المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تناول المريض حقنة تستمر أربع ساعات أو خمس

- ‌لا يجمع بين الظهر والعصر للبرد

- ‌(الجمع بين الظهرين)

- ‌وجوب الجمعة على العمال في الشركات

- ‌الجمعة لا تقام في السجن

- ‌إقامة جمعة في محطة ضخ مياه تبعد ثمانية كيلو والطريق رمال وجبال

- ‌صلاة الجمعة في الباخرة

- ‌ فتاوى سماحه الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك

- ‌حكم بناء المساجد قريبا من القبور

- ‌حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌الصلاة في مسجد فيه قبر كالصلاة في مسجد فيه قبران أو أكثر

- ‌لا يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد

- ‌شبهة لمن أجاز الصلاة في المساجد التي فيها قبور والجواب عليها

- ‌حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة

- ‌حكم الكتابة على القبر

- ‌حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة

- ‌حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور

- ‌ما يجوز وما لا يجوز إهداؤه من القرب للميت

- ‌الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض الأعمال دون بعض

- ‌حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

- ‌عشاء الوالدين

- ‌تحديد وقت معين للإطعام عن الميت من البدع المحدثة

- ‌من يذبح لأبيه وجده كل سنة

- ‌إهداء ثواب الطواف للغير لا يجوز

- ‌ فتاوى سماحةالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف تتم صلاة رجل أدرك الركعة الأخيرة من صلاة العشاء

- ‌ هل مساجد مكة كلها حرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌ صبغ اللحية بالسواد

- ‌ نغمات الجوال في المساجد

- ‌ هل لأهل مكة طواف وداع في الحج والعمرة

- ‌ المسافر إذا صلى خلف مقيم

- ‌ السفر والإقامة في بلاد الكفار من أجل العمل

- ‌ قراءة سورة الفاتحة مائة وعشر مرات لتلبية وقضاء الحوائج

- ‌ هل جميع الأنبياء من العرب

- ‌ الواجب على المرأة المسلمة عند خروجها من بيتها

- ‌ الصلوات في الجمع والقصر

- ‌ الغش في الامتحانات الدراسية

- ‌ هل الحسنات تضعف في مكة وكذلك السيئات

- ‌ فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ نام أو نسي صلاة واحدة من الصلوات الخمس

- ‌ تؤخر الصلوات عن أوقاتها، وتشجع بناتها الكبيرات والصغيرات على ذلك

- ‌ رجل تارك فروض الصلاة، أو متهاون فيها ما عدا يوم الجمعة

- ‌ دخل رجل الإسلام وعمره أربعون سنة هل يقضي ما فاته من الصلاة

- ‌ رجل ترك الصلاة عدة شهور أو سنوات فهل يجب عليه قضاءها

- ‌مصطلح الإرهاب:

- ‌أسباب الإرهاب:

- ‌علاج الإرهاب

- ‌خلاصة البحث وأهم النتائج:

- ‌الجهل

- ‌توطئة

- ‌تعريف الجهل:

- ‌المبحث الأول المشرك جاهل:

- ‌المبحث الثاني الذين طلبوا من النبي أن يطرد المؤمنين:

- ‌المبحث الثالث: قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء قوم جهلاء عادون نجس

- ‌المبحث الرابع: القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم قوم يجهلون ولا يعقلون ولا يفهمون

- ‌المبحث الخامس: ما فعله إخوة يوسف دليل على جهلهم

- ‌المبحث السادس: من صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

- ‌المبحث السابع من جهل المشركين أن دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم

- ‌المبحث الثامن نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يكون من الجاهلين؛ لجزعه، وحزنه، وتحسره؛ على كفرهم

- ‌المبحث التاسع أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى في جهله وغيه

- ‌المبحث العاشر: وعظ الله نبيه نوحا أن يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الحادي عشر: إذا لم يعصم الله الإنسان من الوقوع في المعصية فإنه يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الثاني عشر: حمل الإنسان للأمانة دليل على ظلمه وجهله

- ‌المبحث الثالث عشر: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب

- ‌المبحث الرابع عشر: المنافقون كانوا يعتقدون في الله اعتقاد أهل الجاهلية

- ‌المبحث الخامس عشر: الذي يحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية

- ‌المبحث السادس عشر: اختلاط النساء بالرجال، وترك الحجاب، والتبرج: من أمور الجاهلية

- ‌المبحث الثامن عشر: السب، والشتم، والكلام الفاحش، والسفه، والمقاتلة: من أفعال أهل الجاهلية

- ‌المبحث التاسع عشر: علمنا رسول الله أن نستعيذ بالله أن نفعل بالناس أو يفعل بنا فعل الجهال

