الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الحكموني:
ثم تولّى بعده منصب الفتوى بعد القضاء نجله الأسعد أبو عبد الله محمد، تفقّه على الشّيخ النّوري، والشّيخ الخطيب أبي عبد الله محمد الشّرفي، والشّيخ الفراتي (736) الأكبر، وعلى الشّيخ سيدي محمّد الشّرفي إبن المؤدب.
وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - يوم الثلاثاء قبل طلوع الشمس، أوّل يوم من شهر محرّم فاتح شهور سنة خمس وأربعين ومائة وألف (737).
ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي النّوري:
ومن أجلّ أعيان فضلاء متأخّري (738) صفاقس شيخ شيوخنا الشّيخ أبو الحسن سيدي علي النّوري (739).
كان - رحمه الله تعالى - ثقة عمدة في علوم الدّين من حديث وتفسير وفقه / وقراءة وعربية وأصول الدّين وأصول الفقه ومغاز وسير وميقات وتصوّف وما يتبع ذلك، وما يتوقّف عليه.
ألّف في اختلاف القرّاء كتابا حافلا سمّاه غيث النفع، وكتابا في علوم التّجويد سمّاه تنبيه الغافلين حاذى به إبن المفضل (740)، وألّف عقيدة في التّوحيد إعتنى النّاس
(736) يقصد به عبد العزيز الفراتي.
(737)
24 جوان 1732 م.
(738)
ساقطة من بقية الأصول.
(739)
ممّا يجب التّنبّه إليه تصحيح إسم والده وسلسلة آبائه لأنّه وقع في مصادر ترجمته ومراجعها حتّى المتأخرة أنّه علي بن محمد بن سالم أو سليم، والذي وقفنا عليه بخط يده أنّه علي بن سالم بن محمد بن سالم بن أحمد بن سعيد، فهذا المعتمد وما سواه خطأ.
(740)
علي بن المفضل بن علي اللخمي المقدسي ثم الإسكندراني المالكي، محدث فقيه (ت. بالقاهرة في مستهل شعبان سنة 611/ 1214)، سمع من الحافظ السلفي، وعنه أخذ عثمان بن سفيان التميمي التونسي عرف بابن شقر، له مؤلفات في الفقه والحديث، ولم يذكر له مترجموه اشتغال بالقراءات والتجويد، والمؤلف سامحه الله شح بالبيان، وغاية ما وجدنا في غاية النهاية 2/ 385 أنه سمع من المقرئ السبع بن عيسى بن حزم الغافقي الجياني الأندلسي نزيل مصر والمتوفي بها سنة 575/ 1179 أنظر: معجم المؤلفين 7/ 244، المستدرك على معجم المؤلفين ص: 514، شجرة النور 165، العبر للذهبي 5/ 38 - 39.
بشرحها كالشّيخ أحمد الغرقاوي (741) المصري، والشّيخ أبي الحسن علي المؤخّر (742) تلميذه والشّيخ أحمد العصفوري (743) التّونسي، وبعض فضلاء الفاسيين (744)، وله رسالة مشتملة على قواعد الإسلام وأحكام الطّهارة والصّلاة شرحها الشّيخ النفراوي (745) المصري، وشرحها هو بشرح ولم يستكمله (746)، وله رسالة في الميقات سمّاها إنقاذ الوحلة في معرفة الأوقات والقبلة (747).
