الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ الثَّانِي: وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَبَاحِثَ:
المَبْحَثُ الأَوَّلُ: النَّشَاطُ العِلْمِيُّ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:
شعر الصحابة بالتبعة الملقاة على عاتقهم لحفظ الشريعة وتطبيقها، فسارعوا إلى صيانة مصادرها الأولى خشية ضياع القرآن الكريم من صدور القُرَّاءِ (الحُفَّاظ)، إثر حروب الردة، ومن ثم جمعوه في مصحف على عهد الصِدِّيقِ، وخافوا عاقبة الاختلاف في القراءات في الأمصار المختلفة، فنسخوه في مصاحف وُزِّعَتْ على الأقاليم الإسلامية في عهد عثمان رضي الله عنه وكانوا في أحكامهم يرجعون إلى الكتاب الكريم ثم إلى السُنَّةِ، يسألون عن حكم مأثور عن الرسول فيما يَجِدُّ لهم من قضايا، فإذا ما ثبت عندهم شيء عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تسمكوا به وطبقوه، وقد ذكرت طريقة اجتهادهم فيما سبق.
وقد وجد الصحابة ضرورة تلح لحفظ السُنَّةِ، فحاول الصِدِّيقُ ثُمَّ الفَارُوقُ حفظها كتابة - وما منعهم من ذلك إلا حرصهم على القرآن وَالسُنَّةِ كما سيتبين لنا هذا في بحث تدوين السُنَّةِ - فما كان منهم إلا أن أَكَبُّوا على دراستها والسؤال عنها، والبحث عن الحديث عند حفاظه، ويكفينا مثالاً لهذا ما كان يفعله ابن عباس بعد وفاة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقد روى عِكْرِمَةُ [عَنْ] ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُمُ اليَوْمَ كَثِيرٌ، قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ فِيهِمْ؟ قَالَ: فَتَرَكَ ذَاكَ، وَأَقْبَلْتُ أَنَا أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِيَ الحَدِيثُ عَنِ