الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالوا: ندافع عن أنفسنا وأولادنا، فشكر لهم ذلك، وجاءت الأخبار إلى أنّ الباشا خرج من القيروان فلحق بأهل الجزائر ودخل بهم الوطن، وأنّهم بعثوا جماعة منهم للكاف لأخذ المؤونة، وأنّهم أرادوا الدّخول للحصار، فمنعهم كافله، وفتكوا بأهل البلد، وتقوّى طمعهم في أخذ الكاف ومشت (250) رسلهم إلى الباي وهو في منزله السّابق، فأجابهم بإرضائهم وقال: أنا قاصد إليكم فرحل بهم، ثمّ إن أهل الجزائر رحلوا عن الكاف، وفتح الكاف وتوجّه
علي باي
نحو الزوارين (251).
علي باي:
وفي ذي الحجة من السّنة المذكورة وقع الصّلح بين الباشا والباي، فتوجّه محمّد باي القيروان، وبقي علي باي حتّى أخذ خاطر أهل الجزائر ورجعوا إلى أوطانهم فأخذ يستجلب / خاطر أولاد سعيد ويماكرهم حتّى نزل عليهم بليل في الفحص فأحاط بهم صباحا وأخذهم أخذة رابية، ورحل إلى الجريد ومرّ بالقيروان وقابس وانتهى لجربة فصالح أهلها ومهّد الأوطان، ثمّ كرّ على الجريد راجعا لتونس، فلما قرب من القيروان خرج إليه أخوه للسّلام عليه فتعانقا ورجع كلّ إلى مكانه، وانفرد علي بتدبير المحال (252) السّلطانية، وتصرّفت أحكامه في الأوطان والرّعية، وكانت غيبته ثلاثين شهرا ودخل مستقرّه في ثلاث من ربيع الثّاني سنة إثنين وتسعين وألف (253).
ثمّ إنّ محمّد باي (254) صار كلّما ترقّى أخوه اغتاظ (255)، فمن عجيب مكره أنّ أخاه لمّا اعتضد بطاباق (256) أراد زرع الفتنة بينهما ليقطع عضده فكتب لطاباق صورة جواب خطاب مقرّر من طاباق مضمونه:
(250) في الأصول: «ومشى» .
(251)
في ش: «الزواريين» .
(252)
في ط: «المحال المنصورة السلطانية» .
(253)
22 أفريل 1681 وهنا ينتهي نقله المختصر من المؤنس ص: 275.
(254)
من هنا يبتدئ النّقل باختصار من الحلل السّندسيّة 2/ 494.
(255)
في الأصول: «اغتاض» .
(256)
معناها بالتركية «الدباغ» قال الوزير السراج: «يقال إن طاباق لما كان ببر الترك تعاطى في صغر صنعة الدباغ عن رجل أندلسي كان صاحب بركة وإشارات، ومن جملتها أنّه كان يقول له: يا محمّد تذهب إلى تونس وتصير حاكما بها» . الحلل السّندسيّة 2/ 497.
وأمر حامله أن يتوجّه به لعلي باي على وجه الخيانة لمحمّد باي، وطلب (258) البشارة من علي، فلمّا قرأ الكتاب وكان بالجريد كرّ راجعا لتونس، ونصب شباك الخداع لطاباق حتّى ورد للسّلام (259)، ولم يظهر له ممّا في نفسه شيئا.
فلمّا ورد عيد الفطر وقد شمّ / طاباق رائحة التّغيّر من علي باي تأخّر يوم العيد فوقع ذلك التّأخّر بخاطر علي باي، فبعث من الغد القائد مراد له فلاطفه وحضّه (260) على المسير فنبّه طاباق [طائفة](261) الّذين كان أعدّهم بين يديه بالسّلاح، وسار إلى أن دخل باردو فغلق (262) الباب في وجوه من خلفه، فتفرّق عنه جموعه.
وكان علي باي أرسل خيلا قبل ورود طاباق، فكان كلّما فارق مكانا عمّروه حائلين بينه وبين رجوعه، فلمّا حصل بباردو (263) قبضوا عليه وأتوا به لعلي باي فسجنه سبعة عشر يوما (264)، ثمّ أرسله (265) مع بلكباشية المعيّنة من الدّيوان على أن يدخلوه لغار الملح لمسكنه هناك قبل ولايته في المدّة الّتي كان فيها رئيسا بالبحر، وأوصاهم علي باي أن يخنقوه في بعض بساتين الطّريق، فلمّا بلغوا البستان المسمّى برأس الطابية ونظروا إليه قال لهم: أنزلوني هنا أسرّح نظري فساعدوه، فلمّا دخلوا تكلّموا خفية: أين نجد مكانا أليق من هذا؟ فقال أحدهم: وأين النّصارى أهل الخنق؟ ففطن طاباق (266) فقال: إن
(257) في الحلل: «الأمل» .
(258)
في الحلل: «وطلبا للبشارة والإحسان» .
(259)
في ط: «للسّلام عليه» .
(260)
في الأصول: «وحظه» .
(261)
ساقطة من ش، وفي الحلل:«طائفته» .
(262)
في الحلل السّندسيّة: «فأغلقوا» .
(263)
في ش: «باردو» .
(264)
في الأصول: «يوم سبعة عشر» والصّواب كما أثبتنا وطبقا كذلك لما ورد في الحلل السّندسيّة 2/ 496.
(265)
«ثم أرسله في عربة» ، الحلل.
(266)
وذلك أنّ عادة هؤلاء الترك، أنّ من يحكم عليه بالقتل منهم لا يباشر قتله جندي لأنّه أخوه، والأخ لا يقتل أخاه، فيأمرون النّصارى الّذين في الحانات مباشرة ذلك، ويرونه مثل من قتل في الجهاد جهلا منهم: إتحاف أهل الزّمان 2/ 56 - 57.