الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السّلطان سليم خان الأوّل الغازي:
فاستقل بالسّلطنة بعده (287) ولده السّلطان سليم خان الأوّل كاسر أكاسرة العجم، وفاتح أقاليم مصر والشّام - طيّب الله ثراه وجعل الجنّة متقلبه ومثواه - مولده في أماسية (288) سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة (289)، وجلس على تخت السلطنة سنة وفاة والده وعمره إذ ذاك ست / وأربعون سنة، ومكث في السّلطنة تسع سنين وثمانية أشهر، ووفاته عن أربع وخمسين سنة (290) - كان رحمه الله سلطانا قاهرا قوي البطش، كثير الفحص عن أخبار الملوك والرعايا، وكان يغيّر زيه ولباسه باللّيل والنّهار ليتفقّد أحوال رعيّته وأسرار مملكته، وله عدّة مصاحبين يدورون تحت قلعته وأسواق بلده والجمعيات (291) والمحافل، ومهما سمعوا شيئا ذكروه له في مجلس المصاحبة فيعمل على مقتضى ما يثبت عنده، وكان رحمه الله قامعا للبدعة.
حركة شاه اسماعيل ومقاومة السّلطان سليم له:
فمن ذلك أنه ظهر غاية الظهور في أيّامه شاه إسماعيل إبن الشيخ حيدر إبن الشّيخ جنيد إبن الشّيخ إبراهيم، إبن السّلطان خواجا شيخ (292) علي إبن السّلطان صدر الدّين موسى إبن الشّيخ صفي الدّين (293) صاحب زاوية أردبيل (294) له سلسلة في الصّلوحية،
(287) النّقل من الإعلام من ترجمة سليم خان ص: 266.
(288)
كذا بالأصول والإعلام، ومن كتبها:«أماسيا» .
(289)
1467 - 1468 م.
(290)
كذا بالأصول والإعلام، والصّحيح عن 51 سنة لأنّ ولادته كانت في سنة 875/ 1470 - 1471 ووفاته في 9 شوال سنة 926/ 22 سبتمبر 1520، ويلقب بياوز أي القاطع، أنظر تاريخ الدولة العلية ص:197.
(291)
في الأصول: «الجمعياة» .
(292)
في الأصول: «السلطان خواجا الشيخ» والمثبت من الإعلام ص: 271، وهو علاء الدّين أبو الحسن علي إبن الشّيخ صدر الدّين إبن الشّيخ صفي الدّين الأردبيلي، توفّي بالقدس في جمادى الأولى سنة 832، أنظر الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل لمحي الدين الحنبلي 2/ 169، دار الجيل لبنان 1973.
(293)
إسحاق الأردبيلي وإليه ينسب أولاده فيقال لهم الصّفويون، الإعلام للنهروالي ص:271.
(294)
في الأصول: «أدربيل» والمثبت من الإعلام، قال عنها ياقوت:«من أشهر مدن أذربيجان. . . وقال أبو سعد: لعلّها مسوبة إلى أردبيل بن أرميني بن لنطي بن يانون» معجم البلدان 1/ 145.
أخذ عن الشّيخ الزّاهد الجيلاني (295) ويتقرّبون (296) بالنسبة إلى الإمام الغزالي، توفّي الشّيخ صفي الدّين في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة (297) وهو أوّل من ظهر منهم بطريق التّصوّف، وأوّل من اختار سكنى أردبيل، وبعد موته جلس في مكانه ولده الشّيخ صدر الدّين موسى، وكانت السّلاطين تعتقده وتزوره، وممّن زاره والتمس بركته تيمور لنك لمّا عاد من الرّوم، وسأله أن يطلب منه شيئا فقال له: أطلب منك أن تطلق كلّ من أخذته من بلاد الرّوم سركنا (298) فأجابه إلى سؤله فأطلق السّركن (299) جميعهم، فصار أهل الرّوم يعتقدون الشّيخ صدر الدّين وجميع المشايخ / الأردبيليين من ذريته، وحجّ ولده السّلطان خواجا علي، وزار النبي صلى الله عليه وسلم وتوجّه إلى زيارة بيت المقدس فتوفّي هنا لك، وقبره مشهور في بيت المقدس، وكان ممّن يعتقده ميرزا شاه (300) رخ بن تيمور لنك ويعظّمه، فلمّا جلس الشّيخ جنيد بعد والده في الزّاوية بأردبيل كثر مريدوه وأتباعه في أردبيل، فتوهّم منهم صاحب أذربيجان يومئذ وهو السّلطان جهانشاه (301) إبن قرا يوسف التّركماني من طائفة قره قوينلو (302) فأخرجهم من أردبيل فتوجه الشّيخ جنيد مع بعض مريديه إلى ديار بكر، وإنصرف عنه الباقون، وكان من أمراء ديار بكر يومئذ عثمان بيك بن قتلق بيك بن علي بيك البابندري (303) وهو أوّل من تسلطن من طائفته (304)، وولي السّلطنة منهم تسعة أنفس، ومدّة ملكهم إثنان وأربعون سنة، وأخذوا ملك فارس من طائفة قره قوينلو (305)، واوّل سلاطينهم قره يوسف (306) بن قره محمّد التّركماني،
(295) كذا بالأصول، وفي الإعلام:«زاهد الكيلاني» .
