المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌إبن الإنكشاري: قال الشّيخ - رحمه الله تعالى - وأصل إبن - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ٢

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌المقالة الحادية عشرةفي ذكر دولة آل عثمان

- ‌الباب الأولفي ذكر سلاطينهم لوقت التاريخ

- ‌بداية الدولة العثمانية:

- ‌السّلطان أورخان:

- ‌السّلطان مراد خان الغازي:

- ‌السّلطان با يزيد خان الأول:

- ‌السّلطان محمّد خان:

- ‌السّلطان مراد خان الثاني:

- ‌السّلطان محمّد الثاني:

- ‌نبذة تاريخية عن القسطنطينية قبل الفتح العثماني:

- ‌فتح محمّد خان للقسطنطينية وغيرها:

- ‌السّلطان بايزيد خان الثّاني:

- ‌السّلطان سليم خان الأوّل الغازي:

- ‌حركة شاه اسماعيل ومقاومة السّلطان سليم له:

- ‌أخذ سليم الأوّل لبلاد الشّام ومصر:

- ‌أخذ سليم الأوّل لمصر:

- ‌السّلطان سليمان خان الأوّل القانوني:

- ‌سليم خان الثّاني:

- ‌بقيّة سلاطين آل عثمان:

- ‌فضائل العثمانيّين:

- ‌الباب الثّانيفي دخول العساكر العثمانية المنصورة لإفريقية لإنقاذها من أيدي أهل الكفر والضّلال

- ‌الباب الثّالثفي ذكر أمراء تونس من العساكر العثمانية بعد فتح الباشا سنان - رحمه الله تعالى

- ‌عهد الباشوات:

- ‌بداية عهد الدايات:

- ‌ابراهيم داي:

- ‌موسى داي:

- ‌عثمان داي:

- ‌يوسف داي:

- ‌الداي أسطى مراد:

- ‌الداي أحمد خوجة:

- ‌محمد لاز:

- ‌بداية البايات:

- ‌مراد باي وبداية الدولة المرادية:

- ‌الباي حمّودة باشا المرادي:

- ‌الدايات في عهد المراديين:

- ‌مراد باي:

- ‌محمد باي بن مراد:

- ‌محمّد باي الحفصي:

- ‌الفتنة بين محمد باي بن مراد وأخوه علي:

- ‌ علي باي

- ‌الداي أحمد شلبي ودوره فيالفتنة بين الأخوين محمّد باي وعلي باي:

- ‌فتنة أحمد شلبي وإتّفاق الأخوينمحمّد باي وعلي باي على قتاله:

- ‌نهاية علي باي:

- ‌عود إلى أخبار محمد باي:

- ‌فتنة محمّد بن شكر:

- ‌فتنة الداي محمّد طاطار:

- ‌عود إلى أخبار محمّد باي:

- ‌رمضان باي:

- ‌مراد باي بن علي:

- ‌ إبراهيم الشّريف

- ‌حسين بن علي وقيام الدّولة الحسينية:

- ‌الفتنة الحسينية الباشية:

- ‌علي باشا بن محمّد:

- ‌فتنة يونس باي:

- ‌محمد بن حسين بن علي:

- ‌علي باشا إبن حسين بن علي:

- ‌حمّودة باشا الحسيني:

- ‌الخاتمة:

- ‌الباب الأوّلفي ذكر وضعها وما يتعلّق بذلك

- ‌تأسيس سور صفاقس:

- ‌الجامع الكبير:

- ‌السّقاية:

- ‌الربض القبلي:

- ‌كسوف بالشمس:

- ‌الطّاعون وأثره:

- ‌صوف البحر:

- ‌آراء بعضهم في صفاقس:

- ‌الباب الثّانيفي ذكر ولاّتها

- ‌إستقلال حمّو بن مليل بصفاقس:

- ‌ولاّتها بعد فتح تميم بن المعز لها:

- ‌ولاّتها أيّام الموحّدين:

- ‌ولاّتها أيام الدّولة الحفصية:

- ‌إستقلال المكّني بها:

- ‌إبن عطية جلي:

- ‌إبن الإنكشاري:

- ‌الباب الثّالثفيما وقع لأهل صفاقس من الجهاد في هذه الأعصار المتأخّرة

- ‌حروب صفاقس مع مالطة:

- ‌حروب صفاقس مع البلنسيان:

- ‌الباب الرّابعفي ذكر بعض أهل الخير والصّلاح من العلماء والأولياء المتقدّمين بصفاقس ووطنها

- ‌مفهوم الولي والكرامة:

- ‌ترجمة أبو خارجة عنبسة:

- ‌ترجمة القاضي عيسى بن مسكين:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق الجبنياني ومناقبه:

- ‌ترجمة الأديب عبد الله الجبنياني:

- ‌ترجمة الفقيه أبي القاسم عبد الرّحمان اللبيدي:

- ‌ترجمة أبي عمرو عثمان الصّدفي المعروف بابن الضّابط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي حفص عمر القمّودي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي اللخمي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي القاسم عبد الخالق السّيوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي يحيى زكرياء إبن الضابط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي بكر الفرياني:

- ‌ترجمة عبد الله الفرياني:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان الطّبّاع:

- ‌ترجمة الشّيخ طاهر المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي مدين شعيب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المحجوب:

- ‌ترجمة الشّيخ طاهر بن عبد الواحد المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عبّاس الجديدي:

- ‌ترجمة المرابطة السّتّ أم يحيى مريم وشيخها أبي يوسف الدّهماني:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الواحد إبن التّين:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي سيدي جبلة:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن عبد النّاظر:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي بن عبد الكافي:

- ‌ترجمة الولي إبراهيم بن يعقوب المعروف بصيد عقارب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي العبيدلي:

- ‌تتمّة ترجمة الولي إبراهيم بن يعقوب: صيد عقارب:

- ‌ترجمة الشّيخ نصير بن حامد، حفيد صيد عقارب:

- ‌ترجمة الشيخ سيدي عبد الله:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي بكر القرقوري مع التعرّض لشيخيه: الجديدي والشبيبي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله الأنصاري شهر الصّفّار:

- ‌ترجمة الشّيخ إبراهيم الصفاقسي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي علي الكرّاي:

- ‌تعريف بالسّادة الوفائية:

- ‌تتمّة ترجمة الشّيخ علي الكراي:

- ‌ترجمة الشّيخ عمر الكرّاي:

- ‌ترجمة الشيخ محمد الكراي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن عمر ابن الشّيخ علي الكرّاي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن الكرّاي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المرّاكشي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عيسى بن عمران البلوي:

- ‌ترجمة الشّيخ مخلوف الشّرياني:

- ‌ترجمة الولي محمّد الرّقيق أبي عكّازين:

- ‌ترجمة الشّيخ منصور بن عبد الله القرقوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي محمّد عبد الله الأومي:

- ‌ترجمة الولي منصور الغلام:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الوحيشي:

- ‌ترجمة الولي سعيد بن منصور الوحيشي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن سعيد بن منصور الوحيشي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الحكموني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الحكموني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المؤخّر:

- ‌الشّيخان: الجمل والحرقاني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الغراب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المكّي:

- ‌ترجمة الشّيخ رمضان أبو عصيدة:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم المزغنّي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي بن خليفة:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد كمّون:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد البجّار:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد الخميري:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد حامد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد العزيز الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عبد الله الجمّوسي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد العزيز الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد السّلام الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد بن المؤدّب الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي محمّد حسن الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن محمّد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ طيّب الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن أحمد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد بن حسن الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد المغربي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي ذويب:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد الزّواري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المصمودي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان بكّار:

- ‌ترجمة الشّيخ إبراهيم الخرّاط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الأومي:

- ‌ترجمة الشّيخ الأديب أبي الحسن علي الغراب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المصمودي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ عمر بن محمّد الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن عليابن عبد الصّادق الطرابلسي الحامدي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن الشّاهد المنيي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي محمّد عبّاس:

- ‌ترجمة الولي عمر كمّون:

- ‌ترجمة الولي شعبان زين الدّين:

- ‌ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد المسدّي:

- ‌ترجمة الولي أبي الفوز سعيد حريز:

- ‌ترجمة الولي أبي الحسن علي الجراية:

- ‌ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد أبو مغارة:

- ‌ترجمة الولي أبي العبّاس أحمد التّاجوري:

- ‌خاتمة النّاسخ:

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ح

- ‌ج

- ‌خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌س

- ‌ ذ

- ‌ ز

- ‌ ش

- ‌ ط

- ‌ ص:

- ‌ض:

- ‌غ

- ‌ ع

- ‌ ف

- ‌ ق

- ‌ل

- ‌م

- ‌ك

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ه

الفصل: ‌ ‌إبن الإنكشاري: قال الشّيخ - رحمه الله تعالى - وأصل إبن

‌إبن الإنكشاري:

قال الشّيخ - رحمه الله تعالى - وأصل إبن الإنكشاري أنّه كان في صفاقس قائدا في زمن مراد باي، وكان ظلوما جهولا، مدمن خمر، قليل خير، فسلّط الله عليه الجذام، وكان متزوّجا بامرأة لها ولد من غيره يقال له «إبن الإنكشاري» نشأ في حجر هذا الظّلوم، فغذّي بالظّلم والفجور ونشأ عليه، فتمكّن من أبواب المخزن والظّلم والشؤم.

فلمّا وقعت الفتنة بين محمّد باي وأخيه علي باي تعلّق الإنكشاري بمحمّد باي حسبما مرّ (119)، ولمّا اختلفت الأحوال بين البايين، وتردّدت البلاد بينهما إتفق (120) أن قيد محمّد باي الحاج قاسم القفال، وجعل رايس أتباعه إبن الإنكشاري، وأرسل علي باي قائده محمّد صبّاح، فلمّا أتى البلاد (121) وجد البلاد (121) قد إحتوى عليها القفال والإنكشاري، فخاف صبّاح على نفسه ففرّ لزاوية الشّيخ أبي الحسن رحمه الله، فأقام بها مدة طويلة، فاتّفق رأي القفّال والإنكشاري على قتل محمّد صبّاح (122) بالزّاوية، فجمعوا نحو سبعين رجلا مسلّحين فتقدّموا بعد صلاة الظّهر للزّاوية فواجههم الشّيخ ونهاهم ووعظهم فلم يتّعظوا إلى قرب العشاء الأخيرة وهو يناشدهم الله تعالى، فأبوا

= والبادي أظلم، كما تدين تدان، والعبد يجازى بمثل ما صنع فأخرج من الزاوية هو وأتباعه ومماليكه وقتلا معا بالحديد الخ، نسئل الله السلامة والعافية ورأى بعض الناس الشيخ في تلك الليلة وهو يشيرها بهذا اهـ. قال الشيخ أبو الحسن: وقد أتى ابن ميلاد إلى صفاقس بسفينة بقصد أخذ الناس وقتلهم، أرسله ابن الشوك فتعرض له جماعة من أهل البلد في سفينة فظفروا به وقتلوه صبيحة يوم الرأيا وأراح الله المسلمين منه، وخرج وصيفه هاربا بها اذ كان حاضرا بزاوية أبي بغيلة بعد أن قتل سيده وكان دقّه رجل من أهل صفاقس بمخلب».

