الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيت الله الحرام، فأذنوا له ففارقهم ولم يعد إليهم بل عاد إلى وطنه من بلاد الروم (25)، ومات هناك عن عمر طويل، قيل مات بعد الستّين والألف (26).
موسى داي:
ولما خرج من بينهم قام مقامه موسى داي فأراد أن ينفرد بالكلمة في الحكم فلم يتم له ذلك، فمكث نحو سنة، فلما رآى إضطراب الأحوال طلب الدّستور في الذّهاب لحجّ بيت الله الحرام، فأذنوا له على شرط عدم العود إليهم، فذهب ولم يرجع.
عثمان داي:
ثمّ تتابع فيهم الرؤساء، وطلب كلّ أحد الإنفراد بالكلمة، فقام من بينهم إثنان أحدهما قاره صفر، والآخر عثمان، وهو أقلّ الدّايات جمعا إلاّ أنّ القدر ساعده، فوقع بينه وبين صفر داي مشاجرة، فذهب كلّ واحد إلى منزله ولبس لامة حربه وأقبل إلى القصبة، فسبق إليها عثمان فجلس في سقيفتها، واجتمع إليه بعض جماعته فلمّا رآى صفر داي مقبلا للقصبة، بعث إليه من ردّه وأمره بالخروج من البلد فخرج إلى الجزائر (27) ومكث بها / دهرا طويلا ولم يعد حتّى فرغت أيام عثمان داي (28) وكان خروجه سنة سبع وألف (29).
وفي أوّل حجّة منها كانت خطرة الجوامر، وهي ثلاث مراكب مالطية حرثوا هناك من النّو وفلت منهم إثنان بقية الخمسة فأخذ الثلاثة غنيمة.
(25) كذا بالمؤنس أيضا، ويقصد بها إلى جزيرة رودس وهي تحت نفوذ تركيا (بلاد الروم).
(26)
في الأصول: «بعد المائة والألف» والتّصويب من الحلل السّندسيّة 3/ 342 والمؤنس 201.
(27)
إنتهى نقله من المؤنس ص: 202.
(28)
رجع إلى تونس في أيّام يوسف داي وعاش لحدود 1050/ 1640 - 1641، ودفن بتونس. المؤنس 202 قال إبن أبي الضّياف في الإتحاف 2/ 28 «وله عقب لهذا العصر» .
(29)
1598 - 1599 م وجاء في الأصول: «سنة أربع عشر وألف» ، والتّصويب من الإتحاف 2/ 28 والمؤنس ص: 202، وذيل البشائر ص:92.
وفي سنة خمس عشرة وألف (30) عركوا جبل وسلات، وكذلك (31) الحملاجي باب عجم.
ولمّا خرج صفر داي انفرد عثمان داي فهابه الرّجال وهربوا لأطراف البلاد خوفا من بطشه وبوادره، فهو أوّل داي إنفرد بالكلمة في سنة سبع وألف (32)، فباشر الولاية بجأش متين وربّما باشر الأمر (33) بنفسه وأحاط البلاد (34) خارجا وداخلا، وربّما سمع بالرجل في الغابة فيخرج بجماعة حتّى يظفر به، وكان أصحاب البساتين قبل تولّيه إذا طابت غلاتهم طلبوا من الدّيوان من يحرسهم خوفا من وارد ولص ينهب غلاّتهم، فيعيّنون لكلّ مكان حفظة (35)، ويجعلون لهم جعلا على حفظهم فأبطل عثمان داي تلك العوايد، وصار يحرسهم بعنايته لخوف العادين والسّرّاق منه، وجعل تلك العادة يأخذها الساقجي (36) من الباعة الّذين يدورون على كلّ واحد فلسان، ولمّا تمّ أمره أرادوا قتله مرارا فلم يتمّ لعدوّه ذلك، ونفى أهل جربة القاطنين بتونس لأنّهم كانوا إذ ذاك تحت حكم طرابلس (37) / فأجلاهم من تونس، وكثرت في أيامه غنائم البحر، وظهر في أيّامه صيت محمد باي إبن حسين (38) باشا، فكان قبطان البحر بغلائطه فأتى بعدة غنائم، فكان عثمان داي إذا جاءته الغنائم طلع لحلق الوادي فيبيع الغنيمة كلّها من التّجّار فيربحون ربحا عظيما، وجاء في أيّامه دالي (39) قبطان من برّ النّصارى وحاصر مراكب حلق
(30) 1606 م.