(296)
في ش وب وت: «يتقربن» ، وفي ط:«يتقرب» ، وهم علويون حسنيون والشاه إسماعيل هو مؤسس الدّولة الصّفوية الفارسية.
(297)
1334 - 1335 م. في الأصول: «سنة ثلاثين وثمانمائة» والتّصويب من الإعلام ص: 271.
(298)
في الأصول: «تركيا» والمثبت من الإعلام ص: 271.
(299)
في الأصول: «الترك» والمثبت من الإعلام.
(300)
في الأصول: «فرزشاه» والمثبت من الإعلام.
(301)
في الأصول: «شاهنشاه» والمثبت من الإعلام.
(302)
في الأصول: «آق قونيلو» ، والمثبت من الإعلام ص:271.
(303)
في الأصول: «البندقداري» والمثبت من الإعلام ص: 272.
(304)
أي من طائفة آق قوينلو.
(305)
في الأصول: «آق قوينلو» والتصويب من الإعلام ص: 272.
(306)
في الأصول: «قرا» والتصويب من الإعلام.
ومدّة سلطنتهم ثلاث وستّون سنة، وإنقرض ملكهم على يد أوزون (307) حسن بيك المبرور (308) في شوّال سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة (309)، وكان أوزون (307) حسن ملكا شجاعا مقداما مطاعا (310) مظفّرا في حروبه، ميمونا في نزوله وركوبه إلاّ أنّه وقع بينه وبين السّلطان محمّد إبن السّلطان مراد خان حرب عظيم في بابرت فانكسر أوزون (307) حسن، وقتل ولده زنيل بيك، وهرب هو وسلم من القتل وعاد إلى أذربيجان وملك / فارس والعراقين، ولمّا إلتجأ الشّيخ جنيد إلى طائفة آق قوينلو (311) صاهره أوزون (307) حسن بيك وتزوّج إبنته خديجة بيكم فولدت له الشّيخ حيدر، ولمّا استولى أوزون (307) حسن بيك على البلاد وطرد منها ملوك قره قوينلو (312) وأضعفهم عاد الشّيخ جنيد مع ولده الشّيخ حيدر إلى أردبيل وكثر مريدوه وأتباعه، وتقوّى بأوزون (313) حسن بيك لأنه صهره، فلمّا توفّي أوزون (313) حسن بيك ولي موضعه ولده السّلطان خليل ستّة أشهر، ثم ولده الثّاني السّلطان يعقوب فزوج إبنته حليمة بيكم من الشّيخ حيدر فولدت له شاه (314) إسماعيل في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من رجب سنة إثنتين وتسعين وثمانمائة (315)، وكان على يديه هلاك ملوك العجم طائفة آق قوينلو (316)[وقره قوينلو وغيرهم](317) من سلاطين العجم كما هو مشهور، وكان الشّيخ جنيد (جمع طائفة من مريديه)(318) وقصد قتال كرجستان ليكون من المجاهدين في سبيل الله، فتوهّم منه سلطان شروان أمير خليل [الله](319) شروان شاه فخرج إلى قتاله فانكسر الشّيخ جنيد وقتل وتفرّق مريدوه ثم
(307) في الأصول: «أزن» ، وفي الإعلام:«أوزن» والتصويب من تاريخ الدولة العلية.
