المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا - كتابة الحديث في عصر الصحابة: - السنة قبل التدوين - جـ ١

[محمد عجاج الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌المُقَدِّمَةُ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌أَوَّلاً - التَّعْرِيفُ بِالسُنَّةِ:

- ‌ثَانِيًا - مَوْضُوعُ السُنَّةِ وَمَكَانَتُهَا مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ:

- ‌البَابُ الأَوَّلُ: السُنَّةُ فِي العَهْدِ النَّبَوِيِّ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌1 - الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم

- ‌[أ] مُعَلِّمٌ وَمُرَبٍّ:

- ‌[ب] تَجَاوُبُهُ مَعَ دَعْوَتِهِ:

- ‌[ج] مَوْقِفُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ العِلْمِ:

- ‌1 - حَضُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَلَبِ العِلْمِ:

- ‌2 - حَضُّهُ عَلَى تَبْلِيغِ العِلْمِ:

- ‌3 - مَنْزِلَةُ العُلَمَاءِ (المُعَلِّمِينَ):

- ‌4 - مَنْزِلَةُ طُلَاّبِ العِلْمِ:

- ‌5 - وَصِيَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِطُلَاّبِ العِلْمِ:

- ‌[د] مَنْهَجُهُ صلى الله عليه وسلم فِي التَّعْلِيمِ:

- ‌تَعْلِيمُ النِّسَاءِ:

- ‌2 - مَادَّةُ السُنَّةِ:

- ‌3 - كَيْفَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَلَقَّوْنَ السُنَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - انْتِشَارُ السُنَّةِ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام

- ‌البَابُ الثَّانِي: السُنَّةُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌بَيْنَ يَدَيْ الفَصْلِ:

- ‌المَبْحَثُ الأَوَّلُ: اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: احْتِيَاطُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي رِوَايَةِ الحَدِيثِ:

- ‌1 - رَأْيُ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ:

- ‌2 - رَأْيُ الخَطِيبِ البَغْدَادِيِّ:

- ‌المَبْحَثُ الثَّالِثُ: تَثَبُّتُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي قَبُولِ الحَدِيثِ:

- ‌[أ] تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِدِّيقَ فِي قَبُولِ الأَخْبَارِ:

- ‌[ب] تَثَبًّتُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي قَبُولِ الأَخْبَارِ:

- ‌[ج] تَثَبُّتُ عُثْمَانٍ رضي الله عنه فِي الحَدِيثِ:

- ‌[د] تَثَبُّتُ عَلِيٍّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي الحَدِيثِ:

- ‌المَبْحَثُ الرَّابِعُ: كَيْفَ رُوِيَ الحَدِيثُ فِي ذَلِكَ العَصْرِ .. بِاللَّفْظِ أَمْ بِالمَعْنَى

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَبَاحِثَ:

- ‌المَبْحَثُ الأَوَّلُ: النَّشَاطُ العِلْمِيُّ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: اِنْتِشَارِ الحَدِيثِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

- ‌المَبْحَثُ الثَّالِثُ: الرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ:

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: الوَضْعُ فِي الحَدِيثِ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: ابْتِدَاءُ الوَضْعِ وَأَسْبَابُهُ:

- ‌أَوَّلاً: ابْتِدَاءُ الوَضْعِ:

- ‌ثَانِيًا: أَسْبَابُ الوَضْعِ:

- ‌[1] الأَحْزَابُ السِّيَاسِيَّةُ:

- ‌[أ] أَثَرُ الشِّيعَةِ وَخُصُومِهِمْ فِي وَضْعِ الحَدِيثِ:

- ‌[ب] الخَوَارِجُ وَوَضْعِ الحَدِيثِ:

- ‌[2] أَعْدَاءُ الإِسْلَامِ (الزَّنَادِقَةُ):

- ‌[3] التَّفْرِقَةُ العُنْصُرِيَّةُ وَالتَّعَصُّبُ لِلْقَبِيلَةِ وَالبَلَدِ وَالإِمَامِ:

- ‌[4] القَصَّاصُونَ:

- ‌[5] الرَّغْبَةُ فِي الخَيْرِ مَعَ الجَهْلِ بِالدِّينِ:

- ‌[6] الخِلَافَاتُ المَذْهَبِيَّةُ وَالكَلَامِيَّةُ:

- ‌[7]- التَّقَرُّبُ مِنَ الحُكَّامِ وَأَسْبَابٌ أُخْرَى:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: جُهُودُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ فِي مُقَاوَمَةِ الوَضْعِ:

- ‌أَوَّلاً - الْتِزَامُ الإِسْنَادِ:

- ‌ثَانِيًا - مُضَاعَفَةُ النَّشَاطِ العِلْمِيِّ وَالتَّثَبُّتُ فِي الحَدِيثِ:

- ‌ثَالِثًا - تَتَبُّعِ الكَذَبَةِ:

- ‌رَابِعًا - بَيَانُ أَحْوَالِ الرُوَّاةِ:

- ‌خَامِسًا - وَضْعُ قَوَاعِدَ لِمَعْرِفَةِ المَوْضُوعِ مِنَ الحَدِيثِ:

- ‌[أ] عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي السَّنَدِ:

- ‌[ب] عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي المَتْنِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: آرَاءُ بَعْضِ المُسْتَشْرِقِينَ وَأَشْيَاعَهُمْ فِي السُنَّةِ وَنَقْدِهَا:

- ‌أَوَّلاً - رَأْيُ جُولدْتْسِيهِرْ:

- ‌ثَانِيًا - رَأْيُ غَاسْتُونْ وَيَتْ:

- ‌ثَالِثًا - رَأْيُ الأَسْتَاذِ أَحْمَدْ أَمِينْ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: أَشْهَرُ مَا أُلِّفَ فِي الرِّجَالِ وَالمَوْضُوعَاتِ:

- ‌أَوَّلاً: أَشْهَرُ الكُتُبِ التِي أُلِّفَتْ فِي الصَّحَابَةِ:

- ‌ثَانِيًًا: أَشْهَرُ مَا صُنِّفَ فِي تَوَارِيخِ الرِّجَالِ وَأَحْوَالِهِمْ:

- ‌[أ] كُتُبٌ فِي تَوَارِيخِ الرِّجَالِ وَأَحْوَالِهِمْ:

- ‌[ب] كُتُبُ الطَّبَقَاتِ:

- ‌ثَالِثًا: كُتُبٌ فِي مَعْرِفَةِ الأَسْمَاءِ وَالكُنَى وَالأَلْقَابِ وَالأَنْسَابِ:

- ‌[أ] كُتُبٌ فِي الأَسْمَاءِ وَالكُنَى وَالأَلْقَابِ:

- ‌[ب] وَأَمَّا كُتُبُ الأَنْسَابِ فَأَشْهَرُهَا:

- ‌رَابِعًا: كُتُبٌ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ:

- ‌خَامِسًا: المُؤَلَّفَاتُ فِي المَوْضُوعَاتِ:

- ‌البَابُ الرَّابِعُ: مَتَى دُوِّنَ الحَدِيثُ

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: حَوْلَ تَدْوِينِ الحَدِيثِ

- ‌1 - الكِتَابَةُ عِنْدَ العَرَبِ قَبْلَ الإِسْلَامِ:

- ‌2 - الكِتَابَةُ فِي العَصْرِ النَّبَوِيِّ وَصَدْرِ الإِسْلَامِ:

- ‌أَوَّلاً - مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الكِتَابَةِ:

- ‌[أ]- مَا رُوِيَ مِنْ كَرَاهَةِ الكِتَابَةِ:

- ‌[ب] مَا رُوِيَ مِنْ إِبَاحَةِ الكِتَابَةِ:

- ‌ثَانِيًا - كِتَابَةُ الحَدِيثِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ:

- ‌ثَالِثًا - التَّدْوِينُ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ:

- ‌رَابِعًا - خِدْمَةُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ لِلْسُنَّةِ:

- ‌خَامِسًا - المُصَنِّفُونَ الأَوَائِلُ فِي الحَدِيثِ:

- ‌أَهَمُّ نَتَائِجِ هَذَا الفَصْلِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: مَا دُوِّنَ فِي صَدْرِ الإِسْلَامِ

- ‌ الصَّحِيفَةُ الصَّادِقَةُ لِعَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرٍو بَنِ العَاصِ

- ‌ صَحِيفَةُ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِي

- ‌ الصَّحِيفَةُ الصَّحِيحَةُ " لِهَمَّامَ بْنَ مُنَبِّهٍ

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: آرَاءٌ فِي التَّدْوِينِ:

- ‌1 - رَأْيُ الشَّيْخِ مُحَمَّدْ رَشِيدْ رِضَا::

- ‌2 - رَأْيُ الشِّيعَةِ فِي تَدْوِينِ الحَدِيثِ:

- ‌3 - رَأْيٌ فِي التَّدْوِينِ الرَّسْمِيِّ:

- ‌4 - المُسْتَشْرِقُونَ وَرَأْيُهُمْ فِي تَدْوِينِ الحَدِيثِ:

- ‌نَتَائِجُ هَذَا الفَصْلِ:

- ‌البَابُ الخَامِسُ: أَعْلَامُ رُوَّاةِ الحَدِيثِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

- ‌الفصل الأول: بَعْضُ أَعْلَامُ الرُوَّاةِ مِنَ الصَّحَابَةِ:

- ‌1 - تَعْرِيفُ الصَّحَابِي:

- ‌2 - طَبَقَاتُ الصَّحَابَةِ:

- ‌3 - كَيْفَ يُعْرَفُ الصَّحَابِيُّ

- ‌4 - عَدَالَةُ الصَّحَابَةِ:

- ‌[1]- أَدِلَّةُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ مِنَ الكِتَابِ:

- ‌[2]- أَدِلَّةُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ مِنَ السُنَّةِ:

- ‌5 - عَدَدُ الصَّحَابَةِ:

- ‌6 - عِلْمُ الصَّحَابِي:

- ‌7 - المُكْثِرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ:

- ‌(1) - أَبُو هُرَيْرَةَ: (19 ق هـ - 59 ه

- ‌1 - التَّعْرِيفُ بِهِ:

- ‌2 - إِسْلَامُهُ:

- ‌3 - فَقْرُهُ وَعَفَافُهُ:

- ‌4 - كَرَمُهُ:

- ‌5 - وِلَايَتُهُ عَلَى البَحْرَيْنِ:

- ‌6 - اعْتِزَالُهُ الفِتَنَ:

- ‌7 - مَرَحُهُ وَمُزَاحُهُ:

- ‌8 - وَفَاتُهُ:

- ‌9 - حَيَاتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌10 - حِفْظُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌11 - أَبُو هُرَيْرَةَ وَالفَتْوَى:

- ‌12 - شُيُوخُهُ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ:

- ‌13 - عِدَّةُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الحَدِيثِ:

- ‌14 - الثَّنَاءُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌15 - أَصَحُّ الطُرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌الرَدُّ عَلَى الشُّبَهِ التِي أُثِيرَتْ حَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌1 - عُمَرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما

- ‌2 - هَلْ تَشَيَّعَ أَبُو هُرَيْرَةَ لِلأُمَوِيِّينَ

- ‌3 - هَلْ وَضَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ الأَحَادِيثَ كَذِبًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - كَثْرَةُ حَدِيثِهِ:

- ‌5 - هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُكَذِّبُونَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَرُدُّونَ أَحَادِيثَهُ

- ‌[أ] هَلْ ضَرَبَ عُمَرُ أَبَا هُرَيْرَةَ لِكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ

- ‌[ب] أَبُو هُرَيْرَةَ وَعُثْمَانُ بْنِ عَفَّانٍ:

- ‌[ج] أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما

- ‌[د] أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما

- ‌(2) - عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ (10 ق هـ - 73 ه

- ‌(3) - أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (10 ق هـ - 93 ه

- ‌(4) - عائشة أم المؤمنين (9 ق هـ - 58 ه

- ‌(5) - عبد الله بن عباس (3 ق هـ - 68 ه

- ‌(6) - جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ (16 ق هـ - 87 ه

- ‌(7) -أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ (12 ق هـ - 74 ه

- ‌الفصل الثاني: بعض أعلام الرواة من التابعين:

- ‌من يعد تابعيا

- ‌(1) - سعيد بن المسيب (15 - 94 ه

- ‌(2) - عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ (22 - 94 ه

- ‌(3) - مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ:

- ‌[1]- التَّعْرِيفُ بِهِ - وِلَادَتُهُ - نَشْأَتُهُ:

- ‌[2]- طَلَبُهُ العِلْمَ:

- ‌[3]- حِفْظُهُ:

- ‌[4]- عِلْمُهُ وَآثَارُهُ:

- ‌[5]- عِدَّةُ أَحَادِيثِهِ وَمَنْزِلَةُ رِوَايَتِهِ:

- ‌[6]- أَشْهَرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ:

- ‌[7]- أَقْوَالُ العُلَمَاءِ فِي ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ:

- ‌[8]- وَفَاتُهُ:

- ‌رَدُّ الشُّبُهَاتِ التِي أُثِيرَتْ حَوْلَ الزُّهْرِيِّ:

- ‌[رَأْيُ اليَعْقُوبِي وَجُولْدتْسِيهِرْ فِي ابْنِ شِهَابٍ]:

- ‌[1]- لَيْسَ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَمْنَعَ عَبْدُ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَهْلَ الشَّامِ مِنَ الحَجِّ:

- ‌[2]- لَمْ تَذْكُرْ المَصَادِرُ الإِسْلَامِيَّةُ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ هُوَ الذِي بَنَى قُبَّةَ الصَّخْرَةِ:

- ‌[3]- لَمْ يَحْمِلْ عَبْدُ المَلِكِ النَّاسَ عَلَى الحَجِّ إِلَى المَسْجِدِ الأَْقْصَى وَالزُّهْرِيُّ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(أ) صِلَةُ الزُّهْرِيِّ بِالأُمَوِيِّينَ:

- ‌(ب) اِسْتِحَالَةُ مَا ادَّعَاهُ اليَعْقُوبِي وَ (جُولْدْتْسِيهِرْ) تَارِيخِيًّا:

- ‌[4]- لَمْ يَكُنْ الزُّهْرِيُّ صَدِيقًا قَدِيمًا لَِعَبْدِ المَلِكِ، وَلَمْ يَتَفَرَّدْ وَحْدَهُ بِرِوَايَةِ الأَحَادِيثِ التِي وَرَدَتْ فِي فَضَائِلِ بَيْتِ المَقْدِسِ:

- ‌(4) - نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (00 - 117 ه

- ‌(5) - عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ (00 - 98 ه

- ‌(6) - سَالِمٌ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (00 - 106 ه

- ‌(7) - إبراهيم بن يزيد النخعي (46 - 96 ه

- ‌(8) - عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ (19 - 103 ه

- ‌(9) - عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ (28 ق هـ - 62 ه

- ‌(10) - محمد بن سيرين (33 - 110 ه

- ‌الخاتمة:

- ‌فهارس الكتاب:

- ‌المَصَادِرُ وَالمَرَاجِعُ:

- ‌فهرس الكتب المعرف بها:

الفصل: ‌ثانيا - كتابة الحديث في عصر الصحابة:

عامة، وإن وجود علة من علل النهي السابقة لا ينفي وجود غيرها ولا يتعارض معه، كما أن وجود علة النهي لا ينفي تخصيص هذا النهي بالسماح لبعض من لا تتحقق فيهم هذه العلة. فالنهي لم يكن عَامًّا، والإباحة لم تكن عامة في أول الإسلام، فحيثما تحققت علة النهي منعت الكتابة، وحيثما زالت أبيحت الكتابة.

وأرى في حديث أبي شاه وفي حديث ابن عباس: «ائْتُونِي بِكِتَابٍ

» إذنًا عَامًّا، وإباحة مطبقة للكتابة، وعلى هذا لا تعارض بين جميع تلك الروايات فقد سهل التوفيق بينها وتبين وجه الصواب. وانتهى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة الكتابة، وسنرى فيما بعد بعض ما دُوِّنَ في عهده صلى الله عليه وسلم.

‌ثَانِيًا - كِتَابَةُ الحَدِيثِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ:

مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من إباحة الكتابة، ومع ما كتب في عهده من الأحاديث على يدي من سمح لهم بالكتابة - نرى الصحابة يحجمون عن الكتابة، ولا يقدمون عليها في عهد الخلافة الراشدة، حِرْصًا منهم على سلامة القرآن الكريم وَالسُنَّةِ الشَّرِيفَةِ، فنجد بينهم - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - من كره الكتابة أولاً إباحته لها آخرًا، وذلك حين زالت علة الكراهة.

روى الحاكم بسنده عن القاسم بن محمد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «جَمَعَ أَبِي الحَدِيثَ عَنْ رَسُُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ (1) خَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ، فَبَاتَ

(1) في الأصل «كَانَتْ» وما أثبتناه أصح لتستقيم العبارة.

ص: 309

لَيْلَةً يَتَقَلَّبُ كَثِيرًا

فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: " أَيْ بُنَيَّة، هَلُمِّي الأَحَادِيثَ التِي عِنْدَكِ "، فَجِئْتُهُ بِهَا، فَدَعَا بِنَارٍ فَحَرَّقَهَا» (1)(*).

