الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بجاهك إنّي مستجير ولائذ
…
على أنّني مولاي (409) لم أقترف ذنبا
ولكن أرى قوما عليّ تغلّبوا
…
وفيّ إلى الباشا عليّ وشوا كذبا
غياثك لي إذ عنك دلّتني الورى
…
وقالوا بملك الغرب لذ تأمن العطبا
فجئت ولا والله غيرك قاصدا
…
تشفّع لي فالنّصر من نحوكم هبّا
ومن نبّهت أصواته عمر نيّم
…
ومن تحمه يوما كليب وقى الرّهبا
فصدّق ظنون الناس فيك فإنهم
…
رأوني فقالوا حصّل الحرم الرّحبا
وفز بثواب الحجّ والمدح والثنا
…
فيا لك من ملك قضى الفرض والندبا
فلا زلت محروس الجناب (410) مملّكا
…
ولا زلت فرّاجا عن الوجل الكربا
وصلّ على طه الشفيع محمد
…
وسلّم وزد مولاي آله والصّحبا
وصورة الكتاب الذي استشفع فيه هذا لفظه: المحبّ الأسمى (411) والأعز الأحمى (412) الأمير على تونس السيد علي باي أرشدك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد فإنّ الأجل الفقيه السّيّد إبراهيم الخرّاط الصفاقسي ورد على مقامنا الكريم قاصدا الإستيجار بجنابنا العليّ بالله تعالى في أن نستشفع لك في ذنب والده وأن لا تؤاخذه عن خطيئة صدرت منه هفوة فأريد منك أن تكون قابلا شفاعتي فيه ولا بدّ، والله تعالى يكون لك بذلك وليّا ونصيرا، وهذا ما نؤكّد عليك به فاجتهد في كمال غرضنا من أجله، والله تعالى يحفظك ويرعاك والسلام (413).
ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الأومي:
ومن أجلّ فضلاء صفاقس وأعيانها شيخنا وأستاذنا وقدوتنا وملاذنا الشيخ الإمام الحاج الأبر العالم العلم العلاّمة الهمام القدوة العمدة المتقن المتفنّن المحقّق المدقّق أبو الحسن سيدي علي (414) الأومي - رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه، وجعل في مقعد صدق مستقرّه ومثواه -.
(409) في ط: «ولم» .
(410)
في ت: «الجنان» .
(411)
في الأصول: «الأسما» .
(412)
في الأصول: «الأحما» .
(413)
وتوفي الشّاعر الشيخ إبراهيم الخرّاط سنة 1251/ 1836 لا سنة 1237 كما في المراجع الشرقية، راجع تراجم المؤلفين التونسيين 2/ 189 - 191.
(414)
علي بن علي بن محمد.
كان رحمه الله إماما في المعقول والمنقول، حاز من علوم الشّريعة الأصول وفروعها، والأحاديث وعلومها، والتفاسير وفنونها، وطرق القراءات والتجويد ووجوهها، والعلوم الأدبية العربية ظاهرها ومكنونها، ومن العلوم الرياضية منطقا وحسابا وهندسة ومساحة وهيئة وميقاتا كنوزها، ومن دقائق الحكمة مفتاح رموزها.
كان - رحمه الله تعالى - تعلّم في صغره القرآن العظيم على شيخ البركة سيدي عبد الله الجمّوسي، فكان يحبّه ويجله كثيرا، ويدني مجلسه منه في صغر سنّه لما تفرّس أو كوشف له من الخير فيه، ثمّ علّمه ما تيسّر تعليمه من النحو والفقه والتوحيد، ثم ارتحل للقيروان فأخذ عن شيخنا أبي محمد سيدي عبد الله السوسي (415) ما تيسّر له / من فقه وحساب وفرائض ومنطق وتوحيد وغير ذلك، ثمّ ارتحل لتونس، ثمّ ارتحل لمصر فلقي الرجال كالشيخ الحفناوي والشيخ البليدي، والشيخ الملوي (416) والشيخ العمروسي (417) شارح مختصر خليل، وشيخنا أبي العباس أحمد الدمنهوري، وشيخنا أبي الحسن علي الصّعيدي (418)، وشيخنا سيدي حسن الجبرتي (419) في آخرين من فضلاء مصر، ثمّ (420) حجّ الفرض، وقدم لصفاقس بعد مقامه بمصر خمس سنين فأتى بعلوم جمّة فبثّها ونفع الله به خلقا كثيرا.