- ‌المبحث العشرون: حذر رسول الله من اتخاذ رؤساء جهالا يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون

- ‌المبحث الواحد والعشرون: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغفر له جهله

- ‌المبحث الثاني والعشرون: من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات أو قتل تحت راية عمية مات ميتة جاهلية

- ‌المبحث الثالث والعشرون: الدعوى والنصرة عصبية: دعوى جاهلية

- ‌المبحث الرابع والعشرون: المعاصي من أمر الجاهلية

- ‌المبحث الخامس والعشرون: التفاخر بالأحساب من عبية الجاهلية

- ‌المبحث السادس والعشرون: ما وضعه رسول الله في حجة الوداع من أمور الجاهلية

- ‌المبحث السابع والعشرون: خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا

- ‌المبحث الثامن والعشرون: فضل العلم وقبح الجهل

- ‌المبحث التاسع والعشرون: الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور

- ‌المبحث الثلاثون: كفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

- ‌المبحث الواحد والثلاثون: سمى الله العلم نورا، وسمى الجهل ظلمة

- ‌المبحث الثاني والثلاثون: من أسباب فتنة القبر: الجهل؛ حيث يجيب" بلا أدري

- ‌المبحث الثالث والثلاثون: من نواقض الإسلام: الجهل بدين الله وذلك؛ بالإعراض عنه تعلما وعملا

- ‌المبحث الرابع والثلاثون: الجهل يمنع تحقيق معنى " لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس والثلاثون: هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه

- ‌المبحث السادس والثلاثون: احذروا فتنة العابد الجاهل

- ‌المبحث السابع والثلاثون: الإنسان تعترضه الآفات فيخلف علمه الجهل

- ‌المبحث الثامن والثلاثون: من مسائل الجاهلية الاقتداء بالعالم الفاسق، أو العابد الجاهل

- ‌فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌تقديم

- ‌الفصل الأول: فيما ينبغي للمسلم عمله مع الوافدين

- ‌المقدمة: في فضل العلم والتحذير من الفتيا بغير علم

- ‌المبحث الأول: كثرة الوافدين للمملكة

- ‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

- ‌المبحث الثالث: الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المسلم في دعوته

- ‌المبحث الرابع: النصيحة لمن ذهب إلى بلاد الكفر

- ‌الفصل الثاني: فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف فقه التعامل مع غير المسلمين:

- ‌المبحث الثاني: حكم استقدام غير المسلمين للعمل في جزيرة العرب

- ‌المبحث الرابع: استئجار أهل الذمة وتأجير المسلم نفسه منهم

- ‌المبحث الخامس: حكم تأجير الدور على أهل الذمة

- ‌المبحث السادس: معاملة أهل الذمة في البيع والشراء

- ‌المبحث السابع: طعام أهل الكتاب

- ‌المبحث الثامن: حكم نكاح نساء أهل الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في الأخلاق التي ينبغي أن تكون معهم

- ‌المبحث الأول: معاملة الكفار عند اللقاء وكراهية أن يبدؤوا بالسلام. وكيف يرد عليهم

- ‌المبحث الثاني: معنى السلام

- ‌المبحث الثالث: حكم التحية بغير السلام لغير المسلمين ومخالطتهم والعمل معهم:

- ‌المبحث الرابع: حكم تهنئتهم بالأفراح

- ‌المبحث الخامس: حكم صلة الكفار والإحسان إليهم

- ‌المبحث السادس: عيادة المرضى من غير المسلمين

- ‌المبحث السابع: حكم تعزية غير المسلمين واتباع جنائزهم

- ‌المبحث الثامن: حكم التخاطب بلفظ صديق أو رفيق أو أخ

- ‌الخاتمة:

- ‌مسؤولية الجاني عنعلاج المجني عليه وضمانتعطله عن العمل

- ‌المبحث الأول: مسؤولية الجاني عن علاج المجني عليه فيما سببه الجناية:

- ‌المطلب الأول: إذا أوجبت الجناية قصاصا:

- ‌المطلب الثاني: إذا أوجبت الجناية دية مقدرة:

- ‌المطلب الثالث: إذا أوجبت الجناية حكومة:

- ‌المبحث الثاني: مسؤولية الجاني عن ضمان تعطل المجني عليه عن العمل

- ‌ رأي الحنفية:

- ‌ رأي المالكية:

- ‌ رأي الشافعية والحنابلة

- ‌الفصل الأول: صفات المقرئ والقارئ:

- ‌المبحث الأول: المقرئ آدابه وصفاته

- ‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

- ‌الفصل الثاني: طرق الأخذ والتحمل عند القراء

- ‌المبحث الأول: العرض على الشيخ

- ‌المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ

- ‌المبحث الثالث: الإجازة

- ‌المبحث الرابع: الوجادة

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

ومنهم من حفظ الروايات ولم يعلم معانيها، والاستنباط من لغات العرب ونحوها فلا تؤخذ عنه؛ لأنه ربما يصحف، ومنهم من علم العربية ولا يتبع الأثر والمشايخ في القراءة فلا تنقل عنه الرواية؛ لأنه ربما حسنت له العربية حرفا لم يقرأ به، والرواية متبعة والقراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول، ومنهم من فهم التلاوة وعلم الرواية وأخذ حظا من الدراية من النحو واللغة فتؤخذ عنه الرواية ويقصد للقراءة " (1).

(1) منجد المقرئين: 53.

ص: 343

‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

القارئ: مفرد جمعه قرأة (1).

والقارئ في عرف المتأخرين هو طالب القرآن الراغب في أخذه وتلقيه وهو على قسمين:

أ - قارئ مبتدئ: وهو من شرع في الإفراد إلى أن يفرد ثلاثا من القراءات.

ب - قارئ منته: وهو من نقل من القراءات أكثرها وأشهرها (2). وهذا المصطلح في التفريق بين القارئ والمقرئ هو الذي مشى عليه العلماء المتأخرون.

(1) الصحاح للجوهري: 1/ 65. مادة (ق ر أ).

(2)

منجد المقرئين: 3.

ص: 343

فهذا مكي بن أبي طالب حينما ألف كتابه الرعاية في التجويد قال: لينتفع به المقرئ والقارئ، والمبتدئ والمنتهي (1). والداني في كتابه التحديد بين أن سبب تأليفه له هو ما رآه من إهمال قراء عصره ومقرئي دهره تجويد التلاوة وتحقيق القراءة (2).

وابن الجزري بين في كتابه التمهيد أنه ذكر فيه " علوما جليلة تتعلق بالقرآن العظيم يحتاج القارئ والمقرئ إليها "(3).

فأنت تراهم يفرقون بين القارئ والمقرئ وإن كان المصطلح الشائع عند المتقدمين إطلاق لفظ القارئ على المقرئ المنتهي أيضا، فقد جاء في ترجمة: سعد بن أبي عبيد بن النعمان بن قيس بن عمر بن زيد قتل شهيدا يوم القادسية سنة (16 هـ) كان يسمى بسعد القارئ (4).

(1) الرعاية: 51.

(2)

التحديد: 66.

(3)

التمهيد: 52، 53.

(4)

طبقات ابن سعد: 1/ 358.

ص: 344

ومعاذ بن الحارث أبو الحارث ويقال: أبو حليمة الأنصاري المدني روى عنه نافع وابن سيرين توفي بالحرة سنة (63 هـ) كان يعرف بالقارئ (1).

ويزيد بن القعقاع الإمام أبو جعفر المخزومي أحد القراء العشرة عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش، وعلى عبد الله بن عباس، وأبي هريرة، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم، وسليمان بن جماز، وعيسى بن دردان، مات بالمدينة سنة:(102 وقيل 103 هـ). كان يعرف بأبي جعفر القارئ (2). وغيرهم.

ونحن نتناول في هذا البحث القارئ على مصطلح المتأخرين وهو الذي قسمه ابن الجزري إلى قارئ مبتدئ وآخر منتهي كما تقدم، فهو في مقابلة المقرئ.

وكما اشترط العلماء في المقرئ المتصدر للإقراء شروطا وصفات تقدم بيانها اشترطوا أيضا في القارئ آدابا وصفات يجب أن يتحلى بها منها:

أن يتخير في الأخذ والتلقي أهل الديانة والفهم في القرآن

(1) غاية النهاية 2/ 301.

(2)

غاية النهاية: 2/ 382.

ص: 345

وعلومه، والنفاذ في العربية، ومعرفة التجويد بحكاية ألفاظ القرآن الكريم، وصحة النقل، وسلامة المنقول عنه من أسباب الفسق والبدع وخوارم المروءة.

قال النووي: " ولا يتعلم إلا ممن كملت أهليته، وظهرت ديانته، وتحققت معرفته، واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم "(1).

ويجب عليه أن يخلص النية في تعلمه ويجد ويجتهد في شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل ولا يغتر بخدع التسويف فهذه آفة الطالب، ولا يستنكف عن أحد وجد عنده فائدة (2).

وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام، ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى الانتفاع به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني، وقال الربيع صاحب الشافعي - رحمهما الله -: ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي

(1) التبيان: 37.

(2)

منجد المقرئين: 11.

ص: 346

هيبة له (1).