وهذا عمر بن الخطاب يفكر في جمع السنة، ثم لا يلبث أن يعدل عن ذلك: عَنْ عُرْوَةَ - بْنَ الزَّبَيْرِ -، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَنَ فَاسْتَفْتَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَكْتُبَهَا، فَطَفِقَ عُمَرُ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهَا شَهْرًا، ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ:«إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ السُّنَنَ وَإِنِّي ذَكَرْتُ قَوْمًا كَانُوا قَبْلَكُمْ كَتَبُوا كُتُبًا، فَأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَشُوبُ كِتَابَ اللَّهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا» (2)، وفي رواية عن طريق مالك بن أنس أن عمر قال عندما عدل عن كتابة السُنَّة:«لَا كِتَابَ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ» (3).

وكان خوف عمر من إقدامه على كتابة السُنَّةِ أن ينكب المسلمون على دراسة غير القرآن ويهملوا كتاب الله عز وجل (4)، ولذلك نرى عمر رضي الله عنه يمنع الناس من أن يتخذوا كتابًا مع كتاب الله، وينكر إنكارًا شديدًا على من نسخ كتاب (دانيال) ويضربه ويقول له: «انْطَلِقْ فَامْحُهُ

ثُمَّ لَا تَقْرَأْهُ وَلَا تُقْرِئْهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، فَلَئِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً» (5). ولهذا نراه يخطب في الناس قائلاً: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ فِي أَيْدِيكُمْ كُتُبٌ فَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ أَعْدَلُهَا وَأَقْوَمُهَا ، فَلَا يَبْقَيَنَّ

(1)" تذكرة الحفاظ ": ص 5 جـ 1.

(2)

" جامع بيان العلم وفضله ": ص 64 جـ 1، ونحوه في " تقييد العلم ": ص 50، و " طبقات ابن سعد ": ص 306 قسم 1 جـ 3.

(3)

" جامع بيان العلم وفضله ": ص 64 جـ 1.

(4)

انظر " تقييد العلم ": ص 50.

(5)

" تقييد العلم ": ص 52 ونحوه مختصرًا في " جامع بيان العلم وفضله ": ص 42 جـ 2، وفي " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص 146: ب.

---------------------

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*) ذكر ذلك الذهبي في " تذكرة الحفاظ ": 1/ 5 وأورده بسند الحاكم ثم عَقَّبَ على ذلك بفوله: «فَهَذَا لَا يَصِحُّ» . نقلاً عن " السُنَّة وَمَكَانَتُهَا فِي التَشْرِيعِ الإِسْلَامِي " للدكتور مُصْطَفَى السِّبَاعِي، ص 154، الطبعة الثالثة - بيروت: 1402 هـ - 1982 م، المكتب الإسلامي: دمشق - سوريا، بيروت - لبنان

ص: 310

أَحَدٌ عِنْدَهُ كِتَابٌ إِلَاّ أَتَانِي بِهِ ، فَأَرَى فِيهِ رَأْيِي» قَالَ: فَظَنُّوا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ (1) يَنْظُرَ فِيهَا وَيُقَوِّمَهَا عَلَى أَمْرٍ لَا يَكُونُ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَأَتَوْهُ بِكُتُبِهِمْ فَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ ، ثُمَّ قَالَ:«أُمْنِيَةٌ كَأُمْنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ؟» (2) كما أنه كتب إلى الأمصار «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَمْحُهُ» (3).

كل هذا يدل على خشية عمر من أن يهمل كتاب الله أو أن يضاهي به كتاب غيره، ونحن نرى عمر نفسه يأبى أن يبقى رأيه مكتوبًا ويأبى إلا أن يمحوه، فعندما طعن استدعى [طبيبًا]، فعرف دنو أجله، فنادى ابنه قائلاً:«يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرٍ نَاوِلْنِي الكَتِفَ فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُمْضِيَ مَا فِيهَا أَمْضَاهُ» . فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرُ: «أَنَا أَكْفِيكَ مَحْوَهَا» . فَقَالَ: «لَا وَاللَّهِ لَا يَمْحُوهَا أَحَدٌ غَيْرِي» . فَمَحَاهَا عُمَرُ بِيَدِهِ وَكَانَ فِيهَا فَرِيضَةُ الجَدِّ (4).

ونرى عمر نفسه حين يأمن حفظ القرآن، يكتب بشي من السنة إلى بعض عماله وأصحابه، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ " النَّهْدِيِّ " قَالَ: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَاّ مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَاّ هَكَذَا» ، وَقَالَ: بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، قَالَ أَبُو عُثْمَانَ:«فَرَأَيْتُ أَنَّهَا أَزْرَارُ الطَّيَالِسَةِ حِينَ رَأَيْنَا الطَّيَالِسَةَ» (5).

وروي عن عبد الله بن مسعود كراهيته لكتابة الحديث الشريف: عَنْ

(1) زدنا (أَنْ) على الأصل لتستقيم العبارة.

(2)

" تقييد العلم ": ص 52، رواه محمد بن القاسم.

(3)

" تقيد العلم ": ص 53، و " جامع بيان العلم وفضله " ص 65 جـ 1.

(4)

" طبقات ابن سعد ": ص 247 قسم ص2 جـ 3.

(5)

" مسند الإمام أحمد ": ص 261 جـ 1.

ص: 311

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ عَلْقَمَةُ بِكِتَابٍ مِنْ مَكَّةَ ، أَوِ اليَمَنِ صَحِيفَةٌ فِيهَا أَحَادِيثُ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ: بَيْتِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ ، قَالَ: فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ الصَّحِيفَةَ ، قَالَ: فَدَعَا الجَارِيَةَ ، ثُمَّ دَعَا بِطَسْتٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، انْظُرْ فِيهَا فَإِنَّ فِيهَا أَحَادِيثَ حِسَانًا ، قَالَ: فَجَعَلَ يُمِيثُهَا (1) فِيهَا ، وَيَقُولُ:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ فَأَشْغِلَوهَا بِالْقُرْآنِ ، وَلَا تُشْغِلُوهَا بِمَا سِوَاهُ» (2).

