الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطرابلسي قضاء الحنفية، وقاضي القضاة الدّميري قضاء المالكية، وشهاب الدّين أحمد ابن النجار قضاء الحنابلة، لأن هذه الأربعة رؤساء المذاهب الأربعة، فكل رئيس مذهب الذي جعل قاضيا فيه، وولّى ملك الأمراء خير بك / على مصر، وولى جان بردي الغزالي (399) على الشّام، ومهّد الأمور، وسار إلى إسكندرية [وعاد إلى مصر ثم إلى تخت مملكته](400) راجعا إلى القسطنطينية يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة (401)، وأخذ معه كثيرا من أعيان مصر سركنا إلى القسطنطينية، ولم يتيسر له العود إلى العراق وبلاد العجم لمقاتلة القزلباش كما أضمر في نفسه لظهور جراحات فيه إتّصلت بموته في سنة ست وعشرين وتسعمائة (402)، - رحمه الله تعالى - (403).
السّلطان سليمان خان الأوّل القانوني:
فتولّى بعده ولده السّلطان سليمان خان (404) في التّاريخ المذكور، ومولده سنة تسعمائة (405)، وتولّى وسنّه (406) ست وعشرون سنة [واستمر في السلطنة تسعا وأربعين سنة وكان](407) عمره أربعا وسبعين سنة وشهرين، وهو سلطان غاز (408) في سبيل الله، مجاهد في إعلاء كلمة الله، كان رحمه الله مؤيدا في حروبه ومغازيه، أين سلك ملك، وصلت سراياه مشارق الأرض ومغاربها، فافتتح البلاد الشاسعة والأقطار الواسعة بالقهر
(399) كذا في ط والإعلام ص: 282، وفي ش وب:«جاو بردى بك الغزالي» .
(400)
إضافة من الإعلام للدقة.
(401)
13 سبتمبر 1517 م.
(402)
9 شوال / 22 سبتمبر 1520 في السّنة التّاسعة من حكمه والحادية والخمسين من عمره إذ كانت ولادته في سنة 875، تاريخ الدولة العلية ص:197.
(403)
عن فتح السّلطان سليم للشام ومصر أنظر: الإعلام للنّهروالي ص: 277 - 283 ونقل المؤلف ما فيه مع تصرف قليل بالحذف وزيادة فيما يتصل بأمر الشيخ محي الدّين بن العربي.
(404)
سليمان خان الأول الملقّب بالقانوني وهو عاشر سلاطين آل عثمان.
(405)
في غرة شعبان / 27 أفريل 1495 م.
(406)
النقل من الإعلام ص: 291 بتصرف.
(407)
إضافة من الإعلام ليستقيم المعنى.
(408)
في الأصول: «غازي» .
والحجّة والسّيف، وأقام السّنّة وأحيى الملّة، ورفع شعائر الشريعة وأعلى منارها، وأحيى ما اندرس من آثارها، فكان من المجددين لهذه الأمة دينها في القرن العاشر لكثرة علمه وعمله وأدبه وفضله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
وفي أيّامه السعيدة عمل له العلامة مولانا أبو السعود (409) تفسيره المشهور وغزا - رحمه الله تعالى - بنفسه ثلاث عشرة غزوة (410) منها ثلاث غزوات (411) لقتال قزلباش لإطفاء نار البدعة، والعشرة الباقية لإطفاء نار الكفر / واستقصاء تفاصيل جميعها يحوّج إلى الدّواوين الكبار، وقد قام بذلك أهله وهو غير مناسب لهذه العجالة، وليس غرضنا من ذكر هذه النّبذة إلاّ تزيين كتابنا بذكر شيء من مآثر هذه السّلالة الكريمة، فإن مغازي آل عثمان صارت طرازا للكتب من هذا الشأن، كما أن سيرة (412) المصطفى صلى الله عليه وسلم ومغازيه وسيرة أصحابه ومغازيهم أصل وعماد لهذا الدين في كل عصر وأوان.
فعلينا بالإشارة إلى بعض مآثر هذا السّلطان رحمه الله ونفعنا به -.
