المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترجمة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الجمني: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ٢

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌المقالة الحادية عشرةفي ذكر دولة آل عثمان

- ‌الباب الأولفي ذكر سلاطينهم لوقت التاريخ

- ‌بداية الدولة العثمانية:

- ‌السّلطان أورخان:

- ‌السّلطان مراد خان الغازي:

- ‌السّلطان با يزيد خان الأول:

- ‌السّلطان محمّد خان:

- ‌السّلطان مراد خان الثاني:

- ‌السّلطان محمّد الثاني:

- ‌نبذة تاريخية عن القسطنطينية قبل الفتح العثماني:

- ‌فتح محمّد خان للقسطنطينية وغيرها:

- ‌السّلطان بايزيد خان الثّاني:

- ‌السّلطان سليم خان الأوّل الغازي:

- ‌حركة شاه اسماعيل ومقاومة السّلطان سليم له:

- ‌أخذ سليم الأوّل لبلاد الشّام ومصر:

- ‌أخذ سليم الأوّل لمصر:

- ‌السّلطان سليمان خان الأوّل القانوني:

- ‌سليم خان الثّاني:

- ‌بقيّة سلاطين آل عثمان:

- ‌فضائل العثمانيّين:

- ‌الباب الثّانيفي دخول العساكر العثمانية المنصورة لإفريقية لإنقاذها من أيدي أهل الكفر والضّلال

- ‌الباب الثّالثفي ذكر أمراء تونس من العساكر العثمانية بعد فتح الباشا سنان - رحمه الله تعالى

- ‌عهد الباشوات:

- ‌بداية عهد الدايات:

- ‌ابراهيم داي:

- ‌موسى داي:

- ‌عثمان داي:

- ‌يوسف داي:

- ‌الداي أسطى مراد:

- ‌الداي أحمد خوجة:

- ‌محمد لاز:

- ‌بداية البايات:

- ‌مراد باي وبداية الدولة المرادية:

- ‌الباي حمّودة باشا المرادي:

- ‌الدايات في عهد المراديين:

- ‌مراد باي:

- ‌محمد باي بن مراد:

- ‌محمّد باي الحفصي:

- ‌الفتنة بين محمد باي بن مراد وأخوه علي:

- ‌ علي باي

- ‌الداي أحمد شلبي ودوره فيالفتنة بين الأخوين محمّد باي وعلي باي:

- ‌فتنة أحمد شلبي وإتّفاق الأخوينمحمّد باي وعلي باي على قتاله:

- ‌نهاية علي باي:

- ‌عود إلى أخبار محمد باي:

- ‌فتنة محمّد بن شكر:

- ‌فتنة الداي محمّد طاطار:

- ‌عود إلى أخبار محمّد باي:

- ‌رمضان باي:

- ‌مراد باي بن علي:

- ‌ إبراهيم الشّريف

- ‌حسين بن علي وقيام الدّولة الحسينية:

- ‌الفتنة الحسينية الباشية:

- ‌علي باشا بن محمّد:

- ‌فتنة يونس باي:

- ‌محمد بن حسين بن علي:

- ‌علي باشا إبن حسين بن علي:

- ‌حمّودة باشا الحسيني:

- ‌الخاتمة:

- ‌الباب الأوّلفي ذكر وضعها وما يتعلّق بذلك

- ‌تأسيس سور صفاقس:

- ‌الجامع الكبير:

- ‌السّقاية:

- ‌الربض القبلي:

- ‌كسوف بالشمس:

- ‌الطّاعون وأثره:

- ‌صوف البحر:

- ‌آراء بعضهم في صفاقس:

- ‌الباب الثّانيفي ذكر ولاّتها

- ‌إستقلال حمّو بن مليل بصفاقس:

- ‌ولاّتها بعد فتح تميم بن المعز لها:

- ‌ولاّتها أيّام الموحّدين:

- ‌ولاّتها أيام الدّولة الحفصية:

- ‌إستقلال المكّني بها:

- ‌إبن عطية جلي:

- ‌إبن الإنكشاري:

- ‌الباب الثّالثفيما وقع لأهل صفاقس من الجهاد في هذه الأعصار المتأخّرة

- ‌حروب صفاقس مع مالطة:

- ‌حروب صفاقس مع البلنسيان:

- ‌الباب الرّابعفي ذكر بعض أهل الخير والصّلاح من العلماء والأولياء المتقدّمين بصفاقس ووطنها

- ‌مفهوم الولي والكرامة:

- ‌ترجمة أبو خارجة عنبسة:

- ‌ترجمة القاضي عيسى بن مسكين:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق الجبنياني ومناقبه:

- ‌ترجمة الأديب عبد الله الجبنياني:

- ‌ترجمة الفقيه أبي القاسم عبد الرّحمان اللبيدي:

- ‌ترجمة أبي عمرو عثمان الصّدفي المعروف بابن الضّابط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي حفص عمر القمّودي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي اللخمي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي القاسم عبد الخالق السّيوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي يحيى زكرياء إبن الضابط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي بكر الفرياني:

- ‌ترجمة عبد الله الفرياني:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان الطّبّاع:

- ‌ترجمة الشّيخ طاهر المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي مدين شعيب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المحجوب:

- ‌ترجمة الشّيخ طاهر بن عبد الواحد المزوغي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عبّاس الجديدي:

- ‌ترجمة المرابطة السّتّ أم يحيى مريم وشيخها أبي يوسف الدّهماني:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الواحد إبن التّين:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي سيدي جبلة:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن عبد النّاظر:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي بن عبد الكافي:

- ‌ترجمة الولي إبراهيم بن يعقوب المعروف بصيد عقارب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي العبيدلي:

- ‌تتمّة ترجمة الولي إبراهيم بن يعقوب: صيد عقارب:

- ‌ترجمة الشّيخ نصير بن حامد، حفيد صيد عقارب:

- ‌ترجمة الشيخ سيدي عبد الله:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي بكر القرقوري مع التعرّض لشيخيه: الجديدي والشبيبي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله الأنصاري شهر الصّفّار:

- ‌ترجمة الشّيخ إبراهيم الصفاقسي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي علي الكرّاي:

- ‌تعريف بالسّادة الوفائية:

- ‌تتمّة ترجمة الشّيخ علي الكراي:

- ‌ترجمة الشّيخ عمر الكرّاي:

- ‌ترجمة الشيخ محمد الكراي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن عمر ابن الشّيخ علي الكرّاي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن الكرّاي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المرّاكشي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عيسى بن عمران البلوي:

- ‌ترجمة الشّيخ مخلوف الشّرياني:

- ‌ترجمة الولي محمّد الرّقيق أبي عكّازين:

- ‌ترجمة الشّيخ منصور بن عبد الله القرقوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي محمّد عبد الله الأومي:

- ‌ترجمة الولي منصور الغلام:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الوحيشي:

- ‌ترجمة الولي سعيد بن منصور الوحيشي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن سعيد بن منصور الوحيشي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الحكموني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الحكموني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المؤخّر:

- ‌الشّيخان: الجمل والحرقاني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الغراب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المكّي:

- ‌ترجمة الشّيخ رمضان أبو عصيدة:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم المزغنّي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي بن خليفة:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد كمّون:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد البجّار:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد الخميري:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد حامد النّوري:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد العزيز الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي عبد الله الجمّوسي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد العزيز الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد السّلام الفراتي:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد بن المؤدّب الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي محمّد حسن الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن محمّد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ طيّب الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن أحمد الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد بن حسن الشّرفي:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد المغربي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي ذويب:

- ‌ترجمة الشّيخ محمّد الزّواري:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المصمودي:

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان بكّار:

- ‌ترجمة الشّيخ إبراهيم الخرّاط:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي الأومي:

- ‌ترجمة الشّيخ الأديب أبي الحسن علي الغراب:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المصمودي:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ عمر بن محمّد الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الجمّني:

- ‌ترجمة الشّيخ أحمد بن عليابن عبد الصّادق الطرابلسي الحامدي:

- ‌ترجمة الشّيخ علي بن الشّاهد المنيي:

- ‌ترجمة الشّيخ الولي محمّد عبّاس:

- ‌ترجمة الولي عمر كمّون:

- ‌ترجمة الولي شعبان زين الدّين:

- ‌ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد المسدّي:

- ‌ترجمة الولي أبي الفوز سعيد حريز:

- ‌ترجمة الولي أبي الحسن علي الجراية:

- ‌ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد أبو مغارة:

- ‌ترجمة الولي أبي العبّاس أحمد التّاجوري:

- ‌خاتمة النّاسخ:

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ح

- ‌ج

- ‌خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌س

- ‌ ذ

- ‌ ز

- ‌ ش

- ‌ ط

- ‌ ص:

- ‌ض:

- ‌غ

- ‌ ع

- ‌ ف

- ‌ ق

- ‌ل

- ‌م

- ‌ك

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ه

الفصل: ‌ترجمة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الجمني:

‌ترجمة الشّيخ أبي الحسن علي المصمودي:

ومن فقهاء العصر شيخنا أبو الحسن سيدي علي المصمودي. كان رحمه الله فقيها، نحويا، عارفا بالنّوازل والأحكام، فرضيا منتصبا لتحمّل الشّهادة، فكان عمدة في التّوثيق والأحكام، ولا يقبل من الشّهادات إلاّ الخالصة من التّمويهات والتّوجيهات والإحتمالات والتّلبيسات، وطلب للقضاء وشهد فيه أهل البلد بأنّه أهل له وأنزلوا بذلك أمرا من السّلطان بتونس، فذهب للسّلطان واعتذر واستعفى فعوفي.

وتفقّه بأبي عبد الله الشّيخ سيدي محمّد كمّون وغيره إلاّ أنّ اعتماده عليه.

وأخذ عنه أبو عبد الله الشّيخ محمّد المصمودي القاضي، ولمّا أراد أخذ النّحو عنه شرط عليه أنّ كل قاعدة / تعلّمها ولحن في جزء من جزئيّاتها ضربه عشرة أسواط كالمعلّم مع أطفال المكتب، فقبل ذلك منه، وانتفع به في أقرب مدّة، وكان حسن التّعليم لقوّة نصحه وشدّة حرصه.

وكان عالي الهمّة لا يبالي بأولي الأحكام والأمراء، منقبضا عن النّاس إلاّ بقدر الحاجة، ذا عفّة وصيانة.

توفّي - رحمه الله تعالى - شهيدا بالطّاعون سنة تسع وتسعين ومائة وألف (524).

‌ترجمة الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم الجمّني:

ومن أجلّ أعيان المتأخّرين الشّيخ شيخ شيوخنا أبو إسحاق سيدي إبراهيم الجمّني - رحمه الله تعالى -.

وهو إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم (525) بن أبي بكر بن عمر بن محمّد بن عبد الله ابن منصور بن عبد العزيز بن معين نزيل الجديدة، قرية من قرى المدينة المشرفّة على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام، وانتقل معين المذكور ونزل جمّنة، قرية من قرى نفزاوة، واستوطنها وتناسل منه أجداد الشّيخ سيدي إبراهيم، وهم أجلّة أعيان، وكان والده عبد الله فقيها صالحا، وكذا جدّه للأب إبراهيم كان على قدم الأفاضل، وكذا جدّه للأمّ سيدي علي بن حامد، وهو الّذي كان أخذ على الشّيخ الخرّوبي

(524) 1784 - 1785 م.

(525)

النّقل من الحلل السّندسيّة 3/ 287 وما بعدها.

ص: 436

الطرابلسي (526)، لقيه (527) وتتلمذ له (528) فناوله السّبحة وألبسه الخرقة، وأضافه التّمر والماء، وأعطاه الورد وألزمه قراءته.

