الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتعرض لبقية الروايات التي تبين الحقيقة (1)، واكتفى أبو رية بالنقل عن عبد الحسين من غير أن يشير إلى المصدر ومن غير بحث أو مقارنة وتمحيص!!
2 - هَلْ تَشَيَّعَ أَبُو هُرَيْرَةَ لِلأُمَوِيِّينَ
؟:
ومما اتُّهِمَ به أبو هريرة أنه تشيع للأمويين ووالاهم، ووضع الحديث على الرسول صلى الله عليه وسلم ضد خصومهم وتأييدًا لسياستهم (2).
ويظهر بطلان هذه الشبهة إذا علمنا أنه لا دليل على تشيع أبي هريرة للأمويين بل ثبتت معارضته لهم في كثير من تصرفاتهم، ولم يكن دائمًا على صلة حسنة بمعاوية وإذا كان معاوية قد جعله على المدينة فقد كان يعزله كلما غضب عليه، ويولي مروان بن الحكم مكانه، كما أن أبا هريرة لم يكن يكره عَلِيًّا وأهله إرضاء للأمويين، بل كان مُحِبًّا لأهل البيت، ومن هذا ما رواه ابن كثير مما دار بين مروان بن الحكم وأبي هريرة حين أراد المسلمون دفن الحسن مع النبي صلى الله عليه وسلم. فكان مما قاله لمروان: «وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِوَالٍ، وَإِنَّ الوَالِيَ لَغَيْرُكَ فَدَعْهُ، وَلَكِنَّكَ تَدَخَّلُ فِيمَا لَا يَعْنِيكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ بِهَذَا إِرْضَاءَ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْكَ، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ
…
» (3).
وكذلك نرى أبا هريرة ينكر على مروان في مواضع عدة، فقد أنكر عليه عندما رأى في داره تصاوير، فَقَالَ لَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا! كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا
(1) انظر " طبقات ابن سعد ": ص 59 قسم 2 جـ 4، و" تاريخ الإسلام ": ص 338 جـ 2، و" حلية الأولياء ": ص 380 جـ 1، و" البداية والنهاية ": ص 111 جـ 8.
(2)
انظر " أبو هريرة " لعبد الحسين: ص 26 - 31 وما بعدها، وانظر " أضواء على السنة المحمدية ": ص 185 - 190.
(3)
" البداية والنهاية ": ص 108 جـ 8.
ذَرَّةً، (1)، كما أنكر عليه حين أبطأ بالجمعة، فقام إليه قائلاً:«أَتُظَلُّ عِنْد ابْنَة فُلَانٍ تُرَوِّحَُِك بِالمَرَاوِحِ وَتَسْقِيَك المَاءَ البَارِدَ، وَأَبْنَاءُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يُصْهَرُونَ مِنَ الحَرِّ؟ لََقََدْ هَمَمْتُ أََنْ أَفْعَلَ وَأَفْعَلَ» ، ثُم قَال:«اسْمَعُوْا مَن أَمِيرِكُمْ» (2).
فهل هذا موقف المُتَشَيِّعِ لبني أمية، النازل على رغباتهم في الحديث، الدَّاعي لهم!! أم أنَّ هذا موقف ملتزم الحق؟
لقد أنكر على الأمير تَأَخُّرَهُ، وحفظ له حقه فأمر المسلمين بالسماع إليه. وهذا دليل آخر على مكانة أبي هريرة بين المسلمين. فلو كان حقيرًا مهينًا ما سمع منه المسلمون وَمَا تَحَمَّلَهُ مروان.
وكان يجدر بمن اَتَّهِمَ أبا هريرة بالتشيُّع للأمويين أن يتهمه بالتشيع لأهل البيت، لما رُوِيَ عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناقبهم ومدحهم مِمَّا ورد فِي صِحَاحِ السُنَّةِ (3)، فهذا أولى لهم من أنْ يَتَتَبَّعُوا الأحاديث الضعيفة والموضوعة على أبي هريرة في مدح الأمويِّين، ليتهموه بموالاتهم وتأييدهم، مع وضوح وضع تلك الأحاديث، ومعرفة الكَذَبَةِ الواضِعِين لها. وجلاء أمرها، ونتيجة لهذا المنهج الملتوي حكم عليه عبد الحسين وأبو رية.
ومما قاله عبد الحسين في أبي هريرة والأمويين: «استعبد بنو أمية أبا هريرة ببرهم، فملكوا قياده، واحتلُّوا سمعه وبصره وفؤاده، فإذا هو لسان دعايتهم في سياستهم، يَتَطَوَّرُ فيها على ما تقتضيه أهواؤهم. فتارة يفتئت
(1)" مسند الإمام أحمد ": ص 148 حديث 7166 جـ 12 بإسناد صحيح ورواه البخاري.
(2)
" العقد الفريد ": ص 42 جـ 1.
(3)
انظر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: " مسند الإمام أحمد ": ص 129 حديث 7392، وص: 195 حديث 7455 جـ 13، وص 69 حديث 7636، وص 260 حديث 7863 جـ 14، و" فتح الباري ": ص 76 و 95 جـ 8.