فنقول: كان رحمه الله ورضي عنه - كأسلافه الطّيّبين محبّا للجهاد في سبيل الله، باذلا نفسه وخزائن أمواله لإعلاء كلمة الله، بحيث لم ترفع راية في زمانه للإسلام على رأس أحد من السّلاطين العظام مثله، ولم يكن أكثر جهادا ونصرة للدّين، وأكمل عدّة وآلة لقطع دابر المشركين، وأكثر جيوشا وأعوانا، وأغزر رجالا وفرسانا، وأعدى للإفرنج (413) الملاعين، وأقمع لأهل البغي والبدعة والكفرة الملحدين، وأشدّ عضدا وأشدّ نصرا لأهل السّنّة والدّين منه - رحمه الله تعالى - فهو سليمان زمانه وفريد عصره وأوانه، فكم دوّخ بلاد الكفر واجتاحها، وجاس خلال مغانيها ورباعها، وافتتح صياصيها وقلاعها، وأخرب معاهد الأصنام، وبنى مساجد للإسلام.
ولمّا تعسّر ضبط فتوحاته علينا لكثرتها إخترنا بعضا منها له تعلق / بغرضنا، فمن ذلك غزوة رودس، وهي جزيرة في وسط البحر الشامي ما بين مصر والقسطنطينينة (414) إبتنى
(409) أبو السعود هو محمد بن مصطفى العمادي (ت.981/ 1573 - 1574) عالم تركي مستعرب، أديب له شعر جيّد بالعربية، وتفسيره اسمه إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، مطبوع، له ترجمة في الإعلام.
(410)
في ش: «غزاة» .
(411)
في الأصول: «غزاوة» .
(412)
في ش وط: «مسيرة» .
(413)
في الأصول: «اعداء على الإفرنج» .
(414)
لتكون حلقة إتصال بينهما من جهة البحر ولكي لا تكون للمسيحيين مركزا حصينا في وسط بلاده تلجأ إليه عمارات الدّول المعادية للدّولة وقت الحرب: تاريخ الدولة العلية ص: 203.
بها الكفّار حصنا حصينا في غاية الإحكام (415) ذا (416) أسوار وخنادق متعددة (417) يتلو بعض تلك الأسوار بعضا، إتخذها الكفّار مكمنا (418) لأخذ المسلمين، فإنهم ينظرون من أعلى (419) قلعتها إلى السّفن الّتي تمر في البحر (420)، فإن علموها مشحونة بعساكر المسلمين (تهيؤوا للتحصين، وإن علموها بتجارة المسلمين)(421) أخذوها قهرا، فاتخذ النّصارى هذا الحصن لهم متعبدا يجهّزون أموالهم إليه لتصرف في بنائه وإتقانه واتخاذ آلات الحرب ومراكبه وغير ذلك، وجعلوا أسواره مفتّحة الطيقان من أعلاها إلى أسفلها من جميع الجهات، ووضعوا فيها مدافع كبيرة كثيرة ترمي على من يقصدها من خارج فتصيبه من أي جهة من الجهات (422)، ولهذا الحصن أبواب (423) من حديد وسلسلة عظيمة على فم مرساة تمنع المراكب من الوصول إلى الأبواب (423)، وهيؤوا أغربة مشحونة بالسّلاح والمدافع الكبيرة، فإذا أحسّوا بسفينة في البحر من الحجّاج أو التّجّار (424) أخرجوا إليها تلك الأغربة وأخذوها ونهبوا ما فيها من الأموال وأسّروا المسلمين، فيقطعون على المسلمين الطّريق على هذا الأسلوب، ويجمعون الأموال ويصرفونها على مقاتلتهم، فكان هذا دأبهم، وعجزت ملوك الإسلام عن دفع ضررهم، وعمّ أذاهم المسلمين، فتجهز السّلطان سليمان / - رحمه الله تعالى - بعسكره المنصور إلى أخذ هذه الجزيرة (425)، وكان
(415) في الإعلام ص: 310: «الاستحكام» .
(416)
في الأصول: «ذو» .
(417)
في ط: «وخنادق ومنطردة» ، وفي ب:«وخنادق منظورة» .
(418)
في ش: «ممكنا» وهو تحريف.
(419)
في الأصول: «في أعلى» .
(420)
في الإعلام: «تمرّ في البحر من مسافة بعيدة» .
(421)
ما بين القوسين ساقط من ط وب.
(422)
في ش: «الجهاة» .
(423)
في الإعلام: «باب» .
(424)
في الأصول: «والتجار» .
