الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظلمه، إلا من فوق الله، وبالله المستعان. . وقال ابن كثير عن معنى {ظَلُومًا جَهُولًا} (1) يعني: غرا بأمر الله.
قال ابن عباس: عرضت على آدم فقال: خذها بما فيها، فإن أطعت غفرت لك، وإن عصيت عذبتك. قال: قبلت فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم، حتى أصاب الخطيئة (2).
وقال القرطبي: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} (3) قال الحسن: المراد الكافر والمنافق {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا} (4) لنفسه {جَهُولًا} (5) بربه. . . وهذا العرض عرض تخيير لا إلزام. . . (6)
وهذه الآية تدل على أن الإنسان عندما تحمل هذه الأمانة كان يجهل تكاليفها ووافق على شرط هذا التكليف وهو النعيم لمن أطاع والعذاب لمن عصى لكنه لفرط ظلمه لنفسه، وفرط جهله بربه وبشرعه تحملها ووقع فيما وقع فيه لكن الله وعده بالمغفرة والرحمة إذا أقبل إليه وتاب من ذنوبه.
(1) سورة الأحزاب الآية 72
(2)
تفسير ابن كثير ج 6 ص 477.
(3)
سورة الأحزاب الآية 72
(4)
سورة الأحزاب الآية 72
(5)
سورة الأحزاب الآية 72
(6)
تفسير القرطبي ج 14 ص 255.
المبحث الثالث عشر: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب
قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (1){وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (2).
(1) سورة النساء الآية 17
(2)
سورة النساء الآية 18
قال ابن كثير: يقول تعالى إنما يتقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهالة، ثم يتوب ولو قبل معاينة الملك روحه قبل الغرغرة، قال مجاهد وغير واحد: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب.
وقال قتادة عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة. رواه ابن جرير.
ثم قال قتادة: اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل شيء عصى به فهو جهالة، عمدا كان أو غيره.
وعن مجاهد قال: كل عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (2)» .
(1) تفسير ابن كثير ج 2 ص 205، وانظر تفسير القرطبي ج 5 ص 92.
(2)
أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات، باب 99، من حديث ابن عمر ثم قال: حديث حسن غريب. ج 5 ص 547 رقم 3537، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 1899 ثم قال: حسن.
قال ابن كثير: قال بعض السلف: كل من عصى الله فهو جاهل. وقال عكرمة: الدنيا كلها جهالة. . . (2)
وقال القرطبي: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} (3) أي خطيئة من غير قصد.
قال مجاهد: لا يعلم حلالا من حرام، ومن جهالته ركب الأمر، فكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل. . . وقيل: من آثر العاجل على الآخرة فهو الجاهل. . . (4)
نعم كل عاص جاهل؛ لأنه لو كان عالما بالله، وبشرع الله، وبالحلال، والحرام، وبما تؤول إليه المعاصي في الدنيا، وفي الآخرة: لما
(1) سورة الأنعام الآية 54
(2)
تفسير ابن كثير ج 3 ص 257.
(3)
سورة الأنعام الآية 54
(4)
تفسير القرطبي ج 6 ص 435، 436.
(5)
سورة النحل الآية 119