الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأهل صفاقس وأوطانها فيه اعتقاد زائد فلا يقطعون زيارته على حول السّنة (671) وحقّ لهم ذلك، والله تعالى أعلم.
ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الوحيشي:
ومن أولياء الله العارفين بالله النّاشئين بصفاقس الشّيخ الصّالح المعتقد الجامع بين الحقيقة والطّريقة، الورع الزّاهد سيدي أبو الحسن / علي بن سعيد بن سعد الوحيشي، أصل جدّه - وهو الحاج سعد - من وادي العقيق وقيل من وادي الوحش من أرض الحجاز، نزل بقلّوس قرية من وطن صفاقس الشرقي، وتزوّج بامرأة من قصر تنيور (672) وهو (673) قصر علم جوفي صفاقس، واسم المرأة خديجة التنيورية، فولدت ولدين إسم أحدهما منصور واسم الثّاني سعيد، فانتقل سعيد لصفاقس فاستوطنها وحجّ وتزوّج بامرأة من صفاقس وصار يتّجر بين صفاقس والقيروان، وصارت له صحبة بذرّيّة الشّيخ عطاء الله (السلمي فزوّجوه بامرأة من ذرّية الشّيخ عطاء الله)(674) فأقام بها بالقيروان مدّة يسيرة، ثمّ انتقل بها إلى صفاقس فولدت له سيدي علي الوحيشي، وتوفّيت (675) وهو صغير، فحضنته زوجة أبيه الصفاقسية على كره منها له على عادة الرّبيب عند امرأة الأب، وكان في غاية الجمال، وغلب عليه الإنجذاب إلى الله، فلمّا ترعرع أسلمه أبوه للمكتب (676)، فلم تمض عليه مدّة إلاّ وقالت له علّم ولدك صنعة يعيش بها، فعلّم صنعة نسج الكتان على عادة أهل صفاقس، فغلب عليه زيارة الأولياء (677) كالشّيخ أبي بغيلة، والشّيخ اللّخمي، وابن التّين وغيرهم، وإذا أتى الليل جاء لأبيه (678)
(671) وللسود ميل خاص لهذا الولي، وكانوا إلى عهد غير بعيد يخصصون له أياما لزيارته ويقصدون ضريحه في موكب له طقوسه السمعية يتقدمهم تيس للذبح، وتحولت هذه العادة الآن إلى مهرجان شعبي منظم من طرف الهياكل الثقافية يقام في الخريف من كل سنة لمدة 3 أيام من 5 إلى 7 سبتمبر.
(672)
من ضواحي صفاقس، وإلى هنا لك طريق تسمّى طريق تنيور، شمال المدينة وتؤدي إلى بقايا قلعة أثرية لم تبيّن الدراسات أصلها بعد، وتنعت هذه البقايا عند العامة بقصر تنيور.
(673)
في ش وب: «هي» .
(674)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(675)
في الأصول: «توفت» .
(676)
الكتاب.
(677)
في ط: «الصّالحين الأولياء» .
(678)
في ط وب: «جاء أبوه» ، وفي ت:«جاء لأبوه» .
