الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعالج الخروج فلم يقدر حتّى طلع نهار، وجاء أصحاب القماش فأخذوا قماشهم وتركوا سبيله.
وعلى ضريحه هيبة وجلالة تقشعّر منه الجلود، قال بعضهم: علامة الولي أنك إذا وقفت على ضريحه وجدت من نفسك قبضا أو بسطا، وعلامة غيره أن لا تجد شيئا منهما، وهذا مشاهد محسوس (424)، فضريح الشّيخ اللخمي عليه أنس وبسط مشاهد معروف عند كلّ أحد، وضريح الشّيخ سيدي محمّد الكراي عليه من المهابة ما هو / مشاهد لكلّ من زاره.
ترجمة الشّيخ علي بن عبد النّاظر:
ومن مشايخ صفاقس المشهورين بالفضل والصّلاح: سيدي أبي الحسن علي بن عبد النّاظر، قبره مشهور (425) وعليه قبّة في الرّبض، خارج باب البحر، بالقرب منه من جهة الغرب. أصله من قرية ملّول (426)، وهو من ذرية سيدي أبي محمد عبد النّاظر صاحب الشّيخ أبي علي سالم بن أبي عثمان سعيد القديدي بلدا، الحضرمي نسبا، القيرواني مسكنا ومدفنا.
قال في معالم الإيمان لمّا ذكر مناقب الشّيخ القديدي المذكور قال: فمن كراماته ما حدّثني من نثق به قال: وقعت بين عروة وملّول فتنة، وهما قريتان من عمل المهدية، وسبب ذلك أنّ أهل عروة سرقوا لأهل ملّول حوائج وحليا، واتّهموهم بذلك، فأنكر أهل عروة ذلك، فمشى الشّيخ الصّالح أبو محمّد عبد النّاظر وهو من أهل ملّول إلى أهل عروة وتحدّث معهم في السّرقة فأنكروها وحلفوا فضاق عبد النّاظر من ذلك ثمّ قال: ما لهذه المسألة غير الشّيخ أبي علي سالم والفقيه أبي زيد عبد الرّحمان الأجمي، فركب وسار إلى الشّيخ أبي علي وهو بمنزل قديد، فلمّا وصل سلّم عليه وقال له: ما أتى بك يا شيخ أبا محمد؟ فأخبره بالقضيّة وقال: تأمرني أن أمشي إلى الشّيخ الفقيه أبي زيد الأجمي لمؤانستك؟ قال له: افعل ما تريد، فمشى وأتى به وساروا جميعا حتّى وصلوا إلى القريتين
فقالوا: بأيّتهما نبدأ؟ فقال الشّيخ أبو علي: نبدأ بعروة، فخرج أهل البلد كلّهم للقاء الشّيخ أبي علي، وحلفوا عليه لينزلنّ عن فرسه، فامتنع / من ذلك، فألحّوا عليه، فقال: ما ننزل عندكم إلاّ على شرط أن تطعمونا الجرادق والعسل، فقالوا: هذا أيسر ما عندنا، وإنّما أردنا أن نذبح الدّجاج ونكثر من الطعام، ولو أمكننا التّقرّب إليك بأنفسنا لفعلنا، قال: لا، (427) إلاّ (428) الجرادق والعسل، قالوا: نعم، ثمّ نزل الشّيخ عن فرسه وجلس ووجّه معهم فقيرا من فقرائه وبيده قصعة ليأخذ فيها العسل، فلمّا أتوا إلى سرير النّحل وفتحوا أوّل بيت من بيوت النّحل وجدوها دودا فغلقوها وعمدوا إلى الثّانية فكانت كذلك، فعمدوا إلى الثّالثة، فلما فتحوها وجدوا فيها الحوائج والحلي الّذي لأهل ملّول، فأخذ الفقير الحوائج في طرفه وأتى بها إلى الشّيخ أبي علي، فلمّا وضعها بين يديه قال الفقيه أبو زيد الأجمي: يا سيدي أبا علي، لقد أطلعك الله على أمر عظيم، فسبحان من وهبك هذا السّرّ، فقال الشّيخ: يا فقيه أبا زيد تعجب من ذلك؟ المنّة لله وحده وما ذلك على الله بعزيز، ثمّ قال الشّيخ عبد النّاظر: يا فقيه أبا زيد قال الله العظيم {ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (429) ولا تستكثر هذا من الشّيخ أبي علي فإنّه شيخ الإطّلاع والمكاشفة والمراقبة، فقال الشّيخ أبو علي: لا تتّهموني فإني أعرف بنفسي، وهذا الذي ظهر لنا هو نيّتكم وخواطركم ثمّ أخذ أهل منزل عروة من الحياء والحشمة ما أفهمهم (430)، واستحيوا من الشّيخ لما وقعوا فيه، وقالوا: ما علمنا من فعل هذا فلا تؤاخذنا واجبر كسرنا / فقال: توبوا إلى الله عز وجل فتابوا، ثم قال الشّيخ: تاب الله علينا أجمعين.