(308)
في الإعلام: «المذكور» .
(309)
أفريل ماي - 1469 م وفي الأصول: «اثنين وسبعين» والتصويب من الإعلام.
(310)
في الأصول: «مطيعا» .
(311)
يقال أيضا قوينلي.
(312)
في الأصول: «آق قيونلو» والتصويب من الإعلام.
(313)
في الأصول: «أزن» .
(314)
في الأصول: «الشيخ» والتصويب من الإعلام.
(315)
17 جويلية 1487 م.
(316)
في الأصول: «قونيلو» .
(317)
إضافة من الإعلام.
(318)
كذا في ش والإعلام، وفي ط وت وب: «مع طائفة مريديه.
(319)
إضافة من الإعلام.
إجتمعوا بعد مدة على الشّيخ حيدر وحسّنوا له الجهاد والغزو في حدود كرجستان، وجعل لهم رماحا من [أعواد](320) الشجر، وركّبوا في كلّ عود سنانا من حديد، وتسلّحوا بذلك، وألبسهم الشّيخ حيدر تاجا أحمر من الجوخ، فسمّاهم النّاس قزلباش (321) وهو أول من ألبس أتباعه التاج الأحمر فأرسل شروان شاه إلى السّلطان يعقوب / بن أوزون (322) حسن يخوّفه من خروج الشّيخ حيدر على هذه الصفة فأرسل أميرا من أمرائه اسمه سليمان بيك بأربعة آلاف من العسكر، وأمره أن يمنعهم من هذه الجمعية (323)، فما أطاعه، فاتّفق مع شروان شاه فقاتلاه ومن معه، فقتل الشّيخ حيدر، وأسّر ولده شاه إسماعيل وهو طفل، وأسّر معه إخوانه وجماعته، وجاء بهم سليمان بيك إلى السّلطان يعقوب فأرسل بهم إلى قاسم بك الفرناك وكان حاكم شيراز (324) من قبل السّلطان يعقوب، وأمره أن يحبسهم في قلعة إصطخر (325)، فحبسهم بها واستمروا محبوسين إلى أن توفّي السّلطان يعقوب في سنة ست وتسعين وثمانمائة (326)، وتولّى بعده السّلطان رستم (327) ونازعه في سلطنته أخوانه، وتفرقت المملكة واستقر (328) في كل قطر ملك من أولاد السّلطان يعقوب، فهرب أولاد الشيخ حيدر إلى لامجان (329) من بلاد كيلان، وخرج من إخوان شاه اسماعيل خواجة شاه علي إبن الشّيخ جنيد (330) وجمع عسكرا من مريدي
(320) إضافة من الإعلام.
(321)
ومعناه الرؤوس الحمر بالتركية، وهذا التّاج الأحمر ذو إثنتي عشرة ذؤابة كناية عن الإثني عشر إماما، تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان 3/ 120.
(322)
في ش: «أزن» .
(323)
في الأصول: «الصفة» والتصويب من الإعلام ص: 273.
(324)
في ش وب وت: «شريان» ، وفي ط:«شرنان» والتصويب من الإعلام.
(325)
في الأصول: «اسطمي» والتصويب من الإعلام. وإصطخر مدينة من كور فارس ولها نواح. . . وهي أقدم مدن فارس وأشهرها إسما وكانت دار ملوكها إلى أن ولي ازدشير الملك فنقل ملكهم إلى جور وجعلها دار الملك، الرّوض المعطار 43، أنظر عنها أيضا معجم البلدان 1/ 210.
(326)
1490 - 1491 م. وفي الأصول «ست عشرة وثمانمائة» والتصويب من الإعلام.
(327)
في الأصول: «رسيم» .
(328)
في الإعلام: «واستقل» .
(329)
في الإعلام: «لاهجان» وهو تحريف قال الحموي: «لامجان بكسر الميم، وجيم وآخره نون: قرية بينها وبين همذان سبعة فراسخ» . معجم البلدان 5/ 8.
(330)
في الأصول: «الجنيد» .
