الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه ورجع وقد التزم الأدب، فأقبل الشّيخ عليه بهمّته فنفعه الله به ونفع الخلق.
وكانت عليه مهابة وجلالة ووقار. وكان ذا حظ من الشّعر وعلوم الأدب، نظم منفرجة في الإستغاثة، ونظم (864) الضادات (865) الساقطة، وامتدح سيدي حسين باي رحمه الله بقصائد عديدة، وأجازه عليها، وأجرى له مرتّبات لكلّ سنة، وامتحن بتغريب الباشا (866) رحمه الله له ولاخوانه الفقهاء حتى عفا عنهم، فمنهم (867) من قضى نحبه، ومنهم من عاش ورجع لوطنه، فأقام على نشر العلم وبذله لسائله حتّى أدركته وفاته سنة نيف وسبعين ومائة وألف (868) ودفن بمقبرة شيخه النّوري - رحمهما الله تعالى آمين -.
ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم المزغنّي:
وأمّا / الشّيخ سيدي أبي إسحاق إبراهيم المزغنّي - رحمه الله تعالى - فإنّه بعد أخذه عن الشّيخ النّوري ما أخذه ذهب لتونس وتوغّل فيها في علوم المعقول، وهو أوّل من أكثر الإشتغال بالمنطق في صفاقس ولم يكن للنّاس به قوّة إعتناء ولا يأخذون منه إلاّ ما تقام به التّعاريف والأدلّة كإيسا غوجي والسلّم، وكان إشتغاله بمقام سيدي عبد الرّحمان الطّبّاع إلى أن توفّي ودفن بمقبرة شيخه ولم نقف على سنة وفاته.
ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي بن خليفة:
وأمّا الشّيخ سيدي أبو الحسن علي بن خليفة (869) فقد تقدّم ما قال في تعلّمه على الشّيخ، وكان رجلا صالحا تقيّا عفيفا فقيها متكلّما محدّثا مفسّرا واعظا عارفا بعلوم
(864) ساقطة من بقية الأصول.
(865)
في ب: «ايضادات» ، وفي ت:«ايضافات» .
(866)
هو علي باشا الأوّل، وكان يضايق من له صلة بعمّه حسين بن علي باي إمّا بالسجن أو بالقتل، وقلّ من ينجو من بطشه.
(867)
في ط: «فمن من» .
(868)
1757 م، أنظر شجرة النّور الزّكية 346 - 347.
(869)
بصيغة التّصغير.
العربية بأسرها، وبأصول الفقه وفروعه، تفقّه أوّلا بالشّيخ النّوري، ثمّ سافر لمصر ولقي الرّجال (870) ورجع لبلده مساكن فأنشأ بها زاوية (871)، فكانت بقعة مباركة لم تزل عامرة بطلبة الكتاب والسّنّة وبكلّ خير، وأحفاد الشّيخ قائمون عليها فخرج منها فقهاء وصالحون وأنشأ زيتونا كثيرا أوقفه عليها، قال بعضهم: قصدنا الشّيخ بالزّيارة فقالوا لنا: ذهب إلى الغروس بالمكان الفلاني، فذهبنا لنجتمع به (872) وكان ذلك عقب مطر، فوصلنا المكان فوجدنا الشّيخ في مكان جالسا يمنع من خروج الماء من الغروس، فلمناه على ذلك، فقال: حبّب إليّ من دنياكم ثلاث: الغروس، وملازمة الدّروس، ومحبّة الملك القدّوس (873).
وقال - رحمه الله تعالى -: إنتقلت لبرّ المشرق / على رأس القرن الثّاني عشر، فاجتمعت بمشايخ أكابر أجلّة، وأخذت عنهم جملة من العلوم إجازة وحضورا، منهم سيدي محمّد بن عبد الله بن علي الخريشي البحيري (874) تلميذ سيدي علي الأجهوري، ومنهم سيدي إبراهيم الشبرخيتي شارح المختصر والأربعين النووية (875)، وألف منظومة في التّوحيد (876) شرحها (877) شيخنا أبو العباس سيدي أحمد الدمنهوري بمصر.
وأخذ عنه رحمه الله عدّة أفاضل وجمّ غفير من سائر النّاس. فمن جملة الفضلاء نجله الشّيخ ابو العبّاس سيدي أحمد، وابن عمّه الشّيخ ابو العبّاس سيدي أحمد الصغير، والشّيخ المفتي أبو عبد الله سيدي محمّد الهدّة السّوسي، والشّيخ المفتي بتونس
(870) وحجّ.
(871)
وقيل أنشأها والده والصّحيح أنّه الذي أسّسها سنة 1104/ 1692 - 1693 م، كما هو منقوش برخامة في الزاوية.
(872)
في الأصول: «عليه» .
(873)
مقتبس من الحديث الشّريف المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «حبّب إليّ من دنياكم النّساء والطّيب وجعلت قرة عيني في الصّلاة» ، حديث حسن أخرجه الإمام أحمد في الزهد، والنّسائي والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السّنن، ومن زاد فيه لفظة ثلاث فقد وهم لأنّ زيادتها مخلّة بالمعنى لأنّ الصّلاة ليست من الدّنيا، ولم تقع هذه الزيادة في شيء من طرق الحديث، وإن جاء كذلك في كتب غير العارفين بالحديث كالغزالي في «الأحياء» (فيض القدير: 1/ 370 - 371).
(874)
في ب: «البحري» ، وفي ط:«الجميري» .
(875)
المؤلّف ناقل عن فهرسة المترجم المخطوطة.
(876)
تسمّى: «الرياض الخليفية» ، توجد منها نسخة في المكتبة الأزهرية ضمن مجموع، وبدار الكتب المصرية.
(877)
يسمّى هذا الشرح: «المنح الوفية على الرياض الخليفية» ، توجد منه نسختان بدار الكتب المصرية، ونسخة بالمكتبة الوطنية بتونس، واختصر هذا الشّرح محمد إبن الحاج حسين منصور الورداني بلدا.