وكان إبتداء أمره يتعلّم على الشّيخ أبي الحسن الكرّاي وفقهاء بلده، فلمّا اشتدّ عمل على الذّهاب لتونس لتوفّر فقهائها فمنعه والده خوفا عليه فأبى إلاّ الذّهاب، فسافر إليها واشتغل بالعلم، ولم يكن بيده قوّة مال، فلمّا نفذ ما بيده اشتدّ به الحال حتى صار يشتري شيئا يسيرا من التّمر يغليه على بقيّة نار الطّلبة ويشرب ماؤه ليمسك به رمقه، ويفعل به ذلك مرّات، فإذا انقطعت (748) حلاوته إشترى شيئا يسيرا غيره والطّلبة يظنون أنّ له (749) طعام مثلهم، وذلك حرصا على العلم وتعفّفا كما قال تعالى:{يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (750) وكان عليه سيماء الصّالحين فاطّلع عليه بعض أهل الخير، فعيّن له كلّ ليلة نصيبا من الطّعام يبعث له به يقتاته على جاري عادة أهل / الفضل من تونس المحمودة قلّ من يشاركهم فيها إلاّ من تشبّه بهم.
(741) أحمد بن أحمد بن عبد الرحمان الفيومي الغرقاوي المالكي (ت.1101/ 1689 - 1690) وسمي شرحه: «الخلع البهية على العقيدة النورية» ، ومنه قطعة في المكتبة الوطنية بتونس وكان الشرح في حياة المؤلف.
(742)
بشرح سماه: «مبلغ الطالب إلى علم المطالب» ، كتبه في حياة شيخه المؤلف، يوجد في المكتبة الوطنية بتونس.
(743)
وسماه: «الفوائد العصفورية على العقائد النورية» .
(744)
هو علي بن أحمد الحريشي (بالتصغير) نزيل المدينة المنورة (ت.1143/ 1730) وشرحه يسمّى: «المواهب الربانية على العقيدة النورية» ، منه نسخة في المكتبة الوطنية بتونس ونسخة بالخزانة العامة بالرباط ضمن مجموع.
(745)
أحمد بن غنيم بن سالم النفراوى بالراء المهملة (ت.1225/ 1810) ويوجد شرحه بالمكتبة الأزهرية.
(746)
وهذا الشرح يسمى: «الهدى والتبيين فيما فعله فرض عين على المكلفين» منه قطعة كبيرة غير متتابعة الأوراق وهي بحالة غير جيدة. بالمكتبة الوطنية بتونس.
(747)
بهذا الإسم طبعه الشيخ الحاج صالح العسلي بتونس سنة 1331 هـ ، لكن بتصفح الأوراق الأولى منه نجد أن المؤلف سماه:«المنقذ من الوحلة في معرفة السنين وما فيها من الأوقات والقبلة» ، في 78 ص: من القطع الصغير.
(748)
في ش: «انقطع» .
(749)
في ش: «انه له طعام» ، وفي بقية الأصول:«أنه طعام» .
(750)
سورة البقرة: 273.
ثمّ أرشده (751) بعض أهل الخير والصّلاح للذّهاب إلى مصر لينال من بركة البقعة المباركة التي أسّست في ساعة سعد لهذه الأمّة، وهو الجامع الأنور الأزهر - جعله الله عامرا بالعلم وأهله إلى آخر الدّهر -، فذهب متوكّلا على الله تعالى ففتح الله عليه، ونال سعادة الدّنيا والآخرة، فأخذ عن الشّيخ أبي عبد الله سيدي محمد الخرشي، وعن الشهاب أبي العباس أحمد العجمي، وعن الشّيخ سيدي إبراهيم الشبرخيتي، والشّيخ أبي البركات سيدي يحيى الشّاوي الجزائري، والشّيخ العناني، والشّيخ الشيراملّسي (752)، والشّيخ البشبيشي (753) ومن في تلك الطبقة من فقهاء المذهب، وأخذ القراءات (754) عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد الأفراني المغربي السوسي نزيل مصر، كما أخذ طريق القوم عن الشّيخ سيدي محمد بن ناصر [وقد رأيت مكتوبا بخطّه ما نصّه: قال كاتبه لطّف الله به: قرأت على شيخنا (755) الشّيخ شرف الدّين شيخ الإسلام الأنصاري من صحيح مسلم الخ، وسمعت من شيخنا العجمي أوّل حديث من الشّمائل بقراءة صاحبها الشّيخ علي الفرغلي وأجازنا - حفظه الله - وقال أيضا: إجتمعت بالشّيخ الصّالح سيدي علي (756) الشّنواني بعد زيارة سيدي أحمد البدوي وأخذت عليه الطّريقة الأحمدية وتلقّنت منه الذّكر، (ثمّ ارتحلت إلى المنصورة واجتمعت فيها بالشّيخ الصّالح المسنّ الشّيخ سالم البحري وتلقّنت منه الذّكر)(757) وأخذت عليه الورد وهو أخذ عن قطب الزّمان سيدي أحمد الخامي اهـ كلامه رحمه الله، وهذا بعد ما كان ينكر عن أهل الحال (فصار منهم وأخذ طريقتهم نفعنا الله به آمين)(758)] (759).
