الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدا بطلعته والنّاس في كرب
…
وسوء حال من الأحوال منكور
فأصبحت صفحات الكون (498) مشرقة
…
وعاد أكنافها نورا على نور
أكرم به ملكا (499) جلّت مفاخره
…
عن البيان بمنظوم ومنثور
كأنّها ويراع الواصفين لها
…
بحر خميس (500) إلى منقار عصفور
لا زال (501) أحكامه بالعدل جارية
…
بين البريّة حتى نفخة الصّور (502).
سليم خان الثّاني:
وبعد وفاة السّلطان سليمان خان - رحمه الله تعالى - تولّى السّلطان سليم خان الثّاني - رحمه الله تعالى -.
كان مولده المبارك سنة تسع وعشرين وتسعمائة (503) وجلوسه على تخت السلطنة بالقسطنطينية يوم الإثنين لتسع مضين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وتسعمائة (504) ومدّة ملكه تسع (505) سنين وعمره يوم تولي السّلطنة أربع (506) وأربعون سنة وكان - رحمه الله تعالى - مجاهدا في سبيل الله، محبّا للعلم وأهله، وفي دولته
(498) في الإعلام: «الأرض» .
(499)
في الإعلام: «سبحان من ملك» .
(500)
في ش وب: «عميق» ، وفي ط:«عقيق» ، والتّصويب من الإعلام ص:330. والحلل السّندسيّة 2/ 289 وفي العقد المنظوم «مكيس» ولعلّه الأصحّ والأوفق.
(501)
كذا بالأصول والإعلام وفي الحلل: «لا زالت» .
(502)
نقل المؤلف مرثية المفتي أبي السعود في السّلطان سليمان القانوني من الإعلام للنّهروالي ص: 328 - 330، وأورد منها الوزير السّرّاج في الحلل السّندسيّة مقتطفات 2/ 387 - 389 وكذلك علي بن لالا بالي الأديب التركي المستعرب (ت.992/ 1584) في كتابه العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم (أي الترك) ط. بعد الشقائق النعمانية دار الكتاب العربي، بيروت 1395/ 1975 ص: 378 - 380.
(503)
كذا بالأصول والإعلام ص: 355: 1522 - 1523 م، وجاء في تاريخ الدّولة العليّة ص: 253 «كان مولده في 6 رجب سنة 930/ 10 ماي 1524 م» .
(504)
24 أكتوبر 1566، وفي الأصول:«لتسع مضين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وتسعمائة» والتّصويب من الإعلام ص: 355. وجاء في تاريخ الدّولة العليّة أنه وصل إلى القسطنطينيّة في 9 ربيع أوّل سنة 974 هـ / 24 سبتمبر 1566 م.
(505)
في الأصول: «سبع» وهو خطأ إذ بقي سليم الثّاني في السّلطنة حتّى سنة 982 هـ / 1574.
(506)
في الأصول والإعلام: «ستّ» وهو خطأ والتّصويب من مقارنة تاريخ ميلاده وتاريخ تولّيه السّلطنة.
السّعيدة وأيامه الغرّ الحميدة، وقعت فتوحات عديدة عظيمة، فمن أشهرها وأعظمها فتح حلق الوادي بمدينة تونس تخت سلطنة إفريقية بعد إستيلاء الكفرة اللئام عليها، ولنفرد هذا الفتح بباب لأنه المقصود الأعظم.
ومنها فتح جزيرة قبرس بالسين المهملة (507) /. قال في القاموس في باب السّين:
قبرس جزيرة عظيمة للرّوم توفّت بها أمّ حرام (508) بنت ملحان اهـ. وهي (509) من البحر الشامي كبيرة القطر، مقدارها مسيرة ستة عشر يوما، وبها قرى ومزارع وأشجار كثيرة ومواش، وفيها معدن الزّاج القبرسي، ومنها يجلب إلى سائر الأقطار، وبها ثلاث مدن، ومن قبرس إلى طرابلس الشام مجريان في البحر، وبينها وبين ساحل مصر خمسة أيام، ورخاء قبرس شامل وخيراتها كاملة على ممر الأيام، وإنّما سميت بهذا الإسم أخذا من إسم وثن (510) هناك يسمى قابرس (511) كان يعظّمه الكفّار، ويعظّمون لأجله هذه الجزيرة، وأهل قبرس موصوفون بالغناء واليسار، وبها معادن الصفر، ويجمع منها اللاّذن (512) الحسن الرائحة الّذي يغلب العود [في] طيبه إذا جمع من فوق شجره (513) خاصة فيحمل إلى سلطان القسطنطينيّة لأفضليته، وما تساقط منه على وجه الأرض يباع للناس.
