الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[د] مَنْهَجُهُ صلى الله عليه وسلم فِي التَّعْلِيمِ:
إنَّ منهج الرسول الكريم في تبليغ أصحابه لَا يَتَعَدَّى منهج القرآن العظيم، إذْ كان الرسول مُبَلِّغًا لكتاب الله تعالى، مُبَيِّنًا أحكامه، مُوَضِّحًا آياته، وقد نزل القرآن الكريم مُنَجَّمًا عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث وعشرين سَنَةٍ، والرسول الكريم يبلغ قومه، ومن حوله، ويفصل تعاليم الإسلام، ويطبق أحكام القرآن، فكان معلمًا وحاكمًا وقاضيًا ومفتيًا وقائدًا طيلة حياته عليه الصلاة والسلام، فكل ما يتعلق بِالأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ في جميع شؤونها، دقيقها وعظيمها، وكل ما يتناول الفرد والجماعة في مختلف نوحي حياتهم، مما لم يرد في القرآن فهو من السُنَّةِ، العملية أو القولية أو التقريرية، ومن ثَمَّ نجد بين يدينا أحكامًا وآدابًا وعبادات وقربات شُرِّعَتْ وَطُبِّقَتْ وَسُنَّتْ خلال ربع قرن، فلم توضع السُنَّةُ دفعة واحدة (1) كمجموعة من الشرائع الوضعية، أو الأحكام الخلقية، التي يمليها بعض الحكماء والوعاظ، وإنما شُرِّعَتْ لتربية الأُمَّة دينيًا واجتماعيًا وخلقيًا وسياسيًا، في السلم والحرب، في الرخاء والعسر، وتتناول النواحي العلمية والعملية، فلم يكن من السهل أن ينقلب الناس آنَئِذٍ فجأة، ويتحوَّلوا بين عشية وضحاها عن تعاليمهم القديمة، وديانتهم
(1) وَالسُنَّةُ لم تكن قط نتيجة التطور الديني والسياسي والاجتماعي للإسلام في القرنين الأول والثاني كما ادَّعَى «جولدتسيهر» الذي يضيف فيقول: «وليس صحيحًا ما يقال من أنه - أي الحديث - وثيقة للإسلام في عهده الأول عهد الطفولة، ولكنه أثر من آثار جهود الإسلام في عصر النضوج» راجع " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي " عن " دراسات إسلامية " لجولدتسيهر. كما ذكر «غاستون ويت» هذا الرأي لجولدتسيهر في مقالته عن الحديث في " التاريخ العام للديانات ": ص 366 جـ 4 بالفرنسية. وذكر واضعو " دائرة المعارف الإسلامية " قريبًا من هذا القول عن جولدتسيهر في مادة (حديث)، نَقْلاً عن كتابه " دراسات إسلامية " ويرى أَنَّ السُنَّةَ من وضع المسلمين. وهذا محض افتراء سَأَتَعرَّضُ له في «باب وضع الحديث» ، فليراجع.
وعاداتهم وتقاليدهم إلى الإسلام في نظمه وتعاليمه وعقائده وعباداته.