قيل لمّا فتح الله عليه بما قسم الله له من العلم عرض عليه بعض أغنياء التّجّار التّزويج ببعض بناته، فاستشار الشّيخ سيدي يحيى الشّاوي رحمه الله في ذلك،
(751) في ط: «أرسله» .
(752)
في ش: «الشبراصلي» ، وفي ب:«الشيرملسي» .
(753)
في ط وب: «الشبيبي» .
(754)
في ش: «القراءة» .
(755)
في ت: «شيخنا الشريف» .
(756)
في مكانها بياض في ط وب.
(757)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(758)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(759)
ما بين حاصرتين زيادة من بقية الأصول.
فأمره بالذهاب إلى ميضاة (760) الجامع الأزهر وقال له: أمكث بها ليلا وارتقب ساعة انقطاع النّاس فإذا لم تجد إلاّ رجلا واحدا فهو صاحب الوقت فاستشره وافعل ما يأمرك به، ففعل، فلمّا رأى صاحب الوقت إستشاره، فقال له: يا علي يا نوري (761):
إذهب نوّر المغرب فمن ذلك الوقت / إشتهر لقبه بالنّوري، فامتثل ما أمره به ورجع إلى المغرب بعد ما أخذ إجازات المشايخ المتقدّمين، وانتظم في سلكهم فقدم على صفاقس بما معه من علوم الدّين، فعلّم المسلمين بنصح، وبذل جهده ومهجته (762).
ولمّا قدم وجد النّاس يشكون جور أهل مالطة - دمّرها الله وأخلى منهم الأرض - فتشاور مع أهل الفضل في إنشاء سفن للجهاد، فوافقه أكثر النّاس على ذلك فأنشؤوا سفنا جعل الله فيها بركة وانقطع بها جور الكفرة، وغنم المسلمون منهم خيرا كثيرا، وجعل مقدّما على السفن يأتمرون بأمره، ويصلّي بهم إماما الشّيخ الصّالح إبن أخته الحاج الأبر أبا عبد الله محمد قوبعة معلّم أطفال المسلمين، وكان مقدّما على ضريح الشّيخ سيدي منصور الغلام - نفعنا الله به -.
ولمّا كان كلّ ذي نعمة محسودا حسد أهل الشّرّ الشّيخ النّوري وسعوا به إلى سلطان الوقت بتونس وخوّفوه أن يكون سببا في تغيير الدّول لما رأى من إقبال الخلق عليه وامتثالهم أمره كما وقع في أيّام ابن تومرت وأمثاله - حسبما مرّ مفصّلا - فأرسل السّلطان جماعة من رجاله لأخذ الشّيخ وأتباعه ونهب أموالهم، فأرسل بعض أهل الفضل كتابا للشّيخ يحذّره قبل وصول رجال السّلطان، فلبس حرام إمرأة ونعلها وخرج [مع نسوان الشّيخ أبي عبد الله السيالة](763) مستخفيا مهاجرا بدينه، وقال:(764){لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (765) فذهب في خفاء [مع خديمه إبن الأكحل إلى أن وصل](766) لزاوية الشّيخ سيدي أبي حجبة (767) بين تونس وزغوان، ولمّا دخل رجال
(760) من العجب أن لا يرى صاحب الوقت إلاّ في هذا المكان دون غيره من الأماكن النّظيفة ممّا يثير الشّكّ في صحّة الحكاية.