وكانت أمّ حرام (514) بنت ملحان الصّحابية - رضي الله تعالى عنها - شهدت غزوة قبرس فتوفّيت بها، فأهل قبرس يتبرّكون بقبرها، ويقولون: هو قبر المرأة الصّالحة، كانت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمعته يقول:«يركب ثبج هذا البحر أناس من أمّتي ملوكا على الأسرّة» ، الدّعاء أن يجعلها منهم، فدعا لها، وهو حديث معروف أخرجه رجال الصّحيح (515).
(507) هكذا كتبها الحموي والحميري وغيرهما.
(508)
كذا في ش وب والإعلام ص: 359 والرّوض المعطار، وفي ط وت:«حزام» .
(509)
النّقل فيما يتعلق بقبرس عن الإعلام للنّهروالي ص: 358 والنّهروالي ناقل عن الرّوض المعطار للحميري، والحميري ناقل عن نزهة المشتاق للإدريسي ص: 453 - 454.
(510)
في الأصول: «دير» والتّصويب من الإعلام ص: 358 والرّوض المعطار ص: 454.
(511)
في الأصول: «قابوس» والتّصويب من نفس المرجعين.
(512)
في الإعلام: «اللاّدن» .
(513)
في الإعلام ص: 359: «الّذي يغلب العود في طيبه وهو الّذي يجمع منه على الشجر خاصة» .
(514)
كذا في ش وب، وفي ط وت:«حزام» .
(515)
أخرجه الشّيخان والإمام مالك في الموطّأ والترمذي وأبو داود والنسائي، وفيه اختلاف قليل في الألفاظ، وهو حديث طويل وله قصّة اقتصر المؤلّف على محلّ الحاجة منه.
وكان معاوية - رضي الله تعالى عنه - غزاها وصالح أهلها على جزية سبعة آلاف دينار فنقضوا عليه، فغزاهم ثانية / فقتل وسبى كثيرا منهم، روي أنّه لما فتحت مدائن قبرس، واشتغل المسلمون بقسم السّبي بينهم (516) بكى أبو الدّرداء - رضي الله تعالى عنه - وتنحّى عنهم ثم احتبى بحمائل سيفه ودموعه على خدّيه فقال له أحد الحاضرين:
أتبكي في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله، وأذلّ الكفر وأهله؟ فضرب على منكبيه وقال:
ويحك ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، فبينما هي قوّة ظاهرة وسطوة قاهرة لهم على النّاس إذا تركوا أمره فصاروا أذلّة وصار حالهم على ما ترى من السّي والإهانة.
وقال أبو عبد الله محمّد بن عبد النّور (517) في كتابه الرّوض المعطار في خبر (518) الأقطار: كان الأوزاعي يقول: إنا نرى هؤلاء أهل قبرس أهل عهد، وإن صلحهم وقع على شيء فيه شرط لهم وشرط عليهم، وإنّه لا يسع أحدا (519) نقضه إلاّ بأمر يعرف به غدرهم (520) ورآى (521) عبد الملك، في حدث أحدثوه، أنّ ذلك نقض لعهدهم فكتب إلى عدّة من الفقهاء يشاورهم في أمرهم منهم اللّيث بن سعد، وسفيان بن عيينة وأبو إسحاق الفزاري، ومحمّد بن الحسن، فاختلفوا عليه، وأجاب كلّ واحد بما ظهر له، قالوا (522) وانتهى خراج أهل قبرس الّذي يؤدّونه إلى المسلمين بعد المائتين من الهجرة إلى أربعة آلاف ألف [وسبعمائة ألف](523) وسبعة وأربعين ألفا (524) اه.
ثم إنّهم (525) هادنوا في الدّولة العثمانية بأداء ما كان مقرّرا عليهم غير أنّهم أخذوا في المكر والخداع وإظهار الطّاعة وإخفاء / الغدر، فيقطعون الطّريق في البحر على المسلمين
(516) كان ذلك إثر غزوة معاوية الثانية لقبرس، أنظر عنه الرّوض المعطار ص:454.
