعاء الخوف والفزع، لكن يبقى بعض ألفاظ في هذه التعاريف لا تنضبط؛ فمثلا كلمة " غير القانوني " وكلمة " طرف مناوئ " في التعريف الأول يرد عليها أن هذا القانون المذكور ينطبق على أي قانون؟! ثم لو طبقته كل دولة حسب قانونها يبقى الإرهاب الدولي فمتى يكون العمل إرهابا بأي قانون نضبطه؟!

وكذلك قولهم " طرف مناوئ " يمكن أن يقال من هو الطرف الأصيل؟! وهل كل مخالف يكون المضاد له إرهابيا؟!

هناك كلمات لم تحدد.

وفي التعريف الثاني كذلك يمكن أن يقال: وهل كل عنف يثير الرعب يعتبر إرهابا؟ بالتأكيد الجواب سيكون كلا! ذلك أننا نشاهد في حياتنا اليومية آلاف الحوادث التي تثير الرعب بدرجة ما، ولكنها لا تسمي إرهابا.

وهكذا ما جاء في تعريف قاموس أكسفورد فإنه تعريف غير

ص: 109

جامع إذ قد يكون العمل إرهابا وإن لم يقصد القائم به الوصول إلي نهاية سياسية.

إذن فالجميع أو الغالب متفقون على أن الإرهاب هو تعمد التخويف، لكن بأي درجة وبأي طريقة ومتى يصل إلي هذا الحد؟ كل هذه تساؤلات أدت وجهات النظر المختلفة حيالها إلى عدم الوصول إلى تعريف مشترك معترف به.

أما متى كان أول ظهور لهذا المصطلح؛ فإنه وبحسب ما جاء في الموسوعة العربية العالمية: أنه ظهر إلى حيز الوجود إبان الثورة الفرنسية عام 1789 - 1799 م. حين تبنى الثوريون الذين استولوا على السلطة في فرنسا العنف ضد أعدائهم؛ وقد عرفت فترة حكمهم باسم عهد الإرهاب).

وبعد ذلك توالت العمليات والجماعات والحركات الإرهابية، ومن أبرز ذلك:

جماعة كوكلوكس كلات، وهي جماعة أمريكية استخدمت العنف لإرهاب المواطنين السود والمتعاطفين معهم.

وهناك جماعة الألوية الحمراء في إيطاليا، وزمرة الجيش الأحمر في ألمانيا وكلاهما في ستينيات القرن العشرين.

وكلا الجماعتين تقصد إلى تخريب الأنظمة السياسية والاقتصادية في بلديهما بقصد تطوير نظام جديد.

ص: 110

وهناك عصابات يهودية إرهابية اشتهرت قبيل استيلاء اليهود على فلسطين منها منظمة الهاغانا الهاشومير، وفرق العمل، والبالماخ، والأرغون، وعصابة شيترن، ومنظمة كاخ.

ومن أبرز الشخصيات التي استخدمت العنف والإرهاب لإخماد أعدائها أدولف هتلر في ألمانيا، وبنيتو موسولني في إيطاليا، وجوزيف ستالين في الاتحاد السوفيتي (سابقا).

وبهذه اللمحة التاريخية الموجزة نستفيد عدة أمور منها:

1 -

أن ظهور هذا المصطلح (الإرهاب) كان في نهايات القرن الثامن عشر الميلادي بينما ظهور الإسلام كان قبل ذلك بأكثر من اثني عشر قرنا.

2 -

أن أول من أطلق عليهم مصطلح الإرهاب تاريخيا هم في أوربا، فلا هم عرب ولا هم مسلمون.

3 -

أن تاريخ هذا المصطلح وتدرجاته كلها تسجل أن الإرهابيين ليسوا مسلمين بل ليسوا عربا.

4 -

وجود جماعات وأفراد يمكن أن ينطبق عليهم هذا المصطلح (الإرهاب) بوجه أو بآخر - بمعناه المذموم - وهم ينتمون إلى الإسلام، هذا لا يعني إطلاقا أن دينهم هو سبب هذا الإرهاب، وهذا يثبته التاريخ كما مر، ويثبته العقل أيضا إذ لو كان الأمر كذلك وسلمنا بهذه الدعوى ونحن نعلم أن ظهور الإسلام كان قبل أكثر

ص: 111

من (1400 عام) من الآن والإسلام على هذه الفرضية هو السبب في الإرهاب، إذن سيتكون في العالم مجتمع إرهابي متراكم عمره أكثر من (1400 عام) وهذا لا يمكن تصوره فضلا عن تصديقه.