(761)
هذا ممّا يدلّ على أنّ لقبه النّوري قبل رؤيته لصاحب الوقت، وأصله من أسرة شطورو، ورأيت في بعض أوراقه أنّه عند ما كان مجاورا للأزهر يكتب لقبه الأصلي شطورو ويضيف إليه النوري. (محمّد محفوظ).
(762)
في بقية الأصول: «جهد ومهجة» .
(763)
زيادة من بقية الأصول.
(764)
ساقطة من ط.
(765)
سورة الأحزاب: 21.
(766)
زيادة من بقية الأصول.
(767)
هو حسن أبو حجبة، وهو الباني المؤسس للزاوية الكبرى قرب عين الصيقل شمالي طريق زغوان. أنظر الحقيقة التاريخية للتّصوّف الإسلامي ص:300.
السّلطان / نهبوا أتباعه وسجنوهم، وسلّم الله الشّيخ فأقام زمنا مشتغلا بالعلم، فلمّا ظهر خبره (768) إعتقده أهل الخير وعرّفوا السّلطان أنّه من الصّالحين، ولم يكن قصده في بلده إلاّ الذّبّ عن المسلمين بالعلم والجهاد على سنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم فلمّا تحقّق السّلطان الأمر علم أنّ السّاعي كان حاسدا وعفا عن الشّيخ وأمره بالرّجوع لوطنه، وإظهار السّنّة وقمع البدعة، وإن عارضه معارض كاتب السّلطان بذلك، فرجع لوطنه محبورا مسرورا، فبذل جهده في نفع الخلق بقدر الإستطاعة، فكثرت أتباعه وشاع وانتشر فضله، فنصر الدّين ونصره الله وثبت قدمه وجاهد في الله حقّ جهاده فهداه الله لسبل الخيرات {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)} (769){وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا} (770).
وكان رحمه الله زاهدا في جميع المناصب لقول القطب الشيرازي (771):
«المناصب مصائب والولايات بليّات» .
وهو - رحمه الله تعالى - صاحب وقت القرن الثاني عشر بوطن صفاقس، فأحبى الله به رسوم العلم بهذا الوطن بعد اندراسها، وأظهر على يديه التّعاليم بعد انطماسها، فتفقّه به جملة خلائق من جميع الأوطان (772) كالشّيخ سيدي محمد إبن المؤدّب الشّرفي، والشّيخ أبي الحسن علي التميمي شهر المؤخّر (773)، والشّيخ أبي عبد الله محمد المكّي، والشّيخ أبي الحسن سيدي علي بن خليفة (774) المساكني (والشّيخ أبي عبد الله محمّد الغراب والشّيخ أبي علي / حسين الشرفي)(775)، والشّيخ أبي عبد الله السيالة (776)،
(768) في بقية الأصول: «خيره» .
(769)
سورة محمّد: 7، وما بين القوسين ساقط من بقية الأصول.
(770)
سورة العنكبوت: 69.
(771)
محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي، قطب الدين الشيرازي، من بحور العلم، مفسّر عالم بالعقليات، صاحب تآليف كثيرة في التفسير، والطّبّ، والتّصوّف، والبلاغة، والفلسفة، والهيئة، وأصول الفقه، توفي سنة 710/ 1311. أنظر الإعلام 7/ 187 - 188.
(772)
يقصد من البلدان وكلمة وطن غير مستعملة في معناها المعروف الآن وإنما هي مستعملة في معنى مسقط الرأس وبلدة الميلاد.
(773)
ولقبه الأصلي: «المقدم» ، وشهر بالمؤخر.
(774)
بصفة التّصغير.
(775)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(776)
في ش: «السيالا» والمعروف في رسمها: «السيالة» ، بالهاء بعد اللام.
