الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ أنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ، وَمَنْ يُزَوِّجُ وَلِيَّتَهُ إِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَمُوَلِّيَتهِ.
ــ
1990 - مسألة: (ويَجُوزُ أن يُوَكِّلَ مَن يَقْبَلُ له النِّكاحَ، ومَن يُزَوِّجُ وَليَّتَه إذا كان الوَكيلُ ممَّن يَصِحُّ منه ذلك لنَفْسِه ومُوَلِّيَته)
لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَّلَ عَمْرَو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ وأبا رافِعٍ قَبُولِ النِّكاحِ له (1). ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه، فإنَّه رُبَّما احْتاجَ إلى التَّزَوُّجِ مِن مكانٍ بَعيدٍ لا يُمْكِنُه السَّفَرُ إليه،؛ تَزَوَّجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبةَ وهي بأَرْضِ الحَبَشَةِ (2). ويَجُوزُ أن يُوَكِّلَ مَن يُزَوجُ وَلِيَّتَه؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه، فأشْبَهَ البَيعَ، إذا كان الوَكِيلُ ممَّن يَصِحُّ منه ذلك لمُولِّيَتِه. وهل يَجُوزُ أن يكون فاسِقًا؟ يَنْبَنِي على اشْتِراطِ ذلك في ولايَةِ النكاحِ، وسَيُذْكَرُ في بابِه، إن شاء اللهُ تعالى.
(1) الأول تقدم تخريجه في صفحة 436.
والثاني تقدم تخريجه في 8/ 326.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الولي، وباب الصداق، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 481، 486. والنسائي، في: باب القسط في الأصدقة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 97. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 427.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ التَّوكيلُ في الشَّهادَةِ؛ لأنَّها تَتَعلَّقُ بعَينِ الشّاهِدِ؛ لكَوْنِها خَبَرًا عمَّا رَآه أو سَمِعَه، ولا يَتَحقَّقُ هذا المَعْنَى في نائِبِه (1)، فإنِ اسْتنابَ فيها، كان النّائِبُ شاهِدًا على شَهادَتِه؛ لكونِه يُؤَدِّي ما سَمِعَه مِن شاهِدِ الأصْلِ، وليس بوَكِيلٍ (2). ولا يَصِحُّ في الاغْتِنامِ؛ لأنَّه متى حَضَر النّائِبُ تَعَيَّنَ عليه الجِهادُ، فكان السَّهْمُ له. ولا في الالتِقاطِ؛ لأنَّه بأخْذِه يَصِيرُ لمُلْتَقِطِه.
فصل: ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في المُطالبَةِ بالحُقُوقِ، وإثْباتِها، والمُحاكَمَةِ فيها، حاضِرًا كان المُوَكِّلُ أو غائِبًا، صَحِيحًا أو مَريضًا. وبه قال مالِكٌ، وابنُ أبي لَيلَى، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: للخَصْمِ أن يَمْتَنِعَ مِن مُحاكَمةِ الوَكِيلِ إذا كان المُوَكِّلُ حاضِرًا؛ لأنَّ حُضُورَه مَجْلِسَ الحُكْمِ (3) ومُخاصَمَتَه حَقٌّ لخَصْمِه
(1) في الأصل: «بابه» .
(2)
في الأصل، ق:«توكيل» .
(3)
في م: «الحاكم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، فلم يَكُنْ له نَقْلُه إلى غيرِه بغيرِ رِضَاءِ خَصْمِه، كالدَّيْنِ عليه. ولنَا، أنَّه حَقٌّ تَجُوزُ النِّيابَةُ فية، فكان (1) لصاحِبِه الاسْتِنابَةُ بغيرِ رِضاءِ خَصْمِه، كحالةِ غَيبَتِه ومَرَضِه، وكدَفْعِ المالِ الذي عليه، ولأنَّه إجْماعُ الصحابةِ، رضي الله عنهم، فإنَّ عليًّا، رَضِيَ اللهُ، عنه، وَكَّلَ عَقِيلًا عندَ أبي بكرٍ، رضي الله عنه، وقال: ما قُضِيَ له فَلِي، وما قُضِيَ عليه فعَلَيَّ. ووَكَّلَ عبدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ عندَ عُثْمانَ، وقال: إنَّ للخُصُومةِ قُحَمًا، وإنَّ الشَّيطان يَحْضُرُها، وإنِّي كْرَهُ أن أحْضُرَها (2). قال أبو زِيادٍ (3): القُحَمُ المَهالِكُ. وهذه قِصصٌ اشْتَهَرتْ؛ لأنَّها في مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، فلم يُنْقَلْ إنكارُها. ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك، فإنَّه قد يكونُ له حَق، أو يُدَّعَى
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أخرجهما البيهقي، في: باب التوكيل في الخصومات مع الحضور والغيبة، من كتاب الوكالة. السنن الكبرى 6/ 81.
(3)
في اللسان (ق ح م) أنه أبو زيد الكلابي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، ولا يُحْسِنُ الخُصُومةَ، أو لا يُحِبُّ أن يَتَولَّاها بنَفْسِه. ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الإِقْرارِ. ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فيه، لأنَّه إخْبارٌ لحَقٍّ، فلم يَجُزِ التَّوكِيلُ فيه، كالشَّهادَةِ. ولنَا، أنَّه إثْباتُ حَق في الذِّمَّةِ بالقولِ، فجاز التَّوْكِيلُ فيه، كالبَيعِ، وفارَقَ الشَّهادَةَ، فإنَّها لا تثبت الحَقَّ، وإنَّما هو إخْبار بِثُبُوتِه على غيرِه. ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في إثْباتِ القِصاصِ وحَدِّ القَذْفِ، واسْتِيفائِهما، لأنَّهما مِن حُقُوقِ الآدَميِّين، وتَدْعُو الحاجَةُ إلى التَّوكِيلِ فيهما، لأنَّ مَن له الحَقُّ قد لا يُحْسِنُ الاسْتِيفاءَ، أو لا يُحبُّ أن يَتَوَلَّاهما.