الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» (1)، وحديث:«كُلُّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَخْلُوقٌ غَيْرُ اللَّهِ وَالقُرْآنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ وَيَجِيءُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُولُونَ: القُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ العَظِيمِ، وَطُلِّقَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ سَاعَتِهِ، لأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةٌ تَحْتَ كَافِرٍ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْهُ بِالقَوْلِ» (2).وعلائم الوضع ظاهرة جلية في تعليلاته وركاكة لفظه.
وَمِنْ هَذَا مَا رَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا مُحْرِزٌ أَبُو رَجَاءٍ، - وَكَانَ يَرَى القَدَرَ فَتَابَ مِنْهُ -، فقالَ:«لَا تَرْوُوا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ شَيْئًا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نَضَعُ الأَحَادِيثَ نُدْخِلُ بِهَا النَّاسَ فِي القَدَرِ، نَحْتَسِبُ بِهَا، وَلَقَدْ أَدْخَلْتُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ» . قَالَ زُهَيْرُ: فَقُلْتُ لَهُ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِمَنْ أَدْخَلْتَهُمْ؟» قَالَ: «هَا أَنَا ذَا أُخْرِجُهُمْ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ» (3).
[7]- التَّقَرُّبُ مِنَ الحُكَّامِ وَأَسْبَابٌ أُخْرَى:
لم يذكر أحد - فيما اطلعت - أَنَّ أَحَدًا من رجال الحديث أو غيرهم تقرب من خلفاء بني أمية وأمرائهم بوضع ما يرضي ميولهم من الحديث، اللهم إلا ما اتهم به الشيعة بعض الصحابة والتابعين في ذلك، وقد رَدَدْنَا هذا في الفصل
(1)" تدريب الراوي ": ص 181. و" الباعث الحثيث ": ص 90، وقال فيه عن الحاكم: فهذا مع كونه كذبًا من أنجس الكذب، فإن الرواية عن الزهري بهذا السند بالغة مبلغ القطع بإثبات الرفع عند الركوع وعند الاعتدال، وهي في " الموطأ " وسائر كتب الحديث. اهـ. من " لسان الميزان ": ص 288، 289 جـ 5.
(2)
" تنزيه الشريعة المرفوعة: ص 134 جـ 1.
(3)
" الجرح والتعديل ": ص 32 جـ 1، وفيه (هُوَذَا) وما أثبته أصوب.
الثاني من «أبي هريرة» ، وطبيعي أن يتقرب بعض المرائين إلى الطبقة الحاكمة بوضع ما يرضيهم من الحديث، وقد حدث هذا فعلاً في عهد العباسيين، فقد أَسْنَدَ الحَاكِمُ «عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَلَا تَرَى مَا يَقُولُ لِي مُقَاتِلٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ لَكَ أَحَادِيثَ فِي العَبَّاسِ، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا» (1).
وقد كذب غياث بن إبراهيم للمهدي في حديث «لَا سَبَقَ إِلَاّ فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ» فزاد فيه «أَوْ جَنَاحٍ» حين رآه يلعب بالحمام، فتركها المهدي بعد ذلك، وأمر بذبحها، بعد أن أعطاه عشرة آلاف درهم، وقال فيه بعد أن ولي:«أَشْهَدُ عَلَى قَفَاكَ أَنَّهُ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (2). وإن هذا الإنكار من المهدي لا يكفي، بل كان عليه ألا يعطيه عشرة آلاف درهم من أموال المسلمين، لكذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يمنعه من هذا ويزجره ويحبسه إذا لم يشأ أن يقتله (3).
وهناك أسباب أخرى بَيَّنَهَا رجال الحديث، وضربوا لها الأمثال، مثال ذلك ما أسنده الحاكم عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الكُتَّابِ يَبْكِي، فَقَالَ:" مَالَكَ؟ " قَالَ: " ضَرَبَنِي المُعَلِّمُ " فَقَالَ: " لأُخْزِيَنَّهُمُ اليَوْمَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ
(1)" تدريب الراوي ": ص 187، و" الباعث الحثيث ": ص 94 وأبو عبيد الله هو وزير المهدي.
(2)
" المدخل ": ص 20، 21 و" الباعث الحثيث ": ص 94، و" تدريب الراوي ": ص 187، و" توضيح الأفكار ": ص 76 جـ 2.
(3)
راجع " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص 104، فقد كتب أستاذنا الدكتور السباعي كلمة طيبة جريئة لما كان لتساهل الخلفاء والأمراء مع الوضاعين من أثر سيء في الدين.
شِرَارُكُمْ، أَقَلُّهُمْ رَحْمَةً لِلْيَتِيمِ وَأَغْلَظُهُمْ عَلَى المِسْكِينِ» (1). وحديث «خَيْرُ تِجَارَتِكُمُ البَزُّ وَخَيْرُ صَنَائِعِكُمُ الخَرْزُ» (2)، و «مِنْ سِيَادَةِ المَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ» (3) و «النَّاسُ أَكْفَاءٌ إِلَاّ حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ» (4).
ومن الوضاعين من جعل الأسانيد المشهورة للحكم القديمة، وللأقوال المعسولة، ومنهم من وضع الحديث للإغراب ليقصدوا بالطلب لما عندهم من غريب الحديث، وهؤلاء من جهال أهل الحديث، بل من المتطفلين على الحديث النبوي وعلمائه، ومنهم من وضع الأحاديث في أصناف معينة من المآكل لترويجها، أو في مهن خاصة للرفع من قدرها .. وفي غير هذا وذاك، وقد بَيَّنَ العلماء جميع هذا، ووضعوا قواعد علمية دقيقة لحفظ الحديث.
(1)" تدريب الراوي ": ص 180، 181. و" الباعث الحثيث ": ص 89 حيث قال: وسعد بن طريف هذا، قال فيه ابن معين:«لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَرْوِي عَنْهُ» . وقال ابن حبان: «كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ» . وراوي القصة عنه سيف بن عمر، قال فيه الحاكم:«اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ سَاقِطٌ» . اهـ.
(2)
" قبول الأخبار ": ص 21. وانظر في " المدخل ": ص 24 بعض ما وضعه الكذابون في الشهوات والملذات.
(3)
" قبول الأخبار ": ص 21. وانظر في " المدخل ": ص 24 بعض ما وضعه الكذابون في الشهوات والملذات.
(4)
" قبول الأخبار ": ص 21. وانظر في " المدخل ": ص 24 بعض ما وضعه الكذابون في الشهوات والملذات.