الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(- 279 هـ)، وأحمد بن شعيب الخراساني النسائي (215 - 303 هـ)، ثم ابن ماجه، وهو عبد الله بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه القزويني (207 - 273 هـ)(1). وقد خدمت هذ الكتب بالشرح والتهذيب والاختصار والاستخراج عليها من قبل العلماء الذين جاءوا بعدهم.
أَهَمُّ نَتَائِجِ هَذَا الفَصْلِ:
1 -
لم يكن السبب في عدم تدوين السُنَّةِ رَسْمِيًّا في عهده صلى الله عليه وسلم جهل المسلمين آنذاك بالكتابة والقراءة، فكان فيهم القارئون الكاتبون، الذين دونوا التنزيل الحكيم، بل كان ذلك لأسباب أخرى، أهمها الخوف من التباس القرآن بالسنة، وكيلا ينشغل المسلمون بكتابة السنة عن كتابة القرآن ودراسته وحفظه.
2 -
ليس هناك تعارض بين ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم من إباحة الكتابة وكراهتها، فَكَرِهَ الكتابة لمن لا يحسنها أو لمن يستطيع الحفظ، وأباحها لمن لا يستطيع الحفظ، وإن بعضهم يرى أن النهي كان أول الإسلام حتى لا يلتبس القرآن بالسنة، ثم انتهينا إلى إباحة الرسول صلى الله عليه وسلم كتابة السنة مطلقًا، وليست هذه الأخبار من وضع مذاهب متخاصمة متضادة.
3 -
ما ورد عن الصحابة والتابعين وأتباعهم من كراهة الكتابة أو إباحتها
(1) ليس من موضوعنا أن نتكلم على هذه " الكتب الستة " الآن، ولكن لا بد لنا من أن نشير إلى أن " صحيح الإمام البخاري " و" صحيح الإمام مسلم " هما في الدرجة الأولى من هذه الكتب، ثم تأتي " السنن الأربعة " في رتبة تليها، و" سنن ابن ماجه " دونها جَمِيعًا لأن فيها ما أنكره وَضَعَّفَهُ بعض العلماء، ولعلماء الحديث في ذلك أقوال يضيق بنا المقام لذكرها. انظر " تدريب الراوي ": ص 39، 40، 47، 49، و" سبل السلام ": ص 11، 12 جـ 1.
لم يكن ناشئًا من قيام حزبين أحدهما يبيح الكتابة والآخر يكرهها، بل أباحوا الكتابة حين زالت أسباب المنع، وكرهوا الكتابة حين وجدت أسباب منعها وكراهتها، كخشية التباس القرآن بالسنة، أو الانشغال بالسنة عن القرآن، أو خوف مضاهاة الكتاب الكريم بكراريس الحديث وكتبه. وقد ثبتت أخبار الكراهة عن بعض من أباحوا الكتابة، كما ثبتت أخبار الإباحة عن بعض من كرهوا الكتابة، وكانت غايتهم جَمِيعًا واحدة، وهي المحافظة على القرآن والسنة: أن يلتبس أحدهما بالآخر، ثم انعقد الإجماع على إباحة الكتابة حين زالت أسباب كراهتها.
4 -
خشي عمر بن عبد العزيز اندراس السُنَّةِ، وتسرب الوضع إليها، فأمر بجمعها على أيدي كبار علماء التابعين، وأمر المسؤولين في مختلف أقاليم الدولة الإسلامية بالاعتناء بالحديث الشريف، وتشجيع العلماء على عقد حلقات دراسته في المساجد، وشارك عمر بن عبد العزيز نفسه العلماء في ذلك، ووزع قبل وفاته ما كتبه الإمام الزهري، فَلِعُمَرَ الفَضْلُ الكَبِيرُ في تحميل الدولة مسؤولية حفظ السُنَّةِ رسميًا.
وأما التدوين الفردي فقد وقع فعلاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصحابة والتابعين، ولم تبق السُنَّةُ مُهْمَلَةً طلية القرن الأول إلى عهد عمر بن عبد العزيز، بل تم حفظها في الصدور جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مع حفظها في الصحف والكراريس.
5 -
في مطلع القرن الهجري الثاني، تحول عمل العلماء من جمع الحديث وتقييده، إلى تصنيفه على الأبواب وضم هذه الأبواب إلى بعضها
في مصنف أو جامع، فلم يكن مطلع هذا القرن مبدأ لتدوين السُنَّةِ وتقييدها، بل كان مبدأ للتصنيف على الأبواب، وقد ظهرت هذه المصنفات في أوقاته متقاربة في مختلف مراكز الإشعاع العلمي بالدولة الإسلامية.
ثم ظهرت المسانيد فالصحاح، وبهذا يكون تدوين الحديث، قد مَرَّ بمراحل منتظمة حتى انتهى إلينا في كتب الصحاح والمسانيد.
• • •