والشيخ أبي إسحاق إبراهيم المزغنّي، والشّيخ إبراهيم الجمل، والشّيخ الحرقافي (777)، والشّيخ رمضان أبي عصيدة (778)، ونجله أبي العبّاس سيدي أحمد النّوري، وهو القائم بالزّاوية بعده، فهؤلاء مشاهير تلاميذه الذين تحمّلوا العلم عنه وعلّموه النّاس بعده، وأمّا من سمع ولم يعلم فكثير لا يحصى، والحاصل أنّه تنورّت به البلاد، وانتفع به العباد.
قال تلميذه الشّيخ الصّالح سيدي علي بن خليفة - رحمه الله تعالى -: أوّل مشايخي الشّيخ الفاضل المربّي النّاصح الجامع بين الشّريعة والحقيقة سيدي علي النّوري الصّفاقسي، اجتمعت به سنة خمس وتسعين وألف (779)، وأقمت عنده خمس سنين، وأخذت عنه جملة علوم في خلالها، وأجازني ولم أر مثله، له الإجازات الكثيرة والإطّلاعات الغزيرة، إطّلع على كثير من فهرسات الأكابر الجامعة لأسانيد المشايخ القريبة والغريبة، واجتمع بمشايخ الأسرار، وأخذ عنهم ما لا يؤخذ إلاّ من الأفواه (780)، وبقي بعضها، مخزونا في سرّه (781)، مات ولم يبح به ولا فاه، وبعضها قال: أخذ عليّ العهد أن لا ألقّنها حتّى يبوح لي سرّها وأنا إلى الآن لم أشم (لها رائحة)(782) كالأسماء الإدريسية والغوثية قال: وليس هذا (783) مقامنا ولا (784) نحن من أهله، ولم نشرب من علله ولا من نهله.
والحاصل أنّ له اعتناء (785) بالأخذ من (786) المشايخ واتّصال السّند وقربه لأنّ قرب / السّند قربة إلى الله تعالى وإلى سيّد المرسلين، ومن ثمّ قال: عيني خامس عشرة عينا رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنّ الحافظ السّيوطي أخرج العشاريات (787) وبيني وبينه ثلاثة
(777) بكسر الحاء المهملة وسكون الراء المهملة والقاف المعقدة كالجيم المصرية.
(778)
ومن تلامذته محمد الشّهيد السوسي نسبا والصفاقسي إقامة وبلدا.
(779)
1684 م.
(780)
في ت وط: «ما لم يؤخذ من الأفواه» ، وفي ب:«ما لا يؤخذ من الأفواه» .
(781)
في ط: «عنده» .
(782)
في ط: «لم أشم رائحتها» ، في ت:«لم نشم لها ريحة» .
(783)
في ط: «هو» .
(784)
في ش: «ولم» .
(785)
في ط وب: «الإعتناء» .
(786)
في ط: «عن» .
(787)
يبدو أن المؤلف نقل باختصار ما في فهرست الشيخ علي بن خليفة المساكني، وهي صغيرة في نحو سبع ورقات غالبها فيما قرأه على الشيخ علي النوري والكتب التي أجازه بها في علوم مختلفة.
وهو الرّابع، وكذلك الحافظ إبن حجر أخرج العشاريات (787) وبيني وبينه ثلاثة (788).
وأخرج حديثا منها إلى السّيوطي مسندا إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«طوبى لمن رآني ومن رأى من رآني ومن رأى من رأى من رآني» (789) اهـ.
ومن اعتنائه بأخذ طريق القوم أن تلقّى عن الإمام الجليل المربّي سيف السّنّة سيدي محمّد بن ناصر الدّرعي ورد الذّكر، وهو أن تستغفر الله كلّ يوم مائة مرّة، وتصلي على النبيّ صلى الله عليه وسلم مائة مرّة، وتهلّل بأن تقول: لا إلاه إلاّ الله ألف مرّة إن أمكن بعد صلاة الصّبح وهو الأولى وإلاّ ففي بقيّة الدورة إلى الفجر، وإن طلع فجر اليوم الثّاني فاقض بعده ولا تتركه اهـ.
