الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رشاقة العبارة ولطف الإشارة، توفّي رحمه الله سنة إحدى عشرة وستمائة (408) وقبره مشهور مزار متبرّك به، أمام الإمام اللخمي (409).
ترجمة الشّيخ الولي سيدي جبلة:
ومنهم الشّيخ الصّالح سيدي جبلة المدفون خارج البلد بشاطئ البحر (410) عند الركن الغربي الجنوبي تحت سور القصبة، كان له سبعة أولاد، فقتل شهيدا في واقعة إستيلاء أصحاب لجار (411) في المكان الذي دفن فيه، وقتل جميع أولاده شهداء، وله مقام بداخل صفاقس كان يقرئ به العلم قرب ساباط عريبة (412)، وهو اليوم مكتب يقرئ فيه ذرية معلّم أطفال المسلمين شيخ البركة أبو عبد الله سيدي الحاج محمّد المصمودي - رحمه الله تعالى -.
وللشّيخ سيدي جبلة كرامات عديدة منها أنّ بعضهم خرج ليلا لصيد الجرمان من البرك التي تخلّفها الأمطار، فلمّا قرب من ضريح الشّيخ قال له رفيقه: وجبت علينا زيارة الشّيخ وقراءة فاتحة الكتاب فقال له مستخفّا: اتركنا ما نعرف شيخا رح بنا، فما استتم كلامه إلاّ ولطمه كفّ على وجهه ذهب بصره، فلم يدر أين يذهب، فأخبر صاحبه بما طرأ له وقال: ارجع بنا إلى الشّيخ، فرجع به يقوده، فلمّا دخل جعل يتضرّع ويطلب الإقالة والعفو، فبعد مشقّة ظهر له بعض ضوء، فخرجا ورجعا إلى محلّ الإصطياد، فدخل كلّ / واحد منهما زريبة (413) فرمى المستخفّ بندقية على الجرمان فانكسرت وخرّ عليه سقف الزريبة (413) فأثقله التّراب فلم يستطع الحراك ولا الجواب ولا شعور لصاحبه بما وقع عليه، فلمّا أراد الإنصراف ناداه فلم يجبه، فظنّه رجع إلى البلد، فلم يجده بالبلد فرجع إلى الزريبة (413) فوجده على تلك الحالة بآخر رمق، فاستخرجه هو ومن معه بعد جهد جهيد، وأتوا به إلى ضريح الشّيخ، فتركه (414) به (وخرج إلى أهله يخبرهم،
(408) 1214 - 1215 م.
(409)
أنظر تراجم المؤلّفين التّونسيين 1/ 276.
(410)
هذا في زمانه أمّا الآن فهو بأرض يابسة بعد أن وقع ردم البحر.
(411)
النرماني ملك صقلية.
(412)
اليوم بآخر نهج الدريبة شرقا، سمي في أول هذا القرن سيدي بو علي وصار اليوم منزلا.
(413)
كذا في ب وت، وفي ط وش:«زيبة» .
(414)
في ط: «فتركوه» .
فجاء (415) أهله إليه يستشفعون) (416) ويطلبون الإقالة، فأقاموا به حتّى شفاه الله، فتاب وحسن اعتقاده.
ومنها أنّ رجلا بات يحرس مقثاته من اللصوص، فلمّا أحسّ بمبادئ الفجر اطمأن وأخذته غفوة، فانتبه فظهر له أثر لصوص خرجوا من المقثاة وساروا نحو البلد، فاتبعهم قليلا قليلا (فأتوا البلد)(417) فوجدوا الباب مغلقا فتمادوا سائرين من الباب فتبعهم حتّى وصلوا ضريح الشّيخ وطلع النّهار، فاستوقفهم فوقفوا، ووجد عندهم غرارة على حمارة مملوءة بالقثاء (418) فقال: ما هذا؟ ففرّ منهم إثنان ومسك واحد فطلب منه الإقالة لوجه الله، فأبى إلاّ إدخاله للحاكم ليسجنه ويضربه وينتقم منه، فجعل اللّصّ يتمرّغ (419) في تراب الشّيخ فلم يقله، فسمع صوتا ولم ير شخصا يقول: اتركه لوجه الله ولا تفضحه يكفيه ما أصابه، فلم يلتفت لذلك، فكثرت المراجعة فقال: / آخر الكلام، إمّا أن تتركه لوجه الله وإلاّ عاقبتك، تهتكه في حرمي أما تستحي؟ خذ متاعك واتركه، فالتفت وإذا خيال شخص على باب الضّريح (420) يخاطبه بعنف وغلظة حتّى خشي على نفسه، فتركه خوفا منه، فلمّا نام فإذا بشخص واقف على رأسه وهو يقول: أما تستحي؟ تهتك حرمي والله لولا تركك له لقطعت ظهرك، فطلب من الشّيخ العفو فعفا (421) عنه، فاستيقظ مرعوبا، والقصّارون يقصرون القماش وينشرون بجواره قماشهم، فكثير ما يأتيهم الأعراب على خيولهم يريدون نهبهم، فيصيبهم من البلاء ما يقتل بعضهم، ويذهل بعضهم، ومن سرق شيئا افتضح حتى صار حرما آمنا، ونسوا (422) مرّة شدّادتين (423) من القماش ولم يتفكّروهما حتّى صار الليل وغلقت الأبواب، فأيسوا منهما، فجاء بعض أهل البادية فوجدهما حول الشّيخ، فأخذهما وسار فوقع في خليج البحر قرب الشّيخ،
(415) في بقية الأصول: «وخرج إليه أهله يستشفعون» .
(416)
في الأصول: «أخذه» .
(417)
ساقطة من ش.
(418)
في ب وت: «القثا» ، وفي ط:«القث» .
(419)
في ط: «بتضرع» .
(420)
في ط: «وإذا خيال على بابا الضريح شخص» .
(421)
في ش: «عفى» .
(422)
في ط: «وتنشروا» .
(423)
ج شدّة أو شدادة، مصطلح تجاري وتعني عادة مجموعة من الأصواف (أغطية أو برانيس) مشدودة مع بعضها برباط.