الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَكَّلَهُ في الإِيدَاعِ، فَأَوْدَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، لَمْ يَضْمَنْ.
وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَينٍ، فَقَضَاهُ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَأَنْكَرَهُ الْغَرِيمُ، ضَمِنَ، إلا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ.
ــ
2027 - مسألة: (وإن وَكَّلَه في الإِيداعِ، فأوْدَع ولم يُشْهِدْ، لم يَضْمَنْ)
إذا أنْكَرَ المُودَعُ. كذلك ذَكَرَه أصحابُنا. وعُمُومُ كَلامِ الخِرَقِيِّ يَقْتَضِي أن لا يُقْبَلَ قَوْلُه على الآمِرِ (1). وهو أحَدُ الوَجْهَين لأصْحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّ الوَدِيعَةَ لا تَثْبُتُ إلَّا ببَيِّنَةٍ، فهو كما لو وَكَّلَه في قَضاءِ الدَّينِ. وقال أصحابُنا: لا يَصِحُّ القِياسُ؛ لأنَّ قولَ المُودَعِ يُقْبَلُ في الرَّدِّ والهَلاكِ، فلا فائِدَةَ في الاسْتِيثاقِ؛ بخِلافِ قَضاءِ الدَّينِ. فإن قال الوَكِيلُ: دَفَعْتُ المال إلى المُودَعِ. فقال: لم تَدْفَعْه. فالقولُ قولُ الوَكِيلِ؛ لأنَّهما اخْتَلَفا في تَصَرُّفِه فيما وُكِّلَ فيه، فكان القولُ قَوْلَه فيه.
2028 - مسألة: (وإن وَكَّلَه في قَضاءِ دَينٍ، فقَضَاه ولم يُشْهِدْ، وأنْكَرَ الغَرِيمُ، ضَمِن، إلَّا أن يَقْضِيَه بحَضْرَةِ المُوَكِّلِ)
إذا وَكَّلَ رَجلًا
(1) في م: «الآخر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في قَضاءِ دَينِه، ودَفَع إليه مالًا ليَدْفَعَه إليه، فادَّعَى الوَكِيلُ قَضاءَ الدَّين ودَفْعَ المالِ إلى الغَرِيمِ، لم يُقْبَلْ قَوْلُه على الغَرِيمِ إلَّا ببَيِّنةٍ؛ لأنَّه ليس بأمِينِه، فلم يُقْبَلْ قَوْلُه عليه في ذلك، كما لو ادّعاه المُوَكِّلُ. فإذا حَلَف الغَرِيمُ، فله مُطالبَةُ المُوَكِّلِ؛ لأنَّ ذِمَّتَه لا تَبْرَأُ بدَفْعِ المالِ إلى وَكِيلِه. وهل للمُوَكِّلِ الرُّجُوعُ على وَكِيلِه؟ يُنْظَرُ؛ فإن كان قَضاه بغيرِ بَيِّنةٍ، فللمُوَكِّلِ الرُّجُوعُ عليه إذا قَضاه في غَيبَتِه. قال القاضي: سَواءٌ صَدَّقَه أو كَذَّبَه. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّه إذْنٌ له (1) في القَضاءِ يُبْرئُه (2)، ولم يُوجَدْ. وعن أحمدَ، أنَّه لا يَرْجِعُ عليه بشيءٍ، إلَّا أن يكونَ أمَرَه بالإِشْهادِ فلم يَفْعَلْ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، إن صَدَّقَه المُوَكِّلُ في الدَّفْعِ، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ، وإن كَذَّبَه، فالقولُ قولُ الوَكِيلِ مع يَمِينِه. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، ووَجْهٌ لأصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه ادَّعَى فِعْلَ ما أمَرَه به مُوَكِّلُه، فكان القولُ قَوْلَه، كما لو أمَرَه ببَيعِ ثَوْبِه، فادَّعَى بَيعَه. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه مُفَرِّطٌ بتَرْكِ الإشْهادِ، فضَمِن، كما لو فَرَّطَ في البَيعِ بدُون ثَمَنِ المِثْلِ. فإن قِيلَ: فَلَمْ يأْمُرْه بالإِشْهادِ؟ قُلْنا: إطْلاقُ الأمْرِ بالقَضاءِ يَقْتَضي ذلك؛ لأنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا به، فيَصِيرُ كأمْرِه بالبَيعِ والشِّراءِ، يَقْتَضي ذلك العُرْفُ لا
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «يبرأ به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العُمُومُ. كذا ههُنا. وقِياسُ القولِ الآخَرِ يُمْكِنُ القولُ بمُوجِبِه، وأنَّ قَوْلَه مَقْبُولٌ في القَضاءِ، وإنَّما لَزِمَه الضَّمانُ لتَفْرِيطِه، لا لرَدِّ قَوْلِه. وعلى هذا، لو كان القَضاءُ بحَضْرةِ المُوَكِّلِ، لم يَضْمَن الوَكِيلُ؛ لأنَّ تَرْكَه الاحْتِياطَ والإِشْهادَ رَضًا منه بما فَعَل وَكِيلُه. وكذلك لو أذِنَ له في القَضاءِ بغيرِ إشْهادٍ، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ صَرِيحَ قَوْلِه يُقَدَّمُ على ما تَقْتَضِيه دَلالةُ الحالِ. وكذلك إن أشْهَدَ على القَضاءِ عُدُولًا فماتُوا أو غابُوا، فلا ضَمانَ
فَصْلٌ: وَالْوَكِيل أَمِينٌ، لَا ضَمَانَ عَلَيهِ فِيمَا تَلِفَ في يَدِهِ بِغَيرِ تَفْرِيطٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ في الْهَلَاكِ وَنَفْي التَّفْرِيطِ.