قال: قلت وزاد شيخنا سيدي حسن اليوسي، تلميذ سيدي محمّد بن ناصر الدّرعي، وصاحب حاشية الكبرى (790) في الورد المذكور أن تقول: لا إلاه إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، مائة مرّة قبل التّهليل المطلق، سمعته منه حين التقيت (791) به في مصر سنة طلوعه للحجّ سنة إثنتين ومائة وألف، وامتدح سيدي علي بن خليفة المذكور شيخه النّوري بقصيدة بليغة وكذا غيره من / تلاميذه، ومن غرر ما مدح به قصيدة الشّيخ سيدي محمد إبن المؤدّب الشّرفي (792) - رحمه الله تعالى - وهي هذه:
[الطويل]
ألا قل لمن قد ضلّ عن طرق الهدى
…
وحاد عن النّهج القويم وحيّدا
وأصبح في تيه الجهالة هائما
…
يروح ويغدو مثل من راح واغتدى
(788) في الأصول: «العشريات» ، واسمها النادريات من العشاريات وهي ثلاثة أحاديث خرجها من معجم الطبراني وقعت له عشاريات وهي رسالة في نحو ورقتين أثبتها بتمامها الشيخ أبو سالم العياشي «صاحب الرحلة» آخر ثبته «مسالك الهداية» . أنظر الفهارس، طبع بيروت، 2/ 686 - 687.
(789)
نصّ حديث أنس: «طوبى لمن رآني وآمن بي مرّة، وطوبى لمن لم يرني وآمن بي سبع مرّات، أخرجه الإمام أحمد في المسند والبخاري في التّاريخ وابن حبّان في صحيحه والحاكم في المستدرك عن أبي أسامة الباهلي، والإمام أحمد في المسند عن أنس وهو حديث صحيح (أنظر فيض القدير 4/ 279). نصّ الحديث الذي ذكره المؤلف أخرجه عبد بن حميد في مسنده عن أبي سعيد الخذري وابن عساكر في تاريخه عن وائلة بن الأسقع وهو حديث حسن، أنظر فيض القدير 4/ 280.
(790)
أي العقيدة الكبرى للسنوسي فالكبرى صفة حذف موصولها.
(791)
الضّمير يعود إلى الشّيخ علي بن خليفة لا إلى شيخه النّوري.
(792)
أنظر ديوانه تحقيق محمد محفوظ ص: 41 - 42.
إذا شئت أن تقفو إلى الحق (793) منهجا
…
قويما فلا تصحب سوى العلم مرشدا
وشدّ نطاق الحزم وارحل لأهله
…
فإنّ لهم سبلا تقيك من الرّدى
وممّن له في ذاك حظّ موفّر
…
وأضحى سناه في الدّجى متوقّدا
إمام فريد عالم متورّع
…
زكيّ سريّ طاب فرعا ومحتدا
حوى من خلال الخير كلّ فضيلة
…
ونال علا من كلّ مجد وسؤددا
أبو الحسن النوريّ لا زال قدوة
…
وتاجا على هام الزّمان منضّدا
إمام لقد أضحت به النّاس تقتدي
…
وتقبس من أنواره كلّما بدا
فلا زال (794) عصر هو فيه إمامه
…
ولا زال (795) فيه ما يعيش مؤيّدا
أضا فاستضاءوا من سنا برق هديه (796)
…
وكانوا بليل حالك اللّون أسودا (797)
لقد راض ذا جهل بحسن سياسة (798)
…
وقاد إلى التّوفيق قلبا تشرّدا
وأسدى (799) إلينا من مواهب علمه
…
أيادي لا تحصى، فأعظم بها يدا
وناهيك ما أسداه من نشر (800) كتبه
…
وأودعه فيها من الرّشد والهدى
فكم من علوم قد حوتها وحكمة
…
وسرّ بديع فاق درّا وعسجدا
جزاه إلاه العرش عنّا بفضله
…
جزاء جميلا دائم الذّكر سرمدا
وأسكنه في جنّة الخلد مسكنا (801)
…
وبوّأه منها محلاّ ومقعدا
وللشّيخ النّوري كرامات كثيرة، منها ما أخبرني به الشّيخ المسنّ الصّالح الثّقة العمدة ذو الصّدقات والخيرات (802) والإحسان لفقراء / المسلمين أبو الفوز سيدي الحاج الأبر سعيد ذويب - أدام الله بقاءه في نعمة وعافية - انه سمع من شيخه الشّيخ أبي عبد الله سيدي الحاج محمّد الغراب أحد تلاميذ الشّيخ حال قراءته عليه مقدّمة القطر (803)
(793) في ط وب: «للحقّ» .