وتوفّي الشّيخ أبو علي القديدي يوم الجمعة قبل الزّوال لثمان عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من عام تسع وتسعين وستمائة (431)، ودفن بقبر كان أمر بحفره قبل وفاته بثلاث سنين بزاويته المبنية بمدينة القيروان (432).
وتوفّت والدته أمّ سلامة (433) واسمها زينب في اليوم الثّاني والعشرين لذي الحجة
(427) ساقطة من ط وب وت.
(428)
ساقطة من ب.
(429)
سورة الجمعة: 4.
(430)
في ط: «أبهمهم» .
(431)
5 أوت 1300 م.
(432)
الحقيقة التّاريخية للتّصوّف الإسلامي 258 - 259.
(433)
في ط: «أم سلمة» .
مكمل عام تسعين وستمائة (434)، وقبرها بمسجد الزّاوية مشهور يزار ويتبرّك به.
وكان الشّيخ الصّالح أبو محمد عبد النّاظر الملّولي يزورها، وأوصى ولده الصّالح (435) أبا علي محمّد [بأن] يزورها فكان يزورها في كلّ وقت، وعلي الذي كنّي به محمد الذي أمره الشّيخ عبد النّاظر بالزيارة هو سيدي علي عبد النّاظر صاحب هذه الترجمة.
فإن أهل ملّول انتقلوا لصفاقس وإلى الآن يقال لهم الملالة (436) ومن جملتهم أبناء عبد النّاظر، وأولاد الوافي، والدرايسة (437) والبكاكشة (438)، كما أنّ أهل عروة (439) انتقلوا لسوسة.
وسبب انتقال أهل ملّول لصفاقس أنّ شيخ القرية كان له صديق بصفاقس عمل عرسا، فسمع الملّولي بذلك، فاحتمل جانبا من العسل لصاحبه وتوجّه به إليه فلقيه أعرابي فسأله فعرّفه بقصده، فقال: أنا أولى بالعسل من صاحبك، فاعتذر إليه فأبى وأخذه رغما عليه، فرجع من القهر واحتمل أهله إلى صفاقس، فاتبعه أهل القرية وخربت.
ومكان هذه القرية مكان قبة سيدي أبي النّور.
ذكر إبن ناجي في مناقب الشّيخ أبي عفيف صالح بن عبد المعالي الصدفي (440) وكان من أئمة الكتاب / والسّنّة وله كرامات كثيرة من جملتها أنّ الشّيخ كان يوما سائرا مع أصحابه ببني (441) جرير بلده، وإذا به قال لأصحابه: كبّرّوا، فكبّروا بتكبيرة أربعا، وسلّم (442) وسلّموا معه، فظهر الأمر أنّ تلك السّاعة صلّى فيها على الشّيخ أبي الضّياء بنّور بملّول وبينهما مسيرة نحو يومين.
وتوفّي الشّيخ صالح الصدفي ببني (443) جرير سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة (444)
(434) 16 ديسمبر 1291 م.
(435)
ساقطة من ط.
(436)
جمع واحدة - ملّولي.
(437)
جمع واحدة إدريس.
(438)
جمع واحدة بكّوش، وكل هذه الأسر باقية بصفاقس إلى الآن.
(439)
ولقب العروي موجود بسوسة والمنستير.
(440)
معالم الإيمان.
(441)
ساقطة من ط.
(442)
ساقطة من ط.
(443)
في ط: «يعني» .
(444)
1370 - 1371 م.