ــ
[على الوَكِيلِ](1) لعَدَمِ تَفْرِيطِه. وإنِ أشْهَد مَن يُخْتَلَفُ في ثُبوتِ الحقِّ بشَهادَتِه، كشاهِدٍ واحدٍ، أو رجلًا وامْرَأَتَين، فهل يَبْرَأُ مِن الضَّمانِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايَتَين. فإنِ اخْتَلَفَ الوَكِيلُ والمُوَكِّلُ، فقال: قَضَيتُ الدَّينَ بحَضْرَتِك. فأنْكَرَ المُوَكِّلُ ذلك، أو قال: أذِنْتَ لي في قَضائِه بغيرِ بَيِّنَةٍ. فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، أو قال: أَشْهَدْتُ على القَضاءِ شُهُودًا فماتُوا. فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّ الأصْلَ معه.
فصل: قال المُصنِّفُ، رحمه الله:(والوَكيلُ أمِينٌ، لا ضَمانَ عليه فيما تَلِف في يَدِة بغيرِ تَفْرِيطٍ) سَواءٌ كان بجُعْلٍ أو لا؛ لأنَّه أَمِينٌ، أشْبَهَ المُوَدَعَ. ومتى اخْتَلَفا في تَعَدِّي الوَكِيلِ، أو تَفْرِيطِه في الحِفْظِ، أو
(1) في م: «عليه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُخالفَتِه أمْرَ مُوَكِّلِه، مثلَ أن يَدَّعِيَ عليه (1) أنَّك حَمَلْتَ على الدّابَّةِ فوقَ طاقَتِها، أو حَمَلْتَ عليها شيئًا لنَفْسِك، أو فَرَّطْتَ في حِفْظِها. أو لَبِسْتَ الثَّوْبَ، أو أمَرْتُك برَدِّ المالِ فلم تَفْعَلْ، ونحوَ ذلك، فالقولُ قولُ الوَكِيلِ مع يَمِينِه؛ لأنَّه أمِينٌ، وهذا ممّا يَتَعذَّرُ إقامَةُ البَيِّنَةِ عليه، فلا يُكَلَّفُ ذلك، كالمُودَعِ. ولأنَّه مُنْكِرٌ لِما يُدَّعَى عليه، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. وكذلك إنِ ادَّعَى الوَكِيلُ التَّلَفَ فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، فالقولُ قولُ الوَكِيلِ مع يَمينِه؟ لِما ذَكَرْنا. وهكذا حُكْمُ كلِّ (2) مَن كان في يَدِه شيءٌ لغيرِه على سَبِيلِ الأمانَةِ، كالأبِ، والوَصيِّ، وأمينِ الحاكِمِ، والشَّرِيكِ، والمُضارِبِ، والمُرْتَهِنِ، والمُسْتَأْجِرِ؛ لأنَّه لو كُلِّفَ ذلك مع تَعَذُّرِه عليه (3)، لامْتَنَعَ النّاسُ مِن الدُّخُولِ في الأماناتِ مع دَعْوَى الحاجَةِ إليها، وذلك ضَرَرٌ. وقال القاضي: إلَّا أن يَدَّعِيَ تَلَفَها بأمْرٍ ظاهِرٍ، كالحَرِيقِ والنَّهْبِ، فعليه إقامَةُ البَيِّنَةِ على وُجُودِ هذا الأمْرِ في تلك النّاحِيَةِ، ثم يكونُ القولُ قَوْلَه في تَلَفِها به. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ وُجُودَ الأمْرِ الظّاهِرِ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.