(425)
وملوك أوربا لم يكونوا بحالة تسمح لهم مساعدة الرّهبنة المحتلة للجزيرة، فكان ملك فرنسا فرنسوا الأول وشارل الخامس الشهير بشرلكان ملك إسبانيا وألمانيا معا مشتغلين بمحاربة بعضهما والبابا لاون العاشر Leon X مشتغلا بمجادلة ومقاومة الرّاهب الألماني لوثر Luther مؤسس مذهب البروتستانت، وبلاد المجر مضطربة في الدّاخل بسبب عدم إتفاق أمرائها وأعيانها وصغر من ملكها لويس الثّاني، كلّ هذه الأسباب حملت السّلطان على إنتهاز هذه الفرصة لفتح هذا الحصن المنيع، تاريخ الدولة العلية ص: 203 - 205.
سفره المبارك إليها لعشرين من رجب سنة ثمان وعشرين وتسعمائة (426)، وكان وصوله إلى رودس ونزوله عليها في شهر رمضان من السّنة المذكورة، فأحاطوا بها برّا وبحرا، ولم يمكن من في (427) البرّ أن يقرب من سور حصارها للخندق العظيم المحيط به مع صونه بالمدافع العظيمة، ولم يمكن من في البحر القرب والدّخول للمرسى (428) للسلسلة الممدودة من الحديد في البحر وللرمي على من يقربها بالمدافع الكبار، فكانوا يصيبون المسلمين بالمدافع ولا تصيبهم مدافع المسلمين، وإن وصل منها شيء لم ينفذ من السّور لمتانته وعلوه، فتأخّرت عساكر البرّ قليلا وأمروا بسوق التراب فساقوه حتى صار أمثال (429) الجبال فتمترسوا به، وصاروا يقدّمون تلك المتاريس قليلا قليلا إلى أن وصل التّراب إلى الخندق فألقوه فيه فامتلأ وقرب من جدار الحصن (430) وارتفع عليه، وصار الكفّار الفجّار تحت المسلمين يصابون ولا يصيبون على الضّدّ ممّا كان حالهم قبل، فرمى المسلمون عليهم بالنّار إلى أن عجزوا ووهنوا وتحققوا أنهم مأخوذون، فطلبوا من السّلطان سليمان الأمان وسلّموا له البلاد على شرط أن يخرجوا نساءهم وأولادهم وأموالهم ويتوجّهوا حيث شاؤوا ولا يتعرض لهم أحد من الجند، فأجابهم السّلطان إلى ذلك بعد أن نهاه الوزراء عن أمانهم لسقوط (431) قوة الكفر وإنهم إذا نجوا بهذه / الخزائن أمكنهم التقوي بها وجمع عساكر من النصارى أعداء الدّين، فيعودون لأذيّة المسلمين، فلم يصغ السّلطان إلى منعهم فأعطاهم الأمان، فخرجوا بجميع أموالهم وأهليهم وما يعز عليهم وتوجّهوا للمغرب، وعمّروا جزيرة مالطة - دمّرها الله تعالى - فعادوا لأذيّة المسلمين فقطعوا الطّريق كما كانوا يصنعون برودس (432)، فندم السّلطان سليمان على إعطائهم الأمان، وأرسل إليهم عمارة عظيمة وعساكر كثيرة (433) لأخذهم واستئصالهم آخر عمره لنظر
(426) 16 جوان 1522 م.
(427)
في الأصول: «فم» والتصويب من الإعلام ص: 311.
(428)
في الأصول: «المرسا» .
(429)
كذا في ش والإعلام وفي ط وب: «مثل» .
(430)
في الإعلام: «الحصار» .
(431)
في الإعلام: «فإنهم لم يبق لهم منعة ولا قوة» ص: 311.
(432)
هم فرسان مالطة المتسمّون أيضا بفرسان القدّيس يوحنّا الأورشليمي تاذّت منهم شواطئ البلاد التّونسيّة لقربها منهم وبالخصوص صفاقس، واستمرّت جزيرة مالطة وكرا لهذه المؤسسة الرّهبانية إلى أن احتلّها نابليون بونبارت سنة 1213/ 1798 عند مسيره لفتح مصر.
(433)
في ط وب: «عظيمة» .
مصطفى باشا الوزير، فوقع بينه وبين القبودان (434) مخالفة أدت إلى منازعة فأفشلوا (435) كما توعّد الله على ذلك {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (436) فرجعوا بغير طائل لأمر أراده الله.