إلا أن هناك رواية تنص على أن ما في الصحيفة كان من كلام أبي الدرداء وقصصه (3)، وفي رواية قال أحد الرواة:«[نَرَى] أَنَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ أُخِذَتْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَلِهَذَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ النَّظَرَ فِيهَا» (4). ولا يمكننا أن نجزم بأن ما في تلك الصحيفة كان من القصص أو مما أخذ من أهل الكتاب، لأنه ثبت عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ:«أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِصَحِيفَةٍ فِيهَا حَدِيثٌ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَحَاهَا، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا [فَأُخْرِجَتْ]، ثُمَّ قَالَ: «أُذَكِّرُ بِاللَّهِ رَجُلاً يَعْلَمُهَا عِنْدَ أَحَدٍ إِلَاّ أَعْلَمَنِي بِهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهَا بِدِيرِ هِنْدٍ لَبَلَغْتُهَا، بِهَذَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ حِينَ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» (5). إن تصرف ابن مسعود يدل على أنه خشي أن يشتغل الناس بكتابة السُنَّةِ وَيَدَعُوا القُرْآنَ، أو

(1) مَاثَهُ: مرسه، أي فركه ليذوب في الماء وتتفرق أجزاؤه.

(2)

" تقييد العلم ": ص 54 وورد عنه النهي عن كتابة ما سوى القرآن عندما علم أن بعضهم يكتب كلامه انظر " سنن الدارمي ": ص 125 جـ 1، والآية هي:[سورة يوسف، الآية: 3].

(3)

انظر " تقييد العلم ": ص 54، 55.

(4)

" جامع بيان العلم وفضله ": ص 66 جـ 1 ونحو هذا في " سنن الدرامي ": ص 124 جـ 1.

(5)

المرجع السابق: ص 65 جـ 1، ونحوه في " سنن الدرامي " وفيه:«لو أنها (بدار الهندارية)، يعني - مكانًا بعيدًا بالكوفة - إلا أتيته ولو مشيًا» : ص 124 جـ 1.

ص: 312

أن يشتغلوا بغير القرآن الكريم، ونراه يكتب بعض السُنَّةِ بيده حين زالت علة المنع، فَعَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مَعْنٍ قَالَ:«أَخْرَجَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كِتَابًا وَحَلَفَ لِي: إِنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ بِيَدِهِ» (1).

وهذا عَلِيٌّ رضي الله عنه يخطب في الناس قائلاً: «أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ كِتَابٌ إِلَاّ رَجَعَ فَمَحَاهُ، فَإِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ حَيْثُ [تَتَبَّعُوا] أَحَادِيثَ عُلَمَائِهِمْ وَتَرَكُوا كِتَابَ رَبِّهِمْ» (2).

وأبى زيد بن ثابت أن يكتب عنه مروان بن الحكم (3) وقال: «[أَتَدْرُونَ] لَعَلَّ كُلَّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ لَيْسَ كَمَا حَدَّثْتُكُمْ» (4) وفي رواية قال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا [أَنْ لَا] نَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ» [فَمَحَاهُ](5).

وكذلك أَبَى أبو هريرة أن يكتب عنه كاتب مروان بن الحكم (6) وكان أحيانًا يقول: «إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَا يَكْتُمُ، وَلَا يَكْتُبُ» (7)، وفي رواية:«نَحْنُ لَا نَكْتُبُ وَلَا نُكْتِبُ» (8).

وقال ابن عباس: «إِنَّا لَا نَكْتُبُ العِلْمَ وَلَا نُكْتِبُهُ» (9)، وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان ينهى عن كتابة العلم، وقال:

(1)" جامع بيان العلم وفضله ": ص 72 جـ 1.

(2)

المرجع السابق: ص 63 جـ 1.

(3)

انظر " جامع بيان العلم وفضله ": ص 63 جـ 1.

(4)

المرجع السابق: ص 65 جـ 1.

(5)

" تقييد العلم ": ص 35.

(6)

انظر " تقييد العلم ": ص 41. و" الإصابة ": ص 202 جـ 7.

(7)

انظر " طبقات ابن سعد ": ص 119 قسم 2 جـ 2 ونحوه في " تقييد العلم ": ص 42.

(8)

" جامع بيان العلم ": ص 66 جـ 1. وقارن بـ " سنن الدارمي ": ص 122 جـ 1.

(9)

" جامع بيان العلم ": ص 65 جـ 1. ونحوه في " تقييد العلم ": ص 42.

ص: 313

«إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالكُتُبِ» (1).

وقد تمسك أبو سعيد الخُدري بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه في النهي عن كتابة غير القرآن. وَأَبَى أَنْ يُكْتِبَ أَبَا نَضْرَةَ حِينَ قَالَ لَهُ هَذَا: أَلَا تُكْتِبُنَا، فَإِنَّا لَا نَحْفَظُ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ:«لَا، إِنَّا لَنْ نُكْتِبَكُمْ، وَلَنْ نَجْعَلَهُ قُرْآنًا، وَلَكِنِ احْفَظُوا عَنَّا، كَمَا حَفِظْنَا نَحْنُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (2).

وَيُرْوَى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان يكره كتابة الحديث، رُوِيَ عَنْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ:«كُنَّا نَخْتَلِفُ فِي أَشْيَاءَ فَنَكْتُبَهَا فِي كِتَابٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهَا ابْنَ عُمَرَ أَسْأَلُهُ عَنْهَا خُفْيًا (3) فَلَوْ عَلِمَ بِهَا كَانَتِ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» (4).

وكره أبو موسى أن يكتب ابنه عنه مخافة أن يزيد أو ينقص، وَمَحَا مَا كَتَبَهُ بالماء (5) وفي رواية قال:«احْفَظُوا عَنَّا كَمَا حَفِظْنَا» (6)، وفي رواية عنه أنه قال:«إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَتَبُوا كِتَابًا وَاتَّبَعُوهُ وَتَرَكُوا التَّوْرَاةَ» (7).

هؤلاء معظم الذين كرهوا كتابة الحديث في الصدر الأول، حاولت أن

(1)" جامع بيان العلم وفضله ": ص 65 جـ 1، و " تقييد العلم ": ص 43.

