الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا اسْتَدَانَ الْعَبْدُ، فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ، يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أو يُسَلِّمُهُ. وَعَنْهُ، يَتَعَلَّقُ بذِمَّتِهِ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، إلا الْمَأْذُونَ لَهُ، هَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
1977 - مسألة: (وما اسْتَدانَ العَبْدُ، فهو في رَقَبَتِه، يَفْدِيه سَيِّدُه أو يُسَلِّمُه. وعنه، يَتَعَلَّقُ بذِمَّتِه، يُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، إلَّا المَأْذُونَ له، هل يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّةِ سَيدِه؟ على رِوايَتَين)
يقال: ادّانَ واسْتدانَ وتَدايَنَ بمَعْنًى. والعَبْدُ قِسْمان؛ مَحْجُورٌ عليه، فما لَزِمَهُ مِن الدَّينِ بغيرِ رِضا سَيِّدِه، مثلَ أن يَقْتَرِضَ ويَشْتَرِيَ شيئًا في ذِمَّتِه، ففيه رِوايَتان؛ إحْدَاهما، يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. اخْتارَها الخِرَقِيُّ، وأبو بكرٍ؛ لأَنه دَينٌ لَزِمَه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فتعَلَّقَ برَقَبَتِه، كالإتْلافِ. والثانيةُ، يَتَعَلَّقُ بذِمَّتِه، يَتْبَعُه الغَرِيمُ به إذا عَتَق وأيسَرَ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأَنه مُتَصَرِّفٌ في ذِمَّتِه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فتَعَلَّقَ بذِمَّتِه، كعِوَضِ الخُلْعِ مِن الأمَةِ، وكالحُرِّ. القِسْمُ الثانِي، المأْذُونُ له في التَّصَرُّفِ أو في الاسْتِدانَةِ، فما يَلْزَمُه مِن الدَّين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هل يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، أو ذِمَّةِ سَيِّدِه؟ على رِوايَتَينْ؛ إحْداهما، يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. وهو ظاهِرُ قولِ أبي حَنِيفَةَ؛ لأنَّه قال: يُباعُ إذا طالبَ الغُرَماءُ ببَيعِه. وهذا مَعْناه أنه يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه؛ لأنَّه دَينٌ ثَبَت برِضا مَن له الدَّينُ (1)، فيُباعُ فيه، كما لو رَهَنَه. والثانيةُ، يَتَعَلَّقُ بذِمَّةِ السَّيِّدِ. وهو الذي ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يَلْزَمُ مَوْلاه جَمِيعُ ما ادَّانَ. وقال مالِكٌ، والشافعيُّ: إن كان في يَدِه مالٌ، قُضِيَتْ دُيُونُه منه، وإن لم يَكُنْ في يَدِه شيءٌ، تَعَلَّقَ بذِمَّتِه، يُتْبَعُ به إذا عَتَق وأيسَرَ؛ لأنَّه دَين ثَبَت برِضا مَن له الدينُ، أشْبَهَ غيرَ المَأذُونِ، أو فوَجَبَ أن لا يَتَعَلَّقَ برَقَبَتِه، كما لو اقْتَرَضَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِيِّ، أنَّه إذا أَذِنَ له في التِّجارَةِ، فقد أغْرَى النَّاسَ بمُعامَلَتِه وأذِنَ فها، فصار ضامِنًا، كما لو قال لهم: دايِنُوه. أو أذِنَ في اسْتِدانَةٍ تَزِيدُ على قِيمَتِه. ولا فَرْقَ بين الدَّين الذي لَزِمَه في التِّجَارَةِ المَأْذُونِ فيها، أو فيما لم يُؤذَنْ له فيه، مثلَ أن أَذِنَ له في التِّجارَةِ في البُرِّ (2)، فاتَّجَرَ في غيرِه، فإنَّه لا يَنْفَكُّ عن التَّغْرِيرِ، إذ يَظُنُّ النّاسُ أنَّه مَأذُونٌ له في ذلك أيضًا.
(1) في م: «الحين» .
(2)
في ر: «البز» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا أُرُوشُ جِناياتِه، وقِيَمُ مُتْلَفاتِه، فهي مُتَعَلِّقة برَقَبَةِ العَبْدِ، سَواءٌ كان مَأْذُونًا له أو لا، رِوايَةً واحِدَةً. وبه يَقُولُ أبو حَنِيفَةَ، والشافعيُّ. وكلُّ ما تَعَلَّقَ برَقَبَةِ العَبْدِ خُيِّرَ السَّيِّدُ (1) بينَ تَسْلِيمِه للبَيعِ (2) وبينَ فِدائِه، فإذا بِيعَ، وكان ثَمَنُه أقَلَّ ممّا عليه، فليس لرَبِّ الدَّينِ إلَّا ذلك؛ لأنَّ العَبْدَ هو الجانِي، فلم يَجِبْ على غَيرِه شيءٌ. وإن كان ثَمَنُه أكْثَرَ، فالفَضْلُ للسَّيِّدِ. وذَكَر القاضي أنَّ ظاهِرَ كَلامِ أحمدَ، أنَّ السَّيِّدَ لا يَرْجِعُ بالفَضْلِ. ولَعَلَّه يَذْهَبُ إلى أنَّه دَفَعَه إليه عِوَضًا عن الجِنايَةِ، فلم يَبْقَ لسَيِّدِه فيه شيءٌ، كما لو مَلَّكَه إيَّاه عِوَضًا عن الجِنايَةِ. وليس هذا صَحِيحًا؛ فإنَّ المَجْنِيَّ عليه لا يَسْتَحِقُّ أكْثَرَ مِن قَدْرِ أَرْشِ الجِنايَةِ عليه،
(1) في الأص: «المشترى» .