(794)
في الديوان: «فلله عصر» .
(795)
في الدّيوان: «وما» ، وهذا البيت في الدّيوان بعد البيت الموالي.
(796)
في ب: «سياسة» .
(797)
العجز ساقط من ب.
(798)
صدر البيت ساقط من ب.
(799)
في ش: «أسرى» .
(800)
في ط: «شرح» .
(801)
في الديوان: «منزلا» .
(802)
في بقية الأصول: «الخير» .
(803)
كتاب لابن هشام في النحو.
أنّه قال له: لمّا عزمت على السّفر إلى الحجّ ودّعت الشّيخ فناولني كتابا وقال: أحمله معك إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا خرجت من عنده نظرت في الكتاب فإذا هو مختوم ولا عنوان عليه، فقلت: لعلّه نسي فعرّفته، فقال: إنّ صاحبه يأتيك طالبه منك، قال: فلمّا وصلنا لمدينة الرّسول صلى الله عليه وسلم فإذا برجل يسلّم عليّ ويقول: كيف حال الشّيخ علي؟ وسألني عن الشّيخ، فأخبرته بأنّه على أحسن الأحوال، فطلب منّي المكتوب فأعطيته إيّاه، ثمّ سألته: بالله من أين عرفته، أمن الحجّ أو من الجامع الأزهر حين كان يقرأ به؟ فقال: لا والله لا (804) كان ذا ولا ذاك، إنما أرواحنا تجتمع.
وأخبرني أيضا والشّيخ العدل العابد ملازم الصّوم والذّكر والتّلاوة ودروس (805) العلم النّافع الحاج الأبر سيدي الحاج عبد السّلام الغراب أنّهما قالا: لمّا كان الشّيخ النّوري يفتي بتحريم الدّخان مشيا على قول الشّيخ اللقاني (806) وغيره بذلك وحكم السّلطان محمّد العثماني رحمه الله بذلك - وكان جميع أتباعه على رأيه حتى صار عنده كالمتحقّق (807) على تحريمه ومنع من إظهار شربه، وكلّ من ظهر عليه وبّخه على فعله وأغلظ عليه، فاتّفق أن قدم السّلطان رمضان باي حاكم تونس في التّاريخ / ونزل بدار القفّال في رأس (808) زقاق الذهب (809) ممّا يلي سور البلد، وعرضت للشّيخ حاجة فوجّه في قضائها بعض تلاميذه فلمّا وصل الدّار وجد الحاجب واقفا بالباب وهو يشرب الدّخان، فوقف التّلميذ ساكتا، فلمّا فرغ من شرب الدّخان قال التّلميذ: السّلام عليكم الآن، فقال له الحاجب: ما هذا؟ قال: إنّ السّلام لا يجوز عليك إلاّ الآن لتلبّسك أوّلا بالمعصية، فعرّف الحاجب السّلطان بما وقع، فأدخل التّلميذ وقضيت حاجته، وسأله عمّا قاله للحاجب، فعرّفه بذلك وأنّ الدّخان حرام لأنّ الشّيخ متمسّك بتحريمه، فلمّا
(804) ساقطة من ب وش.