لقد تَدَرَّجَ القرآن الكريم في انتزاع العقائد الفاسدة والعادات الضارة، ومحاربة المنكرات التي كان عليها الناس في الجاهلية، وثبت بالتدرج أَيْضًا العقائد الصحيحة، والعبادات، والأحكام، ودعا إلى الآداب السامية والأخلاق الفاضلة، وشجع الذين التفوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم على الصبر والثبات وفي هذا كله كان الرسول الكريم يُبيِّنُ القُرْآنَ، ويفتي الناس، ويفصل بين الخصوم ويقيم الحدود، ويُطبِّقُ تعاليم القرآن، وكل ذلك سُنّةٌ، وسنتناول الآن منهج الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، في ذلك كله، مُتَوَخِّينَ الإِيجَازَ، وإِنَّ لدراسة أسلوبه ومنهجه لأثرًا بعيدًا في تثبيت سُنَنِ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولولا ذلك لَمْ نَتَعَرَّضْ لدراسته.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اتخذ دار الأرقم مَقَرًّا له ولأصحابه حين كانت الدعوة سرية، فيلتف حوله المسلمون الأوائل بعيدًا عن المشركين يتذاكرون كتاب الله، وهو يُعَلِّمُهُمْ مبادئ الإسلام، ويحفظهم ما يتنزل عليه من القرآن، وبعد ذلك أصبح منزل الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة ندوة المسلمين، ومعهدهم الذي يَتَلَقَّوْنَ فيه القرآن الكريم، وينهلون من الحديث الشريف على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك في أَنَّ الصحابة كانوا يستظهرون آيات القرآن، ويتدارسونها فيما بينهم، في بيوتهم وفي حوانيتهم، في المدينة وفي البيداء، ليثبتوا ما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد يتذاكرون تفسير مَا تَلَقَّوْهُ، وما تفسيره إلَاّ شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحديث. فحفظ حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام كان متمشيًا جنبًا إلى جنب مع حفظ القرآن العظيم من الأيام
الأولى لظهور الإسلام. وقصة إسلام عمر تُثْبِتُ أَنَّ المسلمين كانوا يقرأون القرآن في بيوتهم، وَيَتَفَقَّهُونَ في الدين
…
ثم أصبح المسجد فيما بعد - المكان المعهود للعمل والفتوى والقضاء، إلى جانب العبادة وإقامة الشعائر الدينية، وعرض لأمور العامة على المسلمين.
ومع هذا لم يقتصر تبليغ الرسول عليه الصلاة والسلام على مكان محدود ولا على مناسبة مُعَيَّنَةٍ، فقد كان يُسْتَفْتَى في الطريق فَيُفْتِي، وَيُسْألُ في المناسبات فيجيب، يُبَلِّغُ الأحكام في كل فرصة تسنح له، وفي كل مكان يتسع لذلك: في حله وترحاله، في سلمه وحربه.
وإلى جانب هذا كانت له مجالس علمية كثيرة يتخول فيها أصحابه بالموعظة، فإذا جلس جلس إليه أصحابه حِلَقًا حِلَقًا (1). ويقول أنس رضي الله عنه:«إِنَّمَا كَانُوا إِذَا صَلُّوا الغَدَاةَ قَعَدُوا حلقاً حلقاً، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، وَيَتَعَلَّمُونَ الفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ» (2) ومن تاريخ الصحابة وحياتهم العلمية تعلم أَنَّ الرسول الكريم لم يكن يضن على مسلم بالعلم، وأنه كان يكثر مجالسة أصحابه يعلمهم وَيُزَكِّيهِمْ. وسيظهر لنا ذلك من البحث.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يَتَخَوَّلُنَا بِالمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا» (3) فقد كان عليه الصلاة والسلام يخشى أَنْ يَمَلَّ أصحابه فَيَتَخَوَّلُهُمْ بالموعظة بين وقت وآخر، لأَنَّ الاستمرار في تعليمهم وتوجيههم، يدخل الملل إلى نفوسهم، فتقل الفائدة، فمن الحكمة سلوك هذا
(1) انظر " مجمع الزوائد ": ص 132 جـ 1. وإن كان في بعض رجالهما مقال فإنَّ الطرق الكثيرة التي رويا بها تؤيِّدُ الاستشهاد بهما.
(2)
انظر " مجمع الزوائد ": ص 132 جـ 1. وإن كان في بعض رجالهما مقال فإنَّ الطرق الكثيرة التي رويا بها تؤيِّدُ الاستشهاد بهما.
(3)
" فتح الباري ": ص 172 و 173 جـ 1 و " مسند الإمام أحمد ": ص 202 حديث 3851 جـ 5.