وكان رحمه الله نصوحا، لا يقرئ إلاّ بتحقيق ولا يقرئ مختصر خليل إلاّ بحضور مادّة واسعة كالشّرح الكبير والصّغير للشيخ الخرشي وبالشيخ الأجهوري والشيخ العمروسي (417) والشيخ التتائي وغير ذلك من الشروح، وبحدود إبن عرفة وشرحها للشيخ الرصاع، وهكذا في جميع العلوم لا يقرئها إلاّ بحضور ما يمكن حضوره من المواد. وكان أتى من مصر بخزانة كتب واسعة استعان بها على بثّ العلوم وتحقيقها، وأخذ عنه خلائق
(415) في ش: «السوسي» .
(416)
في بقية الأصول: «الملولي» .
(417)
في الأصول: «العمروصي» ، وهو علي بن خضر المالكي (ت. سنة 1173/ 1760) وله مؤلفات أخرى عدا شرحه لمختصر خليل (الأعلام 4/ 284 - 285).
(418)
علي بن أحمد بن مكتوم الصعيدي العدوى، فقيه مالكي مصري، كان شيخ الشيوخ في عصره (ت. بالقاهرة سنة 1189/ 1775) وله عدة مؤلفات غالبها حواش على شروح كتب فقه مشهورة: الإعلام 4/ 260.
(419)
حسن بن إبراهيم بن حسن الزّيلعي الجبرتي العقيلي الفقيه الحنفي، له علم بالهندسة والفلك، والد المؤرخ عبد الرحمان (ت. بالقاهرة سنة 1188/ 1774) له نحو عشرين رسالة في الفلك والفقه: أنظر الإعلام 2/ 178.
(420)
ودرّس بالأزهر ومدحه بعض تلامذته المصريين وهذا لا نجده في غيره، أنظر تراجم المؤلفين 1/ 78 - 79.
كالشيخ سيدي طيّب الشّرفي، ومن نسب للفضل غيره كشيخنا سيدي محمد الزواري، والشيخ القاضي أبي عبد الله محمد المصمودي، والشيخ أبي الحسن علي ذويب، والشيخ أبي زيد سيدي عبد الرّحمان بكّار، والشيخ أبي إسحاق إبراهيم الخرّاط، والشيخ أبي الحسن علي الغراب.
وكان رحمه الله ذا همّة وعفّة وصيانة، قد سدّ باب الطّمع من جميع الخلق في متاع الدّنيا، وارتفع عن المناصب كلّها، طلبه أهل بلده في تولّي القضاء، فأبى، فكتبوا فيه وثيقة بأنّه هو الأليق بنا، فأبطل جميع ما عملوه / فولّوا الشيخ كمّون - حسبما مرّت الإشارة إليه -.
ولمّا احتمى من القضاء ألزموه بالتّدريس في الجامع الأعظم فأسعفهم وجعلوا له مرتّبا يستعين به من المجابي المخزنية (421) فأبى أن يقبله، فلقيه شيخنا أبو عصيدة (422) وقال: ما لك امتنعت من المرتّب وهو إعانة؟ فقال: هو من المجابي المخزنية وأكثرها ظلم، وكلّ لحم نبت من حرام فالنار أولى به (423)، فباسطه وقال: خذ به فحما واحرقه تحت القدر فقال: هو إستعانة، والإستعانة لا تكون إلاّ بالله وما أذن الله فيه، فجعلوه له من الجزية فرضيه، وكذا جعل له شيء من زكاة الحبوب يقتاته هو وعياله، وكان صابرا على الشّدّة حتّى وسّع الله عليه بالكفاف، وكان مائلا للخمول جدّا ولا يصلّي إماما إلاّ في مسجد مهجور إحتسابا، فسألناه عن ذلك فقال: لإحياء بيت من بيوت الله هجره النّاس لقلّة ما يعود عليهم فيه من الدّنيا، ولا يعرف للأمراء بابا ولو للشّفاعة، لأنّ الزّمان قد فسد، وبطلت عند أهله شفاعة الشّافعين، فوقوف العالم على أبوابهم لا فائدة فيه، فلذا نبذهم ظهريا، وجعلهم نسيا منسيا، والتّحدّث بهم شيئا فريا.
