الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الشّيخ عبد السّلام الفراتي:
فتولّى بعده ولده الشّيخ الحاج حمّودة، فقام مقام والده في جميع مرتّباته شركة أبناء عمّه إلى أن انتقل بالطّاعون إلى رحمة الله تعالى سنة تسع وتسعين ومائة وألف (77)، فاستقلّ بالخطبة والإمامة والتّدريس الشيخ سيدي عبد السّلام إبن الشّيخ الخطيب عبد العزيز وولي القضاء من قبل ذلك، فكان إماما خطيبا مدرّسا قاضيا، وله رياضة ولين جانب وسياسة وتحمّل لجفاء الجفاة، وإعراض عن اللغو وسقط (78) / الخصوم، فلذا طالت مدّته في القضاء، - وفّقنا الله وإياه (79) لما يحبّه ويرضاه، وأجرى الصّالحات على يديه -.
وممّا جرى من الصّالحات على يديه مصلّى (80) الرّبط فإنه (80) مضى عليه (80) سنون متطاولة معطّل عن إقامة الصّلاة بها إلى سنة سبع ومائتين وألف (81) وكان أوقف عليه المعلّم علي عباس صاحب إنشاء السّفن بعض رباع، وجعل النّظر في ذلك لأعقابه (82)، فاجتمع من غلال الوقف مال تخاصموا عليه وعطّلوا الصلاة بالمصلّى، فانتبه له الشّيخ القاضي فرتّب له من يصلّي به وأحياه بعد دثوره أثابه الله على ذلك.
ترجمة الشّيخ محمّد بن المؤدّب الشّرفي:
ومن أجلّ أعيان فضلاء صفاقس وفقهائها الشّيخ الفاضل والهمام الكامل معدن العلوم وإكسيرها وكاشف أسرار الحقائق وتحريرها شيخ الطّريقة والحقيقة سيدي محمّد الشّرفي إبن المؤدّب - رحمه الله تعالى - وأعاد عليّ وعلى المسلمين من بركاته وصالح دعواته.
كان - رحمه الله تعالى - رئيسا في علوم الدّين من فقه، وحديث، وتفسير، وقراءة، وتوحيد، وعربية بأنواعها، وأصول فقه، وسير ومغاز، وغير ذلك.
تفقّه بصفاقس على الشّيخ النّوري والشّيخ الفراتي (83)، ثمّ انتقل لبرّ المشرق فأخذ
(77) 1785 م.
(78)
في ط: «شقص» .
(79)
ساقطة من ط.
(80)
أنّث المؤلف الضّمائر العائدة عليه فصوّبناها.
(81)
1792 - 1793 م.
(82)
في ط: «لبعض أعقابه» .
(83)
هو عبد العزيز.
عمّن لقي من مشايخ الجامع الأزهر كالشّيخ العمدة الثقة المتقن المتفنّن الفهّامة الحيسوبي الفلكي صاحب الزيج المعروف، نادرة وقته أبي العبّاس سيدي أحمد الشّرفي (84) الصّفاقسي نزيل مصر / فأخذ عنه ما معه من علوم الرياضي، وأتقن معرفة أعمال الأرباع الجيبية والمقنطرة، وانفرد في صفاقس بتلك الصناعة، فأخذها عنه (85) كثير من النّاس.
ولمّا ظهر فضله وصلاحه إبتنى له السّلطان المرحوم برحمة الحيّ القيّوم سيدي حسين باي مدرسة بصفاقس قرب المسجد (86) الأعظم فكانت على قلبه رحمه الله ظاهرة النور، يجد داخلها سرورا وبهجة، فرتّبه (87) بها وعمرت بطلبة العلم من أهل الوطن (88) وغيرهم ولمّا كما بناؤها أنشأ أبياتا تشتمل على تاريخ بنائها فقال:
[الكامل]
سعد الزّمان وأشرقت أنواره
…
وبدا (89) السّرور وهذه آثاره
بحسين بن عليّ الباي (90) الّذي
…
طابت بطيب فعاله أخباره
يا حبّذا للعلم مدرسة بنى
…
بصفاقس فعلا (91) بذاك مناره
فاقت (92) برونقها البديع وحسنها
…
روضا تضوع نوره وبهاره
في عام شوقك للبنا تاريخها (93)
…
يا من سما بين الملوك فخاره
لا زلت أهلا للفضائل والعلا
…
ما دام دهر ليله ونهاره
(84) أحمد بن محمد بن عبد السلام الشرفي الصفاقسي الأصل، المصري المولد والقرار، كان والده شيخا على رواق المغاربة بالأزهر، (ت. في 17 ربيع الأول سنة 1188/ 1774) أنظر شجرة النور 341، تاريخ الجبرتي: عجائب الآثار 1/ 470، دار الجيل، بيروت 1978، ط.2، معجم المؤلفين 2/ 119.
(85)
ساقطة من ط.
(86)
ما زالت قائمة وتحولت إلى مدرسة ابتدائية في السنوات الأولى من الاستعمار الفرنسي حوالي 1303/ 1886، وهي تمتد من وسط نهج العدول قرب رحبة الرماد إلى طرف نهج العدول قرب البطحاء القريبة من الجامع الكبير، وبابها في هذه الجهة مزين بالمسامير الغليظة حسب تقاليد العصر التركي.
(87)
في ط: «فرتب» .
(88)
يقصد صفاقس وعملها.
(89)
في ش وب: «وبدى» .