(805)
في ط وت: «درس» .
(806)
هناك إبراهيم بن محمّد اللقاني الفقيه المحدّث (ت. سنة 889/ 1484، وليس له مؤلّفات أنظر شجرة النّور 258) وهناك إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني (ت. سنة 1041/ 1631 - 1632) له مؤلّفات من أشهرها: «جوهرة التّوحيد» ، وهي منظومة في العقائد، واللقاني نسبة إلى لقانة من البحيرة بمصر، ولعلّه المقصود لأنّ الدّخان ظهر في القرن العاشر (أنظر الإعلام 1/ 28) ولأنّ معاصره علي الأجهوري (ت.1066/ 1655 - 1656) يقول بحلية شرب الدّخان.
(807)
في بقية الأصول: «المتفق» .
(808)
في ط وت: «برأس» .
(809)
يعرف اليوم بنهج الشّيخ التّجاني.
دخل القائد عبد اللطيف الغراب سأله عن قول الشّيخ في الدّخان، فقال: هو يقول بالتّحريم، قال: إذهب إليه واطلبه بالنّص، فعرّف القائد الشّيخ بذلك، فقال له:
لمّا نحرر أقوال المسألة، فعرّف السّلطان، فقال: أرجع إليه غدا وائتني بالنّصّ وإلاّ عاقبتك، فلمّا رجع إلى الشّيخ وعرّفه بما قاله صفع الباب بعنف وقال: إذهب فما بقيت تراه بعدها (810) أبدا (811)، فلمّا رجع من الغد إلى السّلطان وجده رحل، فما وصل الجريد إلاّ وقد جاءه خبر مراد إبن أخيه وأنّه خرج من سوسة - كما مرّ - فرجع لتونس على طريق غير صفاقس مسرعا فقتله إبن أخيه، ولم يجتمع به (812) القائد بعد.
ومع هذا كان (813) - رحمه الله تعالى - يفرّ من دعوى (814) الولاية ونسبتها له حتى جاءه رجل وقال: يا سيدي أصابتنا شدّة وهول في البحر، فنذرنا الله إن سلّمنا الله (815) لنعطينّه كذا من / الدّراهم، فرأيناك معنا في المركب ونجّانا الله تعالى من هول البحر بوجودك وحضورك معنا، فخذ هذه الدّراهم التي جمعناها، فقال: أنا نائم على فراشي وما غبت عن أهلي وإنّما نجّاكم الله ببركة اعتقادكم، إذهب بدراهمكم وتصدّقوا بها على فقراء المسلمين، فإني في غناء عنها.
ولمّا قدم إبراهيم الشّريف متوجّها لطرابلس - حسبما مرّ - زار الشّيخ وقال له: لا بدّ أن تدخل هذه الدّور المجاورة في الزّاوية (816) لأنّها ضيّقة، فقال له: هذا القدر فيه بركة (817)، ولا نخرج النّاس من مساكنهم (818).
وكان يأكل من كسبه فيتّجر ويشتغل القماش (819) ويتمعّش من ذلك طلبا للحلال وتوكّلا على الله في ضمان رزق خلقه، ولا يأخذ عن تعليمه شيئا طلبا لمرضاة ربّه.
(810) في ت: «بعد هذا اليوم» .
(811)
ساقطة من بقية الأصول.
(812)
في الأصول: «عليه» .
(813)
في الأصول: «فكان» .
(814)
في ش وب وت: «دعوا» .
(815)
ساقطة من ط.
(816)
في ط وب: «لا بد أن ندخل هذه الزاوية في الدار المجاورة» .
(817)
في ط: «البركة» .
(818)
في ط: «مساكنها» .
(819)
يقصد نسج القماش.