ونسبة الشّيخ إلى جمّنة بكسر الجيم وفتح الميم المشدّدة بعدها نون فهاء تأنيث، ونسبه ينتهي إلى المقداد بن الأسود الكندي - رضي الله تعالى عنه - ووصل إلى الدّيار المصرية بإشارة من الأستاذ شيخ البركة سيدي علي الوحيشي - نفعنا الله / بهما - وكان دخوله مصر إثر وفاة سيدي علي الأجهوري سنة ستّ وستّين وألف (529)، فقرأ على الشّيخ سيدي عبد الباقي الزّرقاني وحصل عنه فأجازه في النّحو (530) والمنطق والبيان والأصول والتّوحيد، وأخذ عن الشّيخ أبي عبد الله سيدي محمّد الخرشي وأجازه في الحديث الشّريف وحجّ، وكان قبل ذلك أخذ عن الشّيخ العارف بالله سيدي عبد الله بن أبي القاسم الجلالي بضم الجيم نسبة إلى قرية بالمغرب (531)، واجتمع به في زاوية خنقة سيدي ناجي، ورحل إلى بلد زواوة ومكث بها ستّ سنين، وأخذ عن أكابر أجلّة منهم الشّيخ العالم الفاضل سيدي محمد السعدي، والشّيخ الفاضل العامل الزّاهد سيدي محمّد الغربي (532) والشّيخ العالم النّحرير، والجهبذ الشهير الرّاضي (533) سيدي أبو القاسم القاضي، وكانت له الكلمة العليا والأمر المطاع بجميع جبال زواوة، ثمّ سافر الشّيخ صاحب التّرجمة من بلاد زواوة إلى مصر فأقام بها تسع سنين، فأخذ عن أعيان الجامع الأزهر كالشّيخ ياسين، والشّيخ أبي الحسن علي الشبراملّسي (534) وأخذ القراءات عن الشّيخ سيدي سلطان (535) وعن الشّيخ أبي الحسن اللّقّاني، وعن الشّيخ إبراهيم

(526) محمّد بن علي الخرّوبي اللّيبي نزيل الجزائر من أهل الحديث والفقه والتّصوف أخذ عن الشّيخ زروق وغيره، وأخذ عنه جماعة من أهل الجزائر وفاس، وقام بمساعي الصّلح بين الأتراك وسلطان فاس وكانت وفاته بالجزائر سنة 963/ 1555: شجرة النّور، 284.

(527)

بالجزائر، الحلل السّندسيّة 3/ 298.

(528)

في ط وت: «تلمذة» .

(529)

1656 م.

(530)

في الفقه والنّحو: الحلل السّندسيّة.

(531)

بالمغرب الاوسط (الجزائر).

(532)

في الأصول: «المغربي» والتّصويب من الحلل 3/ 298.

(533)

في الحلل: «الرضى الأرضى» .

(534)

في الأصول وفي الحلل: «الشّمرلسي» .

(535)

المزّاحي.

ص: 437

الشبرخيتي، وعن الشّيخ أبي العبّاس أحمد البشبيشي (536) وكان الشّيخ الخرشي يدعو له، ولازمه لزوما طويلا.

ثمّ إستأذن مشايخه في النّقلة إلى بلاده بالمغرب، فأذنوا له، ويوم خروجه خرج معه الجمّ الغفير جبرا لخاطره وتعظيما لقدره. وكان انتقاله من مصر سنة خمس وسبعين / وألف (537) ثمّ (538) ركب البحر فهاج البحر، وغرقت السّفينة وطلع من كان بها سوى الشّيخ، فلم يطلع فغاص الغوّاصون فوجدوه في قعر البحر فأخرجوه مغمى عليه، فلمّا أفاق سأل عن كتبه وكانت كثيرة، فسلّي بسلامة نفسه، فرجع إلى مصر وجمع غيرها في مدّة إقامته بها وهو يعلّم النّاس وظهرت بركات الفتح على يديه ومال إليه أهل الخير والصّلاح.