(2)

" سنن الدرامي ": ص 122 جـ 1، وانظر " تقييد العلم " فيه روايات مختلفة عنه: ص 36 - 38 وكذلك في " جامع بيان العلم وفضله ": ص 64 جـ 1، وفي رواية عن أبي سعيد قال:«أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوهَا مَصَاحِفَ!، إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَحْفَظُ، فَاحْفَظُوا كَمَا كُنَّا نَحْفَظُ» . انظر " جامع بيان العلم وفضله ": ص 64 جـ 1 وانظر كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص 191.

(3)

يريد خفية. أي ينظر إلى الكتاب من غير أن يشعر ابن عمر بذلك.

(4)

" جامع بيان العلم وفضله ": ص 66 جـ 1 و" تقييد العلم ": ص 44.

(5)

انظر " المحدث الفاصل " نسخة دمشق: ص 6 جـ 4 وقارن بكتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص 193 و " سنن الدارمي ": ص 122 جـ 1.

(6)

" جامع بيان العلم ": ص 66 جـ 1.

(7)

" تقييد العلم ": ص 56.

ص: 314

أثبت رأي كل منهم إلى جانب وجهة نظره فيما ذهب إليه من المنع والكراهة، لأتمكن من استنتاج أسباب هذه الكراهة، فوجدت كما قال الخطيب البغدادي:«أَنَّ كَرَاهَةَ [مَنْ كَرِهَ] الْكِتَابَ مِنَ الصَّدْرِ الأَوَّلِ إِنَّمَا هِيَ لِئَلَاّ يُضَاهَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُ ، أَوْ يُشْتَغَلَ عَنِ القُرْآنِ بِسِوَاهُ، وَنُهِيَ عَنِ الكُتُبِ القَدِيمَةِ أَنْ تُتَّخَذَ لأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقُّهَا مِنْ بَاطِلِهَا، وَصَحِيحِهَا مِنْ فَاسِدِهَا ، مَعَ أَنَّ القُرْآنَ كَفَى مِنْهَا، وَصَارَ مُهَيْمِنًا عَلَيْهَا ، وَنُهِيَ عَنْ كَتْبِ العِلْمِ فِي صَدْرِ الإِسْلَامِ وَجَدْتُهُ لِقِلَّةِ الفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ ، وَالمُمَيِّزِينَ بَيْنَ الوَحْيِ وَغَيْرِهِ ، لأَنَّ أَكْثَرَ الأَعْرَابِ لَمْ يَكُونُوا فَقِهُوا فِي الدِّينِ وَلَا جَالَسُوا العُلَمَاءَ العَارِفِينَ ، فَلَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُلْحِقُوا مَا يَجِدُونَ مِنَ الصُّحُفِ بِالقُرْآنِ ، وَيَعْتَقِدُوا أَنَّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّحْمَنِ» (1)، أضف إلى هذا ورع الصحابة وخشيتهم من أن يكون ما يملونه أو يقيدونه غير ما سمعوه من الرسول عليه الصلاة والسلام.

من أجل هذا أولى الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - كتاب الله عز وجل في هذه الحقبة عناية الحفظ في الصحف والمصاحف وفي الصدور، وجمعوه في عهد الصِدِّيقِ، ونسخوه في عهد عثمان، وبعثوا به إلى الآفاق، ليضمنوا حفظ المصدر التشريعي الأول من أن تشوبه أية شائبة، ثم حافظوا على السنة بدراستها و [مُذَاكَرَتِهَا] وكتابتها أحيانًا عند زوال مانع الكراهة، وقد ثبت عن كثير من الصحابة الحث على كتابة الحديث، وإجازة تدوينه.

ولا نشك في هذه الأخبار كما شك غيرنا، لأننا لا نرى فيها ذلك التعارض الذي تصوره بعض المستشرقين (2)، حتى استجازوا لأنفسهم أن يحكموا على

(1)" تقييد العلم ": ص 52.

(2)

سنتكلم بعد قليل عن رأي جولدتسيهر في هذه الأخبار.

ص: 315

بعضها بالوضع والاختلاق، وسنوجز فيما يلي بعض ما روي عن الصحابة من إجازة تقييد الحديث، ليتبين صحة ما ذهبنا إليه.

وقبل أن أتناول هذه الأخبار لَا بُدَّ لي من أن أقلب النظر فيما روي عن محاولة عمر رضي الله عنه جمع السنة وتدوينها، كما جمع القرآن الكريم، ثم عدوله عن ذلك خَوْفًا من أن يلتبس الكتاب بالسنة، وخشية ألا يميز المسلمون الجدد بينهما. أقول: إن محاولته هذه تدل على اقتناعه بجواز كتابة الحديث الشريف، وهذا ما انتهى به أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النهي عن الكتابة، ولو شك عمر رضي الله عنه في الجواز - مَا هَمَّ بأن يفعل ما منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كرهه، فإحجام الفاروق لم يكن لكراهة الكتابة، بل لمانع يقتضي أن يتريث في التدوين والجمع لمصلحة أخطر وأعظم، ولذلك رأيناه يكتب بنفسه لمن يأمن عليه اللبس ويثق به، وربما سمح عمر رضي الله عنه بالكتابة بعد أن رأى حفظ الأمة لكتاب الله تعالى بجمعه في المصحف الشريف، ويقوي هذا ما يروى عن عمرو بن أبي سفيان من أنه سمع عمر بن الخطاب يقول:«قيِّدُوا العِلْمَ بِالكِتَابِ» (1).

ثم إن بعض الصحابة أنفسهم قد أجاز الكتابة، وكتب بعضهم بيده، وتغير رأي من عرف منهم النهي عن كتابة الحديث حينما زالت أسباب المنع، وخاصة بعد أن جمع القرآن في المصاحف وأرسل إلى الآفاق.

ولا ينقض هذا الرأي الذي ذهبنا إليه ما رُوِيَ عن أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق كتب له فرائض في الصدقة التي سَنَّهَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

(1)" تقييد العلم ": ص 88، و" جامع بيان العلم ": ص 72 جـ 1. «وَوَجَدَ ابْنُ عُمَرَ فِي قَائِمِ سَيْفِ أَبِيهِ صَحِيفَةً». انظر " الكفاية ": ص 354، و" توجيه النظر ": ص 348.