أبيه وقاتل به فقتل [أيام السّلطان رستم ابن السّلطان يعقوب، ثم توفّي](331) السّلطان رستم (327) وولي مكانه السّلطان مراد بن يعقوب وألوند بيك إبن عمه وكان شاه (332) إسماعيل في لامجان في بيت صائغ إسمه زركر (333). وبلاد لامجان فيها كثير من الفرق كالرّافضة والحروفية (334) والزّيدية وغيرهم، فتعلم منهم شاه إسماعيل في صغره مذهب الرّفض وكان شعار آبائه مذهب السّنّة / ولها مطيعين منقادين، ولم يظهر الرّفض غير شاه إسماعيل، وتطلبه أكثر أمراء ألوند بيك من سلطان لامجان فأبى أن يسلّمه لهم (335)، وأنكر كونه عندهم وحلف على ذلك وورّى في يمينه، وكان مختفيا في بيت نجم زركر (333)، وكان يأتيه مريدو والده خفية، ويأتونه بالنذور ويعتقدون فيه، ويطوفون بالبيت الذي هو فيه إلى أن أراد الله بما أراد، وكثرت داعية الفساد أتباع شاه إسماعيل، فخرج بمن معه من لامجان، وأظهر الخروج لأخذ ثأر والده وجده (في أوائل سنة خمس وتسعمائة)(336) وعمره يومئذ ثلاث عشرة سنة، وقصد مملكة الشروان لقتل (337) شروان شاه قاتل أبيه وجده وكلّما سار منزلا كثر عليه سفلة النّاس داعية الفساد، واجتمع عليه عسكر كثير إلى أن وصل بلاد شروان، فخرج إلى مقاتلته شروان شاه بعساكره فاقتتلوا فانهزم عسكر شروان (وأسر شروان شاه)(338) وأتوا به (إلى شاه إسماعيل أسيرا)(339) فأمر أن يضعوه في قدر كبير وأن يطبخوه ويأكلوه ففعلوا كما أمروا وأكلوه، ثم توجه لأخذ البلاد من سلاطينها فاستولى على خزائن ألوند بيك بعد قتله ونهب أمواله، ثم قتل كل من ظفر به من الملوك فملك تبريز (340) وأذربيجان وبغداد وعراق العرب وعراق العجم وخراسان، وكان يدعي (341) الرّبوبية، وتسجد له العساكر ويأتمرون بأمره، وقتل / خلقا
(331) إضافة من الإعلام يقتضيها السياق.
(332)
في الأصول: «الشيخ» والتصويب من الإعلام.
(333)
في الأصول: «زوكر» والتصويب من الإعلام ص: 274.
(334)
في الأصول: «الحرورية» .
(335)
كذا في ط والإعلام ص: 274، وفي ش وت وب:«فأبى إسلامه» .
(336)
1499 م. وفي ط: 950 هـ ، وفي الإعلام:«أواخر 905 هـ » .
(337)
في الإعلام: «لقتال» .
(338)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(339)
كذا في ط والإعلام، وما بين القوسين ساقط من ش وب وت.
(340)
في الأصول: «برين» والتصويب من الإعلام ص: 275.
(341)
في الإعلام: «وكاد أن» .
كثيرا ينيف على ألف ألف نفس بحيث لم يعهد في الإسلام ولا في الجاهلية، ولا في الأمم السابقة من قتل النفوس ما قتله إسماعيل شاه، وقتل عدة من أعاظم العلماء بحيث لم يبق أحدا من أهل العلم في بلاد العجم، وأحرق جميع كتبهم ومصاحفهم لكونها مصاحف أهل السّنّة، وكلّما مرّ بقبور المشايخ نبشها وأحرق عظامهم بعد إخراجها، وكان مختلّ العقل فمن جملة حماقاته (342) أن جعل كلبا من كلاب الصّيد أميرا ورتّب له ترتيب الأمراء من الخدم والكواخي والسّماط والأوطاق وفرش الحرير ونحو ذلك، وجعل له سلاسل من ذهب ومسندة ومرتبة يجلس عليها كالأمراء، وكان أتباعه يعتقدون ألوهيته (343) وأنه لا ينهزم أبدا.
