الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، كَالْغُصُوبِ، وَالعَوَارِي، وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا.
ــ
الضّامِنِ، وإن تَلِف بفِعْلِه أو تَفْرِيطٍ، لَزِمَه ضَمانُها، ولَزِم ضامِنَه أيضًا؛ لأنَّها مَضْمُونَةٌ على مَن هي في يَدِه، فهي كالغُصُوبِ والعَوارِي، وهذا في الحَقِيقَةِ ضَمان ما لم يَجِبْ، وقد ذَكَرْناه.
1836 - مسألة: (فأمّا الأعْيانُ المَضْمُونَةُ؛ كالغُصُوب، والعَوارِي، والمقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، فيَصِحُّ ضَمانُها)
وبه قال أَبو حنيفةَ، والشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه. وقال في الآخَرِ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الأعْيانَ غيرُ ثابِتَةٍ في الذِّمَّةِ، وإنَّما يُضْمَنُ ما يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ، ووَصْفنا لها بالضَّمانِ إنَّما مَعْناه أنَّه يَلْزَمُه قِيمَتُها عندَ التَّلَفِ، والقِيمَةُ مَجْهُولَةٌ. ولنا، أنَّها مَضْمُونَةٌ على مَن هي في يَدِه، فصَحَّ ضَمانُها، كالحُقُوقِ الثّابِتَةِ في الذِّمَّةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهم: إنَّ الأعْيانَ لا تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ. قُلْنا: الضَّمانُ في الحَقِيقَةِ إنَّما هو ضَمانُ اسْتِنْقاذِها وَرَدِّها، والْتزامُ تَحْصِيلِها أو قِيمَتِها عندَ تَلَفِها. وهذا مِمّا يَصِحُّ ضَمانُه، كعُهْدةِ المَبِيعِ، فإنَّه يَصِحُّ، وهو في الحَقِيقَةِ الْتِزامُ رَدِّ الثَّمَنِ أو عِوَضِه إن ظَهَر بالمَبِيعِ عَيبٌ أو اسْتُحِقَّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَصِحُّ ضَمانُ الجُعْلِ في الجَعالةِ، وفي السابَقَةِ والمُناضَلَةِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا يَصِحُّ ضَمانُه في أحَدِ الوَجْهين؛ لأنَّه لا يَئُولُ إلى اللُّزُومِ، أشْبَهَ مال الكِتَابةِ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (1). ولأنَّه يَئُولُ إلى اللزُومِ إذا عَمِل العَمَلَ، وإنَّما الذي لا يَلْزَمُ العَمَلُ، والمالُ يَلْزَمُ بوُجُودِه، والضَّمانُ للمالِ دُونَ العَمَلِ. ويَصِحُّ ضَمانُ أَرْشِ الجِنايَةِ، سواءٌ كان نُقُودًا، كقِيَمِ المُتْلَفاتِ، أو حَيَوانًا، كالدِّياتِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا يَصِحُّ
(1) سورة يوسف 72.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَمانُ الحَيَوانِ الواجِبِ فيها؛ لأنَّه مَجْهُولٌ. وقد مَضَى الدَّلِيلُ على صِحّةِ ضَمانِ المَجْهُولِ، ولأنَّ الإِبِلَ الواجِبَةَ في الدِّيَةِ (1) مَعْلُومَةُ الأسْنانِ والعَدَدِ (2)، وجَهالةُ اللَّوْنِ وغيرِه مِن الصِّفاتِ الباقِيَةِ لا تَضُرُّ؛ لأنَّه إنَّما يَلْزَمُه أدْنَى لَوْنٍ وصِفَةٍ، فتَحْصُلُ مَعْلُومَةً، وكذلك غيرُها (3) مِن الحَيَوانِ، ولأنَّ جَهْلَ ذلك لم يَمْنَعْ وُجُوبَه بإتْلافٍ، فلم يَمْنَعْ وُجُوبَه بالالْتِزامِ. ويَصِحُّ ضَمانُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، سواء كانت نفقَةَ يَوْمِها أو مُسْتَقْبَلَةً، لأنَّ نَفَقَةَ اليَوْمِ واجِبَة، والمُسْتَقْبَلَةُ مآلُها إلى الوُجُوبِ (4)،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَلْزَمُه ما يَلْزَمُ الزَّوْجَ، في قِياسِ المَذْهَبِ. وقال القاضي: إذا ضَمِن نَفَقَةَ المُسْتَقْبَلِ، لم يَلْزَمْه إلَّا نَفَقَةُ المُعْسِرِ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ على ذلك تَسْقُطُ بالإعْسارِ. وهذا مَذْهبُ الشافعيِّ، على القولِ الذي قال فيه: يَصِحُّ ضَمانُها. ولنا، أنه يَصِحُّ ضَمانُ [ما لم يجب، واحْتِمالُ عَدَمِ وُجُوبِ الزيادَةِ لا يَمْنَعُ صِحَّةَ ضَمانِها، بدَلِيلِ الجُعْلِ في](1) الجَعالةِ، والصَّداقِ قبلَ الدُّخُولِ، والمَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ. فأمّا النَّفَقةُ في الماضِي،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن كانت واجِبَةً بحُكْمِ حاكِمٍ، أو قُلْنا بوُجُوبِها بدُونِ حُكْمِه، صَحَّ ضَمانُها، وإلَّا فلا. وفي صِحَّةِ ضَمانِ [مالِ الكِتابَةِ](1) اخْتِلافٌ نذكُرُه (2) في بابِه.
(1) في م: «السلم» .
(2)
في الأصل: «ذكرناه» .