ص: 316

وَسَلَّمَ - (1) بأن هذا كان قبل نسخ المصاحف، لأننا لم نجعل الخشية من التباس الكتاب بِالسُنَّةِ السبب الوحيد لمنع الكتابة، بل هناك أسباب أخرى قد ذكرتها فيما سبق، ثم إن أنسًا رضي الله عنه ممن لا يلتبس عليه ذلك، لأنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفه وتلقى عنه عشر سنوات، وعلى هذا نقول: إنه ثبت عن أبي بكر كتابة شيء من السُنَّةِ وكذلك ثبت عن الفاروق مثل ذلك (2).

وهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «مَا كُنَّا نَكْتُبُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [مِنَ الأَحَادِيثِ] (*) إِلَاّ الاسْتِخَارَةَ وَالتَّشَهُّدَ» (3) فهذا دليل على كتابة الصحابة غير القرآن الكريم في عهده صلى الله عليه وسلم، وعلى عدم كراهة ابن مسعود للكتابة، وقد روينا خبر الكتاب الذي كان عند ابنه بخط يده (4).

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنه كان يحض على طلب العلم وكتابته، فقد قال:«مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي عِلْمًا بِدِرْهَمٍ؟» ، قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: يَقُولُ: «يَشْتَرِي صَحِيفَةً بِدِرْهَمٍ يَكْتُبُ فِيهَا العِلْمَ» (5)، وخبر صحيفة عَلِيِّ رضي الله عنه مشهور، وقد كانت معلقة في سيفه، فيها أسنان الإبل وشيء من الجراحات (6)

وَهَذَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما يَقُولُ لِبَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ «تَعَلَّمُوا تَعَلَّمُوا، فَإِنَّكُمْ صِغَارُ قَوْمٍ اليَوْمَ، وَتَكُونُونَ كِبَارَهُمْ غَدًا، فَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْكُمْ

(1) انظر " تقييد العلم ": ص 87، وفي " مسند الإمام أحمد " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَتَبَ لَهُمْ:«إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ التِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّه» انظر: ص 183 جـ 1.

(2)

انظر " مسند الإمام أحمد ": ص 261 جـ 1، و" الكفاية ": ص 336.

(3)

" مصنف ابن أبي شيبة ": ص 115: ب، جـ 1.

(4)

انظر " جامع بيان العلم ": ص 72 جـ 1.

(5)

" العلم " لزهير بن حرب: ص 193: ب، و" تقييد العلم ": ص 90.

(6)

انظر " مسند الإمام أحمد ": ص 45 و122 جـ 2 وغيرها، و" تقييد العلم ": ص 88 - 99، و" جامع بيان العلم ": ص 71 جـ 1، و " فتح الباري ": ص 83 جـ 7.

----------------------

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*)[مِنَ الأَحَادِيثِ] أثبتها من المطبوع من الكتاب، انظر " مصنف ابن أبي شيبة " تحقيق الشيخ محمد عوامة:(3) كِتَابُ الصَّلَاةِ (69) بَابُ مَنْ كَانَ يُعَلِّمُ التَّشَهُّدَ وَيَأْمُرُ بِتَعْلِيمِهِ، حديث رقم 3023، 2/ 44، الطبعة الأولى: 1427 هـ - 2006 م، نشر دار القبلة للثقافة الإسلامية. جدة - المملكة العربية السعودية. ومؤسسة علوم القرآن. دمشق - سوريا.

ص: 317

فَلْيَكْتُبْ» (1)، وفي رواية:«فَلْيَكْتُبْهُ وَلْيَضَعْهُ فِي بَيْتِهِ» (2).

وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول لابن أختها عروة بن الزبير: «يَا بُنَيَّ [إِنَّهُ] يَبْلُغُنِي أَنَّكَ تَكْتُبُ عَنِّي الحَدِيثَ ثُمَّ تَعُودُ فَتَكْتُبُهُ» ، [فَقُلْتُ] لَهَا:«أَسْمَعُهُ مِنْكِ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْمَعُهُ عَلَى غَيْرِهِ» . فَقَالَتْ: «هَلْ تَسْمَعُ فِي المَعْنَى خِلَافًا؟» ، قُلْتُ:«لَا» ، قَالَتْ:«لَا بَأْسَ بِذَلِكَ» (3)، فلو كرهت عائشة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا - الكتابة لمنعته ونهته، ولكنه لم يحدث شيء من هذا، بل لم تر بأسًا بعمله.

وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يسمح لبَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ أن يكتب عنه، ويجيزه بالرواية عنه (4)، وفي رواية يقول بشير: أَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِكِتَابِي الذِي كَتَبْتُهُ عَنْهُ فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: «هَذَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ؟» قَالَ: «نَعَمْ» (5)، وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ أَنَّهُ رَأَى كُتُبًا كَثِيرَةً عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَة (6).

وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: «اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ، وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ» (7).

(1)" الكفاية ": ص 229.

(2)

" تقييد العلم ": ص 91.

(3)

" الكفاية ": ص 205.

(4)

انظر " العلم " لزهير بن حرب: ص 193: ب و" المحدث الفاصل ": ص 128.

(5)

" طبقات ابن سعد ": ص 162 جـ 7 و" جامع بيان العلم ": ص 72 جـ 1، و" العلم " لزهير بن حرب: ص 193 و" الكفاية ": ص 255 و 283.

(6)

انظر " جامع بيان العلم ": ص 74 جـ 1، و" فتح الباري ": ص 217 جـ 1 كما أنه أملى بعض أحاديثه على همام بن منبه وسنتعرض لذلك.

(7)

" معرفة علوم الحديث ": ص 100 واختصر الحاكم الخبر وتجد تفصيل ما كتبه المغيرة إلى معاوية في حديث شامل للبخاري في " صحيحه ". انظر " فتح الباري ": ص 95 جـ 9 طبعة مصر، بولاق سَنَةَ 1312 هـ.