فإذا دخل على شيخه فليكن كامل الحال متنظفا متطهرا متأدبا وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان، وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخص شيخه دونهم بالتحية.

وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف، ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقدمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين إلا بإذنهما (2).

قال الهذلي: " واعلم أنه يجب على القارئ أن يحسن الأدب مع المقرئ ويتباعد منه في الجلوس، ولا يستقبله بنفسه وينبغي أن لا يتناول من البصل والثوم والكراث إذا جلس لقراءة القرآن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مسجدنا» .

(1) التبيان: 37

(2)

التبيان: 38.

ص: 347

وليجلس على رجليه ولا يقابله بعينيه بل يطأطئ رأسه ويشتغل بما هو بصدده، ولا يرفع صوته عليه ولا يتعنته في السؤال فإن علم أنه يعلم ما يسأله عنه فلا بأس بذلك، ولا يذكرن غيره ممن يعانده بين يديه ولا يذكرن أحدا إلا بخير، ويشتغل بالتعليم والتعلم والتوفير والتفهيم ليضع الله له البركة فيما علم وإن قل ولا يطلبن على شيخه الزلل، وليكن القارئ فطنا والأولى به أن لا يختلف إلى غير من قرأ عليه تبجيلا لا وجوبا ومن لم يعظم أستاذه لم ينتفع بعلمه. روي عن قالون أنه قال: ما علمت أني تناومت بين يدي نافع قط إلا يوما واحدا؛ لأني رأيته كالناعس فظننت أنه لا يسمع ما أقرأ فتناعست فانتهرني فتبت على يديه ولم أعد إلى ذلك.

قال اليزيدي: ولقد صحبت أبا عمرو ثمان عشرة سنة ما أكلت بين يديه لقمة قط (1).

قال النووي: ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته، واعتقاد كماله، ويتأول لأقواله وأفعاله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه، وإذا جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وأنقى لقلب الشيخ.

(1) الكامل لوحة: 6.

ص: 348

وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعلم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا، ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما:" ذللت طالبا فعززت مطلوبا ".

وقد أحسن من قال:

من لم يذق طعم المذلة ساعة

قطع الزمان بأسره مذلولا

(1)

.

ونقل الهذلي عن أبي عبيد قال: اختلفت إلى الحجاج بن محمد أربع سنين وكان أعور فما رفعت عيني قط إليه لأعلم خبر عينيه حتى أخبرني رجل من أصحابنا فقلت له: ومن أعلمك بهذا؟ قال: نظرت إليه، فخفت أن لا يبارك له في علمه (2).

قال ابن الجزري: " وينبغي أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله، وغمه وجوعه وعطشه ونعاسه، وقلقه ونحو ذلك مما يشق على الشيخ أو يمنعه من كمال حضور القلب، وأن يحرص كل الحرص على أن يقرأ على الشيخ أولا فإنه أفود له وأسهل على الشيخ، وإذا أراد القراءة ينبغي له أن يستاك بعود من أراك فإنه أبقى للفصاحة وأنقى للنكهة، وينبغي أن يفرد القراءات كلها فإن أراد الجمع فلا بد من حفظ كتاب جامع في القراءات، وعليه أن

(1) التبيان: 39.

(2)

الكامل: 6.

ص: 349

يحفظ كتابا في الرسم وليعلم حقيقة التجويد ومخارج الحروف وصفاتها وما يتعلق بها علما وعملا (1).

قال النووي: " ومما يجب عليه وتتأكد الوصية به أن لا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله الكريم إياها، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله (2).

وقد ذكر العلماء آدابا كثيرة يجب أن يتصف بها القارئ خاصة وطالب العلم عامة أكتفي بما ذكرته منها فهنيئا لمقرئ القرآن وقارئه بما حباهم ربهم من عالي الجنان، والمغفرة والرضوان، وتثقيل الميزان بالحسنات يوم العرض على الملك الديان.

سئل ذو النون المصري عن حملة القرآن فقال: هم الذين مطرت عليهم سحائب الأشجان، ونصبوا ركبهم والأبدان، وتسربلوا بالخوف والأحزان، وشربوا بكأس اليقين، وراضوا أنفسهم رياضة المتقين، كحلوا أبصارهم بالسهر، وغضوها عن النظر، فقاموا ليلهم أرقا، وتبادرت دموعهم فرقا حتى ضنيت منهم الأبدان، وتغيرت منهم الألوان، صحبوا القرآن بأبدان ناحلة، وشفاه ذابلة، ودموع وابلة، وزفرات قاتلة، فحال بينهم وبين نعيم المتنعمين،

(1) منجد المقرئين: 12.

(2)

التبيان: 41.

ص: 350