الطريق في التعليم، وهو الطريق الذي تعتمده اليوم المؤسسات التربوية في مناهجها التعليمية، وهي خير طريقة لتثبيت ما يتلقاه الطالب من المعلومات.
وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس على قدر عقولهم، فإنَّ الكلام الذي لا يبلغ عقول السامعين ولا يفهمونه قد يكون فتنة لهم، فيأتي بغير المقصود منه.
لقد كان الرسول الكريم يخاطب حضوره بما يدركونه، فيفهم البدوي الجافي بما يناسب جفاءه وقسوته، ويفهم الحضري بما يلائم حياته وبيئته، وكما أنه كان يراعي تفاوت المدارك، وانتباه أصحابه وقدرهم الفطرية والمكتسبة، فتكفي منه الإشارة إلى الألمعي الذكي، واللمحة العابرة إلى الحافظ المجيد. من ذلك: مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وإنِّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ» . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» . قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» . قال: إنَّ فِيهَا لَوِرْقًا. قال: «فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟» . قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ: «وَهَذَا عَسَى أَنْ نَزَعَهُ عِرْقٌ» (1).
ومن ذلك أَنَّ فتى من قريش أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِي الزِّنَا، فأقبل القوم عليه وزجروه فقالوا: مه مه!! فقال: «ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا» . فقال: «أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ» . قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ
(1)" صحيح مسلم ": ص 1137 من الحديثين 18 و20 جـ 2. الأورق الذي فيه سواد ليس بصاف، والمراد بالعرق هنا الأصل من النسب.
فِدَاكَ. قَالَ «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ» . قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟» . قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ» - ثم ذكر له رسول الله أخته وعمَّته وخالته، وفي ذلك يقول الفتى مقالته:«لَا وَاللَّهِ يا رسول الله جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ» - قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ» . قَالَ (الرَّاوِي): فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ الفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ (1).
لقد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوبًا جعل الفتى يدرك أثر الزنا في المجتمع، وكيف أَنَّ الناس جَمِيعًا لا يرضونه لأنفسهم وأهليهم كما أنه لا يرضاه هو لذويه، مما حمله على الاقتناع بالإقلاع عنه، وخير الأمور ما كان الدافع إليه من قرارة النفس.
وكان يخاطب القوم بلغتهم ولهجتهم، ومن هذا ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عَنْ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ» . أَرَادَ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَهَذِهِ لُغَةُ الأَشْعَرِيِّينَ يَقْلِبُونَ اللَاّمَ مِيمًا (2).
وَ «كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا لِكَيْ يُفْهَمَ عَنْهُ» (3)، وَإِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ فَصْلاً يُبَيِّنُهُ، فَيَحْفَظُهُ مِنْهُ مَنْ سَمِعَهُ (4).
(1)" مجمع الزوائد ": ص 129 جـ 1 عن أبي أمامة الباهلي، رجاله رجال الصحيح وقد رواه الطبراني في " الكبير ".
(2)
" الكفاية ": ص 183 وقد أخرجه الإمام أحمد. وأخرج الشيخان ومالك وأبو داود والنسائي «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّوْمُ فِي السَّفَرِ» " تيسير الوصول ": ص 312 جـ 2.
(3)
" مجمع الزوائد ": ص 129 جـ 1 عن أبي أمامة رواه الطبراني في " الكبير " بإسناد حسن وأخرج البخاري نحوه عن أنس، انظر " صحيح البخاري بحاشية السندي ": ص 29 جـ 1.
(4)
كتاب " تسمية ما ورد به الخطيب ": ص 29 جـ 1 رواه عن عروة عن عائشة، مخطوطة المكتبة الظاهرية، دمشق. مجموع (18).
وعن عائشة «أنه صلى الله عليه وسلم لَا يَسْرِدُ الكَلَامَ كَسَرْدِكُمْ، وَلَكِنْ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامِ فَصْلٍ يَحْفَظُهُ مَنْ سَمِعَهُ» (1). وفي رواية: «إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ حَدِيثًا، لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لأَحْصَاهُ» (2).
