الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، أو تَلِفَتِ الْعَينُ بِفعلِ اللهِ تَعَالى، أو سَلَّمَ نفْسَهُ، بَرئ الْكَفِيلُ.
ــ
يَمنَعُه اسْتِيفاءَ حَقِّه. وإن كان مَحبوسًا عندَ الحاكِمِ، فسَلَّمَه إليه مَحبُوسًا، لَزِمَه تَسلِيمُه، لأنَّ حَبْس الحاكِمِ لا يَمنَعُه اسْتِيفاءَ حَقِّه. وإذا طالبَ الحاكِمُ بإحضارِه، أحضَرَه وحَكَم بينَهما، ثم يَرُدُّه إلى الحَبْسِ. فإن تَوَجَّه عليه حَقٌّ للمَكْفُولِ له، حَبَسَه بالحَقِّ الأوَّلِ وحَقِّ المَكْفُولِ له.
1850 - مسألة: (وإن مات المَكْفُولُ به، أو تَلِفَتِ العَينُ بفعلِ اللهِ تعالى، أو سَلَّمَ نَفْسَه، بَرِئ الكَفِيلُ)
إذا مات المَكْفُولُ به، بَرِئ الكَفِيلُ وسَقَطَتِ الكَفالةُ. وبه قال شُرَيح، والشَّعبِيُّ، وحَمّادُ بنُ أبي سُلَيمانَ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ. ويَحتَمِلُ أن لا تَسْقُطَ، ويُطالبُ بما عليه. وهو قولُ الحَكَمِ، ومالكٍ، واللَّيثِ. وحُكِيَ عن ابنِ شرَيحٍ؛ لأنَّ الكَفِيلَ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ، فإذا تَعَذرَتْ مِن جِهةِ مَن عليه الدَّينُ، اسْتَوْفى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن الوَثِيقَةِ، كالرَّهْنِ، ولأنَّه تَعَذَّرَ إحضارُه، فلَزِمَ كَفِيلَه ما عليه، كما لو غاب. ولَنا، أن الحُضُورَ سَقَطَ عن المَكْفُولِ به، فبَرِئ الكَفِيلُ، كما لو بَرِئ مِن الدَّينِ، ولأن ما الْتَزَمَه مِن أجْلِه سَقَط عنِ الأصلِ، فبَرِئ الفَرْعُ، كالضّامِنِ إذا قَضَى المَضْمُونُ عنه الدَّينَ أو أبْرِئ منه، وفارَقَ ما إذا غاب، فإنَّ الحُضُورَ لم يَسْقُطْ عنه، وفارَقَ الرَّهْنَ، فإنّه عُلقَ به المالُ فاسْتُوفِيَ منه، وكذلك الحُكْمُ إن تَلِفَتِ العَينُ (1) المَكْفُولُ بها بفِعلِ اللهِ تعالى. وإن سَلَّمَ المَكْفُولُ به نَفْسَه، بَرِئ الكَفِيلُ؛ لأنَّه أتَى بما يَلْزَمُ الكَفِيلَ لأجْلِه، وهو إحضارُ نَفْسِه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه، كما لو قَضَى الدَّينَ.
فصل: إذا قال الكَفِيلُ: قد بَرِئ المَكْفُولُ به مِن الدَّينِ وسَقَطَتِ الكَفالةُ. أو قال: لم يَكُنْ عليه دَينٌ حينَ كَفَلْتُه. فأنْكَرَ المَكْفُولُ له، فالقولُ قَوْلُه؛ لأنَّ الأصلَ صِحَّةُ الكَفالةِ وبَقاءُ الدينِ، وعليه اليَمِينُ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن نَكَل، قُضِيَ عليه. ويَحتَمِلُ أن لا يُسْتَخلَفَ فيما إذا ادّعَى الكَفِيلُ أنه تَكفَّلَ بمَن لا دَينَ عليه؛ لأن الكَفِيلَ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِه فيما ادَّعاه، فإن مَن كَفَل بشَخْصٍ مُعتَرِفٌ بِدَينه في الظّاهِرِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأن ما ادَّعاهُ مُحتَمِلٌ.
فصل: وإذا قال المَكْفُولُ له للكَفِيلِ: أبرَأتكَ مِن الكَفالةِ. بَرِئ؛ لأنه حَقُّه، فسَقَطَ بإسْقاطِه، كالدين. كان قال: قد بَرِئْتَ إليَّ منه. أو: قد رَدَدتَه إلَيَّ. بَرِئ أيضًا؛ لأنَّه مُعتَرِفٌ بوَفاءِ الحَقِّ، فهو كما لو اعتَرفَ بذلك في الضمانِ. وكذلك إذا قال له: بَرِئْتَ مِن الدَّينِ الذي كَفَلْتَ به. ويَبْرأ الكَفِيلُ في هذه المَواضِعِ دُونَ المَكْفُولِ به، ولا يَكُونُ إقْرارًا بقَبْضِ الحَقِّ [وهذا قولُ محمدِ بنِ الحسنِ. وقيل: يكونُ إقْرارًا بقَبْضِ الحقِّ] (1) فيما إذا قال: بَرِئْتَ مِن الدَّينِ الذي كَفَلْتَ به. والأولُ أصَحُّ، لأنه يُمكِنُ بَراءَتُه بدُونِ قَبْضِ الحَقِّ بإبراءِ المُسْتَحِقِّ، أو مَوْتِ المَكْفُولِ به. فأمَّا إن قال للمَكْفولِ به: أبرَأتكَ عمّا لي قِبَلَكَ مِن الحَقِّ. أو: بَرِئْتَ مِن الدينِ الذي قِبَلَكَ. فإنَّه يَبْرأ مِن الحَقِّ وتَزُولُ الكَفالةُ؛ لأنه لَفْظٌ يَقْتَضِي العُمُومَ في كلِّ ما قِبَلَه. كان قال: بَرِئْتَ مِن الدَّينِ الذي كَفَل به فلانٌ. بَرِئ وبَرِئ كَفِيلُه.
(1) سقط من: م.