(31)
في الأصول: «وكان» .
(32)
في الأصول: «سنة سبع عشرة وألف» ، والتّصويب كما أشرنا.
(33)
كذا في ط، وفي ش وت:«الأمير» .
(34)
عاد إلى النّقل من المؤنس.
(35)
في المؤنس: «ساقجيا» ص: 202 والساقجي هو حارس الغابة.
(36)
في الأصول: «السقجي» ، والتّصويب من المؤنس.
(37)
كانت جربة في منتصف القرن السّادس عشر محلّ صراع بين الإسبان والأتراك لأهميتها الإستراتيجية، وعملت كلّ قوة على أخذها، وفي آخر جولة إحتلها درغوث باشا وجيالي باشا في سنة 968/ 1560 إثر معركة شهيرة جالها ضدّ المسيحيين الّذين كان يقودهم نائب الملك بصقلية جان دي لاسردا (Jean de la Cerde) وألحقت إلى إمارة طرابلس التّابعة إذ ذاك للسّلطنة العثمانيّة، وبقيت تابعة لهذه الإمارة إلى ما بعد دخول العثمانيين إلى تونس والحاقها بالسّلطنة العثمانيّة مدّة طويلة، أنظر على سبيل المثال ليبيا لأتوري روسي 188 - 189 والأتراك العثمانيون في شمال إفريقيا لعزيز سامح ص: 55 - 81.
(38)
أنظر خبره في الإتحاف 2/ 29 والمؤنس ص: 204.
(39)
في المؤنس: «دال» .
الوادي، ومنعهم من الخروج فخادعه عثمان داي إلى أن ظفر به وأسره فسجنه بالقصبة إلى أن مات بها.
وفي سنة سبع عشرة وألف (40) قتل عثمان داي محمد باي إبن حسين باشا خوفا من قيامه مقامه، وكان عمره يوم موته ثمانيا وعشرين سنة، وكانت فيه شهامة شديدة ونكاية لعدوّ الدّين - رحمه الله تعالى -.
وفي هذه السّنة والّتي تليها جاء أهل الأندلس حين أخرجهم السبنيور (41) لمّا تقوّوا عليهم، وكانوا أوّلا بالخيار في البقاء والخروج فأوسع لهم عثمان داي في البلاد مع كثرتهم، وفرّق ضعفاءهم على النّاس وأذن لهم أن يعمّروا حيث شاءوا فانتشروا في البلاد وبنوا فيها، واستوطنوا عدّة أماكن فأنشؤوا بلاد سليمان وبلّي ونيانو وقرنبالية وتركي والجديدة وزغوان وطبربة وقريش الواد ومجاز الباب والسلوقية (42) وتستور وبلاد العالية والقلعة وغيرها مما يزيد على عشرين بلدا (43)، فصارت لهم مدن عظيمة / وغرسوا التّين والعنب والزّيتون وأكثروا البساتين ومهّدوا الطرقات (44) للمسافرين بالكرارط (45) وغيرها (46) وصاروا يعدّون من أهل البلاد، وسكن طائفة منهم بتونس، فصاروا من أعيانها، وتخلّق أهل تونس بأخلاقهم.
وبنى عثمان داي قنطرة مجردة على ثنيّة بنزرت سنة سبع عشرة وألف.
وفي سنة ثمان عشرة وألف (47) عركوا بلاد أركو والحملاجي باب عجم، وعركوا مطماطة ثلاثة أيام، والحملاجي درويش الطّويل.
وتوفي عثمان داي - رحمه الله تعالى - يوم سبعة عشر من شوّال من سنة تسع عشرة وألف (48)، ودفن بتربة الشّيخ سيدي أحمد بن عروس رحمه الله.
(40) 1608 - 1609 م.
(41)
الاسبان.
(42)
ساقطة من ش.
(43)
جلّ هذه البلدان كانت موجودة من قبل، وإنّما استوطنوها وعمّروها وكبرت عمّا كانت عليه.
(44)
في ش: «الطرقاة» .
(45)
في المؤنس: «الكراريط» ج كريطة، وفي الإتحاف: عربات مجرورة لها عجلتان من الخشب مصفّحتان بالحديد.
(46)
إنتهى نقله من المؤنس.
(47)
1609 م.
(48)
2 جانفي 1610 م.