ويظهر أنه كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يعيد كلامه ويكرره على السامعين حتى يدركوه جَمِيعًا فلا يفوت أحدهم بعضه فَعَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا (3)» . ولا يفهم من حديث أنس هذا أنه كان يفعل ذلك دائمًا بل بقدر ما تقتضيه الحاجة.
فمن جميع ما سبق يَتَبَيَّنُ لنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يُبَيِّنُ للناس الأحكام جَيِّدًا حتى لا يبقى لسامع سؤال، ولا لسائل مشكل يقف عنده. حتى إنه كان يجيب السائل بأكثر مما سأله (4).
كان يتغيَّا التيسير في جميع أموره، وينهى عن التشديد والتعقيد، يريد من المسلمين أَنْ يأتوا الرخص كما يأتون بالعزائم، وينهى عن التنطع في العبادة. والتضييق في الأحكام، ولا بعد في ذلك كله، فإنه ناطق بلسان الشريعة السمحة الميسرة. ويظهر لنا أسلوبه في ذلك كله من تتبع سيرته - عَلَيْهِ
(1)" الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص 96: ب، و " فتح الباري ": ص 390 جـ 7 القسم الأول من الحديث.
(2)
" فتح الباري ": ص 389 جـ 7 و" قبول الأخبار ومعرفة [الرجال] ": ص 58 ذكره أبو القاسم البلخي يريد الطعن في أبي هريرة فلم يفلح.
(3)
" فتح الباري ": ص 198 و 199 جـ 1، ولعل المراد بالسلام هنا سلام الاستئذان في الدخول.
(4)
انظر في ذلك " فتح الباري ": ص 241 جـ 1. باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله.
الصَلَاةُ وَالسَّلَامُ -. ويتجلَّى مع هذا حلمه تارة، وحبه لأُمَّته تارة أخرى وغضبه للحق حِينًا، ونهيه عن التعقيد أحيانًا. من ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: دَخَلَ أَعْرَابِىٌّ المَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا!!» . ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِى الْمَسْجِدِ!! فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، أَهرِيقُوا عَلَيْهِ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سِجْلاً مِنْ مَاءٍ» (1).
وكان يدعو إلى التيسير دائمًا، فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا، وَلَا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ» (2) وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، وخَيْرُ العِبَادَةِ الفِقْهُ» (3) كما كان ينهى عن الأغلوطات
(1) القسم الثاني من الحديث أي بول الأعرابي في المسجد ذكره البخاري عن أنس وعن أبي هريرة، انظر " فتح الباري ": ص 335 و 336 جـ 1 وقصة الدعاء في موضع آخر. والحديث المذكور أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح في " مسنده "، انظر " المسند ": ص 244 حديث 7254 جـ 12 وص 209 حديث 7786 جـ 14، قوله صلى الله عليه وسلم:«تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» : أي ضيَّقْتَ ما وسعه الله، يقال: حجرت الأرض واحتجرتها إذا ضربت عليها مَنَارًا تمنعها به عن غيرك. ويرد الأستاذ أحمد شاكر على المستشرق بروكلمان لفهمه هذا الحديث فَهْمًا خَاطِئًا. راجع هامش ص 245 جـ 12 منه.
(2)
" مسند الإمام أحمد ": ص 12 حديث 2136 وص 191 حديث 2556 جـ 4 وص 150 حديث 3448 جـ 5 و " مجمع الزوائد ": ص 131 جـ 1، وراجع " فتح الباري ": ص 196 جـ 1. فيه غضبه مِمَّنْ يطول الصلاة وفي المصلين الضعيف وذو الحاجة، وطلب مِمَّنْ يصلي بالناس التخفيف لذلك.
(3)
" جامع بيان العلم وفضله ": ص 21 جـ 1 وقال: رواه البخاري في " الأدب المفرد ".