الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَدَينِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَغَيرِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينَ.
ــ
1832 - مسألة: (و)
يَصِحُّ ضَمانُ (دَينِ المَيِّتِ المُفْلِسِ وغيرِه، ولا تَبْرأُ ذِمَّتُه قبلَ القَضاءِ، في أصَحِّ الرِّوايَتَينِ) يَصِحُّ الضَّمانُ عن كُلِّ غَرِيم وَجَبَ (1) عليه حَقٌّ، حَيًّا كان أو مَيِّتًا، مَلِيئًا أو مُفْلِسًا. وبه قال أكْثَرُ العُلَماءِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ، إلَّا أن يُخَلِّفَ وَفاءً، فإن خَلَّفَ بعضَ الوَفاءِ، صَحَّ ضَمانُه بقَدْرِ ما خَلَّفَ؛ لأنَّه دَينٌ ساقِطٌ، فلم يَصِحَّ ضَمانُه، كما لو سَقَط بالإبْراءِ، ولأنَّ ذِمتَّة قد خَرِبَتْ خَرابًا لا تَعْمُرُ بعدَه، فلم يَبْقَ فيها دَينٌ، والضَّمانُ ضَمُّ ذِمّةٍ إلى ذِمّةٍ. ولَنا، حَدِيثُ أبي قَتادَةَ [وعليٍّ](2)، فإنَّهما ضَمِنا دَينَ مَيِّتٍ لم يُخَلِّفْ وَفاءً، وقد حَضَّهُم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ضَمانِه في حَدِيثِ أبي
(1) في الأصل: «ثبت» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَتادَةَ بِقَوْلِه: «أَلا قَامَ أحَدُكُمْ فَضَمِنَه» (1). وهذا صَرِيحٌ في المَسْأَلَةِ، ولأنَّه دَينٌ ثابِتٌ، فصَحَّ ضَمانُهُ، كما لو خَلَّفَ وَفاءً. ودَلِيلُ ثُبُوتِه، أنَّه لو تَبَرَّعَ رَجُل بقَضاءِ دَينِه، جاز لصاحِبِ الدَّينِ (2) اقتِضاؤُه، ولو ضَمِنَه حَيًّا ثم مات، لم [تَبْرَأْ ذمَّةُ](3) الضامِنِ، ولو بَرِئَتْ ذِمّةُ المَضْمُونِ عنه، بَرِئَتْ ذِمّةُ الضامِن، وفي هذا انْفِصالٌ عما ذَكَرُوه. إذا ثَبَت صِحّةُ ضَمانِ دَينِ المَيِّتِ، فإنَّ ذِمَّتَة لا تَبْرَأُ من الدَّينِ قبلَ القَضاءِ، في إحدَى الرِّوايَتَينِ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَينِه حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» (4). ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سَأَل أبا قَتادَةَ عن الدِّينارَينِ الَّذَينِ ضَمِنَهُما، فقال: قد قَضَيتُهُما (5)، فقال:«الْآنَ بَرَّدْتَ جِلْدَتَهُ» . رَواه الإمامُ أحمدُ. ولأنَّه وَثِيقةٌ بدَينٍ، فلم يَسْقُطْ قبلَ القَضاء، كالرَّهْنِ، وكالشَّهادَةِ. والثّانِيَةُ: تَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ الضَّمانِ. نَصَّ عليه أحَمدُ في رِوايةِ يُوسُفَ بنِ موسى؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَدِيثِ أبي قَتادَةَ: «وَبَرِئَ الْمَيِّتُ مِنْهُما؟» . قال: نعم. وقد ذَكَرْنا ذلك [في أوَّلِ البابِ](6).
(1) تقدم تخريجه في 6/ 21.
(2)
في م: «الحق» .
(3)
في م: «يبدأ منه» .
(4)
تقدم تخريجه في 6/ 20.
(5)
في الأصل: «قبضتهما» .
(6)
زيادة من: الأصل.