بمقطع (679) فاستعجبت إمرأة أبيه وقالت: هذا لا يكون من عمل يده، فتركته حتّى خرج للمنسج وأمهلت قليلا ثمّ ذهبت للمنسج لتبصر كيف ينسج، فوجدت المحلّ مغلقا فجعلت عينها في خرق الباب، فإذا بالمنسج ينسج وحده لنفسه (680) كأقوى ما يكون من النّسج (681)، فعلمت أنّ له شأنا /، ثمّ قالت لوالده إنّه كبر سنّه ولا يليق أن ينام معنا في بيت واحد، فافض (682) له بيتا، فصار إذا غلق الباب [ودخل](683) البيت يسمع معه كلام، فقالت إمرأة أبيه: ما هذا الكلام مع ولدك فلعلّ معه أحدا، فيقول لها: دعيه فإني غلقت باب الدّار (684)، ولا يمكن أن يدخل أحد (685)، فقالت لا بدّ من أن أذهب وأنظر ما عنده، فذهبت ونظرت من خلال الباب، فوجدته على كرسي ومعه ديوان منصوب بأولياء الله (686)، وهو يولي ويعزل، فيقول: أوليت فلانا وعزلت فلانا، [وهو] يتصرف في الولاة (687) بما شاء، فالتفت إلى زوجة أبيه وقال لها: كشفت السّتر، أعمى الله بصرك وقطع يدك، فكان ذلك في الحين (688)، فصاحت، فخرج والده فوجدها على تلك الحالة، فاعتذر إليه من فعلها وطلب منه العفو عنها إكراما له، فقال له (689):
هل تابت من شرّها؟ فقالت: تبت (690)، فدعا لها ومسح عليها فرجعت لسلامة أعضائها.
ثمّ زاد فيه الإنجذاب، وقوي به (691) الحال، فأمره والده بالذّهاب إلى البلاد الواسعة، فسار (692) إلى تونس وفتح دكّان عطّار وجعل يبيع الكثير بالثّمن القليل، وكلّ
(679) من النسيج.
(680)
في ط: «بنفسه» ، في ت وب:«لبسه» .
(681)
في ب: «المنسج» .
(682)
في ش: «فافضي» ، وفي ت:«فاجعل» .
(683)
ساقطة من ش، وفي ت:«إذا غلق الباب ودخل بيته» .
(684)
في ت: «فإني غلقت الباب أي باب الدار» ، والصواب:«أغلقت» .
(685)
في ط: «أن يدخل أحد من خلال الباب» .
(686)
في ت: «منصوب من الرجال بأولياء الله» .
(687)
ساقطة من ط وب.
(688)
ساقطة من ط وب وش.
(689)
ساقطة من ط وب وش.
(690)
في ت: «قد تبت» .
(691)
في ط: «فيه» .
(692)
في ط: «فسافر» .
من سأله (693) عن شيء أعطاه ولم يره أحد أدخل حانوته (694) شيئا فتعجّب النّاس من أمره وكثر ازدحامهم عليه وقصدوه من جميع الجهات، وربحوا منه ربحا كثيرا فاقت الحصر، فغار منه (695) أهل السوق، واشتكوه (696) لمراد باي أبي (697) حمّودة باشا وقالوا (698): هذا رجل أقبلت عليه النّاس، ويخشى منه تغيير (699) الدولة، فأمروه (700) بالخروج من تونس ويتوجّه حيث شاء.
وكان الشّيخ سيدي علي العيوني (701) رحمه الله بالقيروان / عنده دلاعة محتفظا عليها (702)، وكلّما سأله تلاميذه أن يعطيها لهم يقول هي لصاحبها، فلمّا خرج الشّيخ من تونس توجّه للقيروان، فزار السّيّد الصاحب ثمّ توجّه للشّيخ العيوني، فلمّا رآه من بعيد قادما عليه قال لتلاميذه: هذا صاحب الدّلاّعة قد أتى، فلمّا وصل سلّم على الشّيخ العيوني ففرح به وأخذ سكّينا وقطع الدّلاّعة قطعا بقدر ما تدخل فيها اليد، فجعل يعصرها في قشرها حتّى صارت ماء فقال: افتح فاك وسقاه جميع ما فيها فخرج وقد أخذه من الحال ما أدّى إلى نبذ ثيابه من فوق جسده، وكان نقي البشرة فجعل النّاس يسترونه وهو يلقي ما يوارونه به، وصار يدور بالأزقّة وهو غير مالك نفسه فغيّر الله بياض بشرته ببعض سواد سترا لجماله.