(90)
في ط: «باي» .
(91)
في ش وب وت: «فعلى» .
(92)
في ط: «فافتر» .
(93)
في عام شوقك للبنا تاريخا 1000 - 6 - 100 - 20 - 1126.
والراجح أن هذا تاريخ الفراغ من بنائها والمستفاد من كلام الوزير السراج أن ابتداء تأسيسها كان في سنة 1124/ 1712 إذن فقد استغرق البناء نحو عامين. راجع الحلل السّندسيّة 3/ 230.
وقال أيضا:
[البسيط]
لله درّك يا فخر الملوك ومن
…
غدا بمهجته للخير ملتمسا
أنشأت للعلم في ذا العصر مدرسة
…
تحيي بها من علوم الدّين ما اندرسا
حسين بن عليّ الباي أسّسها
…
من لم يزل لضياء المجد ملتمسا
في عام (94) خير ونصر أصل نشأتها
…
أكرم بأصل بذاك (95) العام قد غرسا (96)
وكان - رحمه الله تعالى - جيّد النّظم والنّثر إلاّ أنّ غالب نظمه في الجدّ / من مدح أهل الفضل من مشايخه ومشايخ عصره، واستغاثات وقواعد فلكية وأدبية وغير ذلك.
وجرت بينه وبين شيخه الفراتي محاجّة وأجوبة، وامتدح الشّعراء ومدحوه فمن ذلك ما مدح به أبا دينار (97) شاعر تونس ذلك الوقت فقال:
[الوافر]
وقائلة أرى الأيّام ولّت (98)
…
وأعقب حسن (99) بهجتها الذّبول
وأودى كلّ ذي أدب ولبّ
…
وساد (100) الغمر فينا والجهول
فناداها الزّمان وقال: كلاّ
…
ضللت إذا (101)، وقد وضح السّبيل
ثكلتك ها أبو دينار أضحى
…
له بين الورى ذكر جميل
له أدب يحيّر كلّ لبّ (102)
…
ويدهشه (103) إذا أنشأ يقول
له في مضمر (104) البلغاء شأو
…
بعيد ليس تدركه (105) الفحول
إذا ابتدروا لنيل المجد فيه
…
أبا دينار أنت له كفيل
(94) ساقطة من ط.
(95)
في ط: «ذاك» .
(96)
الأبيات في المدرسة غير موجودة في الديوان.
(97)
هو المعروف بابن أبي دينار الرعيني القيرواني صاحب المؤنس.
(98)
كامل الصدر ساقط من ب.
(99)
ساقطة من ط.
(100)
في ط: «وسار» .
(101)
الأحسن أن تكتب: «إذن» تفريقا بينها وبين: «إذا» كما هو رأي بعضهم.
(102)
في بقية الأصول: «لب» .
(103)
في ط: «ويدهش» .
(104)
في ط: «ضمير» .
(105)
في ط: «يدركه» .
فإن طلعت لهم فيه نجوم
…
فشمسك فيه ليس لها أفول
لقد أصبحت في ذا العصر شمسا
…
تضيء بك البصائر والعقول
عليك تحيّة ما فاح روض
…
وما مالت غصون أو تميل (106)
فلمّا بلغ أبا دينار ذلك أجابه بقوله:
[الوافر]
لمثلك ما يقال ولا مثيل
…
أهذا (107) الفخر والعقل (108) الجميل
أيا قمرا تبدّى في علاه (109)
…
لرائيه، وليس له وصول (110)
ومن أحيى وحيّر في نظام
…
علاه الفخر والفضل الجليل
بعقل تحسد العقلاء عنه
…
ونقل قد تحيّر له العقول
إذا الفصحا [قد](111) اشتهروا بقول
…
فأنت القصد تعلم ما تقول
إليك تشد أزمّات المطايا
…
ونحو (112) حماك قد نزل الرّعيل /
وفي شرف المعالي أنت شمس
…
لناظرنا تلوح، ولا أفول!
بنو الشرفيّ إن فرضوا لمجد
…
فريضتهم بمجدك قد تعول
سقا قبر الذي أبقاك (113) فينا
…
من الرحمات وابلها هطول
وأسقى فرعه بالجود حتى
…
يميل لنا وعنّا لا يميل
متى نحظى بوصل واجتماع
…
ونهنا (114) فلا كتاب ولا رسول
وإن أمّت بنا حال وحالت
…
علمنا الودّ منك (115) لا يزول
تعيش على الدّوام بكلّ خير
…
لك التّوفيق والعمر الطّويل
مودّة من مضى في النّاس ماتت
…
وأحياها لنا الحبر النّبيل (116)
وقد فسح الله في مدّته حتّى ألحق الأبناء بالآباء، وأخذ عنه خلائق لا يحصون، فمن ذلك الشّيخ المفتي أبو العبّاس سيدي أحمد الشرفي، ونجله سيدي حسن، وأخذ عنه
(106) أنظر ديوان محمد الشرفي الصفاقسي ص: 55، تونس 1979.
(107)
في ط: «لهذا» .
(108)
في الديوان: «الفعل» .
(109)
في الديوان: «علاء» .
(110)
في ط: «أفول» .
(111)
إضافة من الديوان.
(112)
في ط: «ونحوك» .
(113)
في الديوان: «خلاك» .
(114)
في بقية الأصول: «ونهنى» .
(115)
في الديوان: «منكم» .
(116)
أنظر ديوان محمد الشرفي ص: 56.