(2)
في م: «للمبيع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهو كما لو جَنَى عليه حُرٌّ، والجانِي لا يَجِبُ عليه أكْثَرُ مِن أَرْشِ جِنايَتِه، ولأنَّ الحَقَّ تَعَلَّقَ بعَينه، فكان الفَضْلُ مِن ثَمَنِه لسَيِّدِه، كالرَّهْنِ. ولا يَصِحُّ قَوْلُهم: إنّه دَفَعَه عِوَضًا؛ لأنه لو كان عِوضًا، لمَلَكَه المَجْنِيُّ عليه، ولم يُبَعْ في الجِنايَةِ، وإنّما دَفَعَه ليُبَاعَ فيُؤخَذَ منه عِوَضُ الجِنايَةِ ويُرَدَّ إليه الباقِي، ولذلك لو أتْلَفَ دِرْهَمًا، لم يَبْطُلْ حَقُّ سَيِّدِه منه بذلك. وإن عَجَز عن أداءِ الدِّرْهَمِ مِن غيرِ ثَمَنِه، فإنِ اخْتارَ السَّيِّدُ فِداءَه، لَزِمَه أقَل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأمْرَين؛ مِن قِيمَتِه أو أَرْشِ جِنايَتِه؛ لأنَّ (1) أرْشَ الجِنَايَةِ إن كانَ أكْثَرَ، فلا يَتَعَلَّقُ بغيرِ العَبْدِ الجانِي؛ لعَدَمِ الجِنايَةِ مِن غيرِه، وإنَّما تَجِبُ قِيمَتُه وإن كان أقَلَّ، فلم يَجِبْ بالجِنايَةِ إلَّا هو. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أَنَّه يَلْزَمُه (1) أَرْشِ الجِنايَةِ كلُّه؛ لأَنَّه يَجُوزُ أن يَرْغَبَ فيه راغِبٌ، فيَشْتَرِيَه بأَرْشِ الجِنايَةِ، فإذا مَنَع منه، لَزِمَه جَمِيعُ الأَرْشِ؛ لتَفْويِته ذلك. وللشافعي قَوْلان، كالرَّوايَتَين.
فصل: فإن تَصَرَّفَ العَبْدُ غيرُ المَأْذُونِ ببَيعٍ، أو شِراءٍ بعَينِ المالِ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ مِن المَحْجُورِ عليه فيما حُجِر عليه فيه، أشْبَهَ المُفْلِسَ، وقِياسًا على تَصَرُّفِ الأجْنَبِي. ويَتَخَرَّجُ أن يَصِحَّ، ويَقِفَ على إجازةِ السَّيِّدِ، كتَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ. فأمّا شِراؤه بثَمَن في ذِمَّتِه واقْتِراضُه، فيَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه، أشْبَهَ السَّفِيهَ، ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ؛ لأنَّ الحَجْرَ لحَقِّ غيرِه، أشْبَهَ المُفْلِسَ والمَرِيضَ. ويَتَفَرَّعُ على
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذَين الوَجْهَين، أنَّ التَّصَرُّفَ إن كان فاسِدًا، فللبائِعِ والمُقْرِضِ أخْذُ مالِه إن كان باقِيًا، سَواءٌ كان في يَدِ العَبْدِ أو السَّيِّدِ، وإن كان تَالِفًا، فله قِيمَتُه، أو مِثْلُه إن كان مِثْلِيًّا. فإن تَلِفَ في يَدِ السَّيِّد، رَجَع عليه بذلك؛ لأنَّ عَينَ مالِه تَلِف في يَدِه، وإن شاء كان ذلك مُتَعَلِّقًا برَقَبَةِ العَبْدِ؛ لأنَّه الذي أخَذَه منه، وإن تَلِف في يَدِ العَبْدِ، فالرُّجُوعُ عليه. وهل يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّتِه؟ على رِوايَتَين. وإن قُلْنا: التَّصَرُّفُ صَحِيحٌ. والمَبِيعُ في يَدِ العَبْدِ، فللبائِعِ فَسْخُ البَيعِ، وللمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فيما أقْرَضَ؛ لأَنه قد