الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: كثرة الوافدين للمملكة
.
لقد من الله على هذه البلاد المباركة بالخيرات والنعم التي لا تعد ولا تحصى، وفتح الله على أهلها من فضله فاستخرجت الثروات، وأقيمت المصانع العملاقة فيها، وجعل الناس يتوافدون من مشارق الأرض ومغاربها إلى هذه البلاد طمعا في ثروتها، وللنيل من خيراتها، مما يحتاج المسلم معه إلى التعرف إلى أحكام التعامل مع غير المسلمين من أهل الذمة، بما يظهر للإسلام محاسنه، وللمسلم كرم أخلاقة، وسمو معتقده على ضوء من الشريعة السمحة، والملة الحقة التي ارتضاها ربنا لعباده دينا، {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1)، هذا وإن كان من الأفضل أن لا يقيم في جزيرة العرب، وأن يخرج من جزيرة العرب غير المسلمين. إلا أن دخولهم ومكثهم مؤقت ولحاجة. فإذا أدوا مهمتهم رجعوا إلى بلدانهم.
ولما للمعاملة الحسنة والأخلاق الفاضلة من دور كبير في الدعوة إلى الله، واستجلاب محبة غير المسلمين للإسلام، فإنه يجب على المسلمين التحلي بالأخلاق الفاضلة والتفقه في الدين، والتبصر في أمور الدعوة، فلقد انتشر الإسلام بالمعاملة الحسنة من المسلمين في كثير من بلاد العالم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال:«من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين (2)» أخرجه الشيخان من
(1) سورة المائدة الآية 3
(2)
صحيح البخاري العلم (71)، صحيح مسلم الإمارة (1037)، سنن ابن ماجه المقدمة (221)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 93)، موطأ مالك كتاب الجامع (1667)، سنن الدارمي المقدمة (226).
رواية معاوية بن أبي سفيان (1). وهذه الجملة «يفقهه في الدين (2)» تعني الشيء الكثير، ويدخل في مضمونها وعمومها فقه التعامل مع غير المسلمين، فصلوات الله وسلامه على من أعطى جوامع الكلم، إذ من حق الوافدين علينا دعوتهم إلى الله على بصيرة، بالحكمة واللين مع ما يلزمنا من العلم بما ندعوهم إليه.
وليعلم كل مسلم أن الدعوة إلى الله هي سبيل الأنبياء والرسل، وأن من اتبع محمدا صلى الله عليه وسلم كان عليه الدعوة إلى الله:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (3)، والحمد لله تعالى الذي يسر لنا قدومهم إلينا. مما جعل الأمر سهلا في دعوتهم إلى الله، وإنقاذهم من الكفر والشرك إلى دين الإسلام، فهل من مغتنم؟ لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. كيف وقد كان الصحابة يسافرون الأيام الطويلة ويقطعون الفيافي والقفار للجهاد والدعوة إلى الله مع الفقر والحاجة، يربطون على بطونهم من الجوع فرضي الله عنهم.
واليوم وقد يسر الله لنا وصولهم إلينا فما علينا إلا أن نبذل لهم التعليم والتوجيه والإرشاد. نسأل الله الهداية للجميع، وأن يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم، فبه يكون النجاح والفلاح، والله المستعان.
(1) فتح الباري ج1 ص164. ومسلم ح1037، كتاب الزكاة ج4 ص137.
(2)
صحيح البخاري العلم (71)، صحيح مسلم الإمارة (1037)، سنن ابن ماجه المقدمة (221)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 93)، موطأ مالك كتاب الجامع (1667)، سنن الدارمي المقدمة (226).
(3)
سورة يوسف الآية 108