فالنّاس إلى الآن في مدافعة ضررهم ومقاساة أهوالهم وخصوصا أهل صفاقس فإنهم معهم في محاربة شديدة والأخذ والقتل من الجانبين لما أن الحرب سجال، ولعلّ في ذلك خير وخيرة لأن ممارسة حرب العدوّ يورث شهامة ونشاطا بخلاف النشوء على المسالمة والعافية فإنه يوجب خورا في الطّبع وجبنا في النّفس وفشلا عند ملاقاة (437) العدوّ وعجزا ويختار الله لعبده ما لا يختاره لنفسه، وفيه أعظم الفوائد وهي ملازمة الغزو والجهاد والرّباط والرجوع بإحدى الغنيمتين: مال أو شهادة، والأجر حاصل / على كلّ حال.
وكان فتح رودس لستّ مضين من شهر صفر الخير سنة تسع وعشرين وتسعمائة (438)، وأرخوا بذلك بقوله علت كلمته {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ} (439).
وفتح أيضا عدة قلاع في ذلك العام منها استان كوى (440) وقلعة بودرم (441) وقلعة أودوس (442) وغير ذلك من القلاع.
ومن غزواته المشهورة غزوة أولونية (443) المعروفة بكورفس (444) من أتباع إسبانيا (445)، توجه إليها في البرّ بركابه العالي وأرسل لطفي باشا في البحر والقبودان (446) خير
(434) القبودان أو القبطان محرّفة عن كلمة كابيتان الفرنسية Capitaine الّتي معناها قائد السفينة إذا جاءت لأمور تتعلق بالبحر. هامش 1 ص: 227 من تاريخ الدولة العلية.
(435)
في الإعلام: «أدّت إلى انكسار المسلمين» وهنا ينتهي - فيما يتعلق بفتح رودس - نقله من الإعلام.
(436)
سورة الأنفال: 46.
(437)
في الأصول: «ملاقات» .
(438)
25 ديسمبر 1522. المؤلّف نقل بتصرف ما يتعلّق بفتح رودس من الإعلام للنّهروالي ص: 301 - 316. وأنظر تاريخ الدّولة العليّة ص: 203 - 206. تاريخ الشّعوب الإسلاميّة 3/ 66.
(439)
سورة الرّوم: 4 - 5.
(440)
في الأصول: «اسنان كومي» والتّصويب من الإعلام ص: 312.
(441)
في الأصول: «بدرم» والتّصويب من الإعلام.
(442)
في الأصول: «ايروس» والتّصويب من الإعلام.
(443)
في الأصول: «قولونية» والتّصويب من الإعلام ص: 318 والحلل السّندسيّة 2/ 286.
(444)
في ط وب: «كورفسيد» ، وفي ش:«كورفيس» والتّصويب من الإعلام.
(445)
في الأصول: «سبانيا» .
(446)
في الأصول: «القبدان» .
الدّين باشا (447) بنحو خمسمائة غراب مشحونة بعساكر البحر إلى أن نزل بمخيمه المنصور على أولونية (443) في سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة (448) واستباحها أسرا ونهبا، وافتتح من حصون ذلك البحر أربعة وثلاثون حصنا حصينا هدمت إلى الأساس وقتل من فيها، وغنم المسلمون من الكفّار ما لا يحصى من الأموال والسّبي.
