الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ بَينَهُمَا حَائِطٌ فَانْهَدَمَ، فَطَالبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبِنَائِهِ مَعَهُ، أُجْبِرَ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، لَا يُجْبَرُ،
ــ
انْتَقَلَ إلى المُدَّعِي ببَيعٍ أو هِبَةٍ أو سَبَبٍ مِن الأسْبابِ، فلا يَتنافَى إنْكارُ المُنْكِرِ وإقْرارُ المُقِرِّ، كحالةِ إطْلاقِ الإِنْكارِ. وهذا أصَحُّ.
1898 - مسألة: (وإن كان بينَهما حائِطٌ فانْهَدَمَ، فطالبَ أحَدُهما صاحِبَه ببنائِه، أُجْبِرَ عليه. وعنه، لا يُجْبَرُ)
إذا كان بينَ الشَّرِيكَينِ حائطٌ فانْهَدَمَ، فطَلَبَ أحَدُهما إعادَتَه، وأبَى الآخَرُ، فذَكَر القاضِي فيه رِوايَتَين، إحْداهما، يُجْبَرُ. نَقَلَها ابنُ القاسِمِ، وحَرْبٌ، وسِنْدِيٌّ. قال القاضي: هي أصَحُّ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وعلى ذلك أصْحابُنا. وهو إحْدَى الرِّوايَتَين عن مالِكٍ، وقولُ الشافعيِّ القَدِيمُ، واخْتارَه بعضُ أصْحابِه، لأنَّ في تَرْكِ بِنائِه إضْرارًا فيُجْبَرُ عليه، كما يُجْبَرُ على القِسْمةِ إذا طَلَبَها أحَدُهما، وعلى نَقْضِ الحائِطِ عندَ خَوْفِ سُقُوطِه عليهما، ولقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ (1)» . وهذا وَشَرِيكُه
(1) في م: «إضرار» . والحديث تقدم تخريجه في 6/ 368.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَتَضَرَّران في تَرْكِ بنائِه. والرِّوايَةُ الثانيةُ، لا يُجْبَرُ. نُقِل عن أحمدَ ما يَدُلُّ على ذلك. وهو أقوَى في النَّظرَ، ومَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه مِلْكٌ لا حُرْمَةَ له في نَفْسِه، فلم يُجْبَرْ مالِكُه على الإِنْفاقِ عليه، كما لو انْفَرَدَ به، ولأنَّه بِناءُ حائِطٍ، فلم يُجْبَرْ عليه، كالابتِداءِ، ولأنَّه لا يَخْلُو؛ إمّا أن يُجْبَرَ على بِنائِه لحَقِّ نَفْسِه، أو لحَقِّ جارِه، أو لهما جميعًا، لا يَجُوزُ أن يُجْبَرَ لحَقِّ نَفْسِه، بدَلِيلِ ما لو انْفَرَدَ به، ولا لحَقِّ غيرِه، كما لو انْفَرَدَ به جارُه، وإذا لم يَكُنْ واحِدٌ منهما مُوجَبًا عليه، فكذلك إذا اجْتَمَعَا. وفارَقَ القِسْمَةَ، فإنَّها دَفْع للضَّرَرِ عنهما بما لا ضَرَرَ فيه، والبِناءُ فيه ضَرَرٌ؛ لِما فيه مِن الغَرامَةِ وإنْفاقِ مالِه، ولا يَلْزَمُ مِن إجْبارِه على إزالةِ الضَّرَرِ بما لا ضَرَرَ فيه، إجْبارُه على إزالتِه بما فيه ضَرَرٌ، بدَلِيلِ قِسْمةِ ما في قِسْمَتِه ضَرَرٌ. ويُفارِقُ هَدْمَ الحائِطِ إذا خِيفَ سُقُوطُه؛ لأنَّه يَخافُ سُقُوطَه على ما يُتْلِفُه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيُجْبَر على ما يُزِيل ذلك، ولذلك (1) يُجْبَر عليه وإنِ انْفَرَدَ بالحائِطِ، بخِلافِ مَسْألَتِنا. ولا نسَلِّمُ أنَّ في تَرْكِه إضْرارًا، فإنَّ الضَّرَرَ إنَّما حَصَل بانْهِدامِه، وإنَّما تَرْكُ البِناءِ تَرْكٌ لِما يَحْصُل النَّفْع به، وهذا لا يُمْنَغ الإِنْسان منه، بدَلِيلِ حالةِ الابتِداءِ. وإن سَلَّمْنا أنَّه إضْرارًا، لكنْ في الإِجْبارِ إضْرارٌ، ولا يُزالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ، ولأنَّه قد يكونُ المُمْتَنِعُ لا نَفْعَ له في الحائِطِ، أو يكونُ الضَّرَرُ عليه أكثَرَ مِن النَّفْعِ، أو يكون مُعْسِرًا ليس معه شيءٌ، فيُكَلَّفُ الغرَامَةَ مع عَجْزِه عنها.
(1) في ر، ر 1، ق:«كذلك» .