الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسماهم (مؤمنين) مع الاقتتال. ويقال إنه لم يكن من الصحابة في الفريقين مائة (1)، وقد بينت عدالتهم، مع أنهم اشتركوا مع أحد الفريقين، واشتراكهم هذا لا يسلبهم العدالة لأنهم مجتهدون في ذلك.
وأختم الكلام في عدالة الصحابة جَمِيعًا بقول أَبِي زُرْعَةَ: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم [عِنْدَنَا] حَقٌّ ، وَالقُرْآنَ حَقٌّ ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا هَذَا القُرْآنَ وَالسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ، وَالجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى [وَهُمْ زَنَادِقَةٌ]» (2).
5 - عَدَدُ الصَّحَابَةِ:
إن حصر الصحابة رضي الله عنهم بالعد والإحصاء متعذر، لتفرقهم في البلدان والبوادي، ولأنهم كثرة لا يمكن إحصاؤها، ومن حَدَّهُمْ من العلماء فإنه من باب التقريب. وقد روى البخاري في " صحيحه " أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن غزوة تبوك:«[وَالمُسْلِمُونَ] مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ» (3).
ويمكننا أن نحد عددهم بحد قريب من الحقيقة، مما ورد في روايات بعض الصحابة والتابعين عن عددهم في بعض المشاهد.
(1) انظر " الباعث الحثيث ": ص 306.
(2)
" الكفاية ": ص 49.
(3)
" فتح المغيث ": ص 39 جـ 4. وقارن بـ " نور اليقين " ص 246 حيث ذكر عددهم (30 ألفًا) وقارن بـ " تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص 27: ب.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالكَدِيدِ أَفْطَرَ، ثُمَّ مَضَى فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنَ المُسْلِمِينَ حَتَّى نَزَلَ مَمَرَّ صِرَارٍ» (1). وَكَانَ ذَلِكَ عَامَ الفَتْحِ (2).
وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع تسعون ألفًا من المسلمين (3).
سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِي فَقَالَ لَهُ: «يَا أَبَا زُرْعَةَ، أَلَيْسَ يُقَالُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ؟» ، قَالَ:«وَمَنْ قَالَ ذَا؟ قَلْقَلَ اللَّهُ أَنْيَابَهُ. هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ، وَمَنْ يُحْصِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مِائَةِ أَلْفِ وَأَرْبَعَةَ عَشْرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ» . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: «يَا أَبَا زُرْعَةَ هَؤُلَاءِ أَيْنَ كَانُوا وَسَمَعُوا مِنْهُ؟» ، قَالَ:«أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ بَيْنَهُمَا وَالأَعْرَابُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ حَجَّةَ الوَدَاعِ» (4).
من هذا يتبين أن من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة كثيرون، وقد نقلوا عنه خيرًا عظيمًا، ويختلفون في مقدار ما حملوا عنه
(1)" تلقيح فهوم أهل الأثر " ص 27: ب، وَالكَدِيدُ عين جارية بينها بين المدينة سبع مراحل أو نحوها. انظر " معجم البلدان ": ص 224 جـ 7. وأما مَمَرَّ صِرَار ففي الأصل المخطوط (مر الصران) وأظنه خطأ من الناسخ، فإني لم أجد في " معجم البلدان " (الصران) أو مر الضران)، وفيه (صرار) وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق
…
وقيل (صرار) ماء قرب المدينة. انظر " معجم البلدان ": ص 346، 347 جـ 5. وكلا العينين مناسب لهذا المقام.
(2)
انظر " صحيح مسلم ": ص 784، 785 جـ 2.
(3)
انظر " نور اليقين ": ص 256 وقارن بـ " تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص 27: ب.
(4)
انظر " فتح المغيث ": ص 39 جـ 4، و" تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص 38: آ.