(421) نسبة إلى المخزن وهو في أقطار المغرب معناه الحكومة.
(422)
هو رمضان بو عصيدة وقد مرت ترجمته.
(423)
يشير إلى الحديث الشريف «كل لحم، وفي رواية «كل جسد» ، نبت من سحت فالنار أولى به»، رواه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء 1/ 31 عن أبي بكر الصّديق، والطبراني في الكبير، وفي سند الحديق عبد الله بن واصل، أورده الذهبي في «الضعفاء» وقال: ضعّفه الازدي، وقال البخاري والنسائي متروك، أنظر فيض القدير للمناوي 5/ 17 - 18، ورواه أبو يعلى والبزار والطبراني - في الأوسط:«لا يدخل الجنة جسد غذي بحرام» . ورجال أبي يعلى ثقات وفي بعضهم خلاف وفي الباب عن خديجة وعن إبن عباس، بعض رجال الإسناد لا يخلو من مقال، أنظر:«مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» ، للحافظ نور الدين الهيثمي 10/ 293.
وكان أوّلا قد يتحمّل بعض الشهادات، فلمّا كثر طغيان (424) العامّة في بعض المنتصبين لتحمّل الشهادة أعرض عن ذلك تعفّفا وتكرّما كما فعل ذلك سيدي طيّب الشّرفي رحمه الله.
وكان ممّن سلم المسلمون من لسانه ويده، كثير الإنجماع في بيته، لا يخرج إلاّ لدرس يقرئه أو زيارة الصالحين والأقربين، وطالت مدّته وضعفت بنيته، وقلّ تناوله للغذاء فصار جلدا ملائما لعظم، فما خرج من الدنيا حتى ترك جميع لذّاتها وزهرتها، وتوجّه لله بقلب سليم، معرضا عن الدنيا وأهلها. (قال فيه تلميذه البارع والأسد الضارع أبي الحسن علي الغراب) رحمه الله حيث قال:
[الكامل]
[خذ من فنون العلم (425) كلّ عويص (426)
…
فالعلم يعلي قدر كل رخيص
سيّما البيان فإنه لأجلّها
…
قدرا، وأشرفها على التّخصيص (427)
إذ كان (428) إيضاحا لها وملخّصا
…
مفتاح باب السعد في التّلخيص
ولمشكل التنزيل تبيانا وعن
…
معناه كشّافا لدى التّنقيص
فاشحذ سهام الفكر في تحصيله
…
تكسى من العليا كلّ قميص
وعليه فاحرص (429) لا تملّ فإنّه
…
لم يحوه في الناس غير حريص (430)
واعكف على الكتب (431) التي منه حوت
…
عزّ (432) القواعد سيما (433) التّلخيص
إذ قد حوى لشواهد (434) الفنّ التي
…
عنهنّ يغيب فكر كلّ قنيص،
(424) في الأصول: «طغى» .
(425)
في الأصول: «فن» ، والتصويب من ديوان علي الغراب، الدار التونسية للنشر 1973 ص: 153 اعتمادا على مجمع الدواوين التونسية لمحمد السنوسي.
(426)
في ط وت: «غويض» ، وفي ت:«غوص» .
(427)
في ب: «التحقيص» ، وفي ط:«التمقيص» ، والتصويب من الديوان.
(428)
في الأصول: «يزيدان» .
(429)
في الأصول: «وعليها فافرح» .
(430)
في الأصول: «مريص» والتصويب دائما من نفس المرجع.
(431)
في الأصول: «كتب» .
(432)
في الأصول: «على» .
(433)
في الأصول: «لا سيما» .
(434)
في الأصول: «شواهد» والتّصويب من الدّيوان ص: 54.