وآخر غزواته الكبار رحمه الله ورضي عنه - غزوة سكتوار (449)، وكان ذلك عند ما أصابه مرض النقرس فتألم به أشدّ الألم وهو يظهر الجلد والقوة ارهابا للعدوّ، فمنعه حكيمه من السفر فأبى وقال: أريد أن أموت غازيا في سبيل الله، فبرز بجيوشه المنصورة سنة أربع وسبعين وتسعمائة (450)، فنزل على قلعة سكتوار (449)، وهي من أعظم قلاع الكفار فأحاط عساكره بها، وكانت في غاية من الحصانة، واسعة شاسعة مكينة راسخة مشحونة بالآلات الحربية، وشجعان الكفّار وأبطالها / فضايقهم المسلمون فبرز الكفار للقتال، فاشتدّ النزال، ووقع في الكفرة الزلزال، فقبل الإنفصال إشتدّ بالسّلطان رحمه الله مرضه، وغمرته غمرات (451) الوفاة، وهو مع ذلك - رضي الله تعالى عنه - يلهج إلى الله القريب المجيب بطلب الفتح القريب، فاستجاب الله دعاءه فأضرمت النّار في خزانة بارود الكفّار المخزونة بالقلعة، وكانت موفورة عندهم مهيّأة لقتال المسلمين، فأصابها شرر من النّار إجابة لدعاء ذلك الرّوح المقدس، فأخذت جانبا كبيرا من القلعة فرفعته إلى عنان السّماء، وزلزلت الأرض زلزالها إلى تخوم الأرض السّفلى، وتطاير جلاميد صخور الحصن، ورمت النّار بشرر كالقصر من جدران ذلك الحصن، والتهبت النّار وتزايد الدخان حتّى امتلأ الفضاء فضعفت طائفة الكفر وعذّبهم الله بنار الدّنيا {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى} (452) فتزاحم الشجعان بآلات الحرب مع صدق النّيّة والإعتماد والتّوكّل على الله تعالى، وطبول الحرب ونيرانه تضرب، وتحاملوا على الكفّار حملة رجل واحد، وتعلّقوا بأطرف القلعة، وهجموا عليها من فوق الأسوار، واستشهد
(447) هو خير الدّين بار بروس صاحب الآثار في تاريخ الجزائر بحمايتها من الإسبان واشتهر بمعاركه البحريّة على شواطئ إسبانيا وإيطاليا.
(448)
1536 - 1537 م.
(449)
في الأصول: «سكتوان» ، والتصويب من الإعلام ص: 324، ويقال سكدوار مدينة ببلاد المجر تسمى زيجت (Szeged) في الجنوب على الحدود اليكوسلافية؛ تاريخ الدولة العلية هامش 3 ص:250.
(450)
1566 - 1567 م.
(451)
في الأصول: «غمزاة» .
(452)
سورة طه: 127.
من سبقت له من الله العناية، وفتح القلعة من نصره الله من المسلمين، ورفعت الرّاية السّليمانية على أعلى مكان من القلعة، ووقع السّيف في الكفّار، فقتل منهم من قتل، وأسّر من بقي، وعند وصول خبر الفتح للسّلطان / فرح، وحمد الله على هذه النّعمة العظيمة، وقال: الآن طاب الموت، فهنيئا لهذا السّعيد بهذه السّعادة الأبديّة، وطوبى لهذه النّفس الرّاضية المرضية، (من الّذين)(453){رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (454).
ولمّا انتقل لدار السعادة، والحسنى وزيادة، أخفى حضرة الوزير الأعظم محمد باشا - رحمه الله تعالى - وفاة السّلطان رحمه الله وخرج من عنده وفرق الجوائز السنية والإنعامات، وأعطى الأمراء والأتابكية (455) الترقيات (456) عملا بمقتضى السياسة السّلطانية عند الفتوحات، وأمر بإرسال البشائر إلى سائر الأقطار والجهات، وأرسل سرّا يستدعي السّلطان سليم خان ولد السّلطان سليمان خان المرحوم واستعجله في سرعة القدوم عليه، وكتم ذلك عن جميع الناس الخاص والعام، فأحسن تدبير السّياسة بذلك لأنهم لم يزالوا بديار الكفر بعيدين من ديار الإسلام، فوصل ركاب السّلطان سليم خان فأمر العساكر بالرجوع إلى أوطانها، وحمل السّلطان سليمان معه وعاد بأركان دولته وعساكر بابه العالي إلى القسطنطينية، فخرج إلى إستقباله جميع العلماء والولاة وسائر الناس من خاص وعام، فصلوا على المرحوم السّلطان سليمان، وأمّ (457) النّاس المفتي الأعظم عالم زمانه وعلامة أوانه مولانا أبو السّعود أفندي المفسّر - رحمه الله تعالى - ودفنوه في تربة أعدّها لنفسه في قائم حياته، ورثاه الشّعراء بكل لسان بقصائد سارت بها الرّكبان / أعظمها قصيدة المفتي المشار إليه وهي طويلة فلنذكر بعضها تبرّكا بالقائل والمقول فيه، وهي من البسيط مبدؤها:
[البسيط]
أصوت صاعقة أم نفخة الصّور
…
فالأرض قد ملئت من نقر ناقور
أصاب منها الورى دهياء (458) داهية
…
وذاق منها البرايا صعقة الطّور (459)
(453) ما بين القوسين ساقط من ط.