ثمّ رجع لبلده جمّنة ثمّ انتقل لجزيرة جربة فقصد جامع الغرباء بها يعلّم به النّاس. قيل (539) إن إمام الجامع أخذه ما يأخذ الفقهاء من الغيرة فمنعه من الإقراء به فعزم على الإنتقال، فرآى في النّوم قائلا يقول له:«يا إبراهيم أعرض عن هذا» (540) وقيل رآى قارئا يقرأ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} (541) ورآى الشّيخ خليلا فقال له:

أنت ولدي ومنّي فاجتهد، فأقام ما شاء الله ساكنا هو ومن يقرأ عليه في أخواص من جريد (542).

فقدم وكيل المرحوم السّلطان مراد بن حمّودة باشا - رحمه الله تعالى - وكان من أهل قابس، فسأل عن الشّيخ وكان يعرفه فدلّ عليه، فوجده على تلك الحالة، فلمّا رجع لتونس أمره السّلطان بالحجّ نيابة عنه لشغله بأحوال رعيّته، وهو كاف في مذهب أبي حنيفة الذي هو مذهب مراد باي، فقال له: يا سيّدي إن أردت أجرا خيرا من

(536) في ش: «البشيشي» ، وفي ط وب وت:«الشبيبي» والتّصويب من الحلل.

(537)

1664 م.

(538)

بعده في الحلل السّندسيّة 3/ 299: «ووصل بلده جمّنة فأقام بها ثمّ ركب البحر ومعه أبو الحسن علي الأوراسي. فهاج البحر. . .» وهذا محلّ نظر لأنّ نفزاوة ليست على شاطئ البحر، فالمعقول أن يكون هياج البحر وغرق السّفينة بمصر، ولو وصل لبلده جمّنة لم يسأل عن كتبه، وإنّما تصرّف المؤلّف في النّقل عن الحلل السّندسيّة وأصاب.

(539)

يتصرّف في النّقل من الحلل السّندسيّة بالحذف والزّيادة.

(540)

إقتباس من سورة هود: 76.

(541)

سورة الرعد: 17.

(542)

زيادة عمّا في الحلل السّندسيّة.

ص: 438

الحجّ فابن مدرسة للشّيخ الجمّني، وحكى له أمره، ونشر له ذكره فأمره بالتّوجّه لبناء المدرسة المرادية بجزيرة جربة ونصب له محرابها الشّيخ الميقاتي سيدي أبي راوي من ذرّية سيدي عبد السلام / الأسمر وقبره بجربة مزار مشهور، فبنى لها دورا وبيت صلاة، وكمل بناؤها سنة خمس وثمانين وألف (543)، وجعل له النّظر في الحبس وفوّض أمره إليه، فمكث الشّيخ يعلّم بها، وقدم عليه النّاس من كلّ فجّ عميق فبذل جهده في نشر مذهب إمام دار الهجرة (544) فكان يختم المختصر في كلّ سنة مرّتين في تسعة أشهر بكدّ وجدّ، ويقرأ الحديث النّبوي في بقيّة السّنة.

وكان ملازما للصّيام والقيام من قبل (545) الفجر لإيقاظ أصحاب الخلوات من تلاميذه للقراءة والمطالعة والصّلاة.

وكان قوته ممّا يأتيه من تمر بلاده ممّا ورثه من آبائه محترزا عن الأكل من حبس الزّاوية حتّى إنّه كان له وكيل (546) على التّصرف فإذا أتى بشيء من غلاّت الحبس وأحضره للشّيخ رفع الشّيخ جلدا كان يجلس عليه ويلتفت لجهة أخرى ويأمره بوضع ما عنده وبعد ذلك يردّ طرف الجلد، وإذا أراد الوكيل أخذ شيء يصرفه رفع طرف الجلد والتفت كما فعل في القبض حتّى يأخذ الوكيل ما يحتاجه فيضعه فلا يرى الدّراهم في دخولها ولا في خروجها تحرّزا عن الحبس وبعدا عن الفتنة.