ولمّا دخل حمودة باشا بن مراد للقيروان، وبين يديه شاويشه لمنع النّاس من الطّريق، لقي الشّيخ بالطّريق فأمره بالتنحّي عن الطّريق أوّلا وثانيا وثالثا وهو لا يلتفت إليه ولا يشعر به فضربه بقضيب بيده (703) ثلاث ضربات فذهب الشّيخ ولم يقدر الشاويش على الإنتقال من موضع ووقف فرس الباشا ولا علم عنده بما صدر من
(693) في ت: «يسأله» .
(694)
في ت: «للحانوت» ، في ب:«حانوت» .
(695)
يقصد حسدوه، وفي ت:«فعرموه» .
(696)
في ط: «واشتكوا به» .
(697)
في ت: «والد» .
(698)
في ت: «وقالوا له» .
(699)
في ط: «تغير» .
(700)
في ط: «فأمره» .
(701)
في ت: «العويني» .
(702)
ساقطة من ط.
(703)
ساقطة من ط.
الشّاويش (704) فسأل وقال هذه القيروان بلاد الصّالحين ولا ندري كيف الحال، فعرّفوه بما صدر من الشّاويش، فقال: وأين الذي ضربتموه؟ فقالوا: إنه يذهب للشّيخ العيوني، فنزل عن فرسه وأتى الشّيخ (705) معتذرا يقبّل اليد والرّجل ويطلب الإقالة والصّفح، فقال: لا أصفح عنك حتّى تذهب معي، فقال: السّمع والطّاعة / فذهب معه إلى مكان الزّاوية الآن فقال له: تبني لي هاهنا زاوية، وحدّد الشّيخ طولها وعرضها وحرمها من المكان الذي وقفت فيه الفرس، فأجابه لما طلبه، فاشترى الأماكن التي أخذها الحدّ، فكانت إحدى عشرة دارا، فجعلت زاوية.
ولمّا خرج القائد سعيد بن صندل قائد أعراب محلّة الجريد (وخلصت مجابي الجريد)(706) طلب من كبير عساكر الترك أن يأخذ معلومه من المجابي، فأبى عليه كبير العسكر، فتشاجر إلى أن اغتاظ كبير العسكر، فاستلّ سيفه وضرب رأس القائد سعيد فقطع قطعة من رأسه لم تنفصل، فصاح القائد: يا رجال الله، فتقدّم إليه رجل ومسك القطعة وردّها إلى موضعها فصارت كما كانت، فقال: يا سيدي بالله عليك إلاّ ما عرّفتني من أنت؟ فسأله بالله ورسوله والكعبة المشرّفة وطلب له من الله حسن الختام، فبكى وقال: سألتني بالله الذي لا يغيب عن قلبي، وبرسول الله وهو لا يغيب عن بصري، وبالكعبة وأنا لا أصلّي إلاّ بها، ودعوت لي بحسن الختام وهو الموقف الصعب الهائل فلذا أبكاني وقد خاف منه فحول العلم والعمل، فأنا علي الوحيشي بالقيروان (707)، فلمّا رجع دخل القيروان، وسأل عن (708) الشّيخ، فلمّا رآه عرفه فحبّس على الزاوية حمّاما وهنشيرا وغير ذلك من الرّباع سنة إحدى وستّين وألف (709).
ثمّ إن الشّيخ كثرت كراماته، وشاعت بركاته، فقصد النّاس الشّيخ بالزّيارة واحتاجت الزّاوية للسّماط، فقام بذلك أخوال الشّيخ من ذرّيّة الشيخ عطاء الله، فقاموا / بذلك حقّ القيام، فتولّوا قبض مدخولها وبسط مخروجها، ومشى حال الزّاوية، فلمّا سمع بذلك عمّه الحاج منصور قدم إليه بولده سيدي سعيد فقام بالزّاوية عوضا عن أخوال الشّيخ.
(704) في ت: «الشاوش» .
(705)
في ت: «أتى إلى الشيخ» .
(706)
ما بين القوسين ساقط من بقية الأصول.
(707)
في ت: «بمدينة القيروان» .
(708)
في ط وب: «على» .
(709)
1651 م.