(454)
مستوحاة من الآية 8 سورة البينة.
(455)
في الإعلام: «والبكلاربكية» ص: 327.
(456)
في الأصول: «الطارقاة» والتصويب من الإعلام.
(457)
في الأصول: «أمر» .
(458)
في الأصول: «دهماء» والتّصويب من الإعلام ص: 328.
(459)
في الأصول: «الصور» .
تهدّمت بقعة الدّنيا لوقعتها
…
وانهدّ ما كان من سور ومن دور (460)
أمسى معالمها تيماء مقفرة
…
ما في المنازل من دار وديّور
تصدّعت قلل الأطواد وارتعدت
…
كأنّها قلب مرعوب ومذعور
واغبرّ ناصية الخضراء وانكدرت
…
وكاد أن تمتليء (461) الغبراء (462) بالمور
فمن كئيب وملهوف ومن دنف (463)
…
عان بسلسلة الأحزان مأسور
فيا له من حديث موحش نكد
…
يعافه السّمع مكروه ومنفور (464)
تاهت عقول الورى من هول وحشته
…
فأصبحوا مثل مسجون (465) ومسحور
تقطّعت قطعا منه (466) القلوب فلا
…
يكاد يوجد قلب غير مكسور
أجفانهم (467) سفن مشحونة بدم
…
تجري ببحر من العبرات مسجور
أتى بوجه نهار لا ضياء له
…
كأنّها غارة شنّت (468) بديجور
أم ذاك نعي سليمان الزّمان ومن
…
مضت (469) أوامره في كلّ مأمور
ومن ملا جملة الدّنيا مهابته
…
وسخّرت كل جبّار وتيهور (470)
مدار سلطنة الدنيا ومركزها
…
خليفة الله في الآفاق مذكور
معلي معالم دين الله (471) مظهرها
…
في العالمين بسعي منه مشكور (472)
وحسن رأي إلى الخيرات منصرف
…
وصدق عزم على الألطاف مقصور
(460) في الإعلام والحلل السّندسيّة ص: 287: «وانهدّ ما كان من دور ومن سور» .
(461)
في الأصول: «أن تملي» .
(462)
في الأصول: «الفقراء» والتّصويب من الإعلام.
(463)
في الأصول: «ومزدنف» والتّصويب من الإعلام.
(464)
في الأصول: «مكفور» .
(465)
في الإعلام: «مجنون» .
(466)
كذا في ط وب والإعلام، وفي ش:«منها» .
(467)
في ش وب وت: «أجسادهم» ، وفي ط:«أجسامهم» والتّصويب من الإعلام.
(468)
في الأصول: «شيبت» .
(469)
في الأصول والإعلام ص: 329: «قضت» والتّصويب من الحلل السّندسيّة 2/ 287.
(470)
كذا بالأصول والإعلام، وفي الحلل السّندسيّة:«تيمور» ، وتيهور: الرجل التائه المتكبر، تاج العروس 3/ 70.
(471)
في الأصول: «معالم الدّين» والمثبت من الإعلام.
(472)
هذا البيت ساقط من ط.
بآية (473) العدل والاحسان ممتثل
…
بغاية القسط (474) والإنصاف موفور
مجاهد في سبيل الله مجتهد
…
مؤيّد من جناب (475) القسط منصور /
بلهذميّ (476) إلى الأعداء منعطف
…
ومشرفيّ (477) على الكفّار مشهور
وراية رفعت للمجد خافقة
…
تحوي على علم بالنصر منشور
وعسكر ملأ الآفاق محتشد
…
من كلّ قطر من الأقطار محشور
له وقائع في الأعداء (478) شائعة
…
أخبارها زبرت (479) في كل طامور (480)
يا نفس ما لك في الدّنيا مخلّفة
…
من بعد رحلته عن هذه الدّور
وكيف تمشين فوق الأرض غافلة (481)
…
أليس جثمانه فيها بمقبور (482)
فللمنايا مواقيت مقدّرة
…
تاتي على قدر في اللّوح مسطور
وليس في شأنها للنّاس من أثر
…
ومدخل ما بتقديم وتأخير
يا نفس فاتّئدي لا تهلكي أسفا
…
فأنت منظومة في سلك معذور (483)
إذ لست مأمورة بالمستحيل ولا
…
بما ينوى بمجذول ومسرور (484)
(473) في الأصول: «لآية» والتّصويب من الإعلام.
