الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عمرو، لأنه كان قَدْ ظَفِرَ فِي الشَّام بِحِمْلِ جَمَلٍ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَانَ يَنْظُرُ فِيهَا، وَيُحَدِّثُ مِنْهَا فَتَجَنَّبَ الأَخْذَ عَنْهُ لِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ» (1).
وإلى جانب هذا لم يكن عبد الله بن عمرو على وفاق مع معاوية وابنه يزيد، فلم يفسح له مجال التحديث والاشتغال بالتعليم (2).
لقد تضافرت هذه العوامل فجعلت مرويات ابن عمرو أقل من مرويات أبي هريرة، ولا ينبغي أنْ يثير هذا أي شك، أو يدخل أية شُبهة على مرويات أبي هريرة الكثيرة مع تصريحه بكثرة حديث عبد الله بن عمرو.
5 - هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُكَذِّبُونَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَرُدُّونَ أَحَادِيثَهُ
؟:
ذكر إبراهيم بن سيَّار النظَّام أبا هريرة فقال: أكذبه عمر وعثمان وعَلِيٌّ وعائشة (3) - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.
وقال بشر المريسي عن عمر بن الخطاب أنه قال: «أَكْذَبُ المُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَةَ» (4).
قال الأستاذ أحمد أمين: «وقد أكثر بعض الصحابة من نقد أبي هريرة على الإكثار من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشَكُّوا فيه
(1) انظر "فتح الباري ": ص 217، جـ 1.
(2)
انظر " مسند الإمام أحمد ": ص 64، جـ 10 وص 155 و 156 وص 172 حديث 6952.
(3)
" تأويل مختلف الحديث ": ص 27.
(4)
" رد الدارمي على بشر المريسي ": ص 132.
، كما يدل على ذلك ما روى مسلم في " صحيحه " أنَّ أبا هريرة قال: " إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
" وفي حديث آخر: " يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ أَكْثَرَ
…
"» (1).
وقال عبد الحسين شرف الدين: «أنكر الناس على أبي هريرة واستفظعوا حديثه على عهده
…
وحسبك أنَّ في مُكَذِّبِيهِ عظماء الصحابة
…
» (2).
ثم قال: «وبالجملة فإنَّ إنكار الأجِلَاّء - من الصحابة والتابعين - عليه واتهامهم إياه مِمَّا لا ريب فيه ما تورع منهم عن ذلك أحد حتى مضوا لسبيلهم
…
ولعل جل المعتزلة على هذا الرأي، قال الإمام أبو جعفر الإسكافي ما هذا نصه: «وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية، (قال): ضربه عمر بالدرة، وقال: أكثرت من الرواية فأحر بك أنْ تكون كاذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
» (3).
وأما أبو رية فقد ساق بعض الأقوال السابقة، وبعض استدراكات الصحابة على أبي هريرة
…
واستشهد بفقرات لـ (جولدتسيهر) و (شبرنجر)، وسرد أقوالاً مختصرة لبعض ما دار بين الصحابة وأبي هريرة لِيُكَوِّنَ من ذلك رأيه في أبي هريرة، ويجعله أول راوية اتهم في الإسلام (4).
مما سبق تبينت لنا الشُبَهُ التي أوردها بعضهم على موقف الصحابة من أبي هريرة، وقد ساقوا تلك الشُبَهِ من غير أنْ يُبَيِّنُوا لنا أسبابها، وإنْ بَيَّنَ
(1)" فجر الإسلام ": ص 218.
(2)
" أبو هريرة " لعبد الحسين: ص 262 - 264.
(3)
" أبو هريرة " لعبد الحسين: ص 672 - 768.
(4)
انظر " أضواء على السنة المحمدية ": ص 166 - 172.