إيجازه عن كلّ مختصر غني، (435)
…
وعن المطول عند ذي التّمحيص،
لكن إذا ما كنت آخذه على
…
تاج الأيمة كامل التّخويص (436)
أعني (437) أبا الحسن علي من غدا
…
يعزي إلى الأومي لدى التّخصيص
هو من بمضمار (438) البلاغة قد حوى
…
حلب (439) السباق لدى (440) ذوي التّفريص
أما العلوم فإنه لرميمها (441)
…
أحيا ومنها حلّ كلّ عويص (442)
(وملخص المعنى إذا أبدى الخفا
…
منها يلخّص أيّما تلخيص) (443)
ومتى أراد وصل معنى معرض
…
أفكاره وصلت (444) بلا تربيص
جمع الفضائل كلّها فأكرم (445) به
…
من طود علم نال كلّ قنيص (446)
ما عيب شيء منه إلاّ أنّه،
…
عند السؤال، مشتّت التّنقيص
فذوو الفضائل حين يذكر فضله
…
تكسى من الأرداء (447) كلّ قميص
لا خير فيمن راح ينكر فضله
…
لكنّه من معشر التّنقيص
بيت العفاف منزّه ذو همّة،
…
عليا، وصلب الدّين غير شكيص
لا زال من بحر الجزالة، والهدى
…
خلا لزائره، وعذب قريص (448)
(435) في ب: «معنا» ، وفي ط:«معا» .
(436)
التّخويص: تزيين التاج بصفائح الذّهب.
(437)
في الأصول: «يعني» .
(438)
في الأصول: «من مضمار» .
(439)
في الأصول: «حقب» .
(440)
في الأصول: «من» .
(441)
في الأصول: «لواء ميمها» .
(442)
في الأصول: «حيا ومنها يحل كل غويص» .
(443)
في الأصول: «وملحظ المعنى إذا بدا الخفا فيكون منها أيما تخليص»
(444)
في الأصول: «واصلت» .
(445)
في الأصول: «فكن» .
(446)
في الأصول: «من كود علمه تنال كل قنيص» .
(447)
في الأصول: «الأوراء» والإصلاح من الدّيوان ص: 155.
(448)
في الأصول: «لا زال يرشح من بحر الجمالة والهدى خلاص لذائذه وعذب قريص»
وفي علوم الدّين والدّنيا اقتدى (449)
…
نورا منيرا ساطع التّمحيص (450)
وكفاه (451) في الدّارين ما من شأنه
…
أن يهدى بالعلم كلّ حريص (452)
واختم إلاهي لجمعنا بسعادة
…
من بعد عيش طاب غير نكيص (453)
واجعل شريف العلم نور خدودنا
…
وشفيعنا في غد يوم خصيص (454)
ثمّ الصّلاة على النّبيء محمّد
…
ما غرّدت ورقاء فوق العيص (455)
وممّا أنشده أيضا الشّاعر الأديب البارع الأريب الشّيخ أبو العبّاس أحمد أبو علي الصّفاقسي لمّا ازداد للشّيخ مولود لولده الشّيخ أحمد رحمهم الله هذه القصيدة حيث قال:
[الكامل]
بشراك (456) بالنّجل السّعيد الفاضل
…
ولك الهناء بذي الغلام الكامل
نجم تزايد والسّعود طوالع
…
غرّاء حلّت في أجلّ منازل
سرّ الأحبّة والعدا قد ساءهم
…
بمفاخر كثرت وقدّ عادل
حصّنته بالواحد الحي الذي
…
ما أن يرى عنّا دعاه بغافل
يا أحمد الأومي الّذي قد سرّني
…
خلف له وسما بخير أوائل
إنّي سررت بنجلكم فكأنني
…
خلت الحبيب من السّرور بواصل
فالله يجعله سعيدا مسعدا
…
ويفوز كالجدّ الأصيل الواصل
لله من سلف ومن خلف حوى
…
كلّ المكارم فوق قول القائل
أكرم بمولود الفخار محمّد
…
قد جاء في الشهر المنير الحافل
بالسّعد والأفراح أقبل والرّضى
…
زاد المؤرخ والهناء الشامل] (457)
ومن كراماته رحمه الله ما أخبرني به نجله الشّيخ المدرّس الفقيه النّبيه العدل العمدة أبو الثناء سيدي محمود - أبقاه الله وأعانه على طاعته وتقواه - فقال: إنّ الشّيخ
(449) في الأصول: «وفي علوم الدين والدرس له» .