ص: 318

وكتب زياد بن أبي سفيان إلى السيدة عائشة رضي الله عنها يسألها عن الحاج الذي يرسل هديه، وهل يحرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر، كما أفتى ابن عباس؟ فأجابته عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت:«فَلَمْ يَحْرُمْ [عَلَى] رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ» (1).

وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ أَبَا رَافِعٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ (2)، وَفِي رِوَايَةٍ:«أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ أَلْوَاحٌ يَكْتُبُ فِيهَا» (3)، وكان ابن عباس يحض على التعلم والكتابة ويقول:«قَيِّدُوا العِلْمَ بِالكِتَابِ، مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي عِلْمًا بِدِرْهَمٍ» (4)، وكان يقول أحيانًا:«إِنَّا لَا نَكْتُبُ فِي الصُّحُفِ إِلَاّ الرَّسَائِلَ وَالقُرْآنَ» (5). إلا أننا نرى ابن عباس بنفسه يكتب غير الرسائل، فيملي التفسير على مجاهد بن [جبر]، ويقول له:«اكْتُبْ» (6)، ويكتب إليه الحجاج أمير العراق يستفتيه في رجل أكره أخته، فيكتب إليه بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (7).

وسبق لي أن ذكرت كتابة عبد الله بن عمرو بن العاص، وسنتكلم عن صحيفته بعد قليل.

(1)" الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة ": ص 95، 96، وقد قال الإمام الزهري: «أَوَّلُ مَنْ كَشَفَ الغُمَّى عَنْ النَّاسِ وَبَيَّنَ لَهُمْ السُنَّةَ فِي ذَلِكَ عَائِشَةُ

».

(2)

انظر ترجمة عبد الله بن عباس في " الإصابة ".

(3)

انظر " تقييد العلم ": ص 91، 92 و 109.

(4)

" العلم " لزهير بن حرب: ص 193، و" جامع بيان العلم ": ص 72 جـ 1، و" تقييد العلم ": ص 92.

(5)

" العلم " لزهير بن حرب: ص 187.

(6)

انظر " تفسير الطبري " بتحقيق أحمد محمد شاكر: ص 31 جـ 1.

(7)

انظر " البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث ": ص 214، 215 جـ 2، وقد ذكر هذا في سبب ورود حديث «مَنْ تَخَطَّى الحُرْمَتَيْنِ فَخُطُّوا وَسَطَهُ بِالسَّيْفِ» وهنا حرمة الزنا وحرمة الأخوة. وكان ابن عباس يفتي كتابة أَيْضًا، انظر فتواه لنجدة بن عامر في " مسند الإمام أحمد ": ص 56 جـ 4.

ص: 319

وهذا أبو سعيد الخدري الصحابي الجليل الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث «

وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ» يقول: «كُنَّا لَا نَكْتُبُ إِلَاّ القُرْآنَ وَالتَّشَهُّدَ» (1).

وكان البراء بن عازب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ وَيُكْتِبُ مَنْ حَوْلَهُ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ [بْنِ حَنَشٍ] (*) قَالَ:«رَأَيْتُهُمْ عِنْدَ البَرَاءِ يَكْتُبُونَ عَلَى أَيْدِيهِمْ بِالقَصَبِ» (2).

وهذا وَرَّادُ كاتب المغيرة بن شعبة يكتب ين يدي المغيرة (3).

وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ غُدْوَةً حَتَّى يَنْظُرَ [فِي] كُتُبِهِ (4).

وهذا أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وملازمه في بيته ليلاً ونهارًا عشر سنوات، كان يقول لبنيه:«يَا بَنِيَّ قيِّدُوا العِلْمَ بِالكِتَابِ» (5)، وَكَانَ يُمْلِي الحَدِيثَ (6) حَتَّى إِذَا مَا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ جَاءَ بِمَجَالَّ (7) مِنْ كُتُبٍ، فَأَلْقَاهَا ثُمَّ قَالَ:«هَذِهِ أَحَادِيثُ سَمِعْتُهَا وَكَتَبْتُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَعَرَضْتُهَا عَلَيْهِ» (8).

(1)" تقييد العلم ": ص 93.

(2)

" جامع بيان العلم ": ص 81 جـ 1، وانظر كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص 193: ب و" تقييد العلم ": ص 105.

(3)

انظر كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص 187.

(4)

انظر " الآداب الشرعية ": ص 125 جـ 2.

(5)

انظر كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص 192 و" تقييد العلم ": ص 96 ونحوه في ص 97، وانظر " صحيح مسلم بشرح النووي ": ص 244 جـ 1 «حَيْثُ أَعْجَبَهُ حَدِيثٌ فَأَمَرَ ابْنَهُ بِكِتَابَتِهِ» .

(6)

انظر " تاريخ بغداد ": ص 259 جـ 8.

(7)

مجال جمع مجلة والمجلة صحيفة يكتب فيها. أي ألقى إليهم صحفًا. انظر " لسان العرب " مادة (جلل): ص 127 جـ 13.

(8)

" تقييد العلم ": ص 95، 96.

----------------------

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*) هو عبد الله بن حنش الأودي وليس عبد الله بن خنيس كما ورد في المطبوع.

انظر " جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر، تحقيق أبي الأشبال الزهيري، 1/ 316، حديث رقم 408 الطبعة الأولى: 1414 هـ - 1994 م، نشر دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع. الرياض - المملكة العربية السعودية.

وانظر كذلك: " تقييد العلم " للخطيب البغدادي، تحقيق الدكتور يوسف العش، ص 104، طبعة سنة 1974 م، نشر إحياء السنة النبوية. بيروت - لبنان.

وانظر " المؤتَلِف والمختَلِف " للدارقطني، تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر: 2/ 701، الطبعة الأولى: 1406 هـ - 1986 م، نشر دار الغرب الإسلامي. بيروت - لبنان.

ص: 320