فلما وصلت أخباره إلى السّلطان سليم خان غضب لله من هذه الكفريات المبكية والسّخريات المضحكة، فأقدم على نصر الشريعة المشرّفة والسّنّة المطهّرة، وعدّ قتال هذه الفرقة الضّالّة المضلّة من أفضل الجهاد ليمحو آثار هذه الفتنة الخبيثة وينصر السّنّة المحمّدية والملّة الحنيفية، فركب بخيله ورجله حتّى التقى الجمعان بعد مقاساة أهوال وشدة أحوال وكادت (344) الخلائق تفنى [ثم] أنزل الله النّصر على أهل السّنّة والدّمار والهلاك على أهل الكفر والبدعة، فانهزم شاه إسماعيل وقتل غالب جنوده ونصر الله تعالى السّلطان سليم وعساكر السّنّة / فأتبعت عساكره آثار القوم الفاسقين، وذهب شاه إسماعيل منهزما فارّا مذموما مدحورا، {ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ} (345)، وغنم السّلطان سليم وعساكره ما كان جمع شاه إسماعيل ممّا لا نظير له من ذخائر الملوك وكنوزهم، ثم أعطى الأمان العام بعد قتل من يستحقّ القتل، وأسر من يستحقّ الأسر من رؤوس الفساد، وأراد السّلطان سليم أن يقيم في تبريز للإستيلاء (346) على إقليم العجم والتّمكّن (347) من تلك البلاد على الوجه الأتم، فما أمكنه ذلك لكثرة القحط واستيلاء الغلاء حتى بيعت العليقة بمائتي درهم، وبيع الرّغيف بمائة درهم، لأن القوافل الّتي
(342) في ت وط: «حماقته» .
(343)
في الإعلام للنهروالي: «يعتقدون فيه الألوهية» .
(344)
في ط وب: «وكانت» ، وفي ش:«وكانت الخلايق في عسر إذ أنزل» .
(345)
إقتباس من الآية 2: سورة المسد.
(346)
في الأصول: «تدبير الإستيلاء» .
(347)
في الأصول: «الممكن» .
كان أعدّها السّلطان سليم لأتباعه (348) بالميرة والعليق والمؤن تخلفت عنه في محلّ لا مطمع فيها منه، ولم يجدوا في تبريز (349) شيئا من المأكولات والحبوب لأن شاه إسماعيل عند قدوم (350) السّلطان سليم أمر بإحراق جميع الحبوب من الشّعير وغيره، فاضطرّ السّلطان سليم إلى العود من تبريز (349) إلى بلاده، فترك تبريز (349) خاليه خاوية على عروشها هذا ما ذكره الأزرقي في كتاب «أعلام مكّة» (351).
وقال الشّيخ علي دده (352) في «محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر» : أول من تجبّر وطغى، ورفض أحكام الشريعة وغوى، وخان الملّة الإسلامية خيانة لم يسمع بمثلها من الفراعنة، وقهر ملوك العراقين، وأبطل الخطبة من الجوامع كلّها، ومنع من الأنكحة في محافل القضاء، وأفشى منع النكاح بل عدل عنه / إلى الزّناء، وأباح فروج النّساء حتّى الجمع بين الأخوات والخالات واللّواط لمردة الأشقياء، الملك الشقي الغوي الشهير شاه إسماعيل بن حيدر بن جنيد بن إبراهيم إبن الشّيخ العثماني خواجة بن صدر الدّين ابن الشّيخ الصفي الأردبيلي، قطع الله أعراقهم من العراق وجميع ممالك الآفاق مع أشياعهم الشّيعة النجسة المنجوسة المجوسية الدهرية، بل إنهم أخبث الفرق الضّالّة المضلّة، أهلك الله أسرارهم، ومحا من وجه الأرض آثارهم بسيوف الملوك العثمانية السنية المؤيّدة بالقوة القدسيّة، لا زالت سيوفهم مسلولة عليهم وعلى أمثالهم من أعداء الدين.
وجنيد هو أوّل من ظهر بالبغي (353) والتمرّد، وطائفته يسمّون بقزلباش، فهو أول الفرقة القزلباشية، ومنه ثار العدوان لأهل الإيمان، فتملّك العراق بكيده وحيله الّتي لم
(348) في ط: «لا تباع» .
(349)
في الأصول: «برين» والتصويب من الإعلام.
