الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطالب أن يقرئ بما قرأ به علي.
ويقول الطالب عند الأداء: (قرأت على فلان)(1).
(1) منجد المقرئين: 14.
المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ
وهو أن يقرأ الشيخ، والطالب يستمع وبهذه الطريق تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن عن جبريل عليه السلام عن الله عز وجل.
فكان جبريل يقرأ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع فإذا فرغ جبريل أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع عرضا على جبريل.
فتحصل له مرتبتان:
مرتبة الاستماع للفظ الشيخ.
مرتبة العرض والقراءة على الشيخ.
وطريق كهذا هو في أعلى مراتب الأخذ والتحمل قال تعالى مبينا كيفية تلقي نبيه للقرآن: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (1){فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (2){ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (3).
وقال تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (4).
(1) سورة القيامة الآية 17
(2)
سورة القيامة الآية 18
(3)
سورة القيامة الآية 19
(4)
سورة طه الآية 114
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «في قوله تعالى: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه، فأنزل الله تعالى:
قال: جمعه لك في صدرك وتقرأه، قال: فاستمع له وأنصت، ثم إن علينا أن نقرأه.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه (6)».
وكان صلى الله عليه وسلم يتلو ما نزل عليه على أصحابه ويعلمهم إياه قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (7).
(1) فتح الباري: 1/ 29.
(2)
سورة القيامة الآية 16 (1){لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}
(3)
سورة القيامة الآية 16 (2){لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}
(4)
سورة القيامة الآية 17 (3){إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
(5)
سورة القيامة الآية 18 (4){فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}
(6)
سورة القيامة الآية 19 (5){ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}
(7)
سورة آل عمران الآية 164
(8)
سورة الجمعة الآية 2
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن (1)» .
وحفظ عبد الله بن مسعود بضعا وسبعين سورة من تلقين رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم والقراءة عليهم فقال: «والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة (2)» .
وبهذه الطريقة أيضا تلقى بعض التابعين حيث كان يلقنهم شيوخهم القرآن عشر آيات أو خمس آيات بل قد يلقنوهم آية آية.
قال السخاوي: كان القراء في الأمر الأول يقرأ المعلم على المتعلم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يتلو كتاب الله عز وجل على الناس كما أمره الله عز وجل {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (3) وكانوا يلقنونه من يتعلمه خمسا خمسا، ويقولون: إن جبريل عليه السلام كذلك كان يلقنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو العالية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «تعلموا القرآن خمسا خمسا، فإن جبريل نزل به على النبي صلى الله عليه وسلم خمسا خمسا» .
(1) صحيح مسلم بشرح النووي: 4/ 118.
(2)
فتح الباري: 9/ 64.
(3)
سورة القيامة الآية 18
ثم ساق بسنده عن يونس بن أبي رجاء قال: كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات.
وعن أبي بكر بن عياش رحمه الله تعالى قال: لما أتت لي إحدى وعشرون سنة أتيت عاصما فأخذت عنه القرآن خمسا خمسا، قال: وأخبرني أنه أخذ عن زر ثلاثا ثلاثا، قال: فأخبرني أنه أخذه على ابن مسعود رضي الله عنه آية آية، قال: فكنت إذا فرغت منها يقول لي: خذها إليك فهي خير مما طلعت عليه الشمس، ولهي خير من الدنيا وما فيها (1).
قلت: لا تعارض بين ما اختاره القراء من تقديم طريقة العرض على الشيخ وبين صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم أصحابه وإقرائهم ما نزل عليه وتلقي بعض التابعين عن طريق التلقين والسماع من الشيخ.
فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء ومحاكاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما سمعوا منه؛ لأنهم هم الذين نزل القرآن بلغتهم (2).
(1) جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي: 2/ 446.
(2)
التحبير في علم التفسير: 157، لطائف الإشارات: 1/ 181.
