الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) - عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ (10 ق هـ - 73 ه
ـ): (*)
أسلم عبد الله بن عمر صغيرًا، وهاجر إلى المدينة مع أبيه وقيل قبله، وهو ابن إحدى عشرة سنة، عرض على رسول الله يوم بدر ويوم أُحُدٍ فاستصغره، وأجازه يوم الخندق وهو يومئذٍ ابن خمس عشرة سَنَةٍ، فشهد الخندق وما بعده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد بعده اليرموك وفتح مصر وشمال أفريقيا.
اشتهر ابن عمر بحرصه على اتباع سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به (1). وكان يحضر مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل من حضر إذا غاب عنها، وفيه قال ابن الحنفية:«كَانَ ابْنُ عُمَرَ حَبْرَ هَذِه الأُمَّةِ» .
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي ذر ومعاذ وعائشة وغيرهم.
وروى عنه خلق كثير، منهم جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس،
(*) انظر ترجمته في " طبقات ابن سعد ": ص 105 - 138 قسم 1 جـ 4، و" حلية الأولياء ": ص 292 - 314 جـ 1، و" تذكرة الحفاظ ": ص 35 جـ 1، و" الإصابة ": ص 107 جـ 4، و" الجمع بين رجال الصحيحين ": ص 238 جـ 1، و" البارع الفصيح ": ص 9: ب و" الرياض المتسطابة ": ص 51، و" أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد ": ص 1.
(1)
انظر بعض ما روي عنه في ص 85 - 90 من هذا الكتاب، وكان مُحِبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا ذكره بكى وما مر على ربعه إلى غمض عينيه. انظر " تذكرة الحفاظ ": ص 36 جـ 1.
وبنوه سالم وعبد الله وحمزة وبلال، ومولاه نافع، وَأًسْلَمُ مولى عمر، وابن أخيه حفص بن عامر.
وروى عنه من كبار التابعين سعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص (1)، وأبو عبد الرحمن النهدي، ومسروق، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وروى عنه ممن بعدهم عبد الله بن دينار، وزيد وخالد ابنا أسلم، وعروة بن الزبير، وبشر بن سعيد، وعطاء، ومجاهد، ومحمد بن سيرين، وغيرهم.
قال فيه ابن مسعود: «إنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنْ الدُّنْيَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ» .
وعن سالم بن أبي الجعد عن جَابِرٍ قَالَ: «مَا مِنَّا أَحَدٌ إلَاّ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا، وَمَال بِهَا غَيْرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ» .
وكان جريئًا في الحق لا يخاف فيه لومة لائم، وله مواقف كثيرة في ذلك.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانٍ لَهُ فِيهِ نُظَرَاءُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِي زَمَانٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ نَظِيرٌ» .
كان مثالاً رائعًا في الورع والتقوى والعبادة، وكان إذا قرأ:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (2) بكى حتى يغلبه البكاء وكان لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر.
وكان كثير التواضع والتسامح والرحمة والكرم، يكثر التصدق بما يشتهيه من الطعام ويتقرب إلى الله بما يعجبه من ماله، أتته في ليلة عشرة آلاف درهم،
(1) هو علقمة بن وقاص الليثي، وليس ابن أبي وقاص الزهري، انظر " تذكرة الحفاظ ": ص 50 جـ 1.
(2)
[سورة الحديد، الآية: 16].
فما بات حتى وزعها، وكان في مجلس فأتى ببضعة وعشرين ألفًا فما قام من مجلسه حتى فَرَّقَهَا وزاد عليها، وقد ينفد ما معه فيستدين ليعطي ذوي الحاجات. وكان لا يأكل طعامًا إلا على خوانه يتيم، وما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو يزيد.
رشحه بعض الصحابة للخلافة بعد أبيه، فأبى عمر وجعلها شورى بين الستة، فوقف عبد الله بن عمر بعيدًا عن جميع الفتن، وتفرغ للعلم والعبادة. لذلك كان من المكثرين من الرواية، وساعده على هذا تقدم إسلامه، وطول عمره، ومخالطته للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أخته حفصة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام فسهل عليه دخوله وخروجه على الرسول الكريم.
روي عنه [2630] حَدِيثًا، أخرج له الشيخان البخاري ومسلم [280] حَدِيثًا، اتفقا على [168] حَدِيثًا منها، وانفرد البخاري بـ[81] حَدِيثًا، ومسلم بـ[31] حَدِيثًا، وأحاديثه في الكتب الستة، والمسانيد، وسائر السنن.
توفي في مكة سَنَةَ (73 هـ) بعد مقتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل سَنَةَ (74 هـ)، وعمره أربعة وثمانون عَامًا.
* * *