الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثّالث
في ذكر أمراء تونس من العساكر العثمانية بعد فتح الباشا سنان - رحمه الله تعالى
-
عهد الباشوات:
ولمّا تمّ الفتح المبارك، وسافر الباشا سنان قام الينكشرية (1) بعده فضبطوا ملك تونس، ومهّدوا قواعده ودعموها فتمكّن قدمهم ورسخت، واستمرت البلاد بأيديهم خلفا بعد سلف، وساعدهم القدر فأصلحوا ما فسد من قلعتها وأسوارها وسكنوا، وجعلوا دار الإمارة بها، وهي المعبّر عنها بدار الباشا، وجعلوا دار الدّيوان ليرسم (2) بها عند التّشاور في الأمور، وجعلوا لهم قوانين يتميّزون بها، وأجروا (3) في أوّل أمرهم الأحكام على قانون الجزائر، فجعلوا المتصرّف في البلاد دولاتليا (4)، والمتصرف في دفع المرتّبات والنّظر في الأمور العامّة من السّراحات والإقطاعات وما ينضاف إلى ذلك هو الباشا الوارد من الأعتاب العثمانية (5) فكلّما ذهب باشا خلفه باشا، ولا يكون إلاّ بتوليه من الأعتاب العثمانية، وجعلوا نظر العساكر لآغتهم (6)، وجعلوا ولاة (7) لجمع الجبايات، وسمّوهم
(1) في الأصول: «الينتشرية» .
(2)
ساقطة من ط.
(3)
في الأصول: «وجروا» .
(4)
في ت: «دولتليا» ، وفي ط:«دوليته» .
(5)
بعدها في ش: «وجعلوا» .
(6)
كلمة فارسية ويلفظها الإيرانيون آقا، ولكن القاف تكون بين القاف والغين في اللّفظ وهي تعني السّيّد وقد استعمل الأتراك هذه الكلمة لدلالات كثيرة، منها أنّها كانت تطلق على الضّباط الأميّين وعلى موظّفي الدّولة الأميّين الّذين لا يحتاج عملهم إلى معرفة للقراءة والكتابة مثل المحصلين وأفراد الدرك. وكانت تطلق على بعض الأسر الوجيهة وعلى وجهاء الأكراد بصورة خاصة كما هي الحال إلى اليوم، وهي اللّفظ الوحيد الّذي يستعمله الإيرانيون اليوم كما كانوا من قبل بمعنى «السّيّد». تعليق د. إحسان حقي هامش 1 تاريخ الدّولة العليّة ص:177.
(7)
في ش: «أولاة» .
بايات (8)، ودونوا الدواوين / وخرج الولاة لجباية الأموال على مقتضى تلك الدّواوين، وجعلوا تفرقة ذلك المال الّذي تجبيه البايات على العساكر في دار الباشا على مقتضى مراتب العساكر، فانتشرت الأحكام والأعلام في أقاليم إفريقية، وخطب الخطباء باسم السلاطين العثمانية، وضربت السّكّة باسمهم، وتوجّهت الآمال نحوهم، وانضافت إفريقية إلى السّلطنة العثمانيّة.
واستمرّت عليها ولاياتهم (9)، وتوجّه إليها زعماؤهم، وحكم فيها باشاواتهم، فكانت قطرا من أقطارهم، ودارا من ديارهم، (وجعلوا إصطلاحا على عادة)(10) أهل الجزائر المتحكّم في الدّيوان والعسكر جماعة البلكباشية (11)(فساروا على ذلك زمانا، ثم أظهر (12) البلكباشية) (13) الحيف على إخوانهم من بقيّة العساكر، وساروا في أحكامهم بعنف، فجاروا على بعضهم حتّى أنّ الواحد من البلكباشية (11) إذا كان عنده صبي (14) كانت له حرمة وافرة، فإذا شاء مدّ يده في اليلداش وما عسى من دونه (15)، فأنفت نفوس العسكر من ذلك، وأضمروا (16) لهم الشّرّ، وتعاهد العسكر بينهم على الفتك بهم في يوم معلوم [وهو] يوم جمعة وكان وكيل الخرج في الدّيوان واحدا معلوما منهم إسمه طبّال رجب فساعدهم على ما أرادوه ووعدهم أن لا يحضر ذلك اليوم لتكون بيت السّلاح مغلوقة حتى لا يجدوا سلاحا يدافعون به عن أنفسهم.
فلمّا كان يوم وعدهم واجتمع الدّيوان دخل عليهم / العسكر على حين غفلة، ووضعوا السّيف فيمن وجدوه هنا لك، ولم يمنع (17) إلاّ من لم يحضر ذلك اليوم، وتتّبعوهم في منازلهم فقتلوا من وجدوه حيث كان، ولم ينج إلاّ من فرّ بنفسه، وكانت
(8) وهو برتبة أمير لواء، أنظر الحلل السّندسيّة 2/ 318، وعن هذه التّنظيمات أنظر ذيل بشائر أهل الإيمان ص: 87 - 88.
(9)
في ط وت: «ولايتهم» .
(10)
كذا في ط وت والمؤنس، وفي ش:«وجعلوا عادة على اصطلاح» .
(11)
في ذيل بشائر أهل الإيمان «البلقباشية» (طبعة قديمة). وبولكباشية في الطّبعة المحققة من طرف الطّاهر المعموري، وفي المؤنس:«بلوكباشية» .
(12)
ساقطة من ت، وفي ش:«ظهر في» .
(13)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(14)
في المؤنس ص: 200: «إذا كان عنده صبيان وهم المعبّر عنهم بالعزرية تكون له حرمة وافرة» .
(15)
المؤنس ص: 200.
(16)
كذا في ط والمؤنس، وفي ش:«ظهر» ، وفي ت:«أظهروا» والنّقل الموالي من المؤنس بتصرّف يسير.
(17)
يقصد «ولم ينج» .