(474)
في ش: «القطط» .
(475)
في الأصول: «جنان» والتّصويب من الإعلام ص: 329.
(476)
في الأصول: «لهذمي» والتّصويب من الإعلام. واللهذم أي القاطع من الأسنة، يقال سنان لهذم وكذلك سيف لهذم. انظر تاج العروس 9/ 69.
(477)
في الأصول: «مرتضى» والتّصويب من الإعلام. يقال سيف مشرفي، قال كثير: فما تركوها عفوة عن مودة ولكن بحد المشرفي استقالها. أنظر تاج العروس 6/ 154.
(478)
في الأصول: «مع الأعداء» ، وفي الإعلام:«في الأكناف» .
(479)
في الأصول: «زبدت» والتّصويب من الإعلام والحلل السّندسيّة.
(480)
في الأصول: «مسطور» والتّصويب من الإعلام والحلل السّندسيّة. والطامور والطومار ج طوامير أي الصّحيفة. أنظر تاج العروس 3/ 360.
(481)
في الأصول: «حافلة» والتّصويب من الإعلام.
(482)
بعدها في الإعلام بيت ساقط من كل الأصول: حقّ على كلّ نفس أن تموت أسا لكنّ ذلك أمر غير مقدور.
(483)
في الأصول: «مغرور» والتّصويب من الإعلام ص: 330.
(484)
في الإعلام: «بما سوى بذل مجهود وميسور» .
ولا تظنّنّه (485) قد مات بل هو ذا (486)
…
حيّ بنصّ من القرآن مزبور (487)
له نعيم وأرزاق مقدّرة
…
تجرى عليه بوجه غير مشعور
إنّ المنايا (488) وإن عمّت محرّمة
…
على شهيد جميل الحال مبرور
مرابط في سبيل الله مقتحم
…
معارك الحتف بالرّضوان مأجور
ما مات بل نال عيشا باقيا أبدا
…
عن عيش فان بكلّ الشّرّ (489) مغمور
(إبتاع سلطنة العقبى بسلطنة
…
الدّنيا) (490) فأعظم بربح غير محصور (491)
بل حاز كلتيهما إذ حلّ منزله
…
من لم يغايره في أمر ومأمور
أمّا (492) ترى ملكه المحمي آل إلى
…
سرّ سرىّ له في الدّهر مشهور
وليّ سلطنة الآفاق مالكها
…
برّا وبحرا بعين اللّطف منظور
ظلّ الإلاه ملاذ الخلق قاطبة
…
وملتجى كلّ مشهور ومدهور (493)
فإنّه عينه في كلّ مأثرة
…
وكلّ أمر عظيم الشّأن (494) مأثور /
ولا إمتياز ولا فرقان بينهما
…
وهل يميّز بين الشّمس والنّور
سميدع (495) ماجد زادت مهابته
…
تخت الخلافة في عزّ وتيقور (496)
جدّ (497) الجديدان في أيام دولته
…
صارا كأنّهما مسك بكافور
أضحى بقبضته الدّنيا برّمتها
…
ما كان من مجهل منها ومعمور
(485) في الأصول: «تظنه» .
(486)
في الأصول: «قل» .
(487)
مشيرا بذلك لقوله تعالى «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» .
(488)
في الأصول: «المماة» والتّصويب من الإعلام.
(489)
في الأصول: «العيش» والتّصويب من الإعلام ص: 330 والحلل السّندسية 2/ 288.
(490)
في الأصول: «سلطنة الدنيا بسلطنة الأخرى» .
(491)
في الأصول: «محسور» .
(492)
كذا في الإعلام والحلل السّندسيّة، وفي الأصول:«ألا» .
(493)
في الأصول: «وملتجأ كل مقهور ومنهور» . والتّصويب من الإعلام والحلل السّندسيّة.
(494)
في الأصول: «أمر عظيم منه» والتّصويب من الإعلام.
(495)
هذا البيت والأبيات الستة بعده في مدح السّلطان سليم خان ولد المرثى السّلطان سليمان القانوني (أنظر العقد المنظوم ص: 279).
(496)
في الأصول: «توفير» والتّصويب من الإعلام.
(497)
في الأصول: «حتى» والتّصويب من الإعلام.