(119)

بعدها في ط: «قال أبو الحسن رحمه الله، وقد أتى إبن ميلاد إلى صفاقس في سفينة بقصد أخذ الناس وقتلهم أرسله ابن الشوك فتعرض له جماعة من أهل البلد بسفينة فظفروا به وقتلوه صبيحة يوم الرأيا وأراح الله المسلمين منه وخرج وضيفه هاربا بعد أن كان حاصرا بزاوية أبي بغيلة بعد أن قتل سيده وكان دقه رجل من أهل صفاقس بمخلب» .

(120)

في الأصول: «فاتفق» .

(121)

يقصد المدينة (مدينة صفاقس) طبقا للهجة صفاقس السائدة آنذاك التي سارت عليها العقود والمراسلات الرسمية. والرحالون الأجانب أيضا، وما تزال كلمة «بلاد» مستعملة في الوقت الحاضر لنفس الغرض، وقد استعملها المؤلف تارة، واستعمل «بلد» مرة أخرى لنفس المعنى. وقد عوضنا «بلاد» «ببلد» تفاديا للخلط بين مدينة صفاقس وكامل التراب التونسي دون الإشارة إلى ذلك.

(122)

في بقية الأصول: «إبن صباح» .

ص: 210

إلاّ كسر حرم الزّاوية فكسّروا الأبواب، قال الشّيخ أبو الحسن - رحمه الله تعالى - دخل الشّيطان الخبيث هو وبعض شياطينه على الرجل الهارب، فضربه الخبيث برصاصة فخرج فارا بنفسه فتلقاه من كان بوسط الزّاوية من الأشقياء، وهو عمر سعادة، فرموه بالرّصاص حتى وقع ميتا لوقته، ولم يكفهم ذلك حتّى احتزّوا رأسه / وكان الذي اشلاهم صاحب المكر الاسرائيلي قاسم القفّال (123) واشترط لهم هو وأمّه، إن حضروا برأسه بين يديه، مالا كثيرا.

قال بعض تلاميذ الشّيخ أبي الحسن: إنّ الشّيخ بعث مقدّم الزّاوية للقفّال يستنجده ويقول له: سيّدك واقف بين الرّصاص في باب البيت ربّما انقلبت بعض البندقيات فيصيبه لظنّه أنّه لا يخالف (124) لأنّه ربّاه بزاويته وتعلم عليه جملة وافرة من العلم، (فلم يلتفت لقوله وأرسل بعض أعوانه وهو يحضّهم على عدم الخروج حتّى يقتلوا إبن صبّاح)(125).

قال الشّيخ أبو الحسن: فبعد أيّام يسيرة أتاهم الخبر أنّ علي باي قادم عليهم بجيوشه ففروا بأنفسهم وأموالهم وحريمهم إلى طرابلس، قال: فأمّا المتجرّي الأكبر صاحب المكر الإسرائيلي والغدر أخذ جميع ما كان معه من المال وطلب وعذّب بالعصا ولم يظفر بصفاقس، وأما الفاسق خليفته - يعني إبن الإنكشاري - فرجع إلى البلد بعد ما أخذ العدوّ أهله وماله وجمعا من أصحابه وناله من الذّلّ (والإهانة ما علمه الله، وبقيت أمّه وأخوه وأخته وزوجها وعمّه وزوجه)(126) وبنوه ببلاد الكفار فلم يتعظ الفاسق بذلك حتّى فعل من الشّيطنة في البلد وتعدّي الحدود والفجور وارتكاب كل قبيح ما يقصر عنه الوصف، وحاز حصار البلد ولم يبق لأهل البلد شفاعة ولا نجدة، فسلّط الله عليه من اعتزّ به فقتله أشر قتلة بالحديد وغيره كما فعل هو بالمسلمين، وأراح الخلق منه، وتبدّد جمعه فمنهم من مات مقتولا / ومنهم من أسّر ومنهم من نفي، ولم يبق من أعوانه أحد إلاّ عوقب على قدر فعله اهـ.

