الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي اللخمي:
ومن أعيان فقهاء صفاقس وأفاضلها المشهورين أبو الحسن علي بن محمّد الربيعي المعروف باللخمي (256)، وهو ابن بنت اللخمي، تفقه بابن محرز والتونسي والسّيوري وغيرهم، وظهرت فتاويه، وكان فقيها فاضلا متفننا ذا حظ من الأدب والحديث، جيد النظر حسن الفقه، كان فقيه وقته وأبعد النّاس صيتا في بلده، وبقي بعد أصحابه فحاز رئاسة بلاد إفريقية جملة، وتفقّه به جماعة من الصفاقسيين وغيرهم، أخذ عنه أبو عبد الله المازري، وأبو الفضل النحوي، وعبد الحميد الصفاقسي، وأبو علي الكلاعي، وعبد الجليل بن مفوّز (257) وغير واحد، وله تعليق على المدونة سماه «التبصرة» ، مفيد حسن، وهو مقدم (258) بتخريج الخلاف في المذهب واستقراء الأقوال، وربما اتبع نظره فخالف (259) المذهب فيما ترجح عنده، فخرجت اختياراته في الكثير عن قواعد المذهب.
وكان حسن الخلق مشهور الفضل، زاد ابن ناجي (260) قوله: أصله من القيروان ونزل صفاقس، مسجده (261) بصفاقس مشهور إذا دخله الداخل يرى فيه نورا زائدا على غيره من المساجد، وفي زماننا يدرس فيه / الشّيخ أبو بكر القرقوري صاحب الزاوية القريبة (262) منه، فدرس فيه نحوا من أربعين سنة، ثم قال: ولما قرئ قول المدونة في بيوعات (263) الآجال بمنع ضع وتعجل (264) في درس بعض مشيخة التونسيين لم يذكر أحد من أهل الدّرس خلافا الا واحدا فقال: هذا المشهور وأجازه ابن القاسم فأنكر عليه، فقال: اللخمي حكاه. فلما انفصل المجلس نظر أهله كلام اللخمي في بيوعات (263) الآجال فلم يجدوا فيه شيئا، فلما كان من الغد قالوا له: ما ذكرت عن
(256) النّقل من معالم الإيمان 3/ 199.
(257)
في الأصول: «بن فوز» .
(258)
في الأصول: «مقرى» .
(259)
في ش: «مخالف» .
(260)
في تعليقاته على معالم الإيمان 3/ 199.
(261)
جامع الدريبة الآن، بحومة الرقة سابقا.
(262)
في المعالم: «الغربية» .
(263)
في الأصول: «بياعات» .
(264)
هذه مسألة من بيوع الآجال بالمدونة، أنظر ص: 185 ج 3 (طبع الخشاب بالقاهرة)، وقد أخذت عند الفقهاء عنوان (ضع وتعجل)، وهي أن يسلف بضاعة لأجل ثم يضع من السلف ويتعجل القبض وفيها مراباة منعها مالك.
اللخمي غير صحيح اذ لم يذكره هنا وهو محله، فانفصل الطالب عنهم في غم شديد، فلما نام (265) من الليل رأى في منامه الشّيخ أبا الحسن اللخمي فقال له: يا سيدي نقلت عنك، وذكر له القصة وكون الطلبة نظروا كتابه في بيوع الآجال ولم يجدوا فيه ذلك النقل، فقال له: ذكرته في فصل الخلع، فانتبه الطالب فرحا فقام في ليله ونظر الكتاب فوجده كما نقل، فلما أصبح ذكر ذلك لأهل المجلس واشتهرت قضيته وفضل الله عليه برؤيته المذكورة.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (266) وقبره مزار (267) يعرفه الخاص والعام، ولهم فيه اعتقاد تام وحق لهم ذلك (268) اهـ.
قلت: وقد بنى عليه بعض الولاة قبة مشهورة ظاهرة النور والبركة [وعلى باب القبة في العتبة العليا منقوش هذه الأبيات لبعض الشعراء تدل على أن القبة بناها مراد باي:
[الطويل]
هلال تبدّى (269) في علا الأفق ساطع
…
وأشرق عنه (270) الكون كالبرق لامع (271)
أمين كريم علي زكي الفواضل
…
مراد (272) مراد الباي في العزّ طالع
فأحيي ضريح الحبر علمه ظاهر
…
أبي الحسن اللخمي يكن له شافع
فيا ربّنا أبق الباي واحفظه دائما
…
فكلّ كريم في حماه تراتع
وبلّغه في نجليه ملكا ورفعة
…
وقلّده سيف النصر رحبه واسع (273)
ومعه فيها صاحبه الشّيخ عبد الجبّار الفرياني خلف قبر الأستاذ متّصلا به، وفي مؤخر القبة قبر عليه شباك في الرّكن الشّرقي الشّمالي لبعض / الولاة رجاء بركة الشّيخ أن يعفو الله تعالى عنه، فرؤى الشّيخ في النّوم فقال: فرقوا بيني وبينه، فجعل ذلك الشباك، والله أعلم (274).
(265) في المعالم: «قام» .
(266)
1085 - 1086 م.
(267)
خارج سور المدينة.
(268)
معالم الإيمان 3/ 200.
(269)
في ت: «تبدأ» ، وكذلك في النقيشة الموجودة الآن فوق الباب.
(270)
كذا في ت، وفي بقية الأصول:«عليه» .
(271)
في ت: «اللمع» .
(272)
في ت: «مرادي» .
(273)
إضافة من بقية الأصول.
(274)
لأبي الحسن اللخمي ترجمة في تراجم المؤلفين التونسيين 4/ 214 - 219، وأنظر الحلل السّندسيّة 1/ 322 - 323، وسقطت ترجمته فيما طبع من رحلة التّجاني.