الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يعد تابعيا
؟:
قال الخطيب البغدادي: «التَّابِعِيُّ مَنْ صَحِبَ صَحَابِيًّا» (1)، ولا يكفي مجرد الالتقاء، بخلاف الصحابي فقد اكتفى فيه بذلك، لشرف لقاء النبي صلى الله عليه وسلم، والاجتماع به، أو رؤيته، فإن لذلك أثرًا كبيرًا في إصلاح القلوب وتزكية النفوس، مما لا يتهيأ لمن يلقى الصحابي من غير متابعة له، وطول أخذ عنه.
وقال أكثر المحدثين: «إِنَّ التَّابِعِيَّ مَنْ لَقِيَ وَاحِدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَكْثَرَ» وإن لم يصحبه، ولهذا ذكر مسلم وابن حبان - سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين، وقال ابن حبان: أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لُقْيَا وحفظًا، رأى أنس بن مالك وإن لم يصح له سماع المسند عنه. كما عد الحافظ عبد الغني بن سعيد - يحيى بن أبي كثير من التابعين، لأنه لقي أنسًا، وَعَدَّ فيهم موسى بن أبي عائشة، لكونه لقي عمرو بن حريث، وَعَدَّ فيهم جرير بن أبي حازم لكونه رأى أنسًا، وهذا إقرار منهم بأن التابعين من رأى الصحابي.
واشترط ابن حبان أن يكون من رآه في سن من يحفظ عنه، أي أن يكون مميزًا، فإن كان صغيرًا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته، كخلف بن خليفة، فإنه عَدَّهُ من أتباع التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث، لكونه كان صغيرًا لا يميز.
قَالَ العِرَاقِيُّ: «وَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ حِبَّانَ لَهُ وَجْهٌ، كَمَا اشْتَرَطَ فِي الصَّحَابِيِّ
(1) انظر " تدريب الراوي ": ص 416.
رُؤْيَتَهُ وَهُوَ مُمَيَّزٌ». قَالَ: وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينِ بِقَوْلِهِ: «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى لِمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي» الحَدِيثَ، فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ (1).
وعدد التابعين يفوق الحصر، لأن كل من رأى صحابيًا كان من التابعين، وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نيف ومائة ألف من الصحابة، رحلوا إلى مختلف البلدان، وانتشروا في جميع الآفاق، ورآهم ألوف الأتباع.
ولرجال الحديث اهتمام كبير بمعرفة الصحابة والتابعين لأن بهما يعرف المرسل والمتصل من الأخبار.
ثم إن التابعين طبقات جعلها الحاكم خمس عشرة طبقة، آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة، ومن لقي عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة، ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة، ومن لقي عبد الله بن الحارث بن جزء من أهل مصر، ومن لقي أبا أمامة الباهلي من أهل الشام (2). وذكر الحاكم غير هؤلاء في بعض البلدان الأخرى (3).
وللعلماء كلام طويل في أفضل التابعين (4).
وسنذكر فيما يلي بعض أعلام الرواة من التابعين.
(1) انظر " فتح المغيث ": ص 52، 53 جـ 4، و " تدريب الراوي ": ص 416.
(2)
انظر " معرفة علوم الحديث ": ص 42، و " فتح المغيث ": ص 53 جـ 4، و " تدريب الراوي ": ص 417.
(3)
انظر " معرفة علوم الحديث ": ص 43.
(4)
انظر المراجع السابقة في ذلك: " تدريب الراوي ": ص 421، و " الباعث الحثيث ": ص 219، و " فتح المغيث ": ص 55 جـ 4.