(517)
محمّد بن محمّد بن عبد الله بن عبد المنعم بن عبد النّور الحميري في كتابه «الرّوض المعطار في خبر الأقطار» ويبدو أنّ المؤلّف ينقل ما في الإعلام للنّهروالي ولم يطّلع على كتاب الحميري.
(518)
في الأصول: «أخبار» .
(519)
في الرّوض المعطار والإعلام: «يسعهم» .
(520)
كذا بالأصول والإعلام، وفي الرّوض المعطار:«عذرهم» .
(521)
كذا بالأصول والرّوض المعطار، وفي الإعلام:«روى» .
(522)
ساقطة من ش.
(523)
إضافة من الإعلام والرّوض المعطار.
(524)
إلى هنا ينتهي ما نقله صاحب الإعلام عن الرّوض المعطار، والمؤلّف نقل كلام صاحب الإعلام بتصرف يسير ص: 358 - 359. والكلام عن قبرس نقله عن الإعلام صاحب الحلل السّندسيّة ص: 292 - 293.
(525)
يستمرّ في النّقل من الإعلام بتصرّف ص: 360.
حتّى [إذا](526) أخذوا سفينة من المسلمين قتلوا جميع من كان فيها وغرّقوها في البحر لإخفاء ما فعلوه، ويؤوون قطّاع الطّريق من النّصارى ويساعدونهم على المسلمين إلى أن كثر أذاهم وعمّ ضررهم، فاستفتى السّلطان سليم خان المفتي العلاّمة أبا السّعود العمادي - رحمه الله تعالى - فأفتاه بأنّهم غدروا ونقضوا العهد (527)، وأن قتالهم جائز بسبب ما ارتكبوا من الغدر والخيانة، فجيّش (528) عليهم السّلطان سليم جيشا كثيفا أرسله في البرّ وعمارة في البحر، وجعل سردار الجميع الوزير الأعظم مصطفى باشا اللالا - رحمه الله تعالى - فبرز بعسكر ملأ الأرض برا وبحرا فساروا إلى أن بلغوا جزيرة قبرس، ففرّق الجند على حصونها وقد تحصّن بها الكفّار، وأحكموا خنادقها، وكان من أحكم الحصون المشيّدة بها ثلاثة عامرة، وهي في غاية الإرتفاع مشحونة بالسّلاح والأبطال واللّئام والقوت ومن دونهم خنادق غويطة (529) عريضة محمية بالمدافع الكبار ترمي من يقرب منها، فأحاطت العساكر بتلك القلاع فناوشوهم القتال برمي المدافع العظيمة باللّيل والنهار حتّى حطّمت دورهم وقصورهم، ففتحوا حصنين منها، وبقي الثّالث وهو المسمّى ماغوسا (530)، وفيه سلطانهم محصور، فاضطرّ إلى طلب الأمان، فشرط عليه الوزير إطلاق من عنده من أسارى المسلمين ويحضر بين يديه، فوافق / على ذلك ورضي به، فلمّا قدم (531) الأسارى أخبروا أنه خان بعد إنعقاد الأمان (532)، فقتل جماعة من الأسارى صبرا خفية على المسلمين، فلمّا علم الوزير ذلك طالبه (533) بالحضور بين يديه، فحضر فأهانه غاية الإهانة بسبب ما ارتكبه من الخيانة، وأمر بضرب عنقه، وأخذ أمواله وذخائره، وقتل من أراد وأسّر وأطلق من أراد، فصارت قبرس دار الإسلام، ومن جملة الممالك العثمانية.
(526) إضافة يقتضيها السياق.
(527)
كذا في ط والإعلام، وفي ش وب وت:«العهود» .
(528)
في الإعلام: «فجهز» .
(529)
في ش وت وب: «عويطة» ، وفي ط:«غويصة» وأثبتنا «غويطة» والتّغويط: ابعاد قعر البئر. تاج العروس 5/ 194 وفي الحلل السّندسيّة 2/ 294: «وضاق الخناق بالقلعتين» .
(530)
في الأصول: «ماغور» والتّصويب من الإعلام ص: 362.
(531)
في ش: «قدموا» .
(532)
كذا في ط وت والإعلام، وفي ب وش:«الأمن» .
(533)
في ط والإعلام: «طلبه» .