(350)
في الإعلام ص: 277: «عند انكساره» .
(351)
كذا في الأصول والصّواب: النّهروالي في الإعلام بأعلام بيت الله الحرام كما سبق التّنبيه إليه والمؤلف نقل ما في الإعلام مع اختصار قليل لبعض الفقرات ص: 271 - 277.
(352)
علي دده بن مصطفى الموستاري، ثم السكتواري علاء الدين، الملقب بشيخ التربة، فاضل بوستوي مستعرب (ت.1007/ 1598) ولما فتح السّلطان سليمان العثماني قلعة سكتوار من بلاد المجرومات بها، أقيم علاء الدين شيخا لتربته، فلقب بشيخ التربة، وتوفي عائدا من غزوة، فنقل إلى سكتوار ودفن بها. وكتابه محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر، مطبوع ولم نره وممّا طبع من مؤلفاته خواتم الحكم، ومن مؤلفاته الباقية تمكين المقام في المسجد الحرام، ومناقب مكة. أنظر الإعلام للزركلي 4/ 287 (ط.5) وله ترجمة قصيرة في خلاصة الأثر للمحبي 3/ 200.
(353)
في ط: «الغي» .
يسمع بمثلها من إبليس الأبالسة، وذلك أنّه شبّه نفسه بمشايخ الصّوفية والسّنّة، وأظهر السّمعة (354) والرّياء، وتعلّم من أقوال الصّوفية واصطلاحاتهم، فاجتمع مع خواص السّلطان السّعيد حسن خان بن علاء الدين (355) البايزيدي ووزرائه وأعوانه، وأخذ البيعة عنهم، وعلّمهم التّوحيد والأذكار، وتابعوه إلى أن تزوّج بنت السّلطان، فسلك طريق الإمارة، وتجبر وطغى وادّعى السّلطنة، وأظهر البدعة / واللّواط، وأفسد عقائد الخلق، لا جرم خذله الله وقهره على يد الملك الصالح خليل خان الشّرواني، ثم بعد هلاكه فرّت المتصوّفة الزنادقة بولده حيدر المذكور، ومكث زمانا إلى أن بلغ فسعى في صورة الصّوفية، وقصد بذلك كيدا وجمع الأشقياء مردة أبيه، واتخذ التاج من الجوخ الأحمر بإثني عشر رقاعا ويسمّى بتاج حيدرية، ثم هجم على أهل شروان بالقتال والحرب، ثم خرج شروان شاه مع سليمان خان العثماني فهزموا الملاحدة بإذن الله سبحانه وتعالى، وقتل حيدر الشّقي الغوى في المكان الّذي قتل فيه أبوه، ثم أخذ بعض مردته ابنه الشقي الشهير بشاه إسماعيل - المتقدّم الذّكر - وفرّ به وستره بين النّصارى، ثم ظهر بعد سنين، وجمع الملاحدة واغتنم فرصة واستولى على العراق، وقتل الملوك والأمراء والعلماء إلى أن قهره وهزمه الملك الغازي سليم خان العثماني - عليه الرّحمة والرّضوان -.
ثم مات الشّقي شاه إسماعيل حتف أنفه، وعجّل الله بروحه إلى النّار وبئس القرار، ثم جلس مكانه ولده الغوي طهمساب (356) الفتّان، فأظهر ونشر الرفض والطغيان في ممالك خراسان إلى أن قهره وغلبه السّلطان المجاهد سليمان خان - عليه الرّحمة والرّضوان -.
ثم جرى ما جرى بين الرّافضة (357) من الفتن والشّر والطغيان إلى أن انتقم الله منهم وسلّط الله سيوف / عساكر الإسلام على رقابهم عشر سنين في دولة الملك المنصور مراد خان - عليه الرّحمة والرضوان - ولا زالوا إلى الآن ظاهرين بالخلاف ومعادات أهل السّنّة {حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ} (358) اهـ.
(354) في ط وب: «السمع» .
(355)
في الأصول: «علاي الدين» .
(356)
في ش وب وت: «طسماسب» ، وفي ط:«سطماسب» .
(357)
كذا في ط، وفي ب وت وش:«الرفضة» .
(358)
إقتباس من الآية 87 من سورة الأعراف.