وكان متجنّبا للمناصب بأسرها حتّى الإمامة ولم يسمع منه أنّه حلف بالله قطّ.

وكان أوّلا مؤثرا للعزبة ثمّ تزوّج إمرأة نصفا، فقال لتلاميذه: من استطاع منكم التزوّج فليتزوّج، فكانت زوجته عونا له على طاعة الله، وكان لها ولد أحسن عشرة الشّيخ وأحبّه محبّة الولد لأبيه (547). وعطف عليه الشّيخ فنالته بركته.

وكان الشّيخ في غاية من التّعفّف (548) أهدى إليه رجل شيئا من الحليب طلبا للبركة / فقال: ومن أين جاءك هذا؟ قال: عندي شويهات فقال: ومن أين أكلها؟

(543) 1674 - 1675 وما يتعلّق ببناء الزّاوية إضافة عمّا في الحلل. فالوزير السرّاج إختصر على خبر بنائها دون تفاصيل.

(544)

«إمام دار الهجرة النبويّة» : الحلل 2/ 300.

(545)

«وقبل الفجر يسير ينبّه أرباب البيوت في المدرسة ليكونوا على أهبة للصّلاة جماعة، فعل ذلك بيده كلّ يوم الدّهر كلّه» : الحلل السّندسيّة 3/ 300.

(546)

الكلام عن الوكيل لم يرد في الحلل السّندسّة.

(547)

ما يتعلّق بالزّوجة لم يرد في الحلل.

(548)

الكلام عن إهداء رجل الحليب له والمحاورة التي دارت بينهما غير مذكور في الحلل.

ص: 439

قال: ترعى هنا في البلاد، فقال: كم هي؟ قال: إثنتي عشرة، فقال: إرفع لبنك فلا خير فيه فإنّ عندك إثني عشر لصّا (549) يسرقون سواني (550) النّاس إذ البلاد كلّها أملاك وأحباس وأهاليها محتاجون لعلف دوابهم.

وله كرامات كثيرة منها أنّ إبراهيم (551) الشّريف لمّا توجّه لحرب طرابلس دخل جربة فشكى بعض النّاس بالشّيخ عمر ابن أخي الشّيخ سيدي إبراهيم فسجنه، فاغتمّ الشّيخ لظلم إبن أخيه فأتى لإبراهيم الشّريف شفيعا في إبن أخيه، فلم يعظم الشّيخ في عينه، ولم يقبل له شفاعة لعدم معرفته بقدره، فلمّا جنّ عليه الليل إضطربت أحواله ولم يهنأ (552) نومه وتحيّر، وضاقت عليه الأرض بما رحبت من غير موجب، فتنّبه وعلم أنّ سبب ما نزل به ردّ الشّيخ غير مجبور الخاطر، فأمر السّجّان بسراح الشّيخ عمر من حينه، وأرسل للشّيخ فأحضره واسترضاه، وطلب منه العفو فعفا (553) عنه.

ولمّا تولّى سيدي حسين باي رحمه الله وكان حاضرا في هذه القضيّة وعرف فضل الشيخ أظهر تعظيم الشّيخ وإكرامه، فبنى للزّاوية وكالتين وأجرى للزاوية إنعامات من قوت الطّلبة وتحبيسات وغير ذلك.

وتفقّه بالشّيخ علماء أجلّة يخرج عددهم عن الحصر، ومن جملتهم الشّيخ الصّالح المكاشف سيدي علي الفرجاني (554) نقل عنه أنّ الشّيخ كان يقرئ الإنس والجنّ معا، وشرح مختصر الشّيخ خليل بشرح لم يكمل.

ولمّا عمّت بركاته وتزايدت خيراته امتدحه أهل / الفضل من شعراء زمانه كالشّيخ أبي عبد الله سيدي محمّد إبن المؤدّب الشّرفي - رحمه الله تعالى - فإنّه إمتدحه بقوله:

(549) في ب: «أجا» ، وفي ط:«أما» ، وفي ت:«ما» .

(550)

أي بساتين.