بقي أن نعلم أن دين الإسلام قد صنف أعمالا ضمن أشد الأعمال جرما وأعظمها إثما، وذلك منذ أكثر من (1400) هي الآن تصنف في القوانين المعاصرة ضمن الأعمال الإرهابية وهذا يسجل للإسلام تقدمه وسبقه في مكافحة هذه الآفة.

ومن تلك الإعمال:

1 -

القتل العمد العدوان لمعصوم الدم: وهذا محرم مؤكد التحريم وجزاؤه في الإسلام القتل.

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (1).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (2).

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (3).

{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (4).

(1) سورة المائدة الآية 32

(2)

سورة البقرة الآية 178

(3)

سورة النساء الآية 93

(4)

سورة الأنعام الآية 151

ص: 112

2 -

الإفساد في الأرض، بقطع الطريق وترويع الآمنين ويدخل فيه التفجيرات واختطاف الطائرات والسفن والقطارات وغيرها: وهذا من كبائر الذنوب وجزاؤه مغلظ، إما القتل أو الصلب أو تقطع الأيدي والأرجل من خلاف أو السجن، زيادة على عذاب الله يوم القيامة.

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (1).

3 -

محاولة تغيير النظام بالقوة مع شرعية الحاكم، وهذا من الكبائر وعقابه القتل. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه (2)» أخرجه مسلم.

وهذا من حرص الإسلام على المحافظة على النظام العام في المجتمع الإسلامي.

4 -

السرقة: وجزاؤها في الإسلام قطع اليد {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3).

(1) سورة المائدة الآية 33

(2)

صحيح مسلم الإمارة (1852)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 341).

(3)

سورة المائدة الآية 38

ص: 113

وغير هذا كثير لذا نجد أن هذا التشريع الإلهي هو الصالح فقط لأن يطبق في جميع الأرض على اختلاف الطبقات والدول واللغات والأعراف، وأنه متى طبق سعدت البشرية وأمنت.

هذا وقد عرف المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة عام 1422 هـ بمكة المكرمة الإرهاب في بيانه وجاء فيه أن الإرهاب هو:

(العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان (دينه، وعقله، وماله، وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلي إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها). وهو من أمثل التعاريف في هذا الباب.

هذا وإن مما يجب التنبيه عليه هنا من الأمور الخطيرة التي تنذر بشر عظيم للبشرية كافة، ألا وهو محاولة إقصاء ومحو بعض

ص: 114

المصطلحات الإسلامية الشرعية والتي وردت في كتاب الله عز وجل، وذلك من نحو الجهاد في سبيل الله، الولاء والبراء، ونحو ذلك من المصطلحات.

فإن هناك من الدول والأفراد من يطالب بمحو ذلك من التعليم والحياة العامة، ويواصلون الضغط في هذا الجانب بحجة مكافحة الإرهاب ونشر التسامح. إن هذا الأمر هو السبب الأعظم في نشر الإرهاب المقيت لماذا؟ لعدة أمور:

أولا: أن هذا تدخل سافر في شريعة أنزلها رب العالمين ورضيها وأمر بها، وهذا التدخل في نفسه من أعظم أنواع الإرهاب الفكري والعقدي.

ثانيا: أن هذه المصطلحات الشرعية مهما بذلت الجهود في محوها فإنها ستبقى لسبب يعرفه المسلم والكافر، ألا وهو أن هذا الدين وهذا القرآن مما تكفل الله بحفظه وبقائه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1).

ومحاولات طمس الألفاظ الشرعية والعبادات الربانية لن تصل في قمة ضغطها، وتواصل الجهود فيها إلا إلى نتيجة، وهي محاولة إزاحة تعليم هذه الألفاظ في الظاهر أي في النور أي بشكل واضح وصريح

(1) سورة الحجر الآية 9

ص: 115