الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْبَعَة آلَافِ حَدِيثٍ، أُحَرِّم فِيهَا الحَلَالَ، وَأُحَلُّ فِيهَا الحَرَامَ» (1) وقال المهدي:«أَقَرَّ عِنْدِي رَجُلٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ أَنَّهُ وَضَعَ أَرْبَعِمِائَةِ حَدِيثٍ، فَهِيَ تَجُولُ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ» (2).
وقال حماد بن زيد: «وَضَعَتْ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إثني عشر ألف حديث، بثوها في الناس (3)» وفي رواية قال: «وَضَعَتْ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ (4).
إلا أن هذه الأحاديث لَمْ تَخْفَ على رجال هذا العلم، فبينوها وتتبعوا الكاذبين الذين وضعوها.
[3] التَّفْرِقَةُ العُنْصُرِيَّةُ وَالتَّعَصُّبُ لِلْقَبِيلَةِ وَالبَلَدِ وَالإِمَامِ:
اعتمد الأمويون في إدارة دولتهم وتسيير أمورها على العرب خاصة، وتعصب بعضهم للعرب والعربية، وربما نظر بعض العرب إلى المسلمين من العناصر الأخرى نظرة لا توافق روح العصر، حتى إن طبقة الموالي «وهم المسلمون من غير العرب» شعرب بهذه العنصرية، فكانوا يحاولون المساواة بينهم وبين العرب وانتهزوا أكثر الاضطرابات والحركات الثورية فانضموا إليها في سبيل تحقيق ذلك، (5)
(1)" اللآلئ المصنوعة ": ص 248 جـ 2. وعبد الكريم هذا خال معن بن زائدة الشيباني المعروف وقد أمر بضرب عنقه محمد بن سليمان بن علي أمير مكة. وقال الذهبي في " الميزان ": «أمير البصرة» ، انظر " توضيح الأفكار ": ص 75 جـ 2، وانظر " ميزان الاعتدال ": ص 144 جـ 2.
(2)
" الكفاية ": ص 431، و" اللآلئ المصنوعة ": ص 248 جـ 2.
(3)
مقدمة " التمهيد " لابن عبد البر: ص 12، و" الكفاية ": ص 431.
(4)
" تدريب الراوي ": ص 186، و" توضيح الأفكار ": ص 75 جـ 2. وذكر عنه أربعة آلاف، انظر" اللآلئ المصنوعة ": ص 248 جـ 2، وأظن أنه خطأ مطبعي أو خطأ من الراوي.
(5)
انظر " تاريخ الإسلام " للدكتور حسن إبراهيم حسن: ص 342 جـ 1.
وإلى جانب هذا كانوا يبادلون العرب الاعتزاز والفخار، فحملهم هذا على وضع أحاديث ترفع من قدرهم، وتبين فضائلهم، ومن ذلك حديث:«إِنَّ كَلامَ الَّذِينَ حَوْلَ العَرْشِ بِالفَارِسِيَّةِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَوْحَى أَمْرًا فِيهِ لِينٌ أَوْحَاهُ بِالفَارِسِيَّةِ، وَإِذَا أَوْحَى أَمْرًا فِيهِ شِدَّةٌ أَوْحَاهُ بِالعَرَبِيَّةِ» (1) فوضع مقابله حديث: «أَبْغَضُ الكَلامِ إِلَى اللَّهِ الفَارِسِيَّةُ، وَكَلامُ الشَّيَاطِينِ الخُوزِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ النَّارِ البُخَارِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَرَبِيَّةُ» (2)، وحديث:«دَعُونِي مِنَ السُّودَانِ إِنَّمَا الأَسْوَدُ لِبَطْنِهِ وَفَرْجِهِ» (3).
ومنشأ وضع الأحاديث في فضائل بعض القبائل العربية يرجع - في غالب ظني - إلى إثارة تلك العصبية القبلية التي ظهرت في الدولة الأموية عقب وفاة يزيد بن معاوية (4).
وكانت وضعت أحاديث في الجنس والقبيلة واللغة وضعت أحاديثُ في تفضيل البلدان والأئمة، وأظن أن انتقال مركز إدارة الدولة الإسلامية من بلد إلى آخر كان له أثر بعيد في دفع بعض المتعصبين إلى وضع الأحاديث في فضائل بلدانهم أو أئمتهم.
ومما لا شك فيه أن التعصب للأئمة لم يظهر إلا في القرن الثالث الهجري، ولم تبد هذه الظاهرة إلا من الأتباع الجاهلين، فَوُضِعَتْ أحاديث كثيرة في فضائل البلدان منها: «أَرْبَعُ مَدَائِنَ مِنْ مُدُنِ الجَنَّةِ فِي الدُّنْيَا: مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ،
(1)" تنزيه الشريعة المرفوعة ": ص 136 جـ 1.
(2)
" تنزيه الشريعة المرفوعة ": ص 137 جـ 1.
(3)
المرجع السابق: ص 31 جـ 2.
(4)
انظر " تاريخ الإسلام " للدكتور حسن إبراهيم حسن: ص 337 جـ 1.