(551)

قصّته مع إبراهيم الشّريف ذكرها في الحلل السّندسيّة / 301 والمؤلّف نقلها بتصرّف وزيادة مع المحافظة على المعنى.

(552)

في ش: «يهنى» .

(553)

في الأصول: «فعفى» .

(554)

كذا في ط وب، وفي ش:«الفرياني» ، وفي ت:«الفراجاني» والفرجاني هو قابسي مدفون بشنني من ضواحي قابس، وهو من كبار أتباع الطّريقة السّلامية والدعاة لها، وغالب إقامته بليبيا، وفي التّذكار لابن غلبون المصراتي ص: 157 عند الكلام عن ولاية خليل باشا: «ويتحامل على أهل البدع حتّى قلّت البدع في أيّامه وأذلّ رئيسها علي الفرجاني وسامه خسفا ولم يدخل أرض طرابلس إلاّ بعد موته» . وكانت وفاته 1144/ 1731 - 1732، أمثل هذا يكون مكاشفا؟ لكنّ المؤلّف يحسن الظّنّ بمن ينتسب للتّصوّف.

ص: 440

[الطويل]

تذكّرت عهدا من ليال تقضّت

علينا بوصل ثمّ ألوت (555) وولّت

وعادت كأحلام تراءت لنائم

فلمّا تولّى النّوم عنه تولّت

أحنّ لذكراها وأصبو تشوّقا

إليها وأرجو أن تمنّ بعودة

ومن لي بها يوما تعود وتلتقي

ونظفر يوما باجتماع الأحبّة

ألا ليت شعري هل أفوز بوصل من

له القلب يصبو كلّ يوم وليلة

وأشتاق لقياه إذا ما ذكرته

لعلّي أحظى من شذاه بنفحة

بنفسي من بالعلم حاز مزيّة

ورتبته فيها علت كلّ رتبة

سما قدره بالعلم فخرا ورفعة

ورفعته بالعلم أعظم رفعة

أيا طالبا للعلم إن رمت تجتني

ثمار علوم من رياض أنيقة

فلا تعد إبراهيم ذا الفخر والعلا

وذاك إبن عبد الله يا خير نسبة

فشمّر وجدّ السّير واقطع مفاوزا

إليه وخض بحرا وحطّ بجربة

لتنظر نجما يهتدى بضيائه

وشمسا إذا ما الليل أظلم ذرّت

له منطق في الدّرس يعذب لفظه

ويسحر ألبابا بأعظم (556) رقّة

يفوق لئالي (557) الدّر درّا بنظمه

ويخجل من حسناه كلّ يتيمة

إذا مشكل يوما تعسّر فهمه

جلاه وأبداه بأوضح حجّة

وإن أمّه صاد من العلم يشتكي

ظلما (558) يلق بحرا يحوي كل ذخيرة (559)

فيا لك من بحر زلال إذا جرت

جداوله بالعلم أروت وروّت

فبادره واشرب من رحيق زلاله

وغص بحره تظفر بكلّ فريدة

وقبّل يديه والتمس من نواله

وحيّي محيّاه بأزكى تحيّة

سلام عليه كلّما لمع الضيا

وغابت نجوم في السّماء وعنّت (560)

وما غرّدت (561) عند الصباح ترنّما

حمائم في أعلى الغصون وغنّت (562)

(555) في بقية الأصول: «أولت» .

(556)

كذا في ديوان الشرفي ص: 45 وب وت وط، وفي ش:«أعذب» .

(557)

في ش: «لالي» .

(558)

في الأصول: «ضمى» .

(559)

في الدّيوان: «خريدة» وبعدها أسقط المؤلّف بيتا وهو: هو البحر إلاّ أنّه العذب ماؤه سوى أنه الحاوي لكلّ ذخيرة.

(560)

في بقية الأصول: «وغنت» .

(561)

في الديوان: «وما صدحت» .

(562)

هذا البيت ساقط من ط وت. القصيد في ديوان الشّرفي 45 - 46.

ص: 441