وهذه إشارة إلى ما فعله إبن الإنكشاري، وذلك أنّه لما طالت الفتنة بين علي باي وأخيه محمّد باي - رحمهما الله تعالى - (وعفا (127) عنهما) (128) واشتغل كل منهما بنفسه

(123) ساقطة من ط.

(124)

في ت وط: «يخاف» .

(125)

في مكانها في بقية الأصول: «فلم يقتلوا صباحا» .

(126)

ما بين القوسين ساقط من ط.

(127)

في ش: «عفى» .

(128)

ما بين القوسين ساقط من ت.

ص: 211

انتهز إبن الإنكشاري الفرصة فاستأثر بالبلد وخرج عن طاعة الأخوين ونهب أموال الخلق، وتحكّم بظلمه وشؤمه فلا خاف من الله ورسوله ولا من سلطان يزجره، فمن أقبح صنائعه أن أنشأ له مركبا وجعل له (129) مقاذيف، وجمع جماعة من شبان البلد وشجعانهم، ومن عرف فيه أهلية أدخله طوعا أو كرها، وصار يقطع طريق البحر على المسافرين من النّصارى والمسلمين، فينهب الأموال ويقتل النّفوس إن نازعوه، وإذا (130) انتصف النّهار يركب بجمعه ويقصد جربة بحيث يكون موافاتها ليلا، فينزل على النّاس في منازلهم في زي النصارى فيأخذ أموالهم، ومن تكلّم منهم قتلوه، ويسافر ليلا فيصبح داخلا للبلد، فيظنّ أهل جربة أنّهم أخذتهم النّصارى ليلا وهربوا، وكذا يفعل بكل بلد قدر عليه، ويظهر لأهل صفاقس أنّه يحرس البلد ويحميهم من عدوّهم، وكلّ من أذنب ذنبا وهو أهل للسّفر معه لا يخلّصه إلاّ الدّخول معه وإلاّ عذّبه عذاب الهدهد، وخندق على البلد الخنادق، وسكن بالقصبة وطغى وبغى وحسب أنّ الشّر يدوم له.

فلمّا استقلّ محمّد باي - رحمه الله تعالى - بالأمر بعد وفاة عمّه وأخيه وموت إبن شكر / أرسل لصفاقس من قتل هذا الخبيث الفاجر، وطهّر الله الأرض من شؤمه وبغيه، وتفصيل ذلك يطول ولا فائدة فيه.

قال الشّيخ أبو الحسن رحمه الله: ولمّا وقع ما وقع من الأشقياء غلقت باب زاويتي وصرت أنتحب ليلا ونهارا، قال بعض تلاميذه: ولمّا صدر منهم ما صدر في الزّاوية غلق الشّيخ باب الزّاوية ولا بقي أحد يدخلها لا لقراءة ولا لزيارة ولا لصلاة ولا لغيرها، وفقدنا درسه (131) واشتقنا فيه نظرة، وتكدّر علينا زماننا وهاج شوقنا إليه بسببهم، وربّما عرضت له حاجة فيخبرنا بها بكتابة ورقة (132) يرسلها لنا اهـ.

وفي هذه الأزمان منذ تولي سيدي حسين رحمه الله وعترته - طهّر الله البلاد والعباد من أهل البغي والفساد، وتوالت الولاة من الحضرة داخلين تحت الأمر والنّهي أدام الله هذه النّعمة على عباده ولا أراهم ما يسوءهم بفضله وكرمه.

(129) في الأصول: «لها» .

(130)

في بقية الأصول: «ان» .

(131)

كان رحمه الله يعمل الميعاد (مجلس الوعظ) يوم الجمعة بقراءة كتب الوعظ والسير والمغازي على عادة أهل صفاقس في ذلك التّاريخ، ويعلّم التلاميذ علوم الطّريقة والحقيقة.

(132)

بسبب هذه المحنة بقي سيدي أبي الحسن معتكفا بزاويته مدّة خمسين سنة بين ذكر وعبادة ونسخ وتآليف إلى أن وافاه أجله. نفس المرجع.

ص: 212