وكانوا يعيبون اللحن ويحذرون منه فقد روى الحاكم في مستدركه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا قرأ فلحن قال صلى الله عليه وسلم: أرشدوا أخاكم (1)» .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحذر القراء منه، فعن سليمان بن يسار: انتهى عمر إلى قوم يقرئ بعضهم بعضا فلما رأوا عمر سكتوا فقال: ما كنتم تراجعون، فقلنا: كنا نقرئ بعضنا بعضا فقال: اقرءوا ولا تلحنوا (2).
وكان أبو جعفر القارئ يقول: من فقه الرجل عرفانه اللحن (3).
فمن كان هذا حاله يكفيه السماع من لفظ الشيخ لقدرته على الأداء بلا مشقة ولا عناء، فإن أضاف إلى ذلك العرض كان ذلك في أعلى المراتب وأحسنها.
فلما فسد اللسان وغلبت العجمة، وتعذر مع التلقين أن يأتي الطالب للقراءة بالكيفية والهيئة التي سمع من الشيخ إلا بعد دربة ومران وجهد رجح علماء القراءات العرض على السماع.
(1) المستدرك: 2/ 439، قال الحاكم: صحيح الإسناد وأقره الذهبي.
(2)
المصنف لابن أبي شيبة: 10/ 459، شعب الإيمان: 5/ 242، إيضاح الوقف والابتداء: 1/ 19.
(3)
المصنف لابن أبي شيبة: 10/ 459.
فما كل من يتلو الكتاب يقيمه
…
وما كل من في الناس يقرئهم مقرى (1)
ولم يكن القراء بعد فساد اللسان يلجأون إلي طريقة القراءة علي الطلاب والاكتفاء بها دون العرض والسماع منهم إلا حين يزدحم عليهم الطلاب فلا يتمكنون من سماع كل على حدة، ومن أولئك الإمام الكسائي رحمه الله تعالى: قال ابن الجزري عنه: كان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليهم فيجمعهم ويجلس علي كرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره، وهم يستمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ. (2).
وقال الطيب بن إسماعيل: سمعت الكسائي وقد قرأ علينا ختمتين ما من حرف إلا سألناه عنه (3).
وقد تقدم أن ابن الجزري لما قدم القاهرة وازدحم عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع عليه وسماعه من كل منهم فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها كلهم بصوت واحد. وهذه طائفة ممن روي عنهم
(1) من قصيدة للخافاني: انظر قصيدتين في تجويد القرآن: 18.
(2)
غاية النهاية: 1/ 538.
(3)
المصدر السابق: 1/ 343.
أنهم أخذوا بالسماع دون العرض منهم:
إبراهيم بن علي بن إبراهيم العمري أبو إسحاق، أخذ القراءة سماعا عن عبد العزيز بن عبد الله بن الزبير (1).
إبراهيم بن عمر أبو إسحاق البرمكي الحنبلي، روى القراءة سماعا عن أبي بكر بن محمد بن عبد الله بن بخيت، روى القراءة عنه سماعا أبو طاهر أحمد بن علي بن سوار (2).
الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد الإمام الحافظ أبو العلاء الهمذاني العطار: (ت: 569 هـ) روى القراءة سماعا عن أحمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله (3).
عبيد الله بن إبراهيم بن مهدي أبو القاسم العمري البغدادي (ت: 307 هـ) مقرئ مصدر مشهور حاذق، روى قراءة أبي عمرو البصري سماعا عن محمد بن شجاع البلخي عن اليزيدي (4).
موسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي البصري (ت: 220 هـ) ثقة مأمون قال الداني: روى الحروف سماعا من غير عرض عن شبل بن عباد عن ابن كثير. (5). وغير هؤلاء كثير.
(1) المصدر السابق: 1/ 20.
(2)
المصدر السابق: 1/ 20.
(3)
معرفة القراء الكبار: 2/ 824.، غاية النهاية: 1/ 204، 45.
(4)
معرفة القراء الكبار: 1/ 298، غاية النهاية: 1/ 484.
(5)
غاية النهاية: 2/ 323.