الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَدُّ عَلَى الشُّبَهِ التِي أُثِيرَتْ حَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ:
ذلكم أبو هريرة الذي عرفناه قبل إسلامه وبعده، عرفناه في هجرته وصحبته للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان الصاحب الأمين، والطالب المُجِدَّ، التزم السُنَّةَ المُطَهَّرة، في شبابه وهرمه، وفي غناه وفقره، فكان وَرِعًا تَقِيًّا، كريمًا متواضعًا، له مواقفه المُشَرِّفَةَ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعرفنا اعتزاله للفتن وَحُبَّهُ للجماعة وسيعه للخير، وكشفنا عن روحه الطيِّبة المرحة، ونفسه الصافية، وأخلاقه الكريمة، وزُهده في الدنيا وفنائه في الحق، وعرفنا مكانته العلميَّة، وكثرة حديثه، وقوة حافظته، ورأينا منزلته بين أصحابه، وثناء العلماء عليه.
ولكن بعض الباحثين لم يسرهم أن يروا أبا هريرة في هذه المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، فدفعتهم ميولهم وأهواؤهم إلى أن يصوروه صورة تخالف الحقيقة التي عرفناها، فرأوا في صحبته للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم غايات خاصة لأبي هريرة، ليشبع بطنه ويروي نهمه، وصوروا أمانته خيانة، وكرمه رياء، وحفظه تدجيلاً، وحديثه الطيب الكثير كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهتانًا، ورأوا في فقره مطعنًا وعارًا، وفي تواضعه ذُلاًّ، وفي مرحه هَذَرًا، وصوروا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لَوْنًا من الاحتيال لخداع العامة، ورأوا في اعتزاله الفتن تَحَزُّبًا، وفي قوله الحق انحيازًا، واعتبروه صنيعة الأمويين الذين طووه تحت جناحهم، فكان أداتهم الداعية لمآربهم
السياسية، فهو في نظرهم من الكاذبين الواضعين للأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، افتراء وزورًا.
هكذا رآه بعض أهل الأهواء قديمًا كالنظَّام، والمريسي، وَالبَلْخِي، وتابعهم في هذا العصر بعض المستشرقين أمثال (جولدتسيهر) و (شبرنجر) وأغرب من هذا أنْ يطعن فيه وفي السُنَّةِ بعض من يُنسبُ إلى العلم، فقد عثرتُ على كتاب تحت عنوان " أبو هريرة " ألَّفه عبد الحُسين شرف الدين العاملي، وافترى فيه على أبي هريرة افتراءات يَنْدَى لَهَا جبين العلم، وَتَخِزُ ضمير العلماء، وتجرح الحق، ولا تلتقي معه، حتى انتهى إلى تكفير أبي هريرة، وقد حمله على هذا عاملان: أولهما هواه، وثانيهما تأويلاته التي لا تتمشى مع البحث العلمي، ولا توافق التاريخ ..
وقد استقى من هذا الكتاب أَيْضًا محمود أَبُو رِيَّة صاحب كتاب " أضواء على السنة المحمدية "، فكان أشدَّ على أبي هريرة من أستاذه، وأكثر مجانبة للصواب، كما أن الأستاذ أحمد أمين كشف عن جانب من سيرة أبي هريرة دون أن يكشف عن الجوانب الأخرى فلم تكن صورته عنده مطابقة للحقيقة التاريخية.
ومن الصعب أن أفند جميع الشبهات التي أخذها بعضهم على أبي هريرة في هذا الكتاب، لأنها تحتاج إلى كتاب منفرد بها (1)، لذلك أرد هنا رَدًّا مجملاً على أهم الشبهات التي أثاروها حوله، ولولا مكانة أبي هريرة ونقله جانبًا عظيمًا من السُنَّةِ لتركت الرد على هذه الشبهة، ولكني رأيت من الواجب أن أبين الحق لأن الطعن فيه طعن صريح في جميع مروياته، وترك لجانب لا يستهان به من السُنَّةِ.
(1) فَنَّدْتُ ما أثاره هؤلاء في كتاب تحت عنون " أبو هريرة راوية الإسلام "(*).
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) هذا الكتاب الذي كان لي شرف تحويله إلى المكتبة الشاملة.