(450)
في الأصول: «التحميص» .
(451)
في الأصول: «ويكفيه» .
(452)
في الأصول: «يهتم بالذي على العلم حريص» .
(453)
في الأصول: «طارب غير بخيص» .
(454)
في الديوان: «وشفيعنا في يوم حيص بيص» .
(455)
العيص: الشجر الكثير الملتف.
(456)
في الأصول: «بشر لك» .
(457)
ما بين الحاصرتين ساقط من ش، ووقعت إضافته من بقيّة الأصول.
لمّا قلّ تعاطيه الغذاء نادى في حصّة من الليل فلبّيناه فقال: إئتوني الآن باللبن الحليب، ولم يكن الوقت أوان حليب، فاعتذرنا له بأنّ الحصّة قد تمكّنت من جوف الليل، والوقت ليس أوان حليب، فاصبر للصّبح نبحث لك عمّا طلبت، وأمّا الآن فلا ندري أين نذهب، فقال: لا بدّ من حضوره في هذه السّاعة، وألحّ في الطّلب حتى أزعجنا وأقلقنا، ففوّضنا الأمر لله وصبرنا لعدم الحيلة، والصّبر حيلة من لا حيلة له، فإذا بقارع يقرع الباب في جوف الليل فخرجنا فوجدنا بعض الأقارب وقد أهدى لنا شيئا من الحليب وقال: ناولوه للشّيخ، فناولناه إيّاه وشكرنا الله تعالى على هذه النّعمة أن أعطاه الله سؤله.
وذكر من حضر وفاته قال: إنّه عند خروج روحه رحمه الله غشيهم رائحة طيّبة لم يشكّوا فيها ولا طيب مع أحد من الحاضرين، وشاهدته بعد خروج روحه فوجدت جسده جلدا ملائما لعظم ليس فيه من اللحم شيء، وهو علامة على أنّ جسده لا يبلى. لأنّه من العلماء العاملين الذين ورد فيهم أنّ الأرض لا تأكل أجسادهم، وقد قالوا: إنّ الرّجل الصّالح يذهب دمه ولحمه في حياته فيبقى جسده على حاله بعد موته ولا يبلى وإن كان ذا لحم ودم كمن قتل ظلما بقوته ودمه ولحمه فتح الله / في جسده خرقا لطيفا تنصب منه المواد الموجبة للتّعفن حتّى تجفّ موادّه ويبقى جسده على حالة لا تغيّره الأرض.
وخرج من الدّنيا ولم يتبعه من جميع النّاس إلاّ حسن الثّناء، ولم يسمع من أحد تعرّض لجنابه بسوء ولو قلامة ظفر لأنّ الإنسان لا يخلو من ضدّ وحسود، ولكن الله سلّمه من طعن الطّاعنين وذلك مصداق قوله عليه الصلاة والسلام:«ازهد ما في أيدي النّاس يحبّك النّاس، وازهد في الدنيا يحبّك الله» (458) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
توفّي رحمه الله بجمادى الأولى من سنة أربع ومائتين وألف (459).
(458) الحديث الوارد فيه تقديم «أزهد في الدنيا يحبك الله، الخ. . .» ، رواه إبن ماجة في سننه والطبراني في المعجم الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن سهل بن سعد الساعدي، وحسّنه الترمذي وتبعه النووي، وصحّحه الحاكم في المستدرك ورواه خالد بن عمر. قال فيه إبن حبان: خالد يروي عن الثّقات بالموضوعات، وقال إبن عدي: خالد وضع هذا الحديث، وقال العقيلي: لا أصل له، وقال البيهقي عقب إخراجه للحديث: خالد بن عمر ضعيف، أنظر فيض القدير 1/ 481.
(459)
1790 م. لعلي الأومي ترجمة في تراجم المؤلفين التونسيين 1/ 77 / 87 إعتمادا على ثبته المخطوط، والثّبت الذي أجازه به الشيخ عبد الله السوسي.