الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما ينيف على مائة قنطار بارودا، وأكثر ما يكون أوقات الصّلوات (414)، فبقوا على تلك الحالة ثلاثة أشهر ونصف مع توارد (المدد من الجزائر وتراكم العربان وليس مع محمّد باي إلاّ)(415) العسكر الّذي معه، ثمّ إنقسم القتال عليه بقسمين وضاق عليه الحال.
ففي ربيع أوّل من سنة ستّ ومائة وألف (416) فرّ بنفسه، ودخل إبن شكر بايا / ومعه محمود دايا، فدخلا القصبة معا وقلوب عسكر تونس غير راضية، فدخل شعبان خوجة المدينة، وشرع إبن شكر في أخذ أموال النّاس ليرضي العساكر الواردة معه، ثم عزل محمود داي (417) وولّي مكانه محمّد طاطار في ثمانية من ربيع الثّاني سنة ستّ ومائة وألف (418)، وكان مسرفا في القتل، قتل في مدّة خمسة (419) أشهر ما ينيف على ثمانمائة نفس، إتّخذ جبّا يلقي فيه النّاس أحياء بعضهم فوق بعض.
ثمّ سافر العساكر برّا وبحرا وأخذ أهل طرابلس مركبين لأهل تونس ذهبوا فيهما لبلدهم.
فتنة الداي محمّد طاطار:
وخرجت محلّة إبن شكر لخلاص مال الجريد مع فرحات.
ورجع إبن شكر من الكاف بعد توديع عساكر الجزائر، فقصد ناحية القيروان، فعامل أهلها بالظلم، وأخذ الأموال، وحمّلهم في ذلك ما لا طاقة لهم به، وأرسل القائد أبا راوي (420) لسوسة ووطنها، وكان على قدم طاطار وابن شكر، فمدّ يده لنهب أرزاقهم فضجّوا وخرجوا عن طاعة إبن شكر، وغلّقوا الأبواب، وأرسلوا إلى محمّد باي، وكان إذ ذاك بالصّحراء، كما قام أهل القيروان على ابن شكر، فخرج منها فارا بنفسه وخرجوا عن طاعته وغلّقوا أبوابهم دونه، وأرسلوا البشائر لمحمّد باي يستقدمونه.
(414) في الأصول: «الصلاة» .
(415)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(416)
في 24 منه / 12 نوفمبر 1694 م.
(417)
لأنّه غير صالح، ومدّة ولايته 13 يوما.
(418)
26 نوفمبر 1694 م.
(419)
وهي مدّة ولايته.
(420)
في الحلل: «بوراوي» 2/ 575.
هذا وطاطار لم يزل في غيّه فأباح للنّصارى هدم مسجد كان أنشأه علي رايس داي قرب القصبة، فكان النّصارى يتقرّبون بهدمه.
فلمّا بلغ البشير لمحمّد باي أسرج وألوى عنانه نحو البلاد، فلمّا قرب من قفصة بلغ خبره إبن شكر وكان محاصرا / للقيروان، فاستنفر جنوده (421) لتلقي محمّد باي فالتقى الجمعان بمرق اللّيل قرب وسلات، فانهزم إبن شكر في ستة من رمضان سنة ست ومائة وألف (422)، فاستولى محمّد باي على جميع مخلفات (423) إبن شكر، ثمّ نادى بالأمان على من سلم من العسكر، ثمّ تقدّم للقيروان، وأرسل خزناداره رجبا إلى تونس ومعه جريدة خيل فدخلها ليلا، فلمّا سمع به النّاس قبلوه بالتّرحاب ورأوا كأنّه (424) قد نزل من السّماء لما لاقوا من إبن شكر وطاطار وبقيّة رجاله.
وأعلن النّاس بالطّاعة لمحمّد باي ونبذوا طاطار فوقعت مقاتلة، ثمّ إنّ قوم طاطار أدخلوا من وجدوه من العسكر معهم للقصبة (425) كرها وغلّقوا أبوابها، ودخل محمّد باي من الغد لتونس، ورتّب عسكره في كلّ ناحية محاصرا للقصبة، ومترسوا ببراميل التّراب، وأقاموا بها ليلا ونهارا، وولي يعقوب (426) دايا فبايعه العسكر في إثني عشر من رمضان (427) بدار الباشا، فلمّا لم تغن المتاريس في حصار القصبة حاربها بالألغام فلم يتّفق الفتح.
ففي القعدة أرسل محمّد باي لحضرة الجزائر العلماء والصّلحاء كسيدي علي عزّوز رحمه الله وأضرابه - نفعنا الله بهم - صحبة أعيان العسكر وخوجة ديوان الوقت محمّد خوجة، فركبوا البحر ووصلوا الجزائر فراودوا شعبان خوجة على الصّلح فامتنع وعمل على إرسال نجدة لطاطار، وردّ الشفعاء غير مشفعين، فأقلعوا في البحر من ليلتهم
(421) في ط: «جنده» .
(422)
20 أفريل 1695 وفي الحلل: 2/ 578: «يوم السبت 8 رمضان 1106» ، وفي الإتحاف 2/ 66:«يوم السّبت ثالث رمضان» .
(423)
في الأصول: «مخلفاة» .
(424)
في ش: «أنه نزل» .
(425)
في ش: «أدخلوا معهم من وجدوه من العساكر كرها للقصبة» ، وفي ط:«أدخلوا معهم من العسكر للقصبة» .
(426)
بعد أن قتل محمّد باي طاطار شرّ قتلة أنظر ذيل بشائر أهل الإيمان 105.
(427)
26 أفريل 1695 م.